الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة ربما يؤدي إلى السكتة الدماغية

يُضعف الصحة العامة ويسبب مشكلات مزمنة في الرئة

الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة ربما يؤدي إلى السكتة الدماغية
TT

الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة ربما يؤدي إلى السكتة الدماغية

الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة ربما يؤدي إلى السكتة الدماغية

كشفت دراسة حديثة لباحثين من جامعة تورنتو University of Toronto بكندا، عن مخاطر الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة واحتمالية ارتباطه بمشكلات صحية عضوية خطيرة لاحقاً في البلوغ، مثل السكتة الدماغية والانسداد الرئوي (COPD) وضعف الإدراك والاكتئاب.

وحذرت الدراسة التي نُشرت في نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي في دورية «Child Abuse and Neglect»، المعنية بمواضيع الاعتداء على الطفل وإهماله، من عدم الالتفات بالشكل الكافي إلى مشكلة الإهمال لأنها ليست بنفس وضوح الاعتداء المباشر، سواء كان بدنياً أو جنسياً.

العواقب الصحية للإهمال العاطفي

دقّق الباحثون في عينة كبيرة تضم أكثر من 41 ألفاً من البالغين في الولايات المتحدة مأخوذة من دراسة مسحية سابقة لرصد عوامل الخطر المؤدية إلى مشكلات سلوكية في عام 2021، وتبين وجود روابط مهمة بين الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة والكثير من المشكلات الصحية في البالغين بعد تثبيت بقية العوامل التي يمكن أن تؤثر في النتيجة، مثل العمر والجنس والعرق والعامل الجيني وطبيعة العمل.

وظهر أن مشكلات الصحة البدنية في الأغلب أخذت مساراً مزمناً، وشملت ضَعف الصحة العامة ومشكلات مزمنة في الرئة وتكرار نوبات الربو الشعبي وحدوث إعاقات مختلفة بشكل تدريجي مثل ضعف السمع وضعف البصر وأيضاً ضعف الإدراك نتيجة تدني الحالة النفسية، وحدوث جلطات في المخ. كما ارتبط الإهمال بمشكلات نفسية مثل القلق والاكتئاب.

مساعدة للأطفال المهملين

اهتم الباحثون بشكل خاص بتحديد العوامل التي يمكن أن تساعد هؤلاء الذين عانوا من الإهمال في طفولتهم. وعلى وجه التحديد كان هناك عاملان لعبا دوراً كبيراً في مساعدة الأطفال ضحايا الإهمال.

العامل الأول هو الوضع الاجتماعي والاقتصادي في مرحلة البلوغ، والآخر وجود شخصية داعمة من البالغين في أثناء الطفولة. وظهر أن الأشخاص الذين يكملون الدراسة ولا يتركون المدرسة هم أقل عُرضة لهذه المشكلات الصحية إلى حد ما، ومع التعليم الأفضل يحصلون على وظائف واستقرار مالي. وأيضاً فإن وجود شخص داعم يحقق التوازن العاطفي للطفل ويُشعره بالاهتمام وعدم الرفض.

إهمال عاطفي غير مقصود

أوضحت الدراسة أن الإهمال العاطفي يمكن أن يحدث من دون قصد مسبق من الوالدين ويتسبب في شعور الطفل بالرفض. وهناك كثير من الأمور المؤدية إلى الإهمال العاطفي يجب على الأباء عدم ممارستها حمايةً لأبنائهم مثل:

- انعدام «التوافر العاطفي»: بمعنى عدم الاستجابة العاطفية لمشاعر الطفل أو عدم الوجود وقت الاحتياج بسبب الانشغال الدائم، مما يجعل من الصعب على الأطفال التواصل مع الآباء على المستوى العاطفي.

- تجاهل المشاعر أو رفضها: عندما يعبّر الأطفال عن مشاعرهم يتجاهل الآباء هذه المشاعر أو يقللون من شأنها أو يرفضونها تماماً مثل أن يقول الأب: «يجب أن تتوقف عن البكاء» فوراً، أو «لم تعد صغيراً للاهتمام بمثل هذه الأمور».

- غياب التلامس الجسدي مع الطفل: وهو خطأ يقع فيه كثير من الآباء خصوصاً في المجتمعات المحافظة، لأن المودة الجسدية مثل العناق أو القبلات أو اللمسة المريحة لها أثر كبير في تخفيف الضغط النفسي على الطفل وإشعاره بالحب وأنه مرغوب فيه.

- عدم الاهتمام الكافي: في كثير من الأحيان يتعامل الآباء باستخفاف مع اهتمامات الطفل المختلفة وأحاديثه ومشكلاته البسيطة ومخاوفه أو الاحتفال بإنجازاته، مما يولد حاجزاً نفسياً بين الآباء وأطفالهم.

- عدم التشجيع: يجب على الآباء تشجيع أطفالهم على اكتشاف مواهبهم وتنميتها لأن عدم التشجيع يعوق احترام الطفل لذاته وشعوره بقيمة الذات.

في النهاية نصحت الدراسة الآباء بضرورة الاهتمام بالأمور البسيطة التي يمكن أن تؤثر بالسلب على علاقتهم بأطفالهم وضرورة مشاركة الطفل كل تفاصيل حياته وتقديم الدعم النفسي له.

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

صحتك توصيات حديثة لوصف الأدوية الأفيونية للأطفال

توصيات حديثة لوصف الأدوية الأفيونية للأطفال

إعطاء أقل جرعة كافية لتسكين الألم لأقصر وقت ممكن لتجنب الإدمان

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
العالم العربي بدء الجولة الثانية من حملة التلقيح ضد شلل الأطفال في وسط قطاع غزة (د.ب.أ)

بدء جولة ثانية من التلقيح ضد شلل الأطفال في قطاع غزة

بدأت جولة ثانية من حملة التلقيح ضد شلل الأطفال رسمياً اليوم الاثنين في وسط قطاع غزة فيما يواصل الجيش الإسرائيلي ضرباته وعملياته.

«الشرق الأوسط» (دير البلح)
صحتك نوبات الهلع لدى الأطفال والمراهقين... الأسباب والأعراض

نوبات الهلع لدى الأطفال والمراهقين... الأسباب والأعراض

تحدث أحياناً للأطفال الذين يعانون من الحساسية المفرطة والخجل

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الأكل الانتقائي «شائع جداً» بين الأطفال (أرشيفية - صحيفة «ذا ستريتس تايمز»)

لماذا يرفض بعض الأطفال تناول الطعام الصحي؟

تعاني الكثيرات من الأمهات تبعات النمط الغذائي السيئ الذي يصر عليه أبناؤهن حين ينتقون أصنافاً غذائية غير صحية مثل الحلويات ورقائق البطاطس والمأكولات السريعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

دراسة تكشف عن وجود علاقة بين الاكتئاب ودرجة حرارة الجسم

الدراسة وجدت أن درجة حرارة الجسم لدى المصابين بالاكتئاب تكون أعلى من درجة حرارة غير المصابين بالمرض (رويترز)
الدراسة وجدت أن درجة حرارة الجسم لدى المصابين بالاكتئاب تكون أعلى من درجة حرارة غير المصابين بالمرض (رويترز)
TT

دراسة تكشف عن وجود علاقة بين الاكتئاب ودرجة حرارة الجسم

الدراسة وجدت أن درجة حرارة الجسم لدى المصابين بالاكتئاب تكون أعلى من درجة حرارة غير المصابين بالمرض (رويترز)
الدراسة وجدت أن درجة حرارة الجسم لدى المصابين بالاكتئاب تكون أعلى من درجة حرارة غير المصابين بالمرض (رويترز)

كشفت دراسة علمية جديدة أن درجة حرارة الجسم لدى المصابين بالاكتئاب تكون أعلى من تلك الخاصة بغير المصابين بالمرض.

ووفق موقع «ساينس آليرت» العلمي، فقد أجريت الدراسة بواسطة باحثين من جامعة كاليفورنيا في سان فرنسيسكو، وشملت أكثر من 20 ألف شخص من 106 دولة، تم جمع وتحليل بياناتهم على مدى 7 أشهر.

وأظهرت البيانات وجود صلة بين تفاقُم أعراض الاكتئاب والارتفاع الطفيف في درجة حرارة الجسم.

ويعتقد الباحثون أن هناك عدداً من الأسباب لهذا الارتباط، وكتبوا في دراستهم التي نُشرت في مجلة «ساينتيفيك ريبورتس» العلمية: «قد يكون الاكتئاب مرتبطاً بالعمليات الأيضية التي تولد حرارة إضافية في الجسم، أو ببعض الاضطرابات في الوظاف الحيوية في الجسم التي تؤثر في حرارته. كما أن هذه العلاقة قد ترجع أيضاً إلى سبب مشترك بين الاكتئاب وحرارة الجسم، مثل الإجهاد العقلي أو الالتهاب الذي يؤثر في كل من درجة حرارة الجسم وأعراض الاكتئاب بشكل منفصل».

وأضافوا: «هذا شيء يمكن للدراسات المستقبلية أن تبحث فيه. في الوقت الحالي، نعلم أن الاكتئاب حالة معقدة ومتعددة الأوجه، ومن المرجح أن يكون لها كثير من المحفزات المختلفة، وقد تلعب درجة حرارة الجسم دوراً في هذا الشأن».

وقد وجدت الأبحاث السابقة أن الاستحمام بالمياه الساخنة، والساونا يمكن أن يخففا من أعراض الاكتئاب، وإن كان ذلك في مجموعات صغيرة من العينات. وقد أشار الخبراء إلى أن السبب في ذلك قد يرجع إلى التبريد الذاتي الذي تحدثه هذه الممارسات، من خلال التعرق، والذي يؤثر في العقل.

وقال الطبيب النفسي آشلي ماسون الذي شارك في إعداد الدراسة الجديدة: «على حد علمنا، هذه هي أكبر دراسة حتى الآن لفحص العلاقة بين درجة حرارة الجسم وأعراض الاكتئاب في عينة جغرافية واسعة».

وأضاف: «هذه النتائج قد تساعد على إيجاد علاجات للاكتئاب. إذا كان شيء بسيط مثل الحفاظ على البرودة يمكن أن يسهم في علاج أعراض المرض، فإن هذا الأمر سيساعد ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم».

لكن منتقدي الدراسة أشاروا إلى أنها لا تكفي لإثبات أن ارتفاع درجة حرارة الجسم يسبب الاكتئاب، أو أن الاكتئاب يؤدي بالفعل إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم، مؤكدين الحاجة لمزيد من الدراسات للتحقيق في هذه العلاقة.