الرياضة للمتعة أولاً... قبل البطولة

دفع الأطفال والمراهقين لتحقيق طموحات كبرى يخلف أضراراً نفسية

الرياضة للمتعة أولاً... قبل البطولة
TT

الرياضة للمتعة أولاً... قبل البطولة

الرياضة للمتعة أولاً... قبل البطولة

على الرغم من أن ممارسة الرياضة في عمر مبكر تحمل كثيراً من الفوائد الصحية على المستويين النفسي والعضوي، فإن معاملة الأطفال الذين يمارسون أنواعاً مختلفة من الرياضات كما لو كانوا أبطالاً محترفين؛ خصوصاً في رياضات تنافسية، مثل السباحة، لها آثار ضارة على المستوى النفسي، تبعاً لأحدث تقرير نُشر في مجلة «The Conversation» مطلع شهر مارس (آذار) من العام الحالي، بتكليف من الهيئة الوطنية لإدارة رياضة السباحة في إنجلترا «national governing body for swimming in England»، وشارك في هذا التقرير 1000 من الرياضيين وذويهم ومدربيهم.

ضرر التركيز على الأرقام القياسية

وجد الباحثون أن التركيز على جودة الأداء الرياضي وتحطيم الأرقام القياسية، يكون الهدف الأساسي لمعظم المحيطين بالأطفال، سواء المدربون أو الأسرة أو الأصدقاء، مما يضع ضغوطاً نفسية عنيفة على الأطفال الذين يجيدون رياضة معينة تجعلهم يشعرون كما لو كانوا يقومون بأداء مهمة معينة، بعيداً عن الاسترخاء والمتعة.

وتحدث المشكلات عندما تصبح الهوية الأساسية للمراهق أو الطفل هي الهوية الرياضية، وليست هوية طفل. ويمكن أن يحدث هذا للأطفال في جميع الرياضات؛ خصوصاً التي تحقق جماهيرية كبيرة، بدءاً من الأطفال الذين يشاركون في الألعاب الرياضية، مثل السباحة وكرة القدم، في النوادي المحلية، وحتى الذين يتنافسون على المستوى الاحترافي (بعض أبطال العالم في كثير من الألعاب أقل من 18 عاماً).

تأثير سلبي للتمرينات العنيفة

شمل التقرير شهادات مختلفة من الأطفال الذين يمارسون السباحة، وكذلك من ذويهم، وأيضاً آراء بعض المدربين. وذكر أحد المراهقين في التقرير أن التركيز على أداء التمرينات العنيفة بشكل يومي متكرر أدى إلى شعوره بالمعاناة في حياته الاجتماعية، وكان له أثر سلبي على مستواه الأكاديمي. وقال إنه في كثير من الأحيان يمارس التمارين حتى يصبح غير قادر على الحركة على الإطلاق، أو حتى يصاب بالقيء من فرط الإجهاد، حتى يكون المدرب راضياً عنه.

أضرار انتفاء المتعة الرياضية

أوضح الباحثون أن الطريقة التي يتم بها تقديم الرياضة للأطفال على أنها مجال خصب للتنافس والتميز، وتصنيف الأطفال الذين يجيدون رياضة معينة على أنهم رياضيون ذوو أداء عالٍ، والضغط عليهم للتفوق، يمكن أن تدفع كثيراً من الأطفال إلى ترك الرياضة التي كانوا يرغبون فيها ويشعرون بالمتعة في ممارستها. كما تدفع الأطفال الذين يحققون نتائج عادية إلى الإقلاع عن ممارستها أيضاً، نتيجة لشعورهم بالفشل والتهميش، بسبب تركيز المدربين على الأبطال.

وأكدت الدراسة أن الرغبة الطبيعية في الفوز في المباريات أمر مفهوم تماماً، ولكن بالشكل الذي لا يمثل ضغطاً على نفسية الأطفال؛ خصوصاً أن بعض الآباء يتسببون في ذلك من دون قصد. وعلى سبيل المثال في شهادة بعض الآباء، قال أحدهم إن الهدف هو الفوز في السباق وليس الاستمتاع.

والحقيقة أن التركيز على النجاح الرياضي قبل كل شيء يمكن أن يضر بالصحة النفسية، من خلال بيئة شديدة الضغط؛ سواء في النادي أو المنزل، وفي سبيل التفوق على المنافسين يتم التساهل مع المعاملة السيئة من المدربين، مثل الصراخ والتعنيف اللفظي.

رياضات تحقق الأرباح

وحذَّرت الدراسة من خطورة هذه الطريقة في التعامل مع الأطفال، في الرياضات التي تحقق أرباحاً مادية بشكل خاص. وعلى سبيل المثال في أكاديميات وأندية كرة القدم، يُعد اللاعبون الصغار نجوماً محتملين، ومصدر دخل مادي كبير، وهو الأمر الذي يؤدي إلى تحويلهم إلى ما يمكن اعتباره «أصولاً مملوكة» (assets) لتحقيق أرباح في المستقبل. ومن ثم يتم التعامل معهم كما لو كانوا مجرد منتجات وليسوا أشخاصاً لديهم مواهب.

وأكد الباحثون على ضرورة احترام المرحلة العمرية للطفل، بغض النظر عن موهبته الرياضية، وعدم دفعه إلى النضوج المبكر «Accelerated adulthoods» وعدم الضغط عليه، وترك الفرصة لحدوث التطور النفسي الطبيعي الذي يأتي من تجارب الطفولة الخاصة.

منشطات ومكملات غذائية للرياضيين

هناك بعض الرياضيين المراهقين يتم دفعهم لتعاطي المنشطات الكيميائية والمكملات الغذائية التي لا تخضع للرقابة الطبية، في المسابقات العالمية، بغرض الفوز، مما يعرض صحتهم العضوية لخطر بالغ على المدى الطويل، مثل رياضة كمال الأجسام التي يتعاطى فيها اللاعبون أقراصاً عبارة عن هرمونات الذكورة، لزيادة حجم العضلات، ومنافسة لاعبين أكبر منهم في السن، مما يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة، مثل الفشل الكلوي لاحقاً؛ خصوصاً أن هذه الأدوية تكون غير مرخصة طبياً.

في النهاية، نصحت الدراسة الجميع، آباء ومدربين، بضرورة أن تكون ممارسة الرياضة للمتعة ونوعاً من الحياة الصحية، قبل أن تكون للبطولات.


مقالات ذات صلة

رئيس «الأولمبية» الأميركية يدعو لهدنة في ظل النزاع مع «وادا»

رياضة عالمية جين سايكس رئيس اللجنة الأولمبية والبارالمبية الأميركية (أ.ب)

رئيس «الأولمبية» الأميركية يدعو لهدنة في ظل النزاع مع «وادا»

دعا رئيس اللجنة الأولمبية والبارالمبية الأميركية الخميس الوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات والوكالات العالمية (الوادا) بالعمل معاً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية كايليب دريسل (أ.ب)

«أولمبياد باريس»: دريسل يسبح في المجهول باحثاً عن الماضي

بما أن ساعات الزمن لا تعود أبداً إلى الوراء، يدرك الأميركي كايليب دريسل أن مصطلح «مجرّد السباحة» لا مكان له في العالم الحالي ولن يكون مفتاحه.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
رياضة عالمية ترافيس تيجارت رئيس «الوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات» (أ.ف.ب)

«الوادا» ستضع الوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات قيد الامتثال

قالت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (الوادا) لـ«رويترز» إنها ستحيل الوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات إلى اللجنة المستقلة لمراجعة الامتثال الشهر المقبل.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية فيتولد بانكا رئيس الوكالة العالمية لمكافحة المنشّطات (رويترز)

رئيس «الوادا»: أميركا تخاطر بعزلتها رياضياً بسبب إجراءات أحادية في قضايا المنشّطات

قال فيتولد بانكا رئيس الوكالة العالمية لمكافحة المنشّطات (الوادا)، الأربعاء، إن الولايات المتحدة قد تجد نفسها معزولة عن الرياضة العالمية مع عواقب وخيمة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية محمد أمين قنيشي (الأولمبية التونسية)

المنشطات تبعد المصارع التونسي قنيشي عن أولمبياد باريس

قال مصدر مطلع لـ«رويترز» الأربعاء إن المصارع التونسي أمين قنيشي استبعد من أولمبياد باريس 2024 بعد إيقافه لمدة أربع سنوات بسبب المنشطات.

«الشرق الأوسط» (باريس )

من العصائر والشاي إلى الحقن... هل هناك أي فوائد لتطهير القولون؟

هل لتطهير القولون فوائد؟ (Science Photo Library)
هل لتطهير القولون فوائد؟ (Science Photo Library)
TT

من العصائر والشاي إلى الحقن... هل هناك أي فوائد لتطهير القولون؟

هل لتطهير القولون فوائد؟ (Science Photo Library)
هل لتطهير القولون فوائد؟ (Science Photo Library)

لطالما تم الترويج لتنظيف القولون بوصفه الحل لعدد لا يحصى من المشكلات الصحية، من التعب إلى فقدان الوزن وحتى مشكلات البشرة.

ويرى ممارسو الطب البديل أن إعادة ضبط الأمعاء من شأنها «تطهير» الجسم، مما يوفر فوائد صحية كبيرة من مكافحة الأمراض إلى تقليل خطر الإصابة بالسرطان، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «تلغراف» البريطانية.

ويعدد ممارسو الطب البديل فوائد تنظيف القولون وفق التالي:

تعزيز جهاز المناعة

زيادة الطاقة

إزالة السموم

تحسين الحالة المزاجية

المساعدة في إنقاص الوزن

تخفيف الانتفاخ والتقلصات والغازات

تحسين وظائف الكبد

تقليل خطر الإصابة بسرطان القولون

إذن ما هو الواقع؟

الحقيقة مختلفة إلى حد ما وفقاً لما نقل التقرير عن خبراء الصحة، فإن أجسامنا هي بحد ذاتها ممتازة لإزالة السموم، وما لم تكن تعاني من الإمساك و/ أو تحتاج إلى عناية طبية، فإن تطهير القولون لا يحقق الفوائد الصحية المثبتة التي يدعيها المؤيدون.

وفي هذا الإطار، قالت الدكتورة ميغان روسي، اختصاصية التغذية ومؤسسة عيادة صحة الأمعاء في لندن إن «تطهير القولون هو اتجاه لا يوجد دليل علمي يدعمه، ويمكن أن تكون له أيضاً عواقب سلبية. من الواضح أن حركة الأمعاء المنتظمة مفيدة وصحية لقولوننا ولكن الحاجة إلى التطهير لفترات طويلة، من خلال حمية العصير أو القولون أو طرق أخرى، لا تدعمها العلوم».

ما هو غسل القولون؟

هناك نوعان من غسل القولون. النوع الأول، يغسل القولون بكمية كبيرة من السائل، تصل إلى 60 لتراً. يتم ذلك باستخدام أنبوب يوضع في المستقيم.

النوع الثاني يسمى الحقنة الشرجية التي تستخدم كمية صغيرة من السائل. تطهير القولون الذي يُجرى لإزالة السموم يستخدم أحياناً بقايا القهوة والمحاليل العشبية بدلاً من الماء.

أهمية صحة الأمعاء

وشرح الدكتور أبهيناف فيبا، وهو طبيب عام متخصص في إدارة الإجهاد والتغذية، أن «القولون مهم بشكل خاص لأنه موطن لميكروبيوم أمعائنا الذي يتكون مما يقدر بنحو 39 تريليون خلية ميكروبية».

والقولون هو آخر 1.5 متر من الجهاز الهضمي. إنه المكان الذي يتم فيه صنع البراز، وهو جزء مهم من الجهاز الهضمي، ويطلق عليه أيضاً الأمعاء الغليظة، وفق روسي.

الميكروبات الموجودة في أمعائنا تخلق مركبات كيميائية تسمى المواد النشطة بيولوجياً، وتتفاعل هذه المركبات مع الدماغ والأعضاء والجهاز المناعي. يقول الدكتور جيمس كينروس، جراح في إمبريال كوليدج، وعالم ميكروبيوم ومؤلف كتاب «المادة المظلمة: العلم الجديد للميكروبيوم»، إن الأمعاء «تشبه مركز القيادة والتحكم في نظام المناعة بأكمله».

لا يمكن للأمعاء غير المتوازنة أن تؤدي فقط إلى حالات صحية في الأمعاء، مثل متلازمة القولون العصبي والانتفاخ ومرض كرون، ولكنها أيضاً عامل رئيسي في العديد من الأسباب الرئيسية للأمراض.

وقالت روسي: «بالنظر إلى العلم، نعلم الآن أن الميكروبيوم غير المتوازن مرتبط بأكثر من 70 حالة مزمنة مختلفة».

ترتبط الأمعاء غير المتوازنة أيضاً بحالات المزاج والصحة العقلية - يتم إنتاج 70 في المائة من هرمون السعادة السيروتونين في الأمعاء.

لذا، فمن الصحيح أن صحة الجهاز الهضمي تلعب دوراً حيوياً في صحتنا الجسدية والعقلية والعاطفية. ولكن ماذا عن الادعاء بأن القولون يحتاج إلى التطهير من أجل صحة هضمية مثالية، استناداً إلى فرضية مفادها أن النفايات الهضمية يمكن أن تكون سامة للجسم.

ما هو تطهير القولون؟

تطهير القولون هو ممارسة موجودة منذ آلاف السنوات وهناك طريقتان رئيسيتان:

- الري القولوني - الذي يغسل القولون بالسوائل لإزالة الفضلات

- طرق طبيعية يمكنك القيام بها بنفسك - مثل شرب الماء والنظام الغذائي

وقالت روسي: «إذا كانت حركة الأمعاء منتظمة، فهذا هو كل ما تحتاجه من تطهير القولون المناسب. ومع ذلك، إذا كنت تعاني من الإمساك، فإنني أقترح أولاً تناول نظام غذائي غني بالألياف، والذي يغذي بكتيريا الأمعاء لدينا. تنتج هذه البكتيريا، من بين أشياء أخرى، مواد كيميائية تقوي بطانة الأمعاء».

وأوضحت أن جسمك لديه نظام «تنظيف» خاص به لتطهير الأمعاء، يسمى المجمع الحركي المهاجر (MMC). إنه جزء أساسي من أي جهاز هضمي صحي، وهو مصمم لتحريك المواد. من خلال دفع الطعام والجزيئات الأخرى عبر الأمعاء، يحافظ المجمع الحركي المهاجر على انتظامك ويساعد في منع أي عدوى، مثل فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة.

طرق طبيعية لتطهير الأمعاء

الأطعمة الغنية بالألياف

تحفز الألياف تقلصات العضلات التي تحرك الطعام عبر القولون، وتزيل أي بقايا. إن تناول الكثير من الأطعمة النباتية والغنية بالألياف يحافظ على صحة بكتيريا الأمعاء.

الترطيب

تستخدم أمعاؤك الكثير من الماء - للتطهير والتزييت وامتصاص العناصر الغذائية. يمكنك تنظيم الهضم عن طريق شرب الكثير من الماء وتناول الأطعمة ذات المحتوى العالي من الماء. لقد ثبت أن شرب الماء الفاتر مفيد للهضم، على الرغم من الحاجة إلى المزيد من البحث.

الماء المالح

مرة أخرى هناك حاجة إلى المزيد من الأدلة، ولكن أظهرت دراسة أجريت عام 2010 أن شرب محلول ملحي فاتر على فترات منتظمة مع بعض وضعيات اليوغا، كان فعالاً في تطهير الأمعاء قبل تنظير القولون.

العصائر والصيام

يُروَّج للعديد منها على أنها تطهيرات رئيسية ويوصى بتناول السوائل فقط لبضعة أيام في كل مرة، ولكن مرة أخرى هناك القليل من الأدلة لدعم أي ادعاءات لتطهير القولون. يحذر معظم الخبراء الطبيين من التطهير بالعصير المقيد للغاية، حيث تشير الأبحاث إلى مخاطر صحية.

يمكن أن تكون عصائر الفاكهة النيئة قاسية على الكلى والكبد. إنها تشكل خطراً كبيراً على الأشخاص المصابين بأمراض مثل مرض السكري. تعد العصائر المخفوقة خياراً أفضل إذا كنت ترغب في تناول عصائر الفاكهة والخضراوات بهذه الطريقة، لأنها تحتفظ بكل الألياف والماء والعناصر الغذائية.

البروبيوتيك

وقالت روسي: «لقد حصلت على درجة الدكتوراه في البروبيوتيك والبريبايوتيك وأنا متحمس لتفنيد الكثير من الأساطير الموجودة هناك. في الأساس، لا يوجد بحث علمي يشير إلى أن تناول أي من منتجات البروبيوتيك الموجودة في السوق سيحسن صحة أمعائك العامة».

كما أشارت روسي إلى أن «البيانات الرصدية أظهرت أن الأشخاص الذين يتناولون الأطعمة المخمرة يبدو أنهم يتمتعون بصحة أمعائهم بشكل أفضل».

شاي الأعشاب

قد تساعد بعض الأنواع في تخفيف الإمساك وقد تساعد في صحة الجهاز الهضمي عبر القولون، على الرغم من الحاجة إلى مزيد من الأدلة. جرب شاي السنا والدردار الزلق والراوند. استشر الطبيب قبل تناول أي شاي طبي.