أيهما الأفضل صحياً... شوكولاته الحليب أم الداكنة؟

تناول الشوكولاته له فوائد عظيمة للصحة (أ.ب)
تناول الشوكولاته له فوائد عظيمة للصحة (أ.ب)
TT

أيهما الأفضل صحياً... شوكولاته الحليب أم الداكنة؟

تناول الشوكولاته له فوائد عظيمة للصحة (أ.ب)
تناول الشوكولاته له فوائد عظيمة للصحة (أ.ب)

قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية إن دراسة جديدة قارنت بين الآثار الصحية المرتبطة بتناول الشوكولاته الداكنة مقابل شوكولاته الحليب.

وخلصت الدراسة أن إلى أن الأشخاص الذين يتناولون الشوكولاته بانتظام لديهم احتمال أقل للإصابة بمرض السكري من النوع 2، لكن نتائج الدراسة جاءت مع تحذير مهم، حيث كانت الشوكولاته الداكنة فقط هي المرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بالمرض، وليس شوكولاته الحليب، وليس من الواضح تماماً سبب ذلك.

ويعتقد الباحثون أن الشوكولاته الداكنة تقدم فوائد أكبر من شوكولاته الحليب، لأنها تحتوي على سكر أقل ومستويات أعلى من المركبات النباتية التي ثبت في بعض الدراسات أنها تقلل الالتهابات وتعالج الحساسية من الإنسولين.

وفي حين أن العديد من الدراسات السابقة فحصت التأثيرات الصحية لتناول الشوكولاته، فإن الدراسة الجديدة، التي نُشرت في مجلة «British Medical Journal» مؤخراً، كانت واحدة من الدراسات القليلة التي قارنت بشكل خاص بين الشوكولاته الداكنة وشوكولاته الحليب، كما أنها واحدة من أكبر الدراسات حول هذا الموضوع حتى الآن.

وقام الباحثون بتحليل بيانات نحو 192 ألف رجل وامرأة في الولايات المتحدة الأميركية تمَّت متابعتهم لأكثر من 30 عاماً، وكان المشاركون جزءاً من 3 مجموعات مختلفة من الممرضات والأطباء والعاملين في مجال الصحة الذين أجابوا بانتظام عن أسئلة حول أنظمتهم الغذائية وصحتهم ووزنهم ونشاطهم البدني وعادات نمط حياتهم الأخرى.

الشوكولاته تحتوي على مستويات عالية من الفلافانولات (جامعة كنغستون)

وبعد الأخذ في الاعتبار أشياء، مثل العمر ومستويات التمارين الرياضية وعوامل أخرى، وجد الباحثون أن الأشخاص الذين تناولوا الشوكولاته الداكنة أسبوعياً (ما يعادل 5 مرات) لديهم خطر أقل بنسبة 21 في المائة للإصابة بمرض السكري من النوع 2 مقارنةً بالأشخاص الذين نادراً ما يأكلون الشوكولاته الداكنة أو لا يأكلونها أبداً.

وبالنسبة لشوكولاته الحليب، لم تكن هناك فائدة واضحة للصحة. بل، في الواقع، مع زيادة تناول الأشخاص لها طوال فترة الدراسة، ارتفعت احتمالية اكتسابهم للوزن، خاصة إذا كانوا يعانون من السمنة بالفعل.

مقارنة الشوكولاته بالحليب والداكنة

تحتوي الشوكولاته الداكنة والحليب على كميات عالية من الدهون، وفي كثير من الحالات السكر، لكن الشوكولاته بالحليب تميل إلى إضافة المزيد من السكر.

وتحتوي الشوكولاته الداكنة على كمية أكبر بكثير من الكاكاو، ونتيجة لذلك، تحتوي عادة على تركيز أعلى عدة مرات من المركبات النباتية المفيدة التي تسمى «البوليفينول»، خصوصاً النوع المعروف باسم «الفلافونويد». تعمل هذه المواد الطبيعية مضادات للأكسدة، وتوجد في العديد من الأطعمة النباتية، بما في ذلك الفواكه والخضراوات والشاي والقهوة.

أشارت عدد من الدراسات إلى أن «الفلافونويد» قد تساعد في الحماية من مرض السكري من النوع 2 من خلال تحسين كيفية استجابة أجسامنا للإنسولين وتكسير السكر وكذلك حماية خلايا بيتا التي تنتج الإنسولين من البنكرياس.

ورجَّحت العديد من الدراسات أيضاً أن «الفلافونويد» يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم.

وقالت المؤلفة الرئيسية للدراسة الجديدة، بينكاي ليو، طالبة الدكتوراه في قسم التغذية في كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد: «بشكل عام، ثبت أن (البوليفينول) مفيد».

ولا تحتوي الشوكولاته البيضاء على مسحوق الكاكاو، ونتيجة لذلك تحتوي على القليل من «الفلافونويد» أو «البوليفينول» أو لا تحتوي عليه على الإطلاق، كما تحتوي على أعلى محتوى من السكر من أي نوع من أنواع الشوكولاته.

وحذر مؤلفو الدراسة الجديدة من أن نتائجهم أظهرت فقط وجود علاقة بين الشوكولاته الداكنة وخطر الإصابة بمرض السكري، لكن من الممكن أن يكون هناك شيء آخر يفسر النتائج، وقد يكون الأشخاص الذين يتناولون الشوكولاته الداكنة أكثر وعياً بصحتهم من أولئك الذين يفضلون تناول الشوكولاته بالحليب.

ووجد الباحثون، على سبيل المثال، أن الأشخاص الذين يتناولون الشوكولاته الداكنة يميلون إلى تناول المزيد من الفاكهة والخضراوات، ولديهم عموماً أنظمة غذائية أكثر صحة.

وقالت ليو: «لا يمكننا أن نقول على وجه اليقين إن تناول الشوكولاته الداكنة سيقلل من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2. يمكننا القول إن تناولها يرتبط بانخفاض المخاطر، لكننا لا نريد أن يبالغ الناس في تفسير النتائج».

وذكرت أنه من الممكن أن يكون استهلاك الشوكولاته الداكنة مجرد مؤشر على نمط حياة أكثر صحة، ولكن حتى عندما أخذت مع زملائها هذا في الاعتبار أثناء تحليلهم النتائج؛ فقد وجدوا رابطاً بين الشوكولاته الداكنة وانخفاض خطر الإصابة بمرض السكري.

ووصف سيمين ليو، أستاذ وخبير تغذية في جامعة كاليفورنيا الذي يدرس التأثيرات الصحية للشوكولاته، النتائج الجديدة بأنها واعدة.

وقال إنه من المعقول أن «الفلافونويدات» الموجودة في الشوكولاته الداكنة قد توفر الحماية ضد مرض السكري من النوع 2.

قطع من الشوكولاته الداكنة (د.ب.أ)

ولكن قال إن هناك حاجة إلى المزيد من البحث الدقيق لإظهار السبب والنتيجة، وفهم ما إذا كانت هناك كمية وتكرار مثاليان لاستهلاك الشوكولاته الداكنة لإنتاج فوائد صحية.

ووجدت 3 دراسات أخرى كبيرة على الأقل أن تناول الشوكولاته يرتبط بانخفاض احتمالية الإصابة بمرض السكري من النوع 2.

ووجدت تجربتان سريريتان أن تكليف الأشخاص بتناول الشوكولاته الداكنة كل يوم لمدة أسبوعين أدى إلى خفض مستويات ضغط الدم وتحسين حساسية الإنسولين لديهم، بالإضافة إلى تحسُّن أكبر في صحة القلب والأوعية الدموية والأيض مقارنة بالأشخاص الذين تم تكليفهم تناول الشوكولاته البيضاء.

وكلفت إحدى الدراسات الكبيرة الأشخاص بتناول مكمل يحتوي على مستخلص الكاكاو كل يوم لعدة سنوات، وكانت النتائج مختلطة.

ووجدت أن مكملات الكاكاو تجعل الناس أقل عرضة للوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ولكنها لم تقلل من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2.

وأشارت ليو إلى أن هذه التجربة شملت كبار السن الذين بلغ متوسط ​​أعمارهم 72 عاماً، وهو ما قد يفسر التناقض.

ووجدت دراستها أن الارتباط بين تناول الشوكولاته الداكنة وانخفاض خطر الإصابة بمرض السكري لوحظ في المقام الأول لدى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 70 عاماً.

وأكدت أنه في حين أن الشوكولاته الداكنة يمكن أن تكون وجبة خفيفة صحية، فمن المهم عدم الإفراط في تناولها.

وأضافت: «الرسالة الأساسية هي التوازن، وليس الإفراط. الشيء المهم الذي يجب إعطاؤه الأولوية في نظامك الغذائي هو الأطعمة الغنية بالمغذيات».

كيفية اختيار الشوكولاته الأكثر إفادة

إذا كنتَ تريد تناول الشوكولاته لفوائدها الصحية المحتملة، ففكر فيما يلي:

تحتوي الشوكولاته بالحليب والشوكولاته البيضاء على عدد أقل من «الفلافونويد» و«البوليفينول» مقارنة بالشوكولاته الداكنة، وفي كثير من الحالات تحتوي أيضاً على كثير من السكر.

يمكنك التعرف على الشوكولاته الداكنة من خلال النسبة المئوية لمواد الكاكاو الصلبة؛ حيث تحتوي الشوكولاته الداكنة على ما لا يقل عن 50 في المائة من مواد الكاكاو الصلبة، وتحتوي الشوكولاته بالحليب على أقل من 50 في المائة من مواد الكاكاو الصلبة، ولا تحتوي الشوكولاته البيضاء على أي مواد كاكاو صلبة، وتحتوي على زبدة الكاكاو والحليب والسكر.

وبشكل عام، كلما زاد محتوى المواد الصلبة من الكاكاو، قلَّ السكر.

ويقول الخبراء إنه من الآمن تناول الشوكولاته الداكنة باعتدال، ولكن المعادن قد تكون ضارة بشكل خاص لأدمغة الأطفال والجهاز العصبي؛ لذا فمن الأفضل على الأرجح أن يتناول الحوامل والأطفال الصغار الشوكولاته الداكنة باعتدال.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: فيروس «إتش إم بي في» في الصين شائع ولا يشكل تهديداً

آسيا طفل يضع كمامة وينتظر دوره مع أسرته داخل مستشفى في شرق الصين (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: فيروس «إتش إم بي في» في الصين شائع ولا يشكل تهديداً

قدمت منظمة الصحة العالمية، اليوم، تطمينات بشأن فيروس «إتش إم بي في»، وهو عدوى تنفسية تنتشر في الصين، مؤكدةً أن الفيروس ليس جديداً أو خطيراً بشكل خاص.

«الشرق الأوسط» (جنيف - بكين)
صحتك امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن تناول الطعام الطازج وزيت الزيتون يدعم صحة الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

اكتشف الباحثون وجود صلة بين عدوى الأمعاء المزمنة الناجمة عن فيروس شائع وتطور مرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

وفق تصنيف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية

صحتك أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)

دراسة: النباتيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب

تشير دراسة إلى أن النباتيين قد يكونون أكثر عرضة للاكتئاب؛ لأنهم يشربون الحليب النباتي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

3.4 مليون مريض سنوياً بسبب المشروبات السكرية

المشروبات المحلاة بالسكر تحتوي على سكريات مضافة تُستخدم لتحسين الطعم (جامعة تافتس)
المشروبات المحلاة بالسكر تحتوي على سكريات مضافة تُستخدم لتحسين الطعم (جامعة تافتس)
TT

3.4 مليون مريض سنوياً بسبب المشروبات السكرية

المشروبات المحلاة بالسكر تحتوي على سكريات مضافة تُستخدم لتحسين الطعم (جامعة تافتس)
المشروبات المحلاة بالسكر تحتوي على سكريات مضافة تُستخدم لتحسين الطعم (جامعة تافتس)

كشفت دراسة أميركية حديثة عن أن استهلاك المشروبات المحلاة بالسكر يتسبب في 3.4 مليون حالة جديدة سنوياً من مرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب على مستوى العالم.

وأوضح الباحثون من جامعة تافتس أن الدول النامية، مثل منطقة أفريقيا جنوب الصحراء والمكسيك وكولومبيا، تتحمل العبء الأكبر من هذا التأثير، ونشرت النتائج، الاثنين، في دورية (Nature Medicine).

تُعرف المشروبات المحلاة بالسكر بأنها تلك التي تحتوي على سكريات مضافة تُستخدم لتحسين الطعم، مثل الصودا، والعصائر المصنعة، ومشروبات الطاقة، وبعض المشروبات الرياضية.

واعتمدت الدراسة على تحليل شامل لبيانات عالمية حول استهلاك هذه المشروبات وتأثيرها على الصحة العامة، باستخدام نماذج إحصائية متقدمة لتقدير نسبة حالات السكري وأمراض القلب المرتبطة بها.

وأظهرت النتائج أن استهلاك المشروبات المحلاة بالسكر يؤدي إلى 2.2 مليون حالة جديدة من السكري من النوع الثاني و1.2 مليون حالة جديدة من أمراض القلب سنوياً على مستوى العالم.

وتُعد الدول النامية الأكثر تأثراً؛ حيث تسبب استهلاك المشروبات السكرية في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء في أكثر من 21 في المائة من جميع حالات السكري الجديدة. وفي أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، أسهمت هذه المشروبات فيما يقرب من 24 في المائة من حالات السكري الجديدة و11 في المائة من حالات أمراض القلب.

وكشفت الدراسة أيضاً عن أمثلة بارزة لتأثير هذه المشروبات، مثل كولومبيا؛ حيث يعود أكثر من 48 في المائة من حالات السكري الجديدة إلى استهلاك المشروبات السكرية. وفي المكسيك، يُعزى ثلث حالات السكري الجديدة إلى هذه المشروبات، بينما في جنوب أفريقيا تُسهم بنسبة 27.6 في المائة من حالات السكري و14.6 في المائة من حالات أمراض القلب الجديدة.

وأوضح الباحثون أن المشروبات المحلاة بالسكر تُهضم بسرعة في الجسم، مما يؤدي إلى ارتفاع مفاجئ في مستويات السكر في الدم دون تقديم أي قيمة غذائية تُذكر.

وأشاروا إلى أن الاستهلاك المستمر لهذه المشروبات يؤدي إلى زيادة الوزن، ومقاومة الإنسولين، ومشكلات أيضية تزيد من خطر الإصابة بالسكري وأمراض القلب، وهما من الأسباب الرئيسية للوفيات عالمياً.

وأوصى الباحثون بضرورة تطبيق سياسات شاملة للحد من استهلاك المشروبات المحلاة بالسكر، تشمل حملات التوعية الصحية، وتنظيم الإعلانات، وفرض ضرائب على هذه المشروبات.

وقال الدكتور داريوش مزافاريان، الباحث الرئيسي للدراسة من جامعة تافتس: «تُسوّق المشروبات المحلاة بالسكر بشكل مكثف في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، مما يؤدي لتفاقم معاناة هذه المجتمعات التي غالباً ما تفتقر إلى الموارد اللازمة لمواجهة العواقب الصحية طويلة الأجل».

وأضاف، عبر موقع الجامعة، أن «هناك حاجة مُلحة لمواجهة هذه الظاهرة بشكل جاد، لا سيما في مناطق مثل أميركا اللاتينية وأفريقيا؛ حيث يظل الاستهلاك مرتفعاً وتكون العواقب الصحية وخيمة».