قصر النظر... هل هو ثمن التطور الرقمي الذي يدفعه أطفالنا؟

نصف سكان العالم سيُصابون به بحلول عام 2050

قصر النظر... هل هو ثمن التطور الرقمي الذي يدفعه أطفالنا؟
TT

قصر النظر... هل هو ثمن التطور الرقمي الذي يدفعه أطفالنا؟

قصر النظر... هل هو ثمن التطور الرقمي الذي يدفعه أطفالنا؟

في زمن تحوّل فيه الهاتف الذكي إلى لعبة، والجهاز اللوحي إلى مدرس، والشاشة إلى نافذة للعالم، بل أضحت جزءاً لا يتجزأ من حياة الأطفال اليومية، من التعليم إلى الترفيه، ازدادت التساؤلات الطبية حول تأثير هذا الانغماس الرقمي على صحة الأطفال.

قصر النظر

ومن بين أكثر الأعضاء تضرراً بصمت: العين. فهل أصبح قصر النظر هو الثمن البصري الذي يدفعه أطفالنا مقابل هذا التقدّم الرقمي المتسارع؟

الأمرُ لم يعد مجرد ضعف في الرؤية، بل تحوَّل إلى ظاهرة عالمية آخذة في التصاعد بوتيرة مقلقة، تتسلل بهدوء إلى عيون أطفالنا، مهددةً سلامتهم البصرية وجودة حياتهم مستقبلاً.

وبينما نقيس مدى التقدم بعدد الأجهزة الذكية في أيدي الصغار، يتناقص في المقابل عدد الساعات التي يقضونها في الهواء الطلق وتحت ضوء الشمس، مما يؤثر سلباً على تطور عيونهم الطبيعية.

ما قصر النظر؟ ولماذا يرتبط مباشرةً باستخدام الأجهزة الإلكترونية؟ وهل يمكن الوقاية منه قبل أن يصبح مرضاً مزمناً؟ في هذا المقال سوف نغوص في عمق هذه الظاهرة، بين الأرقام والدراسات، لنرسم معاً خريطة طريق لحماية نظر الأجيال القادمة.

يقول الدكتور وسام شرف الدين أبو الحسن، استشاري طب العيون -تخصص دقيق في أمراض الشبكية والجسم الزجاجي في مستشفى «باراكير» للعيون في الإمارات العربية المتحدة- إن قصر النظر (Myopia)، أو الحسر، هو حالة شائعة في الرؤية حيث تظهر الأجسام البعيدة ضبابية بينما تظل الأجسام القريبة واضحة. وتنتشر هذه الحالة بشكل متزايد بين الأطفال في جميع أنحاء العالم، وغالباً ما تبدأ بالظهور بين سن 6 و14 عاماً. فإذا لاحظت أن طفلك يُضَيِّقُ عينيه، أو يجلس قريباً من شاشة التلفاز، أو يواجه صعوبة في رؤية السبورة في المدرسة، فقد تكون هذه علامات مبكرة على قصر النظر. والكشف المبكر ضروري، إذ يمكن أن يؤثر قصر النظر غير المعالج على الأداء الدراسي، والحياة اليومية، وصحة العين على المدى الطويل.

الدكتور وسام شرف الدين أبو الحسن

الأعراض والأسباب

• الأعراض

لا يدرك الأطفال غالباً أن رؤيتهم غير طبيعية، كما يضيف الدكتور أبو الحسن. لذلك من المهم أن يكون الأهل والمعلمون على دراية بالأعراض. من أهم العلامات المبكرة التي يجب الانتباه إليها عند الطفل ما يلي:

- أكثر العلامات ملاحظةً هي صعوبة رؤية الأشياء البعيدة بوضوح، ومحاولة الاقتراب المفرط من التلفاز أو الكتب.

- قد تلاحظ أن طفلك يُضيِّقُ عينيه لرؤية التلفاز، أو يشتكي من ضبابية الرؤية -خصوصاً في الصفوف الدراسية أو في الهواء الطلق.

- من الأعراض الشائعة أيضاً: الصداع المتكرر، وإجهاد العين، والتعب بعد أداء المهام البصرية.

- فرك العين بشكل متكرر.

- ضعف الأداء الدراسي المرتبط بالقراءة أو استخدام السبورة.

• الأسباب

أوضح الدكتور أبو الحسن أن قصر النظر يحدث عندما يكون شكل كرة العين أطول من الطبيعي، أو تكون القرنية منحنية أكثر من اللازم، مما يؤدي إلى تركيز أشعة الضوء أمام الشبكية بدلاً من أن تقع مباشرة عليها.

وتلعب العوامل الوراثية دوراً كبيراً، فالأطفال الذين يعاني أحدُ أو كلا والديهما من قصر النظر يكونون أكثر عرضة للإصابة. ومع ذلك، فإن العوامل البيئية ونمط الحياة لها تأثير أيضاً. فقد أظهرت الدراسات أن الاستخدام المطول للأجهزة الإلكترونية، والأنشطة القريبة مثل القراءة أو استخدام الأجهزة اللوحية، وقلة التعرض لأشعة الشمس، كلها عوامل تسهم في تسريع تطور قصر النظر لدى الأطفال.

العلاج والوقاية

• خيارات العلاج المتاحة

يشير الدكتور أبو الحسن إلى أن الأمر الجيد هنا هو أن قصر النظر يمكن التعامل معه بسهولة إذا تم اكتشافه مبكراً. من خيارات العلاج الشائعة ما يلي:

- النظارات أو العدسات اللاصقة الطبية لتصحيح الرؤية.

- عدسات تحكم في قصر النظر (نظارات أو عدسات لاصقة): وهي من الجيل الحديث من العلاجات البصرية، ظهرت تجارياً خلال السنوات العشر الماضية. وأظهرت الدراسات أنها تقلل من تطور قصر النظر لدى الأطفال، خصوصاً عند استخدامها في وقت مبكر وبشكل منتظم.

- قطرات الأتروبين بتركيز منخفض: تعمل على تقليل سرعة نمو العين، وهو العامل الأساسي في تفاقم قصر النظر، ويمكن استخدامها لعدة سنوات خلال فترة النمو السريع مع آثار جانبية طفيفة.

- تقويم القرنية الليلي: عدسات (Ortho-K) مصممة خصيصاً، تُلبس ليلاً وتقوم بإعادة تشكيل سطح القرنية بلطف. وتُزال العدسات في الصباح ليتمكن الشخص من الرؤية بوضوح خلال اليوم دون نظارات أو عدسات لاصقة. وقد أظهرت الدراسات أن هذا النوع من العلاج يبطئ تطور قصر النظر عن طريق التحكم في كيفية تركيز الضوء على الشبكية وتأثيره على نمو العين.

- في المراهقين والبالغين الذين لديهم قصر نظر مستقر، يمكن التفكير في الجراحة الانكسارية (مثل الليزك).

- من الضروري إجراء فحص سنوي للعين -حتى وإن لم يشتكِ الطفل من مشكلات. فالرؤية قد تتغير بسرعة خلال سنوات النمو، والتصحيح المبكر يساعد على حماية صحة العين على المدى الطويل.

• هل يمكن الوقاية؟

يجيب الدكتور وسام أبو الحسن أنه على الرغم من أنه لا يمكن دائماً الوقاية من قصر النظر، فإن هناك خطوات وتغييرات بسيطة في الروتين اليومي وبعض العادات تسهم في تحسين صحة العين وتقلل المخاطر وتبطئ تفاقم قصر النظر وتقدم الحالة، منها:

- اتِّباع قاعدة 20-20-20: كل 20 دقيقة، انظر إلى شيء يبعد 20 قدماً (نحو 6 أمتار)، لمدة 20 ثانية على الأقل.

- تشجيع اللعب في الهواء الطلق: قضاء ساعتين على الأقل يومياً من التعرض لأشعة الشمس الطبيعية مفيد لنمو العين بشكل صحي.

- تقليل وقت الشاشات: لأقل من ساعة يومياً خصوصاً لدى الأطفال الصغار دون 5 سنوات، مع تشجيع فترات راحة متكررة في أثناء استخدام الأجهزة مع إشراف الأهل.

- التأكد من توفر الإضاءة الجيدة: القراءة أو استخدام الشاشات في الظلام أو الضوء الخافت يزيد من إجهاد العين.

- زيارة طبيب العيون سنوياً لاكتشاف أي تغير مبكر في النظر.

الاستخدام المطوَّل للأجهزة الإلكترونية يسهم في تسريع تطور قصر النظر لدى الأطفال

الأجهزة الإلكترونية وصحة النظر

• كيف تؤثر الأجهزة الإلكترونية على صحة النظر؟

- التركيز المستمر عند المسافات القريبة: الاستخدام المطوّل للأجهزة يؤدي إلى إجهاد مستمر لعضلات العين المسؤولة عن التركيز (Accommodation) التي تعمل على التركيز عند المسافات القريبة.

ويؤدي ذلك إلى خلل في تطور العين، خصوصاً إذا استمر لساعات طويلة يومياً.

- قلة التعرض للضوء الطبيعي: الأطفال الذين يقضون وقتاً أقل في الخارج معرَّضون أكثر لقصر النظر. إذ إن الضوء الطبيعي يساعد على تحفيز إنتاج الدوبامين في العين، الذي يبطئ من استطالة كرة العين (وهو المسبب لقصر النظر). لذا فإن قضاء وقت طويل داخل المنزل يقلل من تعرض العين للضوء الطبيعي.

- الوضعيات الخاطئة: الانحناء الزائد للرقبة والعين يسبب ضغطاً وإجهاداً إضافياً. إذ إن معظم الأطفال يستخدمون الأجهزة من مسافات قصيرة جداً، وبزوايا غير مناسبة، مما يزيد من خطر الإصابة.

• دراسات وأرقام

- وفقاً للجمعية الأميركية للبصريات (American Optometric Association)، شهد العالم خلال العقدين الأخيرين ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات الإصابة بقصر النظر عند الأطفال، وهو ما يُعزى بشكل مباشر إلى ازدياد وقت استخدام الأجهزة الرقمية، إلى جانب الانخفاض الكبير في معدل النشاطات الخارجية بين الأطفال والمراهقين.

- وجدت دراسة نُشرت في مجلة جاما لطب العيون (JAMA Ophthalmology)، تابعت أكثر من 100000 طفل ومراهق، أن الأطفال الذين يقضون أقل من 90 دقيقة يومياً في الهواء الطلق لديهم احتمالية أعلى للإصابة بقصر النظر بنسبة تصل إلى 40 في المائة مقارنةً بمن يُمضون وقتاً أطول خارج المنزل. كما أشارت إلى أن كل ساعة إضافية أمام الشاشة يومياً ترفع من خطر الإصابة بنسبة تتراوح بين 10 في المائة إلى 20 في المائة.

- أما في دول شرق آسيا، حيث أصبحت المشكلة أكثر حدة، فقد بلغت معدلات قصر النظر مستويات مثيرة للقلق:

. في سنغافورة، يعاني نحو 83 في المائة من طلاب المدارس الثانوية من قصر النظر حسب إحصاءات وزارة الصحة السنغافورية (Singapore Ministry of Health (2020). Prevalence of myopia among schoolchildren).

. في هونغ كونغ وتايوان، تتجاوز النسبة 70 في المائة لدى المراهقين.

. في الصين، كشفت دراسة وطنية واسعة النطاق نُشرت عام 2021 في مجلة «The Lancet Digital Health» أن أكثر من 80 في المائة من طلاب المرحلة الثانوية يعانون من قصر النظر، ويُعتقد أن الجائحة زادت من تفاقم الأمر بسبب الدراسة عن بُعد.

وقد دفعت هذه المؤشرات حكومات عدة إلى اتخاذ إجراءات وقائية، مثل فرض فترات استراحة بصرية في المدارس، وتشجيع النشاطات الخارجية، ووضع حدود على استخدام الشاشات. ووفقاً لتوقعات منظمة الصحة العالمية، فإن نحو نصف سكان العالم سيُصابون بقصر النظر بحلول عام 2050 إذا لم تُتخذ إجراءات فاعلة لاحتواء الوضع منذ الطفولة.

كلمة أخيرة: إن التطور الرقمي ليس عدونا، لكنه سيف ذو حدين. فمن جهة، يمنح أطفالنا المعرفة والمتعة، ومن جهة أخرى، قد يسلبهم صحة أعينهم إذا لم نُحسن استخدامه.

وببعض الوعي والوقاية، يمكننا ضمان أن يظل هذا التقدّم نعمة، وليس عبئاً بصرياً على أجيالنا القادمة.

وأخيراً، إذا لاحظت أن طفلك يُضَيِّقُ عينيه كثيراً أو يمسك الأشياء بالقرب من وجهه، فمن المفيد حجز موعد لفحص شامل للعين. ومع ازدياد حالات قصر النظر، فإن الوعي والتحرك المبكر يمكن أن يحمي نظر طفلك في المستقبل.

* استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

كم من الوقت يبقى السكر في الجسم؟

صحتك مرض السكري يتطلب مراقبة دقيقة لمستويات السكر في الدم (رويترز)

كم من الوقت يبقى السكر في الجسم؟

قال موقع «فيري ويل هيلث» إن السكر، أو الجلوكوز، يُعد مصدراً رئيسياً للطاقة في الجسم، ولكن الإفراط في تناوله قد يُسبب آثاراً صحية سلبية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك من المهم ممارسة الامتنان من خلال التأمل في الأمور التي تُسعدك (رويترز)

الجسم الصحي بالعقل السليم... كيف تحافظ على هدوء دماغك؟

ترتبط صحة الجسم بسلامة العقل؛ لذا فمن المهم لكل فرد اتخاذ خيارات واعية يومياً تُفيد العقل، وتُخفف التوتر والقلق، وتُحسّن جودة الحياة.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
يوميات الشرق ماذا تعرف عن مصطلح «مدى الفرح» (رويترز)

«مدى الفرح» سر الحياة الصحية في خريف العمر... فكيف نحققه؟

ربما سمعتَ مصطلح «مدى الحياة» (life span). وربما تعرفتَ على مصطلح «مدى الصحة» (health span)، ولكن ماذا تعرف عن مصطلح «مدى الفرح» (Joyspan)؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق أشخاص يمارسون رياضة اليوغا (أرشيفية - رويترز)

3 تمارين تساعدك في علاج الأرق

تُظهر أبحاث جديدة أنك لستَ بحاجة إلى الركض في ماراثون أو زيارة صالة ألعاب رياضية لتحسين النوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك زجاجات مليئة بزيت الزيتون في مصنع باليونان (رويترز)

هل تناول جرعة من زيت الزيتون يومياً هو السر لصحة أفضل؟

يُعتبر زيت الزيتون من أصح الدهون التي يُمكن تناولها، وقد ارتبطت الأنظمة الغذائية الغنية بزيت الزيتون بعمر أطول، وأكثر صحة، وانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كم من الوقت يبقى السكر في الجسم؟

مرض السكري يتطلب مراقبة دقيقة لمستويات السكر في الدم (رويترز)
مرض السكري يتطلب مراقبة دقيقة لمستويات السكر في الدم (رويترز)
TT

كم من الوقت يبقى السكر في الجسم؟

مرض السكري يتطلب مراقبة دقيقة لمستويات السكر في الدم (رويترز)
مرض السكري يتطلب مراقبة دقيقة لمستويات السكر في الدم (رويترز)

قال موقع «فيري ويل هيلث» إن السكر، أو الجلوكوز، يُعد مصدراً رئيسياً للطاقة في الجسم، ولكن الإفراط في تناوله قد يُسبب آثاراً صحية سلبية.

ويبدأ السكر في دخول مجرى الدم خلال دقائق من تناوله، وعادةً ما يختفي من جسمك خلال ساعتين إلى ثلاث ساعات، مع أن التوقيت الدقيق يختلف من شخص لآخر، ويعتمد على عدة عوامل.

ماذا يحدث عند تناول السكر؟

عند تناول أي مشروب يحتوي على السكر، يبدأ جهازك الهضمي بالعمل بسرعة، حيث تتحلل الكربوهيدرات إلى سكر بسيط يُسمى الجلوكوز في الأمعاء الدقيقة، ثم يُمتص الجلوكوز في مجرى الدم.

وتبدأ مستويات السكر في الدم بالارتفاع، مما يُحفّز البنكرياس على إفراز الإنسولين ويساعد الإنسولين على نقل الجلوكوز من الدم إلى الخلايا، حيث يُستخدم للحصول على الطاقة أو يُخزن للاستخدام لاحقاً.

وتعتمد سرعة دخول السكر إلى مجرى الدم على نوع السكر ومصدره الغذائي.

وعلى سبيل المثال، تُهضم السكريات البسيطة الموجودة في الحلوى أو المشروبات الغازية بسرعة، وقد تُسبب ارتفاعاً حاداً في سكر الدم خلال 15 إلى 30 دقيقة.

جهاز قياس مستوى السكر بالقرب من أنواع الغذاء الصحي (غيتي)

بالمقارنة، تُهضم الكربوهيدرات أو السكريات الموجودة في الأطعمة الكاملة، مثل الحبوب الكاملة أو منتجات الألبان، ببطء أكبر، نظراً لاحتوائها على الألياف أو البروتين، مما يؤدي إلى ارتفاع تدريجي في مستويات سكر الدم.

ما مدة بقاء السكر في مجرى الدم؟

بالنسبة للشخص السليم: تبدأ مستويات سكر الدم بالارتفاع خلال دقائق من تناول الطعام، وعادةً ما تبلغ ذروتها بعد نحو 60 دقيقة، ثم يبدأ الجسم في خفض مستوياته، وعادةً ما يعود إلى مستواه الطبيعي خلال ساعتين إلى ثلاث ساعات بعد تناول الطعام.

قد تستغرق هذه العملية وقتاً أطول، إذا تناولت وجبة كبيرة غنية بالكربوهيدرات، خاصةً إذا كانت مكونة من كربوهيدرات مُكررة أو سكريات مُضافة.

إذا كنت تُعاني من مقاومة الإنسولين، أو مُقدمات السكري، أو داء السكري، فقد لا يُعالج جسمك السكر بكفاءة.

قد يؤدي هذا إلى ارتفاع مُستمر في مستويات سكر الدم قد يستمر لعدة ساعات أو أكثر.

ولدى بعض مرضى السكري، قد يستغرق الأمر وقتاً أطول حتى يعود مستوى السكر في الدم إلى طبيعته، وذلك حسب نوع وكمية الطعام المتناول، والأدوية، وعوامل صحية أخرى.

وبعد أن يُساعد الإنسولين على إخراج الجلوكوز من مجرى الدم، يستخدمه الجسم في وظائف مختلفة، حسب احتياجاته، بمجرد دخول الجلوكوز إلى خلاياك، يُستخدم إما فوراً للحصول على الطاقة أو يُخزَّن لاستخدامه لاحقاً، ويتم تخزين بعضه في الكبد والعضلات على شكل جليكوجين.

إذا امتلأت مخازن الجليكوجين ولم تكن تحرق الطاقة من خلال النشاط البدني، فقد يُخزَّن السكر الزائد على شكل دهون.

ولهذا السبب، يُمكن أن يُسهم تناول كميات كبيرة من السكر بشكل متكرر في زيادة الوزن ومشاكل التمثيل الغذائي مع مرور الوقت.

ما الذي يؤثر على مدة بقاء السكر في جسمك؟

هناك عدة عوامل تؤثر على سرعة معالجة الجسم للسكر، مثل تركيبة الوجبات: تُبطئ الوجبات الغنية بالألياف أو الدهون أو البروتين امتصاص السكر، مما يؤدي إلى ارتفاع وانخفاض أبطأ في مستويات السكر في الدم.

النشاط البدني: يُساعد تحريك الجسم على استهلاك الجلوكوز بكفاءة أكبر، مما يُخفض مستويات السكر في الدم بشكل أسرع.

العمر والوزن: قد يكون لدى كبار السن أو من يعانون من زيادة الوزن أو السمنة استجابة أيضية أبطأ للسكر، أو يكونون أكثر مقاومة للإنسولين.

التوتر والنوم: يُمكن أن تُؤثر قلة النوم أو ارتفاع مستويات التوتر على كيفية تعامل الجسم مع السكر، مما يُبقي مستوياته مرتفعة لفترة أطول.

تشير الدراسات إلى أن إهمال تناول وجبة الإفطار أو الغداء أو العشاء يؤثر في توازن السكر في الدم والهرمونات المسؤولة عن الشهيّة والطاقة العامة (رويترز)

هل يُمكن التخلص من السكر؟

هناك اعتقاد شائع بأنه يُمكن التخلص من السكر عن طريق شرب الماء، أو من خلال إزالة السموم. في حين أن الحفاظ على رطوبة الجسم يدعم وظائف الكلى السليمة والصحة العامة، إلا أنه لا يزيل السكر من مجرى الدم فوراً.

يحتاج الجسم إلى وقت لمعالجة السكر بشكل طبيعي من خلال الإنسولين وامتصاصه من الخلايا.

ومع ذلك، فإن شرب الماء، وممارسة الرياضة، وتناول وجبات متوازنة، كلها عوامل تدعم جهود جسمك لتنظيم سكر الدم بشكل أكثر فعالية.

كما يمكن أن تساعد هذه العادات في منع بقاء السكر في جسمك لفترة طويلة.

كيفية مساعدة جسمك على معالجة السكر بكفاءة أكبر

إذا كنت تحاول موازنة مستويات السكر في الدم، ومنع ارتفاعها المفاجئ، وتقليل مدة بقاء السكر في جسمك، فإليك بعض النصائح المفيدة:

تناول وجبات متوازنة: تناول الكربوهيدرات مع البروتين والألياف و/ أو الدهون الصحية لإبطاء عملية الهضم وامتصاص السكر.

حافظ على نشاطك: المشي لمدة 10 دقائق بعد تناول الطعام يساعد العضلات على امتصاص الجلوكوز بشكل أسرع.

تجنب المشروبات السكرية: يُمتص السكر الموجود في الصودا أو العصير بسرعة، مما يسبب ارتفاعاً حاداً في نسبة السكر في الدم.

راقب أحجام الوجبات: حتى الكربوهيدرات الصحية يمكن أن ترفع مستويات السكر في الدم إذا تم تناولها بكميات كبيرة.

راقب استجابتك الفردية: إذا كنت تعاني من داء السكري أو أي مشاكل أخرى تتعلق بسكر الدم، فتحقق من مستوياتك لمعرفة كيفية تأثير الأطعمة المختلفة عليك.