منجزات عظيمة لأدوية كبح الشهية الجديدة

تساعد في إنقاص الوزن والحدّ من السلوك الإدماني والقهري

منجزات عظيمة لأدوية كبح الشهية الجديدة
TT

منجزات عظيمة لأدوية كبح الشهية الجديدة

منجزات عظيمة لأدوية كبح الشهية الجديدة

يكاد يكون من المستحيل تجاهل الضجة المحيطة بالجيل الأحدث من الأدوية الخاصة بالسمنة التي بدأت شعبيتها تزداد بقوة، مع تواتر التقارير المذهلة عن معدلات فقدان الوزن في أوساط من يتناولون هذه الأدوية.

احتفاء «شعبي» بأدوية جديدة

على سبيل المثال، جرى الاحتفاء بدواء «سيماغلوتايد» Semaglutide -الذي جرى الترويج له بادئ الأمر باسم «أوزيمبيك» Ozempic لعلاج السكري، وجرى الترويج له لاحقاً باسم «ويغوفي» Wegovy لعلاج السمنة- باعتباره فتحاً كبيراً في مجال الدواء لقدرته على تحقيق متوسط فقدان في وزن الجسم يتراوح بين 15 في المائة و20 في المائة.

إلا أنه بدا واضحاً أن هذه الأدوية التي تتضمن داخل فئتها أدوية أخرى، وتحاكي هرموناً يفرز بشكل طبيعي يدعى «جي إل بي-1» GLP-1، ربما تحمل فوائد إضافية، تسهم في تخفيف الرغبة الشديدة في تناول أشياء أخرى بخلاف الطعام.

وقد أشار بعض الأشخاص ممن تناولوا «جي إل بي-1» إلى أنهم لاحظوا تراجعاً في اهتمامهم بأنماط السلوك الإدماني والقهري، مثل شرب الكحوليات والتدخين ولعب القمار والتسوق المفرط، وحتى قضم الأظافر.

وتستمع الدكتورة كارولين أبوفيان، مديرة مركز إدارة الوزن والعافية التابع لمستشفى «بريغهام آند ويمينز» بجامعة هارفارد، لشهادات مشابهة من مرضاها؛ خصوصاً فيما يتعلق بالرغبة الشديدة في تناول الكحوليات والحلوى.

والآن، ما السبب وراء ذلك؟ على ما يبدو، فإن أدوية «جي إل بي-1» التي تكبت الشهية وتعين الأشخاص على الشعور بالشبع، تعيق نشاط مسارات المكافأة في المخ. وعادة ما يجري تحفيز هذه المسارات بمواد مثل الطعام والكحول والنيكوتين، بجانب نشاطات ممتعة، مثل لعب القمار أو التسوق.

في هذا الإطار، أوضحت الدكتورة أبوفيان: «لسنا على ثقة كاملة من السبب؛ لكن هذه الأدوية تحدث تغييراً إيجابياً للغاية في السلوك. إن هذه أنباء سارة».

الأدوية الجديدة تقلل من السلوك الإدماني في لعب القمار

أبحاث مكثفة

تثمر أدوية «جي إل بي-1» بالفعل فوائد صحية مذهلة على المدى الطويل على أصعدة أخرى بخلاف فقدان الوزن؛ إذ قد يقلل «ويغوفي» مخاطر التعرض لمشكلات خطيرة في القلب، مثل الإصابة بنوبات قلبية والسكتة الدماغية بنسبة 20 في المائة، حسبما أعلنت الجهة المصنعة للدواء في أغسطس (آب) 2023.

وعلى ما يبدو، فإن التجربة التي شارك فيها 18 ألف شخص، تعد الأولى التي تظهر أن أدوية «جي إل بي-1» يمكن أن تحقق فوائد صحية تتعلق بالقلب لدى الأشخاص الذين يعانون من الوزن الزائد؛ لكنهم لا يعانون من مرض السكري.

* رصدت حالات الحدّ من شرب الكحول والتدخين ولعب القمار والتسوق المفرط*

وبدأت أبحاث أخرى في كشف النقاب عن إمكانات هذه الأدوية في كبت تعاطي الكحوليات والتدخين. وخلصت دراسة نُشرت في سبتمبر (أيلول) 2022 بدورية «جيه سي آي إنسايت- JCI Insight»، شملت 127 بالغاً، إلى أن الأفراد الذين يعانون من كل من السكري واضطرابات تعاطي الكحوليات، وجرى علاجهم باستخدام دواء «جي إل بي-1» يدعى «إكسيناتيد» exenatide («بييتا» Byetta، «بيدوريون» Bydureon)، تناولوا كميات أقل بكثير من أولئك الذين تناولوا دواء وهمياً.

بجانب ذلك، فإن الأشخاص الذين تناولوا «إكسيناتيد» أظهروا نشاطاً أقل بكثير في نشاط مراكز المكافأة في المخ، لدى عرض صور مشروبات كحولية عليهم، عندما كانوا يخضعون لفحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي.

إضافة لذلك، هناك تجربة صغيرة أخرى قيد التنفيذ تركز على 48 شخصاً يعانون من اضطراب تعاطي الكحول ممن يدخنون كذلك. وتهدف التجربة إلى تحديد ما إذا كان أولئك الذين يتلقون جرعات متزايدة من «سيماغلوتيد» على مدى شهرين سيتناولون الكحوليات ويدخنون بشكل أقل عن المشاركين الذين يتلقون حقنة «بلاسيبو».

وعبرت الدكتورة أبوفيان عن اعتقادها بأنه إذا أكدت الأبحاث الإضافية النتائج الأولية، فإننا سنشهد تزايداً في التدافع للحصول على هذه الأدوية. ومع ذلك، فمن المحتمل أن تستغرق موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية على استخدامات أخرى لأغراض غير مرض السكري والسمنة، عدة سنوات أخرى، وذلك بعد الانتهاء من التجارب السريرية الكبيرة. وأضافت: «أعتقد أننا سنلاحظ بالتأكيد مزيداً من الطلب الذي يشهد بالفعل ارتفاعاً هائلاً».

كبت الرغبات الشديدة

يمكن أن ينطوي نجاح أدوية «جي إل بي-1» في كبت مجموعة من الرغبات الشديدة، على وجود دليل على أن الإدمان وأنماط السلوك القهري تنبع من اضطرابات بالمخ، وليس من الافتقار إلى الإرادة، حسبما شرحت الدكتورة أبوفيان.

وقالت: «هل هذا إخفاق أخلاقي؟ علينا التخلص من تلك الوصمة. الفكرة الأساسية الكبرى هنا أن كل هذه الأمور هي أمراض».

وتقترح الدكتورة أبوفيان حال اهتمامك بتناول واحد من هذه الأدوية لكبت إدمان أو أحد أنماط السلوك القهري، باتباع الخطوات التالية:

اسعَ للحصول عليها. إذا كنت تواجه صعوبة في التخلص من السمنة ولا تتناول دواء «جي إل بي-1». ربما حان الوقت للبدء في تناوله. وأضافت الدكتورة أبوفيان: «بالتأكيد بمقدور شخص يعاني من السمنة، وكذلك من سلوك قهري تجاه الكحوليات أو القمار أو التدخين، تناول واحد من هذه الأدوية للتعامل مع السمنة، وبعد ذلك ربما يستفيد من تأثيرات أخرى للدواء».

ابحث عن بدائل أرخص. قد يكون «ويغوفي» وأدوية «جي إل بي-1» الجديدة الأخرى مكلفة وغير متوفرة بقدر كبير. إلا أن أدوية «جي إل بي-1» من الجيل الأول التي نالت الموافقة لاستخدامها في علاج السكري أو السمنة، بما في ذلك «دولاغلوتيد» dulaglutide («تروليسيتي» Trulicity) و«ليراغلوتايد» liraglutide («ساكسيندا» Saxenda)، ربما سيجري بيعها باعتبارها أدوية عامة خلال العام المقبل، الأمر الذي سييسر الحصول عليها بدرجة كبيرة.

وعن ذلك، قالت الدكتورة أبوفيان: «من الصعب التحلي بالصبر؛ لكن بعض أدوية (جي إل بي-1) أقل تكلفة، أو ربما ستصبح ذلك قريباً».

* رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة»- خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

كيف يمكن الحصول على «فيتامين د» من أشعة الشمس بأمان؟

صحتك كيف يمكن الحصول على «فيتامين د» من أشعة الشمس بأمان؟

كيف يمكن الحصول على «فيتامين د» من أشعة الشمس بأمان؟

يُطلق على «فيتامين د» «فيتامين أشعة الشمس»؛ نظراً لأن الجسم يمتصه نتيجة التعرض لأشعة الشمس التي تعد المصدر الطبيعي له.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك صورة لوجبة صحية من بيكسباي

7 عادات يومية لتحسين صحة أمعائك وتعزيز قدرتك العقلية

على الرغم من أن الأمعاء لا تكتب الشعر أو تحل مسائل الرياضيات فإنها تحتوي على ثروة من الخلايا العصبية مشابهة للدماغ.

كوثر وكيل (لندن)
صحتك أشخاص يمارسون تمارين (رويترز)

كيف يمكن أداء تمارين التمدد بشكل مفيد؟

تساعد تمارين التمدد في جعل الجسم أكثر مرونة، وتحسن من حركة المفاصل، وتسبب شعوراً بالارتياح. وتختلف الآراء بشأن توقيت أداء تلك التمارين... هل الأفضل قبل أو…

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
صحتك تتنافس الألمانيتان لينا هينتشيل وجيت مولر في نهائي مسابقة الغطس المتزامن للسيدات 27 يوليو (د.ب.أ)

3 اختلافات مهمة بينك وبين الرياضي الأولمبي

بينما لا تتنافس من أجل الحصول على ميدالية، يمكنك التعلم من أولئك الذين يفعلون ذلك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يصيب سرطان الفم نحو 8800 شخص في المملكة المتحدة كل عام (أرشيفية - رويترز)

دراسة: بكتيريا الفم «تذيب» بعض أنواع السرطان

في اكتشاف علمي مذهل وجد الباحثون أن نوعاً شائعاً من بكتيريا الفم يُعرف بـ«الفوسوباكتيريوم» يمكنه إذابة بعض أنواع السرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)

دراسة: بكتيريا الفم «تذيب» بعض أنواع السرطان

دراسة: بكتيريا الفم «تذيب» بعض أنواع السرطان
TT

دراسة: بكتيريا الفم «تذيب» بعض أنواع السرطان

دراسة: بكتيريا الفم «تذيب» بعض أنواع السرطان

في اكتشاف علمي مذهل، وجد الباحثون أن نوعاً شائعاً من بكتيريا الفم يُعرف بـ«الفوسوباكتيريوم» يمكنه إذابة بعض أنواع السرطان، حسبما أفادت به صحيفة «الغارديان».

وكشف العلماء في مستشفى «جاي وسانت توماس» وكلية «كينغز» في لندن، عن أن هذه البكتيريا تلعب دوراً حاسماً في تحسين نتائج المرضى الذين يعانون من سرطان الرأس والعنق.

وفقاً للدراسة، الأشخاص الذين يعانون من سرطان الرأس والعنق ويحتوي سرطانهم على بكتيريا «الفوسوباكتيريوم»، لديهم نتائج أفضل بشكل ملحوظ.

وأوضح الدكتور ميغيل ريس فيريرا، المؤلف الرئيسي للدراسة والمستشار في سرطان الرأس والعنق، «أن وجود هذه البكتيريا داخل السرطان يمكن أن يساهم في تدمير الخلايا السرطانية».

وأشار فيريرا إلى أن الفريق كان مفاجأً بشدة لاكتشاف أن «الفوسوباكتيريوم»، الذي يوجد عادة في الفم، يمتلك القدرة على قتل بعض أنواع السرطان في مزرعة الخلايا.

وأضاف: «نكتشف حالياً الآليات البيولوجية الدقيقة وراء هذا الارتباط، ونتطلع إلى نشر ورقة بحثية جديدة قريباً».

تفاصيل الدراسة وأهميتها

قام العلماء بنمذجة لتحديد البكتيريا المثيرة للاهتمام لمزيد من التحقيق، ثم درسوا تأثير البكتيريا على الخلايا السرطانية في المختبر. كما قاموا بتحليل بيانات 155 مريضاً بسرطان الرأس والعنق من قاعدة بيانات أطلس جينوم السرطان، ووجدوا أن هناك تقليلاً بنسبة 70 في المائة إلى 99 في المائة في عدد الخلايا السرطانية القابلة للحياة بعد الإصابة ببكتيريا «الفوسوباكتيريوم».

تأثيرات إيجابية غير متوقعة

في بداية الدراسة، توقع الأكاديميون نتائج مختلفة؛ نظراً لربط «الفوسوباكتيريوم» سابقاً بتقدم سرطان الأمعاء، ولكنهم وجدوا أن وجود هذه البكتيريا في سرطانات الرأس والعنق كان مرتبطاً بتقليص بنسبة 65 في المائة من خطر الوفاة.

وقال فيريرا: «كان اكتشافاً مذهلاً عندما وجدنا أن هذه البكتيريا تقتل السرطان بسرعة كبيرة في غضون بضعة أيام».

آفاق جديدة للعلاج

يأمل الباحثون أن يؤدي هذا الاكتشاف إلى توجيه العلاج وتحسينه للمرضى الذين يعانون من سرطان الرأس والعنق، وأعرب الخبراء عن أملهم في أن يساهم هذا الاكتشاف في تطوير علاجات جديدة وفعالة لسرطان الرأس والعنق، خصوصاً مع التقدم العلاجي المحدود في هذا المجال خلال السنوات الـ20 الماضية.

ويعد هذا الاكتشاف خطوة هامة نحو فهم أفضل لعلاقة البكتيريا بالسرطان وتطوير استراتيجيات علاجية مبتكرة، مما يفتح آفاقاً جديدة في مكافحة هذا المرض الخطير وتحسين فرص البقاء للمرضى.