9 نقاط حول ضعف السمع المرتبط بتقدم السن

يصيب جميع الناس في حياتهم بدرجات متفاوتة وله علاقة بأمراض الشرايين

9 نقاط حول ضعف السمع المرتبط بتقدم السن
TT

9 نقاط حول ضعف السمع المرتبط بتقدم السن

9 نقاط حول ضعف السمع المرتبط بتقدم السن

قدم البروفسور فرانك ر. لين، أستاذ أمراض وجراحة الأنف والأذن والحنجرة، ومدير «مركز القوقعة للسمع» في كلية «جونز هوبكنز» للطب، مراجعة علمية متقدمة حول ضعف وفقدان السمع المرتبط بالسن Age-related Hearing Loss.

مراجعة علمية لمشكلات السمع

ووفق ما نُشر ضمن عدد 24 أبريل (نيسان) الماضي من مجلة «نيوإنغلاند جورنال أوف ميديسن» الطبية (N Engl J Med)، أفاد البروفسور لين في مستهل عرضه بالقول: «يؤثر فقدان السمع المرتبط بالسن، وبشكل تدريجي، على كل شخص خلال حياته. وتعتمد قدرة السمع لدى الشخص على «كفاءة عمل» القوقعة (Cochlea) في الأذن الداخلية (Inner Ear) التي تقوم بتشفير الأصوات (Encoding Sound) بدقة، وتحويلها إلى إشارات عصبية (Neural Signals)، ثم إرسالها إلى الدماغ. وفي منطقة قشرة الدماغ تتم بعد ذلك معالجة تلك الإشارات العصبية وفك تشفيرها، لتحويلها إلى معنى يفهم المرء منه الكلام الذي سمعه.

ويمكن للعمليات المرضية التي تحدث على أي مستوى من هذا المسار من الأذن إلى الدماغ، أن تؤثر سلباً على السمع. ولكن ضعف السمع المرتبط بالسن، والذي يشمل القوقعة، هو السبب الأكثر شيوعاً».

وتضمن عرض المراجعة الحديثة والمتقدمة حول ضعف السمع المرتبط بالسن، النقاط التالية:

1- يتميز فقدان السمع المرتبط بالسن بالضعف «التدريجي» في كفاءة عمل خلايا الشعر الحسية (Sensory Hair Cells) في الأذن الداخلية، نتيجة تناقص عددها بموت كثير منها. وهذه هي خلايا متخصصة مسؤولة بالأساس عن تشفير الصوت وتحويله إلى إشارات عصبية. ومن أهم خصائص هذه الخلايا أنها -على عكس الخلايا الأخرى في جميع أنحاء الجسم- لا يمكن لها أن تتجدد.

ويحصل تناقص تدريجي في عدد هذه الخلايا على مدار الحياة، وذلك بسبب التأثيرات التراكمية لكثير من العمليات والمؤثرات المسببة لأذاها. والتقدم في السن بحد ذاته يُعد أقوى عامل خطر لفقدان السمع المرتبط بالسن. كما أن لون البشرة الفاتح، بوصفه مؤشراً على مدى درجة تصبغ القوقعة (Cochlear Pigmentation) -نظراً لأن صبغة الميلانين (Melanin) تحمي القوقعة- وجنس الذكور، والتعرض للضوضاء، هي عوامل أخرى مهمة.

وهناك عوامل خطر أخرى لا يتم التنبه لها، مثل الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ومرض السكري، والتدخين، وارتفاع ضغط الدم. والتي جميعها يمكن أن تساهم في إصابة الأوعية الدموية الدقيقة (Microvascular Injury) في قوقعة الأذن الداخلية.

انخفاض حدّة السمع

2- بدءاً من مرحلة البلوغ المبكرة، تبدأ حدة السمع في الانخفاض تدريجياً؛ خصوصاً فيما يتعلق بالأصوات ذات الترددات الأعلى. ويزداد انتشار ضعف السمع المهم إكلينيكياً، طوال فترة الحياة.

وللتوضيح، يتضاعف تقريباً مقدار ضعف السمع لدى الشخص مع كل عقد من العمر، بحيث يعاني أكثر من ثلثي جميع البالغين الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً أو أكثر، من شكل من أشكال فقدان السمع المهم إكلينيكياً. وتشير الإحصائيات إلى أنه في عام 2019 بالولايات المتحدة، قُدر أن ما يقرب من 73 مليون شخص، أو واحداً من كل خمسة، يعانون من ضعف السمع. وأظهرت الدراسات الوبائية وجود ارتباطات بين فقدان السمع من جهة، وبين ضعف قدرات التواصل والتدهور المعرفي (Cognitive Decline) والخرف (Dementia) وارتفاع التكاليف الطبية، وغيرها من النتائج الصحية الضارة، من جهة أخرى.

وركزت الأبحاث الطبية على مدى العقد الماضي بشكل خاص، في فهم آثار فقدان السمع على التدهور المعرفي والخرف. ووفق الأدلة العلمية المتجمعة، خلصت لجنة «لانسيت» المعنية بالخرف في عام 2020 إلى أن فقدان السمع في منتصف العمر وما بعده، كان أكبر عامل خطورة «للإصابة بالخرف» يمكن تعديله (Modifiable Risk Factor)، وهو ما يمثل 8 في المائة من جميع حالات الخرف.

وتشمل الآليات الرئيسية التي من خلالها يُفترض أن فقدان السمع يزيد من مخاطر التدهور المعرفي والخرف، تلك الآثار الضارة لفقدان السمع في التسبب بضعف التشفير السمعي للصوت، وبالتالي على الشحن المعرفي في الذهن، وضمور الدماغ، والعزلة الاجتماعية.

3- يظهر فقدان السمع المرتبط بالسن في كلتا الأذنين بشكل تدريجي مع مرور الوقت، وبصفة خفية ودون ملاحظة أن ثمة أي حدث مُسبب واضح ويمكن تحديده. فهو يؤثر على مدى قوة سماع الأصوات، ومدى بيان وضوحها، وعلى قدرات التواصل اليومية للشخص. وغالباً لا يدرك الأشخاص الذين يعانون من ضعف السمع الخفيف، وجود ضعف السمع لديهم. وبدلاً من ذلك يعتقدون أن صعوبات السمع لديهم تعزى إلى أسباب خارجية (على سبيل المثال: عدم تحدث الآخرين بوضوح، أو وجود الضوضاء في الخلفية).

ولكن في المستويات الأعلى من فقدان السمع، قد يلاحظ الأشخاص بشكل متزايد أن ثمة مشكلة في وضوح الكلام حتى عند الوجود في البيئات الهادئة. كما يمكن أن يجدوا أن المحادثات في البيئات الصاخبة هي بالفعل مرهقة لهم، وذلك نظراً لازدياد الجهد الذهني الذي على دماغهم بذله لمعالجة إشارات الكلام غير الواضحة، وذلك نتيجة عدم معالجتها في قوقعة الأذن بشكل صحيح. وفي كثير من الأحيان، يكون أفراد أسرة الشخص هم أكثر من غيرهم إدراكاً أن الشخص لديه صعوبات في السمع.

تقييم مشكلات السمع

4- يتطلب تقييم مشكلات السمع لدى المريض فهم أن إدراك الشخص للسمع يعتمد على 5 مكونات:

- جودة الصوت الوارد. على سبيل المثال؛ لأن إشارة الكلام تصبح متدهورة في الغرف والصالات ذات الضوضاء الخلفية أو الصوتيات المترددة.

- التوصيل الميكانيكي للصوت من خلال الأذن الخارجية ثم الأذن الوسطى وصولاً إلى القوقعة (أي السمع التوصيلي «Conductive Hearing»).

- نقل الإشارة الصوتية (Acoustic Signal) إلى إشارة كهربائية عصبية (Neuroelectrical Signal) بواسطة القوقعة.

- نقل تلك الإشارات العصبية إلى الدماغ (أي السمع الحسي العصبي «Sensorineural Hearing»).

- فك تشفير الإشارة العصبية إلى معنى بواسطة قشرة الدماغ (أي المعالجة السمعية المركزية «Central Auditory Processing»).

وعندما يلاحظ المريض مشكلات في السمع، فإن السبب يمكن أن يكمن في أي من هذه المكونات. وفي كثير من الحالات يوجد أكثر من مكون من هذه المكونات المتسببة في تدهور السمع، قبل ظهور مشكلات السمع لدى الشخص.

5- الهدف من التقييم الإكلينيكي الأولي هو تقييم المريض بحثاً عن أشكال فقدان السمع التوصيلي؛ لأنها هي التي يمكن علاجها بسهولة، ثم البحث عن غيرها من أشكال فقدان السمع التي قد تستدعي مزيداً من التقييم من قبل طبيب أنف وأذن وحنجرة متخصص. وتشمل الأشكال التوصيلية لفقدان السمع التي يمكن علاجها بسهولة من قبل طبيب العيادات الأولية -أي التي لا تتطلب طبيباً مختصاً في أمراض الأذن والأنف والحنجرة- كلاً من التهاب الأذن الوسطى (Otitis Media)، وانحشار الصملاخ (Cerumen Impaction) (شمع الأذن). وهذه يمكن أن تكون واضحة على أساس التاريخ المرضي (على سبيل المثال، بداية حادة مع ألم في الأذن «Otalgia» وامتلاء سمعي «Aural Fullness» مع عدوى في الجهاز التنفسي العلوي) أو بتنظير الأذن (Otoscopy) بحثاً عن انحشار الصملاخ الكامل في قناة الأذن.

وبالمقابل، تشمل الأعراض والعلامات المصاحبة لفقدان السمع التي تتطلب مزيداً من التقييم أو التشاور مع طبيب الأنف والأذن والحنجرة، وجود تصريف سائل من الأذن، أو ملاحظة أن الفحص غير طبيعي بالمنظار، أو طنين الأذن المتواصل (Unremitting Tinnitus)، أو الدوار (Vertigo)، أو السمع المتقلب أو غير المتماثل، أو البداية المفاجئة لفقدان السمع دون دليل على وجود سبب توصيلي (على سبيل المثال، ضعف السمع المتوسط الناجم عن التهاب الأذن الوسطى). وتتيح التغييرات التكنولوجية الآن للبالغين إجراء اختبار ذاتي وتتبع سمعهم باستخدام الهاتف الذكي (www.hearingnumber.org)، وشراء أدوات مساعدة للسمع دون وصفة طبية. ويتماشى هذا النهج مع الاتجاهات الأوسع نحو تمكين المستهلكين بالمعرفة والخيارات للعمل على صحتهم دون وسيط طبي.

6- يعد فقدان السمع الحسي العصبي المفاجئ (SSNHL) أحد الأشكال القليلة لفقدان السمع التي تتطلب تقييماً عاجلاً من قبل طبيب الأنف والأذن والحنجرة (من الأفضل خلال 3 أيام بعد ظهور المرض). وذلك لأن التشخيص المبكر والتدخل العلاجي بأحد مشتقات الكورتيزون، قد يحسن فرص استعادة السمع. ويعد فقدان السمع الحسي العصبي المفاجئ حدثاً غير شائع نسبياً؛ حيث يبلغ معدل حدوثه سنوياً 1 من كل 10 آلاف شخص، ويحدث بشكل أكثر شيوعاً عند البالغين بسن 40 عاماً أو أكثر. وبالمقارنة مع فقدان السمع أحادي الجانب الناتج عن سبب توصيلي، فإن المرضى الذين يعانون من فقدان السمع الحسي العصبي المفاجئ غالباً ما يحصل لديهم فقدان حاد للسمع وغير مؤلم، وفي أذن واحدة، مما يؤدي إلى عدم القدرة شبه الكاملة على سماع أو فهم الكلام في الأذن المصابة.

معالجة حالات فقدان السمع

7- في الوقت الحاضر، لا توجد علاجات ترميمية (Restorative Therapies) ذات تأثيرات قصوى، لفقدان السمع المرتبط بالسن. ومصطلح «العلاج الترميمي» يُقصد به طبياً تحقيق أقصى مستوى من الأداء الوظيفي للعضو المريض، مما يمكِّن المريض من الاحتفاظ باستقلاليته في الاعتماد على نفسه بعد آثار المرض أو الإصابة. وهو يختلف تماماً عن العلاج التأهيلي (Rehabilitation Therapy).

ولذا حالياً تركز إدارة معالجة حالات فقدان السمع المرتبط بالسن على 3 جوانب: أولها هو حماية السمع وتقوية الاتصال. وتركز «استراتيجيات حماية السمع» على تقليل التعرض للضوضاء، عن طريق الابتعاد عن مصدر الصوت أو تقليل مستوى الصوت، واستخدام أجهزة حماية السمع (مثل سدادات الأذن) عند الحاجة.

وتتضمن «استراتيجيات تقوية الاتصال» تشجيع الأشخاص على أن يكونوا وجهاً لوجه، وعلى مسافة بعيدة عند التحدث، وتقليل الضوضاء في الخلفية. ويسمح الاتصال وجهاً لوجه للأذن باستقبال إشارة سمعية أكثر وضوحاً. كما يسمح الاتصال وجهاً لوجه للمستمع بإمكانية الوصول البصري إلى تعبيرات الوجه وحركات الشفاه التي يمكن أن تساعد في فك التشفير المركزي لإشارة الكلام.

فقدان السمع المرتبط بالسن يرتبط بالضعف «التدريجي» في كفاءة عمل خلايا الشعر الحسية

8- الجانب الثاني الذي تركز علية معالجة حالات فقدان السمع المرتبط بالسن، هو اعتماد استراتيجيات تحسين جودة الإشارة السمعية الواردة (أي التغلب على تأثيرات الضجيج في الخلفية الذي ينافس سمع أصوات الحديث بوضوح وفهمه).

والجانب الثالث هو استخدام تقنيات معينة على السمع، مثل مُعينات السمع (Hearing Aid) (السمّاعات)، وزراعة القوقعة الصناعية (Cochlear Implantation). والهدف هو زيادة وضوح إشارة الكلام وفهم معانيه والتفاعل معه من قبل الشخص، بدل انطوائه وابتعاده عن الاختلاط بالآخرين والتواصل معهم.

وتشير الأدلة المستمدة من الدراسات الإكلينيكية إلى أن استخدام المعينة السمعية يمكن أن يحسن التواصل ونوعية الحياة، وقد يقلل من تدهور وفقدان قدرات الإدراك الذهني في غضون 3 سنوات، لدى كبار السن المعرضين لخطر التدهور المعرفي والخرف.

9- لا يزال معدل انتشار استخدام المعينة السمعية أو زراعة القوقعة الصناعية بين الأشخاص الذين يمكنهم أن يستفيدوا من أي منهما (كما هو محدد على أساس نتائج فحص سمعهم) منخفضاً للغاية. وفيما بين الأشخاص الذين يعانون من ضعف السمع في الولايات المتحدة، يبلغ معدل انتشار استخدام المعينات السمعية أقل من 20 في المائة، ومعدل انتشار زراعة القوقعة الصناعية أقل من 5 في المائة.

وأسباب انخفاض معدل الاعتماد على هذه الاستراتيجيات العلاجية، هي بالفعل متعددة العوامل. وتشمل عوامل مثل: الوصمة «Stigma» أي: الشعور بأن تركيب السماعة شيء معيب، وضعف إمكانية الوصول إلى تلقي معالجات التدخلات السمعية وعدم القدرة على تحمل تكاليفها، وعدم قدرة تقنيات السمع على التعويض بشكل كامل عن تدهور التشفير المحيطي للصوت الناجم عن فقدان السمع المرتبط بالسن.

* استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)
صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)
TT

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)
صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة من مستشفى هيوستن ميثوديست، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة «Suprachoroidal space (SCS) injections»، للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين. وتدعم المبادئ التوجيهية، التي أعدتها مجموعة من الخبراء ونشرتها مجلة رتينا (Retina) التي تروِّج لتوحيد المعايير، التي تعد النهج المبتكر لتوصيل الأدوية المستهدفة لشبكية العين. وعلى الرغم من دراسة هذا النهج لسنوات عدة، إلا أنه لا يزال جديداً نسبياً في الممارسة السريرية. ويمثل الحيز فوق المشيميّة موقعاً بديلاً لتوصيل الأدوية بالحقن داخل الجسم الزجاجي التقليدي للعين.

يقول الدكتور شارلز وايكوف، أستاذ طب العيون السريري في مستشفى هيوستن ميثوديست والمؤلف الأول للدراسة: «أردنا أن نقدم لأطباء العيون خريطة طريق مفصلة لتوصيل الأدوية بأمان وفاعلية إلى الحيز فوق المشيمية في العين، وعلى الرغم من أنها مجموعة مهارات جديدة لكثير من الأطباء، فإنها تتمتع بإمكانات كبيرة للتوسع في المستقبل».

وتعد هذه التقنية طفيفة التوغل، جذابةً لأنها قادرة على توصيل الدواء بدقة وتقليل مخاطر الآثار الجانبية، ويمكن إجراؤها في عيادة خارجية. ويشير الدكتور وايكوف إلى أن الحيز فوق المشيمية، الذي يقع بين المشيمية (choroid) والصلبة (sclera) في جدار العين، موقع رئيسي لتدفق العنبة (uveoscleral outflow).

ويضيف د. وايكوف: « تتوسع هذه المساحة المحتملة المجاورة للمشيمية مع دخول السائل، وتعمل كمسار تصريف من مقدمة العين إلى مؤخرتها، مما يسهم في الحفاظ على الضغط داخل العين بشكل طبيعي». وعلى الرغم من أن الإجراء يتشابه مع الحقن داخل الجسم الزجاجي الأكثر استخداماً، حيث يتم توصيل الدواء مباشرةً إلى تجويف الجسم الزجاجي للعين، فإنه لا يسبب أي أعراض بصرية، كعوّامات أو اضطرابات بصرية أخرى.

وانعكست الدراسات السريرية المسبقة حول التوزيع والمتانة بشكل إيجابي على تقنيات حقن الحيز فوق المشيميّة. وأظهرت الاختبارات التي أجراها الباحثون على أعين الأرانب، أن حقن الحيز فوق المشيميّة بإمكانها دعم إمكانية التوافر البيولوجي للدواء في العين لفترات طويلة.

ويوضح د. وايكوف أن حيز المشيميّة ليس بالضرورة مساحة أكثر فاعلية لإجراء الحقن، إلا أنه مجرد مساحة مختلفة، مع آثار جانبية قد تكون أكثر ملاءمة لبعض العلاجات في بعض الظروف. ولإعداد الإرشادات التوجيهية الجديدة، استعرضت اللجنة العلمية الأدلة المنشورة الحالية والخبرات السريرية، لتحديد نقاط الإجماع بما في ذلك أفضل الممارسات في إعداد المريض، وإدارة ما قبل الحقن وما حوله، وتقنيات الحقن الخاصة بحيز فوق المشيميّة، وإدارة ما بعد الحقن ومتابعة المريض.

وخلصت المبادئ التوجيهية إلى أن الأدلة السريرية الحالية وخبرة الأطباء تدعم حقن الحيز فوق المشيميّة، بوصفها طريقة آمنة وفعالة لتقديم العلاجات الشبكية والمشيمية. كما يجري حالياً إجراء تجارب سريرية لمجموعة واسعة من العلاجات باستخدام حقن الحيز فوق المشيمية، بما في ذلك العلاجات الجينية والأدوية البطيئة الإطلاق لحالات شبكية العين الأخرى.

ويختم د. وايكوف قائلاً: «قد لا يزال حقن الحيز فوق المشيميّة منتجاً متخصصاً نسبياً في الوقت الحالي، ولكنه يتمتع بالقدرة على الاستخدام في علاج مزيد من أمراض الشبكية، ويفتح المجال لتقديم علاجات جديدة».