الاكتئاب قد يؤدي لتسريع تراجع الذاكرة لدى الكبار

خلصت الدراسة إلى أن الاكتئاب والذاكرة مترابطان بشكل وثيق (رويترز)
خلصت الدراسة إلى أن الاكتئاب والذاكرة مترابطان بشكل وثيق (رويترز)
TT

الاكتئاب قد يؤدي لتسريع تراجع الذاكرة لدى الكبار

خلصت الدراسة إلى أن الاكتئاب والذاكرة مترابطان بشكل وثيق (رويترز)
خلصت الدراسة إلى أن الاكتئاب والذاكرة مترابطان بشكل وثيق (رويترز)

ترتبط أعراض الاكتئاب بضعف الذاكرة لدى كبار السن، كما ترتبط الذاكرة الضعيفة بزيادة أعراض الاكتئاب في وقت لاحق من العمر.

وأثبتت دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة كاليفورنيا الأميركية وكلية الطب في برايتون وساسكس البريطانية ارتباطاً بين ضعف الذاكرة والاكتئاب.

وفنّدت الدراسة التي نشرت، الثلاثاء، في دورية «جاما نتورك أوبن» (JAMA Network Open)، بيانات مستمدة من 8268 شخصاً بالغاً في إنجلترا، متوسط أعمارهم 64 عاماً، على مدى 16 عاماً.

وخلص الباحثون إلى أن «الاكتئاب والذاكرة مترابطان بشكل وثيق، ويبدو أن كلاً منهما يؤثر على الآخر».

وهو ما علّقت عليه كبيرة باحثي الدراسة، الدكتورة دورينا كادار، من قسم العلوم السلوكية والصحة بجامعة كاليفورنيا الأميركية وكلية الطب في جامعة برايتون وساسكس البريطانية أيضاً، قائلة: «من المعروف أن الاكتئاب وضعف الذاكرة غالباً ما يحدثان معاً لدى كبار السن، لكن لم يكن واضحاً أيهما يحدث أولاً»

وأضافت على موقع الجامعة: «تظهر دراستنا أن الاكتئاب وضعف الذاكرة على علاقة وثيقة معاً وفي كلا الاتجاهين، حيث تسبق أعراض الاكتئاب عادة تراجعاً في الذاكرة، كما يرتبط تراجع الذاكرة بأعراض الاكتئاب اللاحقة له».

وتابعت: «لكن نتائجنا تقترح أن تصميم التدخلات العلاجية لتقليل أعراض الاكتئاب قد تساعد في إبطاء تراجع الذاكرة».

وقال الباحث الرئيسي للدراسة، جيامين ين، الذي تخرج من كلية لندن في بريطانيا، وهو الآن طالب دكتوراه في جامعة روتشستر بنيويورك: «تؤكد هذه النتائج على أهمية مراقبة تغيرات الذاكرة لدى كبار السنّ الذين يعانون من زيادة في أعراض الاكتئاب لتحديد معدلات فقدان الذاكرة مبكراً، وبالتالي التدخل لمنع ما قد يترتب على ذلك من تفاقم لأعراض الاكتئاب».

وأضاف أنه «على العكس من ذلك، من المهم أيضاً معالجة أعراض الاكتئاب بين أولئك الذين يعانون من انخفاض الذاكرة، ما قد يساعد في إبطاء تراجع الذاكرة».

وشدّد الفريق البحثي على أن ضعف الذاكرة قد ينشأ من عوامل نفسية، مثل الاجترار، أي التفكير المتكرر أو الخوض في المشاعر السلبية.

من ناحية أخرى، قد يشعر الأشخاص الذين يعانون من حدوث هفوات في الذاكرة أو صعوبات في الاحتفاظ بالمعلومات الجديدة بالإحباط، وفقدان الثقة، والشعور بعدم الكفاءة، وهي مسببات شائعة لنوبات الاكتئاب.

وقد يؤدي ضعف الذاكرة أيضاً إلى تعطيل الأداء اليومي والتفاعلات الاجتماعية للأشخاص، ما يقودهم إلى العزلة الاجتماعية التي قد تؤدي إلى ظهور أعراض الاكتئاب.

وأوضح كادار: «يمكن أن يسبب الاكتئاب تغيرات في هيكل الدماغ، مثل منطقة الحصين، وهي منطقة بالغة الأهمية لتكوين الذاكرة واسترجاعها. كما أن الإجهاد المزمن والمستويات العالية من الكورتيزول المرتبطة بالاكتئاب يمكن أن تلحق الضرر بالخلايا العصبية في هذه المناطق».

وأضاف: «مع ذلك، فإن الفهم الإضافي للآليات التي تربط بين انخفاض الذاكرة والاكتئاب أمر بالغ الأهمية لتطوير التدخلات التي تهدف إلى تحسين المزاج وإبطاء التدهور المعرفي لدى الأفراد المصابين بالاكتئاب وضعف الذاكرة».

وفي هذه الدراسة، نظر الباحثون في بيانات من الدراسة الإنجليزية الطولية للشيخوخة (ELSA)، التي تجيب فيها عينة سكانية ممثلة على المستوى الوطني في إنجلترا على مجموعة واسعة من الأسئلة كل عامين.

ووفق نتائج الدراسة، كان المشاركون الذين عانوا من زيادة أكبر في أعراض الاكتئاب أثناء الدراسة أكثر عرضة لتدهور حاد في الذاكرة في نفس الوقت، والعكس صحيح، أولئك الذين عانوا من انخفاض حاد في الذاكرة كانوا أكثر عرضة لزيادة حادة في أعراض الاكتئاب.


مقالات ذات صلة

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

يوميات الشرق من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة الذين يواجهون صعوبة في التحكُّم بمشاعرهم وسلوكهم عبر نوبات غضب، قد يظهرون أعراضاً أكبر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)

دراسة: بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية قد تزيد خطر الوفاة المبكرة

تشير دراسة أميركية موسعة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد تدهور الحالة النفسية (جامعة كولومبيا)

المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد الاضطرابات النفسية

كشفت دراسة بريطانية أن الأفراد الذين يعانون تدهور صحتهم النفسية يميلون إلى تصفح محتوى سلبي عبر الإنترنت، مما يؤدي إلى تفاقم معاناتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

الحرب تؤثر على جينات الأطفال وتبطئ نموهم

لا يعاني الأطفال الذين يعيشون في بلدان مزقتها الحرب من نتائج صحية نفسية سيئة فحسب، بل قد تتسبب الحرب في حدوث تغييرات بيولوجية ضارة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال
TT

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص. وأوضحت أن قضاء وقت من دون حركة كافية لفترة أكثر من 6 ساعات يومياً، يمكن أن يسبب زيادة في ضغط الدم الانقباضي (الخارج من البطين الأيسر- systolic blood pressure) بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية، وذلك في الفترة العمرية من الطفولة، وحتى بداية مرحلة البلوغ.

الخمول ومؤشرات الأمراض

أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعتي «بريستول» و«إكستر» في المملكة المتحدة، وجامعة «شرق فنلندا»، ونُشرت في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، في مجلة «الهزال وضمور العضلات» (Journal of Cachexia, Sarcopenia and Muscle). وأكدت أن النشاط والخمول يلعبان دوراً رئيسياً في تنظيم الضغط؛ حيث يساهم الخمول وعدم الحركة في رفع ضغط الدم، بينما يساهم النشاط البدني الخفيف بشكل يومي في خفض الضغط. وفي الماضي وقبل التقدم التكنولوجي المعاصر، ولأن الأطفال كانوا في نشاط مستمر، كان ارتفاع ضغط الدم من الأمور شديدة الندرة في الأطفال.

قام الباحثون بمتابعة 2513 طفلاً من دراسة خاصة بجامعة «بريستول» على أطفال التسعينات من القرن الماضي، وتمت المتابعة من سن 11 إلى 24 عاماً. وركَّز الباحثون على الأطفال الذين قضوا تقريباً 6 ساعات يومياً من دون أي نشاط يذكر، ثم 6 ساعات يومياً في ممارسة تمارين خفيفة (LPA)، وأخيراً نحو 55 دقيقة يومياً في نشاط بدني يتدرج من متوسط إلى قوي (MVPA)، وبعد ذلك في بداية مرحلة المراهقة والشباب قضوا 9 ساعات يومياً في حالة خمول، ثم 3 ساعات يومياً في التمارين الخفيفة، ونحو 50 دقيقة يومياً في تمارين متوسطة إلى قوية.

تم أخذ عينات دم بعد فترة صيام لعدة ساعات للأطفال بشكل متكرر، لتثبيت العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ارتفاع ضغط الدم، مثل قياس مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، والكوليسترول عالي الكثافة (HDL)، والدهون الثلاثية (TG)، وأيضاً تم قياس منحنى الغلوكوز لكل 3 شهور (hba1c) في الدم، وكذلك هرمون الإنسولين، ودلالات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي سي (C-reactive protein)، وقاموا بقياس معدل ضربات القلب.

بعيداً عن التحاليل الطبية، قام الباحثون برصد بقية العوامل المؤثرة في ارتفاع ضغط الدم، وتم سؤال الأطفال عن التاريخ العائلي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بجانب الحالة الاقتصادية والاجتماعية للعائلة، وحالة الطفل النفسية، وتعامل العائلة معه، وأيضاً نوعية الغذاء، وهل تحتوي على دهون أم لا، واستخدام ملح الطعام باعتدال. وبالنسبة للمراهقين والبالغين تم سؤالهم عن حالة التدخين، بالإضافة إلى قياس كتلة الدهون في الجسم، وكذلك الكتلة العضلية.

ضغط الدم في الأطفال

قال العلماء إن الدراسة الحالية تُعد أكبر وأطول دراسة متابعة في العالم، لرصد العلاقة بين حجم النشاط البدني ومستوى ضغط الدم في الأطفال والمراهقين، وصولاً لمرحلة البلوغ. وحتى تكون الدراسة معبرة عن التغيرات الطبيعية التي تحدث للضغط في المراحل العمرية المختلفة، قام الباحثون بقياس ضغط الدم بعد فترات الخمول والتمرينات الخفيفة ومتوسطة الشدة، في عمر الحادية عشرة (نهاية فترة الطفولة) وفي عمر الخامسة عشر (فترة المراهقة والتغيرات الهرمونية) وأخيراً في عمر الرابعة والعشرين (مرحلة البلوغ).

وجد الباحثون أن متوسط ضغط الدم في مرحلة الطفولة كان 106/ 56 ملِّيمتراً زئبقياً، وبعد ذلك ارتفع إلى 117/ 67 ملِّيمتراً زئبقياً في مرحلة الشباب. ويرجع ذلك جزئياً -في الأغلب- إلى النمو الفسيولوجي الطبيعي المرتبط بالسن، وأيضاً ارتبطت الزيادة المستمرة في وقت الخمول من سن 11 إلى 24 عاماً بزيادة ضغط الدم الانقباضي في المتوسط بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية.

لاحظ الباحثون أن المشاركة في التمرينات الخفيفة بانتظام من الطفولة وحتى البلوغ، ساهمت في خفض مستوى الضغط الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية تقريباً. وفي المقابل تبين أن ممارسة التمرينات الشاقة والقوية لم تساهم في خفض الضغط بعكس المتوقع، وذلك لأن زيادة حجم الكتلة العضلية ارتبط بزيادة الدم المتدفق إليها، مما سبب زيادة طفيفة في ضغط الدم، ما يوضح الأهمية الكبرى للنشاط البدني الخفيف بانتظام؛ لأنه يُعد بمثابة وقاية من خطر ارتفاع ضغط الدم.

النشاط البدني الخفيف المنتظم يقي من خطره

أكد الباحثون أن أي فترة صغيرة في ممارسة النشاط الحركي تنعكس بالإيجاب على الطفل. وعلى سبيل المثال عندما استُبدلت بعشر دقائق فقط من كل ساعة تم قضاؤها في حالة خمول، فترة من التمرينات الخفيفة (LPA) في جميع مراحل النمو من الطفولة إلى مرحلة الشباب، انخفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية، وضغط الدم الانبساطي بمقدار ملِّيمترين زئبقيين، وهو الأمر الذي يُعد نوعاً من الحماية من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية؛ لأن خفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 5 ملِّيمترات زئبقية فقط يقلل بنسبة 10 في المائة من الذبحة الصدرية وجلطة المخ.

من المعروف أن منظمة الصحة العالمية (WHO) أصدرت تقارير تفيد باحتمالية حدوث 500 مليون حالة مرضية جديدة من الأمراض غير المعدية المرتبطة بالخمول البدني بحلول عام 2030، ونصف عدد هذه الحالات بسبب ارتفاع ضغط الدم. ونصحت المنظمة بضرورة ممارسة النشاط البدني الخفيف لمدة 3 ساعات على الأقل يومياً، للحماية من الإصابة بضغط الدم، وأيضاً لأن هذه التمرينات بمثابة علاج للضغط العالي للمرضى المصابين بالفعل. وأكدت أن النشاط البدني لا يشترط وقتاً أو مكاناً معيناً، مثل المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات، وحتى القيام بالأعمال المنزلية البسيطة.

* استشاري طب الأطفال