«النيران الصديقة»... مصدر الالتهابات الخطيرة لدى الأطفال المصابين بـ«كوفيد»

يطلق «كوفيد-19» رد فعل مناعياً ذاتياً يسبب متلازمة الالتهاب متعدد الأجهزة لدى الأطفال (أ.ف.ب)
يطلق «كوفيد-19» رد فعل مناعياً ذاتياً يسبب متلازمة الالتهاب متعدد الأجهزة لدى الأطفال (أ.ف.ب)
TT

«النيران الصديقة»... مصدر الالتهابات الخطيرة لدى الأطفال المصابين بـ«كوفيد»

يطلق «كوفيد-19» رد فعل مناعياً ذاتياً يسبب متلازمة الالتهاب متعدد الأجهزة لدى الأطفال (أ.ف.ب)
يطلق «كوفيد-19» رد فعل مناعياً ذاتياً يسبب متلازمة الالتهاب متعدد الأجهزة لدى الأطفال (أ.ف.ب)

عندما يتعرض الجسم البشري لفيروس، يقوم الجهاز المناعي بتعبئة نفسه للدفاع عن الجسم ضد مصدر الخطر. ولكن في بعض الأحيان، يخطئ الدفاع ويهاجم الجسم نفسه بدلاً من المهاجم.

وفقاً لدراسة جديدة، هذا النوع من «النيران الصديقة» هو ما يسبب متلازمة الالتهاب متعدد الأجهزة لدى الأطفال، وهي حالة غامضة تصيب الأطفال في حالات نادرة بعد إصابتهم بحالة شديدة من «كوفيد-19».

وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، كشفت دراسة نشرتها مجلة «نيتشر» العلمية، عن أول دليل مباشر على أن «كوفيد-19» يطلق رد فعل مناعياً ذاتياً يسبب متلازمة الالتهاب متعدد الأجهزة لدى الأطفال.

لطالما عرف العلماء أن العدوى يمكن أن تربك الجسم وتجعله يهاجم نفسه، لكن الدراسة الجديدة هي من أولى الدراسات التي تحدد سلسلة الأحداث وطبيعة المناعة.

يقول جوزيف دي ريسي، خبير الأمراض المعدية ورئيس مركز «تشان زوكربيرج» للعلوم الحيوية في سان فرنسيسكو، وهو المشرف على الدراسة، إن معظم الأطفال يتحملون «كوفيد» بشكل جيد، ولكن بعد بضعة أسابيع من الإصابة، يصاب نحو واحد من كل 10 آلاف طفل بمرض شديد بسبب رد فعل التهابي هائل، وكان هذا النوع من الالتهاب بعد العدوى لغزاً حقيقياً.

غالباً ما يصيب هذا الالتهاب القلب والدماغ والكلى والرئتين. وقد يحتاج الأطفال إلى دخول المستشفى والعناية المركزة أو حتى دعم الحياة، وقد يموت عدد قليل منهم.

وبهذا الشكل، تشبه متلازمة الالتهاب متعدد الأجهزة لدى الأطفال عدداً من الاضطرابات الطفولية النادرة التي تتميز بالتهاب واسع النطاق.

افترض الباحثون أن المتلازمة قد تكون نتيجة ما يسمى الأجسام المضادة الذاتية، أو الجزيئات المناعية التي تفقد القدرة على التمييز بين خلايا الجسم نفسها ومصدر الخطر.

وباستخدام تقنية طورها علماء آخرون منذ نحو اثني عشر عاماً، نظر الدكتور دي ريسي وزملاؤه إلى مجموعة كاملة من الأجسام المضادة المنتجة في 199 طفلاً مصاباً بمتلازمة الالتهاب متعدد الأجهزة و45 طفلاً أصيبوا بـ«كوفيد» الشديد.

وجد الباحثون ثلاثة بروتينات بارزة عند الأطفال المصابين بمتلازمة الالتهاب متعدد الأجهزة مقارنة بالمجموعة الضابطة.

ووجدوا أيضاً أن الأطفال المصابين بمتلازمة الالتهاب متعدد الأجهزة لديهم استجابة مناعية غير عادية لفيروس «كورونا»؛ لقد صنعوا أجساماً مضادة لجزء من بروتين النوكليوكابسيد الفيروسي الذي لم يصنعه الأطفال الآخرون الذين أصيبوا بـ«كوفيد» الشديد.

في حين أن الوباء كان «شيئاً مروعاً ومخيفاً»، كما قال دي ريسي، فإنه أظهر جوانب مثيرة للاهتمام من البيولوجيا البشرية ستكون ذات صلة بحل الأمراض الأخرى.


مقالات ذات صلة

أطباء يتوقعون وتيرة فيروس «كورونا» خلال الشتاء المقبل

صحتك أشخاص ينظرون إلى الجدار التذكاري الوطني لـ«كوفيد» في لندن (رويترز)

أطباء يتوقعون وتيرة فيروس «كورونا» خلال الشتاء المقبل

ما زال فيروس «كورونا المتجدد» المعروف باسم «كوفيد - 19» ومتحوراته، يشغل بال العالم، خصوصاً مع اقتراب فصلَي الخريف والشتاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا اكتُشف حديثاً في الصين ... فيروس ينتقل عن طريق القراد قد يسبب تلف الدماغ

اكتُشف حديثاً في الصين ... فيروس ينتقل عن طريق القراد قد يسبب تلف الدماغ

يحذر العلماء من مرض جديد ينتقل عن طريق القراد يسمى فيروس الأراضي الرطبة (WELV) والذي تم اكتشافه مؤخراً في الصين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك مراهقات يرتدين أقنعة واقية خلال فترة كورونا في اليابان (أرشيفية - رويترز)

دراسة: أدمغة المراهقين ازدادت شيخوخة بسبب «كورونا»

وثَّقت دراسة حديثة وجود مشاكل في صحة المراهقين العقلية وحياتهم الاجتماعية بسبب وباء «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك عبوة من عقار أوزمبيك في بريطانيا (رويترز)

دراسة: «أوزمبيك» يقلل من مخاطر أعراض فيروس كورونا

أفادت دراسة حديثة بأن الأشخاص الذين يستخدمون 2.4 مليغرام من عقار سيماغلوتيد أقل عرضة للإصابة بحالات شديدة من كوفيد-19 عند استخدام هذا الدواء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك انقسام طبي حول إلزامية الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد (رويترز)

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

تحوّل «كوفيد-19» على مر السنوات الماضية من جائحة عالمية إلى فيروس «مستوطن» وفق خبراء الصحة، ما يعني أن وجوده سيصبح مستمراً، فكيف يجب أن نتعامل معه؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

5 عوامل تتنبأ باستجابة مرضى السرطان للعلاج المناعي

العلاج المناعي يستهدف تمكين الخلايا المناعية من مهاجمة الخلايا السرطانية (جامعة بنسلفانيا)
العلاج المناعي يستهدف تمكين الخلايا المناعية من مهاجمة الخلايا السرطانية (جامعة بنسلفانيا)
TT

5 عوامل تتنبأ باستجابة مرضى السرطان للعلاج المناعي

العلاج المناعي يستهدف تمكين الخلايا المناعية من مهاجمة الخلايا السرطانية (جامعة بنسلفانيا)
العلاج المناعي يستهدف تمكين الخلايا المناعية من مهاجمة الخلايا السرطانية (جامعة بنسلفانيا)

أعلن باحثون بمعهد البحوث البيولوجية في برشلونة، اكتشاف 5 عوامل رئيسية تحدد استجابة مرضى السرطان للعلاج المناعي.

وأوضح الباحثون أن هذه العوامل تؤثر على بقاء المرضى على قيد الحياة بعد تلقيهم العلاج المناعي، وفق نتائج الدراسة المنشورة، الخميس، في دورية (Nature Genetics).

وأحدث العلاج المناعي ثورة في علاج السرطان من خلال تمكين الجهاز المناعي من مهاجمة الخلايا السرطانية، ومع ذلك، فإن 20-40 في المائة فقط من المرضى يستجيبون لهذا العلاج، وتختلف هذه النسب باختلاف أنواع السرطان.

وتعد عملية التنبؤ بالمرضى الذين سيستجيبون للعلاج المناعي والذين لن يستجيبوا من أبرز مجالات البحث حالياً.

وركزت كثير من الدراسات السابقة على خصائص محددة للأورام، أو بيئتها المجهرية، أو الجهاز المناعي للمريض.

ونتيجة لذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه المؤشرات الحيوية المقترحة تمثل العوامل الأساسية نفسها؟ أو عدد العوامل المستقلة التي تؤثر على فعالية هذا العلاج.

وتضمنت الدراسة الجديدة تحليلاً شاملاً للبيانات الجينومية والإكلينيكية لـ479 مريضاً يعانون من أورام منتشرة، تم الحصول عليها من قاعدة بيانات عامة أنشأتها مؤسسة هارتويغ الطبية الهولندية.

وحدد الباحثون 5 عوامل تؤثر على استجابة المرضى للعلاج المناعي، بعد تلقي نوع من العلاج المناعي يُستخدم على نطاق واسع في علاج السرطان.

أول هذه العوامل هو عبء الطفرات في الورم، حيث إن الأورام التي تحتوي على عدد كبير من الطفرات تُنتج مستضدات جديدة، ما يُسهل على الجهاز المناعي التعرف عليها ومهاجمتها.

كذلك، يُعد وجود الخلايا التائية الفعّالة (جزء من الجهاز المناعي) داخل الورم ضرورياً لفعالية العلاج.

من ناحية أخرى، يُعد نشاط عامل النمو المحول بيتا (TGF-β)، وهو بروتين يشارك في تنظيم نمو الخلايا وسلوكها، في البيئة الدقيقة للورم عاملاً مثبطاً للاستجابة المناعية؛ إذ يؤثر سلباً على سلوك الخلايا المناعية، مما يؤدي إلى تقليل فرصة بقاء المرضى على قيد الحياة بعد العلاج.

بالإضافة إلى ذلك، يُظهر المرضى الذين تلقوا علاجات سابقة استجابة أقل للعلاج المناعي.

وأخيراً، يميل المرضى الذين يعانون من أورام ذات معدل تكاثر مرتفع إلى أن يكون لديهم أورام أكثر عدوانية، مما يؤدي إلى تراجع احتمالات بقائهم بعد العلاج.

وتشير النتائج إلى أن هذه العوامل تؤثر بشكل كبير على استجابة المرضى للعلاج المناعي في أنواع مختلفة من السرطان، مثل سرطان الرئة والقولون والورم الميلانيني، وقد تم التحقق منها في 6 مجموعات مستقلة من المرضى.

وأضاف الباحثون أن النتائج تقدم إطاراً مرجعياً للتنبؤ باستجابة المرضى للعلاج المناعي، ما قد يسهم في تحسين العلاجات الشخصية للسرطان.