كيف يكون هرمون التوتر (الكورتيزول) مفيدا للصحة العقلية ؟

كيف يكون هرمون التوتر (الكورتيزول) مفيدا للصحة العقلية ؟
TT
20

كيف يكون هرمون التوتر (الكورتيزول) مفيدا للصحة العقلية ؟

كيف يكون هرمون التوتر (الكورتيزول) مفيدا للصحة العقلية ؟

يُفترض على نطاق واسع أن الكورتيزول هو «هرمون التوتر»، ويتم إطلاقه استجابةً للتوتر.

ولفترة طويلة، تم إلقاء اللوم على الكورتيزول في ضعف الصحة العقلية ومشاكل الأمعاء ومشاكل الجلد وأمراض القلب. إلّا ان عالمة النفس كيشا بي بهافسار الهندية لها رأي آخر حيث تقول «ان هذه السمعة تأتي من سوء فهم هو في الواقع مستوى غير منظم من الكورتيزول الذي يضر بالصحة. بل على العكس من ذلك، الكورتيزول ضروري لجسمنا من أجل أن يعمل بشكل جيد». وذلك وفق ما نقل موقع «onlymyhealth» الطبي المتخصص.

المفاهيم الخاطئة حول الكورتيزول

في دراسة نشرت بمجلة «Pharmacology and Therapeutics for Dentistry» (الإصدار السابع)، 2017، فإن الكورتيزول هو هرمون ستيرويدي تنتجه الغدد الكظرية الموجودة أعلى الكلى.

وتكشف بافسار «أن حقيقة أن الكورتيزول هو هرمون التوتر والذي وجد أنه سيئ ​​أو ضار بكل الطرق الممكنة هي فكرة خاطئة شائعة. حيث ان التحدث بشكل مزمن عن الكورتيزول يؤثر سلبًا على الصحة العقلية والجسدية. لكن هذا سيكون بمثابة افتراض مبالغ فيه واعتبره سيئًا تمامًا؛ فالكورتيزول مفيد للغاية بإدارة التوتر».

هل يمكن أن يكون الكورتيزول مفيدًا للصحة العقلية؟

أفادت بافسار بأن الكورتيزول يمكن أن يساعدنا في التعامل مع التحديات والتكيف من خلال تعزيز اليقظة والتركيز لمساعدتنا على التعامل مع التوتر. مضيفة «ان الكورتيزول ينظم الحالة المزاجية والعواطف لأنه يؤثر على كيفية تصرف دماغنا من خلال التدخل في الناقلات العصبية المسؤولة عن السيروتونين والدوبامين، والتي تعمل على استقرار مزاجنا».

ووفقا لدراسة أجريت في الهند، يلعب الكورتيزول دورا حاسما في مجموعة متنوعة من وظائف الجسم، بما في ذلك:

تنظيم عملية التمثيل الغذائي:

فهو يساعد على التحكم بكيفية استخدام الجسم للدهون والبروتينات والكربوهيدرات.

تقليل الالتهاب:

يساعد الكورتيزول على تنظيم جهاز المناعة وتقليل الالتهاب.

السيطرة على مستويات السكر في الدم:

فهو يزيد من نسبة السكر في الدم من خلال تكوين السكر.

التحكم في التوتر:

يُطلق عليه في كثير من الأحيان هرمون التوتر، ويتم إطلاق الكورتيزول استجابةً للتوتر وانخفاض تركيز الغلوكوز في الدم.

المساعدة في تكوين الذاكرة:

يساعد في تكوين الذكريات، خاصة أثناء الأحداث العصيبة.

وحسب بافسار: يمكن أن تسبب مستويات الكورتيزول غير المنظمة ما يلي:

- اضطرابات النوم

- عدم استقرار المزاج

- الإجهاد من خلال تعطيل قدرتنا على إدارة التحديات البيئية

- سوء الصحة العاطفية والعقلية.

كيف تجعل هرمون التوتر مفيدًا لصحتك؟

إذا كنت تتعامل مع مستويات الكورتيزول المتقلبة، فقد أدرجت بهافسار بعض الاستراتيجيات المفيدة وتغييرات نمط الحياة التي يمكن أن تساعدك في الحفاظ على مستويات الكورتيزول لديك:

ممارسة اليقظة الذهنية

أحد أكثر أشكال تنظيم مستويات الكورتيزول وضوحًا؛ فالتأمل مثل غذاء العقل؛ وإن جعل هذه الممارسة منتظمة هو وسيلة فعالة لتعزيز صحتك.

ممارسة الرياضة

تمامًا كما أن التأمل هو غذاء وتمرين للعقل، فإن ممارسة الرياضة البدنية لمدة لا تقل عن 30-40 دقيقة يمكن أن تساعد في تقليل الكورتيزول الزائد في الجسم.

النظام الغذائي الصحي

ان تناول نظام غذائي متوازن مليء بالبروتينات والفيتامينات. كما أن الحد من تناول الكحول والتبغ ينظم الكورتيزول.

ممارسة النشاطات المحببة

انغمس في الأنشطة التي تجلب لك الرضا والفرح كقضاء وقت في الطبيعة.

وخلصت بافسار إلى القول «ان انخفاض مستويات الكورتيزول مفيد لصحتك العقلية هو خرافة؛ لكن الكورتيزول الزائد يؤثر بشكل سلبي على الصحة الفسيولوجية والعقلية. وعلى العكس من ذلك تماما، فإن عدم كفاية إفراز الكورتيزول يمكن أن يؤثر بشكل كبير على صحتك. ولهذا السبب يجب عليك الانتباه جيدًا لاستجابة جسمك واستشارة أخصائي الصحة العقلية للحصول على نصيحة شخصية لتنظيم مستويات الكورتيزول لديك».


مقالات ذات صلة

دراسة تفسر عدم تذكر بعض الأشخاص لذكريات طفولتهم

صحتك دماغ (أرشيفية - رويترز)

دراسة تفسر عدم تذكر بعض الأشخاص لذكريات طفولتهم

طرحت دراسة، نُشرت الخميس، في مجلة «ساينس»، تفسيراً جديداً لعدم تذكر بعض الأشخاص لذكريات طفولتهم؛ حيث أرجعت هذا إلى صعوبة الوصول إليها في ذكريات المخ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك أبرزت دراسة جديدة أن المُحلّيات الصناعية وبدائل السكر التي يتم تسويقها غالباً كبدائل صحية للسكر لديها ارتباطات محتملة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية (أ.ب)

دراسة: المُحلّيات الصناعية وبدائل السكر مرتبطة بشكل مباشر بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية

تخضع المُحلَّيات الصناعية وبدائل السكر التي تسوَّق غالباً كبدائل صحية للسكر، للتدقيق من الخبراء بسبب ارتباطاتها المحتملة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك اختبار إجهاد القلب يتنبأ بأمراضه... وبحالات سرطانية مميتة

اختبار إجهاد القلب يتنبأ بأمراضه... وبحالات سرطانية مميتة

رغم بدء استخدامه في ستينات القرن الماضي، فإن المصادر الطبية لا تزال تؤكد أن اختبار إجهاد القلب هو أحد أكثر الاختبارات شيوعاً وأهمية في الطب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الصداقة الإنسانية الحقيقية تؤثر في الصحة النفسية بـ«قوة»

الصداقة الإنسانية الحقيقية تؤثر في الصحة النفسية بـ«قوة»

كشفت دراسة نفسية حديثة عن التأثير القوي للصداقة الحقيقية في الحفاظ على الصحة النفسية للمراهقين

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التصوير الفلورسنتي... ثورة في جراحة الدماغ

التصوير الفلورسنتي... ثورة في جراحة الدماغ

يُعد استئصال أورام الدماغ أحد التحديات الكبرى في مجال الجراحة العصبية، حيث تؤمن الإزالة الدقيقة والكاملة للورم عاملاً حاسماً في نجاح العلاج

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)

الصداقة الإنسانية الحقيقية تؤثر في الصحة النفسية بـ«قوة»

الصداقة الإنسانية الحقيقية تؤثر في الصحة النفسية بـ«قوة»
TT
20

الصداقة الإنسانية الحقيقية تؤثر في الصحة النفسية بـ«قوة»

الصداقة الإنسانية الحقيقية تؤثر في الصحة النفسية بـ«قوة»

كشفت دراسة نفسية حديثة نُشرت في شهر فبراير (شباط) الماضي في «مجلة صحة المراهقين (the Journal of Adolescent Health)» عن التأثير القوي للصداقة الحقيقية في الحفاظ على الصحة النفسية للمراهقين بغض النظر عن الوقت الذي يتم قضاؤه على وسائل التواصل الاجتماعي. وأوضحت أن هذا التأثير أقوى بـ3 مرات تقريباً من معظم الوسائل الإلكترونية.

الصداقة الإنسانية... والافتراضية

قال الباحثون من «كلية فاينبرغ للطب بجامعة نورث وسترن (Northwestern University's Feinberg School of Medicine)» بالولايات المتحدة، إن الاستخدام المبالغ فيه لوسائل التواصل المختلفة ربما يكون مجرد رد فعل لشعور المراهقين بالفراغ والوحدة. وأكدوا أن علاقة الصداقة الإنسانية بين الأقران تساعد على تحقيق التوازن في التعامل مع هذه الوسائل بالشكل الذي ينعكس بالإيجاب على الصحة النفسية.

أكد الباحثون أن وسائل التواصل الاجتماعي تمثل تحدياً حقيقياً أمام الصحة النفسية والعضوية للشباب. وعلى سبيل المثال وجد استطلاع سابق حول وسائل التواصل الاجتماعي والصحة النفسية للمراهقين والأطفال في الولايات المتحدة تم إجراؤه عام 2021 لطلاب المدارس الإعدادية والثانوية، أن المراهقين يقضون في المتوسط 3.5 ساعة يومياً على الوسائل الإلكترونية المختلفة. وفي عام 2023 كان هناك استطلاع أجرته مؤسسة «غالوب (Gallup)» للأبحاث وشمل فئة المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و19 عاماً أظهر أن متوسط ساعات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قد ارتفع إلى 4.8 ساعة يومياً.

وقد أُجريت الدراسة الحالية على نحو ألف مراهق تتراوح أعمارهم بين 13 و18 عاماً من جميع أنحاء الولايات المتحدة، حيث قام الباحثون بتوزيع استبيان على المراهقين يشمل عدداً من الأسئلة التي تتعلق بمقدار الوقت الذي يقضونه في متابعة وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وهل يتمتعون بعلاقات صداقة حقيقية مع زملائهم من عدمه؟ ولأي مدى تصل درجة رضاهم عن حالاتهم النفسية؟ وعن طبيعة الشعور الغالب عليهم... هل هو السعادة أم الاكتئاب؟

كذلك قام المراهقون بالإجابة عن تفصيلات الوقت المنقضي أمام وسائل التواصل الاجتماعي، سواء المتابعين لهذه الوسائل بشكل نشط (بمعنى المشاركة الدائمة بمنشورات معينة، أو وضع صور وتعليقات، أو متابعة مجتمعات معينة تلتقي بشكل دوري على هذه الوسائل)، أو المتابعين بشكل سلبي (الذين يكتفون بمجرد التصفح العشوائي للأخبار، ومشاهدة الصور والفيديوهات دون التعليق عليها).

قام الباحثون باستخدام تقييم نفسي معين لتحديد الحالة النفسية لكل مراهق، ومعرفة إلى أي مدى تصل درجة تقبله حياته بشكل عام، وهل يشعر بوجود هدف لحياته أم لا؟... وشمل هذا التقييم طرح أسئلة عن الصحة النفسية مثل: هل تشعر بالقلق والتوتر؟ هل تتمتع بعلاقات اجتماعية جيدة في البيئة المحيطة بك بعيداً عن الوسائل الإلكترونية؟ هل تستمتع بالوقت الذي تقضيه مع الأقران؟ هل تشعر بالحزن أو الاكتئاب بعد قضاء وقت طويل في الوجود السلبي على الإنترنت؟ هل هذه الوسائل توطد علاقتك بأصدقائك؟ في حالة الاختيار بين قضاء وقت على وسائل التواصل والخروج مع الأقران... أي الخيارين يتسبب في سعادة أكبر؟

وقامت الدراسة بتثبيت جميع العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً في تغيير النتيجة النهائية مثل الاختلاف في الجنس، والمستوى الاجتماعي، والأصل العرقي (42 في المائة من ذوي البشرة الملونة) وأيضاً بيئة السكن، ومستوى تعليم الوالدين.

الانغماس في العالم الافتراضي هو نتيجة مباشرة للمشكلات النفسية وليس سبباً لها

تعويض افتراضي للصداقة الحقيقية

وأظهرت النتائج أن المراهقين الذين تمتعوا بعلاقات صداقة حقيقية وحياة اجتماعية جيدة على أرض الواقع لم يعانوا من المشكلات النفسية، وكانوا في حالة رضا عن أنفسهم وتصالح مع الذات، ولم يعانوا من القلق والتوتر. وعلى النقيض من ذلك كان المراهقون الذين عانوا من عدم وجود صداقات جيدة في حياتهم أكثر عرضةً للإصابة بالمشكلات النفسية مثل القلق والتوتر والاكتئاب، على الرغم من أن ساعات الوجود على وسائل التواصل كانت على وجه التقريب مساويةً لبقية الأقران الذين لم يعانوا نفسياً، ما يوضح أن تأثير الصداقة تفوَّق على تأثير الوجود على الإنترنت لفترات طويلة.

وتبعاً للدراسة وخلافاً للتصور العام فإن المشكلة ليست في الفترات الطويلة التي يقضيها الأطفال والمراهقون على الوسائل الإلكترونية، ولكن المشكلة الحقيقية أن هذا الوقت الذي يتم إهداره على وسائل التواصل يُعدّ نتيجةً مباشرةً للمشكلات النفسية وليس سبباً لها؛ لأن الإحساس بالفراغ النفسي وافتقاد الصداقة الحقيقية هو الذي يدفع هؤلاء الأطفال للبحث الدائم عن الدعم النفسي حتى لو كان بطريقة افتراضية.

وحسب تصريحات «الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال (AAP)»، و«جمعية علم النفس الأميركية» فإن وسائل التواصل الاجتماعي ليست جيدةً أو سيئةً بحد ذاتها، ولكنها مجرد وسيلة مثل أي وسيلة أخرى للتعارف يمكن أن تكون لها تأثيرات إيجابية أو سلبية، أو دون تأثير على الإطلاق، تبعاً لعوامل عدة مثل الفروق الشخصية لكل مراهق، ومدى استخدامه لها مقارنة بالأنشطة الأخرى، ويعتمد ذلك أيضاً على محتوى هذه الوسائل وأسباب استخدامها.

في النهاية نصحت الدراسة الآباء والمسؤولين عن الصحة النفسية للمراهقين والأطفال، بحل المشكلة بطريقة عكسية، بمعنى تركيز الجهود على إيجاد طرق معينة لتعزيز العلاقات الاجتماعية للمراهقين بشكل عام بدلاً من التركيز فقط على الحد من استخدامهم وسائل التواصل الاجتماعي، مع تأكيد العلماء على درايتهم الكاملة بمشكلات وسائل التواصل الإلكترونية الخاصة مثل التنمر والابتزاز والعلاقات الخطيرة والتأثير على صورة الجسد؛ لأن التأثير النفسي الإيجابي المستمد من علاقة الصداقة يحمي المراهق من هذه المخاطر.

• استشاري طب الأطفال.