تطورات حديثة في رعاية مرضى السرطان

مجموعات دوائية جديدة من مثبطات المناعة

تطورات حديثة في رعاية مرضى السرطان
TT

تطورات حديثة في رعاية مرضى السرطان

تطورات حديثة في رعاية مرضى السرطان

شهدنا خلال السنوات الأخيرة تحولاً لافتاً في مشهد الرعاية الصحية، على المستوى العالمي، وخاصة مع تطور أدوية مثبطات المناعة، التي تُعد اليوم من الأدوية عالية الفاعلية. وقد أحدث هذا النوع من العلاج ثورة في رعاية مرضى الأورام مقارنة بالبدائل الأخرى. وباتت هذه الأدوية تستخدم لعلاج عدد من الأمراض، وحصلت هذه المجموعات الدوائية على ما يزيد على 195 ترخيصا منذ عام 2012 حتى يومنا هذا.

ومقارنة بالبدائل الأخرى، نجحت هذه المجموعة الدوائية بزيادة نسبة النجاة من المرض وتقليل الأعراض الجانبية، كما رفعت من فترات بقاء المريض من دون أعراض جانبية وحسنت من جودة حياة المرضى، وترتفع فاعليتها مع استخدام علاجات ثانوية.

وسوف نتعرف هنا ما يجب معرفته عن هذه المجموعة من الأدوية، وما تأثيراتها، وكيفية عملها، وكيف يتقبلها المريض، وما التوقعات عند تناول دواء مثبط للمناعة.

د. احمد الغامدي

خيارات علاجية جديدة

التقت «صحتك» الدكتور أحمد علي الغامدي، أستاذ مشارك في اقتصاديات الصحة بكلية الصيدلة بجامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية، حول تطور رعاية مرضى السرطان في السنوات الخمس الماضية، وتحديداً مع إطلاق خيارات علاجية جديدة، وعن آخر تطورات العلاج المناعي ومثبطات نقاط التفتيش المناعية المعتمدة. وأجرينا معه الحوار التالي:

* بداية، كيف تختلف مثبطات PD - 1 -PD - L1 عن الخيارات العلاجية الأخرى للسرطان؟ مع توضيح آلية عملها وأنواع الأورام الفعالة في معالجتها؟

- أجاب د. أحمد الغامدي: يوجد في جسم الإنسان بعض البروتينات التي تسمى بروتين موت الخلية المبرمج 1 (PD - 1) وبروتين «الموت المنفرد المبرمج 1» (PD - L1). وعند مرضى الأورام، تهاجم هذه البروتينات جسم المصاب، وتتسبب في استمرار إنتاج الخلايا السرطانية. وتعمل هذه المجموعة الدوائية على منع هذه البروتينات التي توجد على سطح الخلايا المناعية من الارتباط بمستقبلاتها على سطح الخلايا المناعية، وبالتالي تقلل من التفاعل المناعي، وتدمير الخلايا الذي يعاني منه مرضى السرطان.

وفي دراسة حديثة، أثبتت مثبطات PD - 1 -PD - L1 قدرتها على علاج العديد من الأورام، ويمكن استخدامها لعلاج سرطان الجلد، الرئة، الثدي، الكبد، الكلى، المثانة، الرحم، وغيرها.

* بالنسبة لهذه الدراسة الحديثة، ما الذي يميزها في رأيكم، وما أهميتها؟

- أفاد الدكتور الغامدي بأن الدراسة الحديثة تتميز بكونها فريدة من نوعها في المملكة العربية السعودية والشرق الأوسط، وهدفت بشكل أساسي إلى دراسة التأثيرات الاقتصادية والصحية المحتملة لأدوية مثبطات المناعة على ميزانيات القطاعات الصحية في المملكة العربية السعودية.

وما يعزز أهمية هذه الدراسة أن النتائج المتوقعة تأتي في ظل مرحلة مهمة للأنظمة الصحية على مستوى المملكة والعالم؛ حيث نشهد ارتفاعاً في أعداد مرضى الأورام والوفيات الناتجة عن هذه الأمراض، مصحوبة بارتفاع في الأعباء الاقتصادية المترتبة على ذلك. فعادة ما يصاحب الارتفاع بأعداد المرضى زيادة مقابلة في الطلب على خدمات الرعاية الصحية، وتوفير خدمات طبية لهؤلاء المرضى. وقد يؤدي ذلك إلى عجز ميزانيات الدول على تلبية احتياجات المرضى، خاصة مع التطور الذي يشهده القطاع الصحي فيما يخص أدوية الأورام، التي قد تكون مكلفة للغاية.

والهدف من هذه الدراسة يتمثل في توفير رؤى ومعلومات قيّمة لصانعي القرار، وبالتالي وضع أفضل السياسات الممكنة لتوفير الأدوية الفعالة والآمنة والإسهام بتحسين جودة حياة المرضى بتكاليف مناسبة.

* ما الذي عزز الحاجة إلى نموذج دراسة التأثير الصحي؟

- يقول الدكتور الغامدي إننا نشهد اليوم تقدماً علمياً ملحوظاً في اكتشاف وتطوير أدوية الأورام؛ حيث تعددت الخيارات العلاجية لمختلف الأورام، التي انعكست في الحد من ارتفاع معدلات الإصابة والوفيات التي باتت تشكل عبئاً اقتصادياً وإكلينيكياً من خلال الإنفاق المستمر على علاج المرضى. إلا أن هذه الخيارات الدوائية الجديدة عالية التكلفة، وتلقي على كاهل الدول ارتفاعاً في الإنفاق.

ومع هذا التطور الهائل، ينبغي على صناع القرار ضمان التوزيع الأمثل للموارد. وهنا تنبع أهمية البحث لدراسة الوضع الراهن، وتوفير التصور الأمثل لاستخدام الموارد، مع وجود شكوك حول مدى قدرة الميزانيات الحكومية على تحمل تكاليف هذه الأدوية مع ارتفاع معدلات الإصابة، كما وفرت الدراسة تصورات لمستقبل مشهد القطاع الصحي على الصعيد الاقتصادي والصحي في ظل زيادة الإنفاق على العلاجات المناعية.

اختبارات دوائية على الأورام

* ما المصادر التي تم استخدامها لاستخلاص نتائج الدراسة؟

- فضلاً عن اعتمادنا في هذه الدراسة على العديد من المصادر، فقد اختبرنا أثر مثبطات PD - 1 -PD - L1 على 11 نوعاً من الأورام، من منظور مقدمي خدمات الرعاية، على سبيل المثال، وضعنا تصوراً للتكاليف المتوقعة من منظور وزارة الصحة، وقمنا بدراسة أثر هذه التكاليف على مدى 5 سنوات.

وللوصول إلى النتائج الدقيقة، اعتمدنا على عدة مصادر، منها ما هو عالمي. وشمل ذلك دراسات سريرية لمثبطات المناعة، وعلى معدلات النجاة والحياة باستخدام هذه المجموعة الدوائية، وفترات عدم تطور المرض، ومعدلات التحسن في جودة الحياة خلال وجود المرض والشفاء منه. كما اعتمدنا على المصادر التي تعنى بالأعراض الجانبية لهذه الأدوية. أما محلياً، فاستخدمنا بيانات إحصائية خاصة بمعدلات الإصابة والوفيات للمرضى الذين سيباشرون في استخدام هذا النوع من الأدوية. كما اعتمدنا على الحصة السوقية للسوق الدوائية لهذه الأدوية ومن ضمنها مثبطات المناعة.

كما درسنا التكاليف المباشرة المصاحبة لاستخدام مثبطاتPD - 1 -PD - L1 المستخدمة في الـ11 نوعاً من الأورام، وأيضا التكاليف غير المباشرة الناتجة عن الإصابة، مثل تكاليف تقليل ساعات العمل للموظف المصاب بالمرض، وأثرها على الاقتصاد المحلي، والمصدر الأخير الذي لجأنا له في هذه الدراسة كان رأي الخبراء المشاركين في الدراسة، الأمر الذي ضمن لنا تقديم أفضل تصور للبيانات الإكلينيكية أو الاقتصادية، وذلك في حال تعذر الوصول إلى بيانات محلية أو عالمية.

نتائج ومردودات

* ما أبرز النتائج السريرية التي يمكنك تسليط الضوء عليها؟

- أظهرت مثبطات المناعة PD - 1 -PD - L1 قدرة على مقاومة مرض السرطان، ومن خلال هذه الدراسة، استطعنا الوصول إلى تصور مستقبلي لتطور المرض. إذ تشير الدراسة التي شملت 6557 مريضا ممن تلقوا هذه الأدوية، إلى ارتفاع في معدلات بقاء المرضى على قيد الحياة بما يعادل 6 أشهر لكل مريض، وذلك مقارنة بالبدائل العلاجية الأخرى، كما وجدنا انخفاضا في الأعراض الجانبية بنسبة 22 في المائة، وتحسناً بجودة الحياة بنسبة 23 في المائة، وزيادة في الفترة التي يقضيها المريض من دون أعراض جانبية بنسبة 52 في المائة.

* ما أهمية الدراسة من الناحية الاقتصادية؟

- أشار الدكتور الغامدي إلى أن نتائج الدراسة اعتمدت على البيانات التي تم الحصول عليها من مصادر محلية، وأتاحت لنا إمكانية توقع الأثر الاقتصادي للمرض للأعوام الخمسة المقبلة. ونعتقد أنه بزيادة الإنفاق المباشر إلى ما يقارب 460 مليون ريال على مثبطات المناعة PD - 1 -PD - L1 سترتفع معدلات الأعمار لمستقبلي هذه العلاجات، إلى جانب تقليل الأعراض الجانبية وزيادة فترة عدم حدوث أي مضاعفات، وبالتالي تحسين جودة حياة المريض، ما يوفر للمرضى فرصة ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.

- إضافة إلى ذلك، سيصاحب استخدامَ هذه المجموعة الدوائية انخفاض كبير في تكلفة معالجة الأعراض الجانبية والتكلفة غير المباشرة على المرضى والمجتمع بما يتجاوز 10 ملايين ريال. وبناء عليه ستكون على صانع القرار الموازنة بين الإنفاق والأثر الطبي، والنظر فيما لو كانت مبررة، مقارنة بالمكاسب المرجوة منها.

* أخيرا، ما الاستنتاج الرئيسي الذي يمكننا استخلاصه من الدراسة؟ وما تأثيرها المحتمل على مشهد صنع القرار؟ وكيف يتوافق هذا مع رؤية القطاع الصحي بالسعودية؟

- وجدت الدراسة أن استخدام مثبطات PD - 1 -PD - L1 سيكون له أثر اقتصادي كبير، ومن الممكن أن يسهم في الحد من الهدر الدوائي، وتقليل التكاليف غير المباشرة التي ترتبط بقدرة المريض على ممارسة حياته بشكل طبيعي، وفي ظل رؤية «المملكة 2030»، نشهد تحول القطاع الصحي من الكم إلى النوع، وذلك بالاعتماد على القيمة. ويشمل كذلك العمل على تحسين النتائج السريرية لكل الأمراض بما في ذلك أمراض الأورام التي تعد أولوية مهمة.

- وفي سبيل تحقيق هذه المستهدفات، ينبغي النظر في البدائل العلاجية التي قد تساهم في تقليل الإصابات والوفيات الناتجة عن هذه الأمراض والارتقاء بجودة حياة المرضى، وهنا تكمن أهمية الدراسة، إذ إنها توفر لصناع القرار رؤى واضحة للقيمة المضافة المتوقعة من استخدام مثبطات PD - 1 -PD - L1.

مثبطات المناعة أثبتت فاعليتها وقدرتها على علاج العديد من الأورام

استخدامات وآثار جانبية

* استخدامات أخرى مهمة للأدوية المثبطة للمناعة:

- علاج رفض الأعضاء المزروعة

الأدوية المثبطة للمناعة بشكل عام هي فئة من الأدوية التي تعمل على تثبيط أو تقليل قوة الجهاز المناعي في الجسم. وإلى جانب استخدامها في علاج السرطانات، فإن بعض هذه الأدوية تُستخدم لتقليل احتمالية رفض الجسم للعضو المزروع، مثل الكبد أو القلب أو الكلى. وتسمى هذه الأدوية «الأدوية المضادة للرفض».

- علاج اضطرابات المناعة الذاتية

غالباً ما تُستخدم الأدوية المثبطة للمناعة الأخرى لعلاج اضطرابات المناعة الذاتية مثل الذئبة والصدفية والتهاب المفاصل الروماتويدي.

في حالة الإصابة بأحد أمراض المناعة الذاتية، يهاجم الجهاز المناعي أنسجة الجسم نفسه. ولأن الأدوية المثبطة للمناعة تضعف الجهاز المناعي، فإنها تثبط رد الفعل هذا. وهذا يساعد على تقليل تأثير أمراض المناعة الذاتية على الجسم.

تشمل أمراض المناعة الذاتية التي يتم علاجها بالأدوية المثبطة للمناعة: الصدفية – الذئبة - التهاب المفصل الروماتويدي - مرض كرون - التصلب المتعدد - داء الثعلبة.

- الآثار الجانبية للأدوية المثبطة للمناعة

الأدوية المثبطة للمناعة (Immunosuppressive drugs) أو العوامل المثبطة للمناعة هي تلك الأدوية التي تمنع نشاط الجهاز المناعي ويتم استخدامها ضمن مرحلة العلاج المثبط للمناعة. ولا تخلو هذه الأدوية من الآثار الجانبية والمخاطر، مثلها في ذلك مثل باقي الأدوية.

- لأن غالبية هذه الأدوية تعمل بشكل غير انتقائي (act non - selectively)، فإن الجهاز المناعي يكون أقل قدرة على مقاومة العدوى وانتشار الخلايا الخبيثة.

- هناك أيضاً آثار جانبية أخرى، مثل ارتفاع ضغط الدم، واضطراب شحوم الدم، وارتفاع السكر في الدم، والقرحة الهضمية، وإصابة الكبد والكلى.

- ومن جانب آخر، تتفاعل الأدوية المثبطة للمناعة أيضاً مع أدوية أخرى وتؤثر على استقلابها وعملها.

- يمكن تقييم العوامل المثبطة للمناعة الفعلية أو المشتبه بها من حيث تأثيرها على مجموعات الخلايا الليمفاوية الفرعية في الأنسجة باستخدام الكيمياء المناعية.

* استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

كيف يمكن أداء تمارين التمدد بشكل مفيد؟

صحتك أشخاص يمارسون تمارين (رويترز)

كيف يمكن أداء تمارين التمدد بشكل مفيد؟

تساعد تمارين التمدد في جعل الجسم أكثر مرونة، وتحسن من حركة المفاصل، وتسبب شعوراً بالارتياح. وتختلف الآراء بشأن توقيت أداء تلك التمارين... هل الأفضل قبل أو…

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
صحتك تتنافس الألمانيتان لينا هينتشيل وجيت مولر في نهائي مسابقة الغطس المتزامن للسيدات 27 يوليو (د.ب.أ)

3 اختلافات مهمة بينك وبين الرياضي الأولمبي

بينما لا تتنافس من أجل الحصول على ميدالية، يمكنك التعلم من أولئك الذين يفعلون ذلك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يصيب سرطان الفم نحو 8800 شخص في المملكة المتحدة كل عام (أرشيفية - رويترز)

دراسة: بكتيريا الفم «تذيب» بعض أنواع السرطان

في اكتشاف علمي مذهل وجد الباحثون أن نوعاً شائعاً من بكتيريا الفم يُعرف بـ«الفوسوباكتيريوم» يمكنه إذابة بعض أنواع السرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هل لتطهير القولون فوائد؟ (Science Photo Library)

من العصائر والشاي إلى الحقن... هل هناك أي فوائد لتطهير القولون؟

لطالما تم الترويج لتنظيف القولون بوصفه الحل لعدد لا يحصى من المشكلات الصحية، من التعب إلى فقدان الوزن وحتى مشكلات البشرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)

أوروبا ترفض دواء لألزهايمر وافقت عليه أميركا بسبب أعراضه الجانبية

اتخذت وكالة الأدوية الأوروبية أمس (الجمعة) قراراً برفض دواء لداء ألزهايمر في الاتحاد الأوروبي؛ لأنه غير آمن.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تقنية واعدة لتجديد الغضاريف في 3 أيام

أنتجت خلايا الغضروف البشرية المعالجة مزيداً من الكولاجين الثاني (نورث وسترن)
أنتجت خلايا الغضروف البشرية المعالجة مزيداً من الكولاجين الثاني (نورث وسترن)
TT

تقنية واعدة لتجديد الغضاريف في 3 أيام

أنتجت خلايا الغضروف البشرية المعالجة مزيداً من الكولاجين الثاني (نورث وسترن)
أنتجت خلايا الغضروف البشرية المعالجة مزيداً من الكولاجين الثاني (نورث وسترن)

نجحت استراتيجية علاجية جديدة وضعها باحثون من جامعة نورث وسترن الأميركية، في تنشيط الجينات اللازمة لتجديد الغضاريف التالفة، في 3 أيام فقط.

قال صامويل آي ستوب، الذي قاد الدراسة المنشورة، الجمعة، في «مجلة الجمعية الكيميائية الأميركية»: «تهدف العلاجات الحالية إلى إبطاء تقدُّم المرض أو تأجيل عملية استبدال المفصل».

وأضاف خبير الطبّ النانوي التجديدي، وأستاذ الهندسة الطبية الحيوية في الجامعة: «لا خيارات تجديدية، لأنّ البشر لا يمتلكون القدرة على تجديد الغضروف في مرحلة البلوغ».

ووفق الدراسة، يمكن للمرضى الذين يعانون هشاشة العظام الشديدة، أن تتآكل الغضاريف لديهم لدرجة أن المفاصل تتحوّل بشكل أساسي إلى عظم فوق عظم؛ أي من دون وسادة بينهما. وليس هذا مؤلماً بشكل لا يُصدَّق فحسب، بل إنّ تلك المفاصل لا تكون قادرة على العمل بشكل صحيح. في هذه المرحلة، يصبح العلاج الفعال الوحيد هو جراحة استبدال المفصل، وهي عملية مُكلفة وتتطلّب تدخلاً جراحياً.

وتُعدّ هشاشة العظام «مرضاً تنكسياً» تتحلّل فيه الأنسجة في المفاصل بمرور الوقت، وهي مشكلة صحّية شائعة وسبب رئيسي للإعاقة. وبدءاً من عام 2019، كان نحو 530 مليون شخص حول العالم يعانون هشاشة العظام، وفقاً لـ«منظّمة الصحّة العالمية».

وكان باحثو جامعة نورث وسترن قد ابتكروا، في نوفمبر (تشرين الثاني)، 2021 علاجاً جديداً قابلاً للحقن، يستغل ما يُعرف بـ«الجزيئات الراقصة» سريعة الحركة لإصلاح الأنسجة وعكس الشلل، بعد إصابات شديدة في النخاع الشوكي.

والآن طبَّقت المجموعة البحثية نفسها الاستراتيجية العلاجية عينها على خلايا الغضروف البشرية التالفة. وفي الدراسة الجديدة، وجد الباحثون أنه مع زيادة الحركة الجزيئية، زادت فاعلية العلاج أيضاً. وبعبارة أخرى، كانت حركات «الرقص» للجزيئات حاسمة لتحفيز عملية نمو الغضروف.

وقال ستوب، في بيان عبر موقع الجامعة: «عندما لاحظنا للمرّة الأولى التأثيرات العلاجية للجزيئات الراقصة، لم نجد ما يمنع من تطبيقها على الحبل الشوكي فقط».

وأضاف: «لاحظنا التأثيرات نفسها في نوعين من الخلايا منفصلَين تماماً بعضهما عن بعض؛ خلايا الغضروف في مفاصلنا والخلايا العصبية في دماغنا وخلايا الحبل الشوكي. وهذا يجعلني أكثر ثقة في أننا ربما اكتشفنا ظاهرة علمية يمكن أن تنطبق على عدد من الأنسجة الأخرى».

وتتألّف الجزيئات الراقصة، المُبتكَرة سابقاً في مختبر ستوب، من عشرات إلى مئات الآلاف من الجزيئات التي تُشكّل معاً أليافاً نانوية صناعية تحمل إشارات قوية للخلايا. ومن خلال ضبط حركتها الجماعية وفق بنيتها الكيميائية، اكتشف ستوب أنه يمكنها العثور بسرعة على المستقبلات الخلوية بالجسم، والتفاعل معها بشكل صحيح. فبمجرّد دخولها إليه، تصبح قادرة على التواصل مع الخلايا الطبيعية.

وشدّد على أنه «بعد 3 أيام، أنتجت الخلايا البشرية الطبيعية المعرَّضة للتجمّعات الطويلة من الجزيئات الراقصة الأكثر حركة، كميات أكبر من مكوّنات البروتين اللازمة لتجديد الغضروف».

وأضاف: «بالنسبة إلى إنتاج أحد المكوّنات الأساسية في مصفوفة الغضروف، والمعروف باسم الكولاجين الثاني، كانت الجزيئات الراقصة أكثر فاعلية من البروتين الطبيعي الذي يؤدّي هذه الوظيفة».