استشارات

استشارات
TT

استشارات

استشارات

التصلب المتعدد والخلايا الجذعية

• ابنتي عمرها 22 سنة، وتم تشخيص إصابتها بمرض التصلب المتعدد بعد إصابتها بـ«كوفيد - 19»، وتم تأكيد التشخيص بالأعراض التي لديها، وبالتصوير بالرنين المغناطيسي. وكانت الأعراض تشمل قلة التركيز وعدم القدرة على التواصل مع الآخرين والنسيان والتعب الشديد وأخيراً ضعف البصر. وتعالَج الآن بأدوية تعديل المناعة وأدوية الستيرويد. هل العلاج بالخلايا الجذعية يمكن يشفي أو يحدّ من تطور المرض خصوصاً في المراحل الأولى؟

ر.ن - بريد إلكتروني

- هذا ملخص أسئلتك عن مرض التصلّب المتعدد، وآفاق العلاج المستقبلية لهذا المرض. ولاحظي معي تسلسل النقاط التالية:

. التصلب المتعدد مرض عصبي بالدرجة الأولى، ومن المحتمل أن يسبب نوبات من الإعاقة في أجزاء من الجهاز العصبي المركزي (أي الدماغ والحبل النخاعي). والأمر الذي يحصل خلاله، هو مهاجمة جهاز المناعة لطبقة الميالين، التي تعد «غمد حماية»، وتغطي الألياف العصبية. وبالتالي يحصل تلف في هذه الطبقة.

. اضطراب عمل جهاز المناعة هو الآلية الرئيسية لحصول هذا المرض، وذلك عند مهاجمة بعض مكونات جهاز المناعة وتدميرها للمواد الدهنية التي تغطي الألياف العصبية في الدماغ والحبل النخاعي (طبقة الميالين). وللتوضيح، كما تشير مصادر طب الأعصاب، تُشبِه مادة المايلين المادة العازلة التي تغطي الأسلاك الكهربائية. وعند تلف طبقة المايلين الواقية وانكشاف الألياف العصبية، قد يبطئ وصول الرسائل العصبية التي تنتقل عبر هذه الألياف العصبية أو تُحجب كلياً.

. هذا التلف الذي يعتري تلك الطبقة يتسبب بأمرين رئيسيين: الأول، هو إعاقة سهولة وسرعة الاتصال فيما بين الدماغ وبقية الجسم (العينين، القدمين، وغيرها). والآخر، هو نشوء تلف أو تدهور دائم في الألياف العصبية. ولذا تختلف أعراض الإصابة بمرض التصلب المتعدد من مريض لآخر، بناءً على موضع تلف الألياف العصبية وشدته في الجهاز العصبي المركزي. كما قد تتفاوت استمرارية الإصابة بالإعاقات العصبية، وذلك بين نوبات «انتكاس» ثم «تعافٍ» لفترات طويلة دون ظهور أي أعراض، أي ما يُعرف بالتصلب المتعدد «الناكس الهاجع»، وبين تضرر متواصل.

. لا يزال من غير الواضح طبياً بدقة، كيف يؤثر أي نوع من العدوى الميكروبية التي تُصيب المريض، على معدل بدء الإصابة أو تطور هذه الإعاقات العصبية، سواء كانت العدوى فيروسية أو بكتيرية. كما لا يُعرف أصلاً أي سبب مُحدد للإصابة بالتصلب المتعدد. وأيضاً من غير الواضح السبب وراء إصابة بعض الأشخاص بمرض التصلب المتعدد وعدم إصابة آخرين به. ولكن يبدو أن هناكَ تركيبة من العوامل الوراثية والبيئية مسؤولة عن هذا الأمر.

. هناك عوامل قد تزيد من احتمالات الإصابة بالتصلب المتعدد. ومنها أنه بالمقارنة، أعلى في الفترة ما بين 20 و40 عاماً من العمر. كما ترتفع نسبة إصابة النساء بمقدار مرتين إلى ثلاث مرات مقارنةً بالرجال. وللتاريخ العائلي أيضاً دور ملحوظ. كما ترتبط مجموعة متنوعة من الفيروسات بمرض التصلب المتعدد. ولكن بالنسبة إلى «كوفيد - 19» لا يزال الأمر غير واضح. ويضيف بعض المصادر الطبية أن مرض التصلب المتعدد أكثر شيوعاً في البلدان ذات المناخ المعتدل، بما في ذلك كندا وشمال الولايات المتحدة ونيوزيلندا وجنوب شرقي أستراليا وأوروبا. كما يرتبط وجود مستويات منخفضة من فيتامين «دي» وعدم التعرض لأشعة الشمس بما يكفي، ارتباطاً وثيقاً بارتفاع خطر الإصابة بمرض التصلب المتعدد.

. صحيح أنه لا يتوفر «علاج شافٍ» للتصلب المتعدد حتى اليوم، أي علاج يزيل المرض كلية من الجهاز العصبي. ولكن هناك علاجات متعددة أثبتت جدواها العالية في سرعة التعافي من نوباته، وفي تعديل مسار المرض، وكذلك السيطرة على أعراضه، وتبطئ مضاعفات المرض، وتُمكن بشكل متفاوت بين المرضى من السيطرة على أعراضه.

. الأعراض قد تكون خفيفة لدى البعض إلى درجة عدم الحاجة إلى علاج. ولكن خلال نوبات «الانتكاس» لدى المريض، أي ظهور الأعراض العصبية والمعاناة منها، فإن الطبيب يصف أدوية الكورتيكوستيرويدات، لتهدئة اضطراب نشاط جهاز المناعة، ولتخفيف حدة عمليات الالتهابات التي تعتري الأعصاب. ووفق نصيحة الطبيب المعالج، منها ما يُوصف ليُتناول عن طريق الفم، ومنها ما يُعطى عبر الوريد. ويتابع الطبيب أي آثار جانبية لهذه الأدوية. مثل الأرق وارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستويات الغلوكوز في الدم وتقلبات المزاج واحتباس السوائل.

. إذا كانت الأعراض جديدة وشديدة، أو لم تستجب للستيرويدات، قد يلجأ الطبيب إلى العلاج بطريقة فصد البلازما. أي إزالة الجزء السائل من جزء من الدم (البلازما) ويُفصَل عن خلايا الدم. وبعد ذلك، تُخلَط خلايا الدم بمحلول بروتين (الألبومين) وتُعاد إلى جسم المريض.

. هناك في المقابل علاجات تهدف إلى الحدّ من «تفاقم المرض». منها ما يُستخدم لحالات التصلب المتعدد الناكس الهاجع، ومنها ما هو مفيد لحالات مرض التصلب المتعدد المتفاقم الثانوي. ومنها أيضاً ما هو متوفر لمرض التصلب المتعدد المتفاقم الأولي. ويبقى الأساس، هو أن أغلب الاستجابات المناعية المرتبطة بالتصلب المتعدد يحدث في المراحل المبكرة من المرض. ولذا يمكن أن يؤدي العلاج المكثف بهذه الأدوية في أقرب وقت ممكن، إلى خفض معدل الانتكاس، وإبطاء تكوين أضرار جديدة وفي أماكن جديدة من الجهاز العصبي. وأيضاً وفق ما تفيد به مصادر طب الأعصاب، ربما تُقلل من خطر ضمور الأعصاب وتراكم الإعاقة.

. تجدر ملاحظة أن هذه المجموعة من «المعالجات المُعدلة للمرض»، وإن كانت تتطور سريعاً، وأنواعها متعددة، فإن لها آثاراً جانبية. ولذا يُدقق الطبيب في اختيار العلاج المناسب لحالة المريض، اعتماداً على عدة عوامل واعتبارات محددة. وهي ما تتضمن مدة الإصابة بالمرض وشدته، وفاعلية علاجات التصلب المتعدد الأخرى، والمشكلات الصحية الأخرى، والتكلفة. ولا مجال للاستطراد في عرض أنواعها، لأن ذلك يتم بالمناقشة بين الطبيب والمريض لعرض أفضل ما هو ملائم لحالة المريض، والآثار الجانبية المحتملة، وكيفية مراقبة مدى ظهورها.

. أما ما سألتي عنه تحديداً، عن زراعة الخلايا الجذعية لعلاج حالات التصلب المتعدد، فوفق ما تشير إليه مصادر طب الأعصاب، فإن زراعة الخلايا الجذعية بالأساس، هي علاج يعمل على تدمير الجهاز المناعي للشخص، ثم استبدال خلايا جذعية سليمة مزروعة به. وتُطرح كثيراً كـ«أمل» لمعالجة عدة حالات مَرضية.

وفي حالات التصلب المتعدد، لا يزال الباحثون يدرسون ما إذا كان هذا العلاج يمكن أن يقلل الالتهاب لدى الأشخاص المصابين بالتصلب المتعدد، وهل بالفعل يساعد على «إعادة ضبط» جهاز المناعة أم لا.

ولكن تجدر ملاحظة أن هذه الوسيلة العلاجية، وإن كانت تُجرى في بعض مناطق العالم، لا تعد وسيلة علاجية لـ«إزالة المرض» أو الشفاء منه بالمطلق، بل لا تزال تُصنف ضمن المُعالجات المُعدّلة لمسار المرض. كما أنها لا تزال حتى اليوم ضمن التجارب الإكلينيكية التي تُجرى ويُنتظر نتائجها، ولا تزال وسيلة علاجية «مُحتملة» الفائدة. ولم يتم اعتماد أي شكل من أشكال العلاج بالخلايا الجذعية، بشكل خاص من إدارة الغذاء والدواء الأميركية، لعلاج التصلب المتعدد. ولذا تجدر مناقشة الأمر مع الطبيب المعالج للحالة، ومعرفة مدى توفر إمكانية الاستفادة منها وكيفية ذلك واحتمالات نجاحها.


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة تكشف عن مخاطر صحية لعدم انتظام مواعيد النوم

صحتك انتظام النوم قد يكون أكثر أهمية من مدة النوم الكافية (أرشيفية- رويترز)

دراسة جديدة تكشف عن مخاطر صحية لعدم انتظام مواعيد النوم

أفادت دراسة جديدة بأن الأشخاص الذين لا يلتزمون بمواعيد النوم المنتظمة، معرضون لخطر الإصابة بالسكتة الدماغية والنوبات القلبية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)

صداقات «السوشيال ميديا» تعزز الثقة بالنفس

منصات التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً أساسياً من حياة كثيرين (رويترز)
منصات التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً أساسياً من حياة كثيرين (رويترز)
TT

صداقات «السوشيال ميديا» تعزز الثقة بالنفس

منصات التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً أساسياً من حياة كثيرين (رويترز)
منصات التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً أساسياً من حياة كثيرين (رويترز)

توصلت دراسة أميركية حديثة إلى أن جودة الصداقات عبر الشبكات الاجتماعية يمكن أن تسهم في تقليل الشعور بالوحدة، وتعزيز احترام الذات، والثقة بالنفس، مما يقلل من مخاطر الاكتئاب.

وأوضح باحثو جامعة أركنساس في الدراسة التي نُشرت نتائجها، في دورية «Telematics and Informatics»، أن الصداقات الرقمية قد تساعد في كسر الحواجز الاجتماعية، وتشجيع التفاعل الاجتماعي الواقعي. ورغم الانتقادات التي تشير إلى أن هذه العلاقات الافتراضية أقل عمقاً مقارنة بالعلاقات الواقعية، أظهرت الدراسة أن الصداقات المبنية على الاهتمامات المشتركة والدعم المتبادل، يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي كبير على الصحة النفسية.

وقد شملت الدراسة مسحاً لآراء 1500 مشارك، تابع الباحثون أكثر من نصفهم بعد مرور 6 أسابيع. وهدفت إلى دراسة تأثير جودة الصداقات على تقدير الذات الدائم والشعور بالوحدة، مع التمييز بين تقدير الذات الدائم الذي يُعد أكثر استقراراً، وتقدير الذات المؤقت الذي يتغير تبعاً للمواقف، مثل الحصول على إعجاب على منشور في وسائل التواصل الاجتماعي.

وطُلب من المشاركين تقييم عبارات مثل «أنا شخص ذو قيمة»، و«أعتقد أن لدي صفات جيدة» على مقياس من 5 نقاط، بالإضافة إلى استبيانات حول شعورهم بالعزلة أو الاستبعاد، خلال الأسبوع الماضي.

وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين شعروا بالقرب والرفقة مع أصدقائهم عبر الشبكات الاجتماعية، شهدوا زيادة ملحوظة في احترام الذات، وهو ما انعكس على تقليل مستويات الوحدة لديهم. واستمر التحسن بعد مرور 6 أسابيع. وكانت هذه التأثيرات أكثر وضوحاً لدى الفئات السنية بين 18 و39 عاماً، بينما كانت أقل تأثيراً على الأفراد الذين تجاوزت سنهم 50 عاماً. وبيَّنت الدراسة أن الأفراد الأكبر سناً قد لا يعدُّون الصداقات الرقمية مكملة للعلاقات الواقعية، مما يجعل تأثيرها أقل إيجابية عليهم.

وأكد الباحثون أن استخدام الشبكات الاجتماعية بطرق إيجابية وموجهة نحو بناء علاقات ذات جودة عالية، يمكن أن يقلل من الشعور بالعزلة الاجتماعية، مما يساهم في تقليل مخاطر الانتحار. واقترح الباحثون الانضمام إلى مجموعات رقمية تهتم بمواضيع غير سياسية قائمة على الاهتمامات المشتركة، مثل تشجيع فريق رياضي معين، أو ممارسة هوايات، كالمشي في الطبيعة أو الزراعة أو مراقبة الطيور. وأشاروا إلى أن هذه الأنشطة يمكن أن تساعد في توسيع الروابط الاجتماعية وتعزيز التفاعل الواقعي، مما يُعزز من الشعور بالرفقة والتقارب.

تجدر الإشارة إلى أن منصات التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً أساسياً من حياة كثيرين؛ حيث تتيح وسيلة فعّالة للتواصل وبناء علاقات اجتماعية، رغم البعد الجغرافي.