«العمال الكردستاني» قَبِل دعوة أوجلان.. والكرة في ملعب إردوغان

الحزب يريد «ضمانة»... وتحذيرات من «تسميم» العملية

نساء كرديات في ديار بكر جنوب شرقي تركيا يعبرن عن ابتهاجهن بدعوة أوجلان لحل العمال الكردستاني (إ.ب.أ)
نساء كرديات في ديار بكر جنوب شرقي تركيا يعبرن عن ابتهاجهن بدعوة أوجلان لحل العمال الكردستاني (إ.ب.أ)
TT

«العمال الكردستاني» قَبِل دعوة أوجلان.. والكرة في ملعب إردوغان

نساء كرديات في ديار بكر جنوب شرقي تركيا يعبرن عن ابتهاجهن بدعوة أوجلان لحل العمال الكردستاني (إ.ب.أ)
نساء كرديات في ديار بكر جنوب شرقي تركيا يعبرن عن ابتهاجهن بدعوة أوجلان لحل العمال الكردستاني (إ.ب.أ)

فتح إعلان حزب العمال الكردستاني قبول دعوة زعيمه السجين في تركيا، عبد الله أوجلان، لحله وإلقاء أسلحة جميع المجموعات المرتبطة به الباب أمام تساؤلات عما سيأتي بعد ذلك.

وأعلن الحزب، في بيان أصدرته لجنته التنفيذية، وقف إطلاق النار مع تركيا، اعتباراً من 1 مارس (آذار)، استجابة لدعوة تاريخية لإلقاء السلاح وحل الحزب وجَّهها زعيمه عبد الله أوجلان من زنزانته بسجن إيمرالي في بحر مرمرة، غرب تركيا، الخميس الماضي، في خطوة رحَّب بها الرئيس رجب طيب إردوغان.

وجاء في بيان اللجنة التنفيذية للحزب أنه «من أجل المضي قدماً، وامتثالاً لدعوة القائد (آبو) - لقب أوجلان لدى الأكراد ويعني العم - المتمثلة في السلام والمجتمع الديمقراطي، نعلن وقفاً لإطلاق النار اعتباراً من السبت».

وأضاف البيان الذي نقلته وسائل إعلام قريبة من الحزب أننا «نتفق مع مضمون الدعوة المذكورة بشكل مباشر، ونعلن أننا سنلتزم بمتطلباتها، وننفذها من جانبنا. لكن، مع ذلك، لا بد من ضمان تحقيق الظروف السياسية الديمقراطية والأرضية القانونية أيضاً لضمان النجاح».

استجابة مشروطة

وقال البيان: «لن تقوم أي من قواتنا بتنفيذ عمليات مسلحة، ما لم تُشَنّ الهجمات ضدنا، كما أن تحقيق قضايا مثل وضع السلاح، لا يمكن أن يتم إلا بالقيادة العملية للقائد آبو (أوجلان)».

وشددت اللجنة التنفيذية على وجوب «ضمان تحقيق الظروف التي تمكَّن عبد الله أوجلان من العيش والعمل بحرية جسدية، وأن يكون له اتصال مع كل من يريد، بمن في ذلك رفاقه، دون عوائق. ونأمل أن تفي مؤسسات الدولة المعنية بمتطلبات ذلك».

السياسي الكردي أحمد تورك يقرأ بيان أوجلان الذي يظهر في الخلفية مع وفد إيمرالي - 27 فبراير 2025 (موقع حزب الديمقراطية والمساواة)

وأضافت اللجنة: «لقد قمنا حتى الآن بإدارة الحرب، رغم كل الأخطاء وأوجه القصور، ولكن القائد (آبو) هو الوحيد القادر على إدارة حقبة السلام والمجتمع الديمقراطي».

وفي البيان، تم تفسير دعوة أوجلان على أنها «بيان العصر»، وتم وصف البيان بأنه «ليس نهاية، بل بداية جديدة تماماً».

مسؤولية البرلمان والحكومة

ورحَّب حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، المؤيّد للأكراد، الذي قاد عمليه الحوار مع إردوغان من خلال وفده الذي عُرِف إعلامياً باسم «وفد إيمرالي»، بإعلان «العمال الكردستاني» وقف إطلاق النار.

وقالت نائبة الرئيس المشارك للمجموعة البرلمانية للحزب، جولستان كيليتش كوتشيغيت، في مقابلة تلفزيونية: «حقيقة أنهم أعلنوا وقف إطلاق النار، من جانب واحد، وصرحوا للرأي العام بأنهم لن يفعلوا أي شيء سوى الدفاع المشروع، بصرف النظر عن أي صراع ساخن، إشارة واضحة وصريحة إلى أنهم سيضعون الخطوة موضع التنفيذ بسرعة، وهو أمر جيد للغاية».

نائبة رئيس المجموعة البرلمانية لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» جولستان كيلتش كزتشيعيت (موقع الحزب)

وأكدت كوتشيغيت ضرورة الإسراع بإنشاء آلية «حتى يشعر الجميع بأن هذه العملية خاصة بهم، وهذا السلام هو سلامهم، وهذا الحل هو حلُّهم، وسيكونون قادرين على قول كلمتهم وتقديم اقتراحاتهم».

ورأت كوتشيغيت أن التطورات تلقي بالمسؤولية أيضاً على البرلمان، وعليه أن يتخذ خطوات سريعة، ويتحمل مسؤوليته في هذه القضية.

وتعليقاً على تصريح المتحدث باسم «حزب العدالة والتنمية» الحاكم، عمر تشيليك، الذي قال فيه إنه يجب على كل الجماعات المسلحة الكردية في العراق وسوريا، بما في ذلك «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، نزع سلاحها، عدَّت كوتشيغيت أن هذا «الرد الصارم يوضح أن تحقيق السلام سيكون معركة شاقة». وأضافت: «إذا تعاملت الحكومة بأكملها مع القضية من هذا المنظور، فإن تقدُّم العملية سيكون صعباً للغاية».

موقف إردوغان

بدَّد الرئيس رجب طيب إردوغان، قليلاً، المخاوف من موقفه من العملية التي بدأت مع أوجلان، على غرار ما فعل في عام 2015، عندما أعلن عدم اعترافه بمفاوضات السلام الداخلي، وحل المشكلة الكردية التي شاركت فيها الحكومة، معلناً أنه لا توجد مشكلة كردية في تركيا.

وعدَّ إردوغان دعوة أوجلان حزب العمال الكردستاني لإلقاء السلاح وحلّ نفسه «فرصة تاريخية». وأكد أن أنقرة «ستراقب عن كثب»، لضمان أن تصل المحادثات إلى «نهاية ناجحة»، محذراً من أي استفزازات.

إردوغان اعتبر دعوة أوجلان «فرصة تاريخية» (الرئاسة التركية)

وقال إردوغان: «عندما تتم إزالة ضغط الإرهاب والسلاح، فإن مساحة السياسة في الديمقراطية ستتسع بشكل طبيعي. لدينا فرصة تاريخية للتقدُّم نحو هدف تدمير جدار الإرهاب».

ورأى إردوغان، في كلمة، خلال فعالية في إسطنبول، أن بلاده «دخلت مرحلة جديدة خالية من الإرهاب، بعد دعوة أوجلان حزبه لإلقاء السلاح، وحل نفسه»، لافتاً إلى أن هذه المرحلة بدأت بمبادرة شجاعة من شريكه في «تحالف الشعب»، رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهشلي، و«تقدَّمت بموقفنا الحازم».

مبادرات سابقة لأوجلان

منذ سجن أوجلان، في يونيو (حزيران)، عام 1999. بعد اعتقاله في نيروبي (15 فبراير من العام ذاته)، جرت محاولات عدة لإنهاء النزاع بين «العمال الكردستاني» والدولة التركية، الذي خلَّف أكثر من 40 ألف قتيل، منذ إعلان الحزب تمرُّده المسلح عام 1984.

ففي أغسطس (آب) 1999، دعا أوجلان الحزب لإعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد والانسحاب من الأراضي التركية، وهو ما تم بالفعل، وجرى الالتزام به إلى حدٍّ ما حتى عام 2004؛ حيث شهدت تلك الفترة انخفاضاً في منسوب العمليات المسلحة.

وأعلن حزب العمال الكردستاني، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2003، أنه لم يعد يتبنى أجندة انفصالية، بل أصبح مستعداً للعمل ضمن حدود الدول القومية في الشرق الأوسط. وحدثت انشقاقات داخلية داخل الحزب، وغادر أكثر من ألف عضو صفوفه احتجاجاً على النزاعات الداخلية بين قياداته.

وكان من بين المنشقين عثمان أوجلان، الشقيق الأصغر لعبد الله أوجلان، الذي أعلن عن توجُّه إصلاحي جديد يتناقض مع السياسات التي كان الحزب يتبناها سابقاً.

وفي أبريل (نيسان) 2004، قرَّر الاتحاد الأوروبي إدراج الحزب ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية، واتبعت الولايات المتحدة الخطوة نفسها لاحقاً في العام؛ حيث أصدرت قرارات بتجميد أصول الحزب حول العالم.

وأعلن الحزب، في يونيو (حزيران)، من العام ذاته، إنهاء وقف إطلاق النار الذي التزم به منذ عام 1999، مستأنفاً هجماته ضد القوات التركية؛ ما دفع أنقرة إلى تكثيف عملياتها العسكرية في المناطق الحدودية لملاحقة المسلحين وإحباط أي تهديدات محتملة.

حشود من الأكراد في القامشلي شمال شرقي سوريا تعبر عن ابتهاجها بدعوة أوجلان لحل العمال الكرستاني (أ.ف.ب)

وأعلن أوجلان، في بيان من سجنه عام 2005، تحوُّل حزب العمال الكردستاني إلى حزب سياسي يدعو إلى الحكم الذاتي بدلاً من الاستقلال التام، في محاولة لإيجاد تسوية مع الحكومة التركية.

وفي عام 2009، أطلقت الحكومة التركية، برئاسة إردوغان، عمليةً سِيمَت بـ«الانفتاح الديمقراطي»، استهدفت تعزيز الحقوق الثقافية والسياسية للأكراد، وفتح قنوات حوار، أعقبها في 2010 طرح «حزمة حقوق الإنسان»، بهدف إزالة العقبات المتعلقة باستخدام اللغة الكردية والحقوق الثقافية، وسُمح لقنوات تلفزيونية خاصة ببث برامجها بالكردية ولغات أخرى، كما تم تخفيف عدد نقاط التفتيش الأمنية في شرق وجنوب شرقي تركيا، وسُمِح للجامعات بإنشاء مؤسسات ومراكز بحثية بلغات غير التركية، في خطوة نحو المزيد من التعددية الثقافية.

وقوّض تصعيد الهجمات من جانب «العمال الكردستاني»، في 2011، جهود عملية الحل السياسي، وبدأ جهاز المخابرات التركي، في عام 2012، محادثات مباشرة مع أوجلان في سجنه؛ حيث جرى التفاوض حول إمكانية وقف إطلاق النار والبحث عن حل سياسي.

ووجَّه أوجلان نداء، خلال احتفالات «نوروز»، عام 2013، دعا فيه مقاتلي الحزب إلى وقف إطلاق النار والانسحاب من الأراضي التركية إلى شمال العراق، وعدّ ذلك نقطة تحول في الأزمة الكردية التركية؛ حيث تم الإعلان عن بداية مرحلة جديدة من المفاوضات استمرت حتى عام 2015.

وبعد انهيار آخر جولة محادثات في عام 2015، لم يُجرَ أي اتصال آخر لاستئنافها، حتى بادرت الحكومة التركية إلى هذه العملية، عبر حليفها، دولت بهتشلي، الذي أطلق مبادرة للحوار مع أوجلان في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2024.

جانب من مفاوضات الحكومة التركية مع وفد إيمرالي (أرشيفية - رويترز)

بيان مختلف

في بيانه الذي أصدره الخميس الماضي، أكد أوجلان أن الحاجة إلى مجتمع ديمقراطي لا مفرَّ منها، وأنه لا يمكن للدول القومية المنفصلة، ​​والاتحادات الفيدرالية، والحكم الذاتي الإداري، والحلول الثقافية، التي هي النتائج الحتمية للحركة القومية المتطرفة، أن تكون بمثابة إجابة على علم اجتماع المجتمع التاريخي.

ولم يتم إدراج ذلك في نداءات ودعوات السلام السابقة التي وجَّهها أوجلان إلى حزب العمال الكردستاني، ومن اللافت أن دعوة أوجلان الأخيرة لا تستبعد الفيدرالية أو الحكم الذاتي فحسب، بل حتى الحكم الذاتي الإداري من كونه نموذجَ حلٍّ بديل.

ووصف نائب حزب العدالة والتنمية الحاكم عن مدينة ديار بكر، كبرى مدن جنوب شرقي تركيا ذات الغالبية الكردية، غالب أنصاري أوغلو، دعوة أوجلان، بـ«المعقولة للغاية»، إذ أكد أن الأسلحة والعنف لم يعد لهما أي شرعية، ولهذا السبب يقول أيضاً: «هناك طريقتان: إما أن ينتهي النشاط المسلح بالقوة، أو بالإنهاء الطوعي».

وورد في نص بيان أوجلان، المعنون بـ«دعوة للسلام والمجتمع الديمقراطي»، أن «احترام الهويات، وحرية التعبير، والتنظيم الديمقراطي، والهياكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تستند إليها جميع الفئات لا يمكن أن يتحقق إلا بوجود مجتمع ديمقراطي ومجال سياسي».

ويرى خبراء أن هذه النتائج تخلق صورة «متناقضة»، في دعوة لا تتضمن اقتراحات مثل الفيدرالية والاستقلال الإداري، وأنه بمجرد تجاهل الاقتراحات المذكورة، فلن يكون من الواضح نوع الهيكل السياسي الذي تتم مناقشته.

آلاف المواطنين في شرقَ تركيا خلال متابعتهم بيان أوجلان عبر شاشة ضخمة - يوم 27 فبراير 2025 (أ.ف.ب)

ويعتقد هؤلاء أن دعوة أوجلان «ضعيفة»، لأنها لا تتضمن أي مطالب ملموسة، لكن أنصاري أوغلو أرجع السبب وراء عدم تضمين مطالب أو اقتراحات في النص إلى التغيير الأخير في خط أوجلان، بالتوازي مع التطورات في تركيا.

ولفت إلى أن الأكراد أصبحوا لا يشعرون بأن مشكلتهم في تركيا مسألة وجودية، بعد إزالة العقبات التي كانت تعترض الهوية واللغة الكردية، وتنفيذ الإصلاحات الديمقراطية، والآن لا بد أن تنتهي أعمال العنف، ويجب التخلُّص من الأسلحة، وفتح القنوات الديمقراطية، وإصلاح الهشاشة التي غذَّتها هذه الأعمال.

تحذير من تسميم العملية

بدوره، لفت الكاتب في صحيفة «حرييت»، القريبة من الحكومة التركية، فاتح تشيكرجه، إلى أنه قد يكون هناك من داخل «العمال الكردستاني» مَن يفكر في التمرُّد على دعوة أوجلان، وقد يكون هناك مَن يريد تسميم العملية بوضع شروط معينة.

وشدَّد على أنه لا ينبغي للمعارضة التركية أن تندرج في تشجيع أولئك الذين يريدون تسميم العملية، وأنه يجب التحلي بالصبر بدلاً من الجدل السياسي، لأنه في نهاية المطاف، هذه العملية تهدف إلى جعل تركيا خالية من الإرهاب. وإذا ظهر صدع في السياسة الداخلية يتيح الفرصة لـ«المفسدين»، فإننا سنتعرض للأذى، مرة أخرى. وأضاف: «نعلم جيداً أن تركيا الخالية من الإرهاب ستزيد من قوتها ونفوذها في العالم، وفي منطقتها بوتيرة أسرع».

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

القوات السورية تتسلم سد تشرين من «قسد» وسط أنباء عن توتر

المشرق العربي حكومة دمشق بدأت أعمال صيانة لسد تشرين (أرشيفية)

القوات السورية تتسلم سد تشرين من «قسد» وسط أنباء عن توتر

دخلت قوات من الجيش السوري إلى منطقة سد تشرين في شرق حلب وأقامت نقاطاً عسكرية؛ تنفيذاً لاتفاق بنقل السيطرة عليه من «قسد» إلى حكومة دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية تصاعدت المطالبات بالإفراج عن زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوته لحل الحزب (أ.ب)

كيف تتعامل تركيا و«العمال الكردستاني» مع دعوة أوجلان للسلام؟

يثار العديد من الأسئلة حول مسار تنفيذ دعوة زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان إلى حله وإلقاء أسلحته، وطريقة تعامل الحزب والدولة التركية مع الدعوة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي سد تشرين (أرشيفية)

تركيا تتابع تطبيق اتفاق تسليم «سد تشرين»

أكد مسؤول بوزارة الدفاع التركية أن أنقرة تتابع، من كثب، عملية تسليم سد تشرين للحكومة السورية الجديدة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى استقباله الأمين العام لـ«مجلس أوروبا» ألان بيرسيه في أنقرة الثلاثاء (الرئاسة التركية)

«مجلس أوروبا» يضغط على تركيا في قضية إمام أوغلو وقمع الاحتجاجات

أجرى الأمين العام لـ«مجلس أوروبا»، ألان بيرسيه، مباحثات بأنقرة وسط أجواء متوترة على خلفية اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو وجدل بشأن الحوار مع أوجلان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية تواصل الاحتجاجات على اعتقال إمام أوغلو في تركيا بعد مرور أكثر من شهر منذ القبض عليه (إ.ب.أ)

تركيا: محاكمة عشرات المشاركين في الاحتجاجات على اعتقال إمام أوغلو

استدعى مكتب المدعي العام لمدينة إسطنبول، رئيس بلديتها المعتقل أكرم إمام أوغلو و27 آخرين، في إطار تحقيق حول قيام جامعة إسطنبول بإلغاء شهاداتهم الجامعية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

باريس تلوح بفرض عقوبات أممية على طهران إذا فشلت المحادثات

بارو وغروسي يتحدثان للصحافيين على هامش جلسة مجلس الأمن في نيويورك ليلة أمس (رويترز)
بارو وغروسي يتحدثان للصحافيين على هامش جلسة مجلس الأمن في نيويورك ليلة أمس (رويترز)
TT

باريس تلوح بفرض عقوبات أممية على طهران إذا فشلت المحادثات

بارو وغروسي يتحدثان للصحافيين على هامش جلسة مجلس الأمن في نيويورك ليلة أمس (رويترز)
بارو وغروسي يتحدثان للصحافيين على هامش جلسة مجلس الأمن في نيويورك ليلة أمس (رويترز)

حذرت فرنسا إيران من إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة إذا لم تنجح المفاوضات الرامية للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامج طهران النووي.

وانعقدت الجولة الثانية من المفاوضات بين واشنطن وطهران في روما، حيث ذكرت إيران أنه لا تزال هناك خلافات كبيرة قائمة.

وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، أمام مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة في ساعة متأخرة مساء الاثنين: «بالتأكيد عند انتهاء الاتفاق النووي الإيراني في غضون أسابيع، وإذا لم يتم ضمان المصالح الأمنية الأوروبية، فلن نتردد ولو لثانية واحدة في إعادة تطبيق جميع العقوبات التي رُفعت قبل 10 سنوات».

وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، المعروفة باسم الترويكا الأوروبية، أطراف في الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع إيران، والذي ينتهي سريانه في أكتوبر (تشرين الأول)، ولديها جميعاً سلطة تفعيل آلية «سناب باك» لإعادة فرض العقوبات في مجلس الأمن.

ويقول دبلوماسيون إن الترويكا الأوروبية تسعى الآن إلى تفعيل آلية «سناب باك» لإعادة فرض العقوبات بحلول أغسطس (آب)، بدلاً من يونيو (حزيران)، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جوهري بحلول ذلك الوقت. وتنتهي هذه الآلية في 18 أكتوبر.

وقال بارو: «ستمنع هذه العقوبات إيران بشكل دائم من الحصول على التكنولوجيا، والاستثمار، والوصول للسوق الأوروبية، وهو ما ستكون له آثار مدمرة على اقتصاد البلاد. هذا ليس ما نريده، ولهذا السبب أدعو إيران رسمياً إلى اتخاذ القرارات اللازمة اليوم لتجنب الأسوأ».

بدوره، قال مدير «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، رافائيل غروسي، وهو يقف إلى جانب وزير الخارجية الفرنسي إن اللحظة الراهنة تشهد مسارات دبلوماسية متعددة، ما يدل على «أهمية كبيرة»، مشيراً إلى المفاوضات الإيرانية - الأميركية، وتواصله المستمر مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، لضمان استمرار الرقابة الفنية لـ«الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

وأكد أن الوكالة ما زالت موجودة في إيران، وتقوم بالتفتيش، لكنها فقدت كثيراً من قدرتها الرقابية مقارنة بالسابق، موضحاً أن من «الصعب جداً» تأكيد تطابق الأنشطة النووية الإيرانية مع الاتفاقات السابقة.

وكتب غروسي على منصة «إكس» أن «البرنامج النووي الإيراني المتصاعد لا يزال يشكّل قضية خطيرة». وأضاف: «تعد الجهود الدبلوماسية المكثفة والاجتماعات التي جرت بين الولايات المتحدة وإيران خلال الأسابيع الماضية جديرة بالاهتمام، إذ تمثل خطوات مهمة. أواصل التواصل من كثب، وبفعالية مع كلا الطرفين، ويبعث التزامهما على التفاؤل».

وقال أربعة دبلوماسيين أمس إن إيران اقترحت عقد اجتماع مع الترويكا الأوروبية، ويُحتمل أن يُعقد في روما يوم الجمعة إذا استؤنفت المحادثات مع الولايات المتحدة، لكن المصادر ذكرت أن الترويكا الأوروبية لم ترد بعد.

وأبدى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يوم الخميس استعداده للتوجه إلى أوروبا لإجراء محادثات، لكنه أشار إلى أن الكرة في ملعب أوروبا بعد توتر العلاقات بين الجانبين. واجتمعت طهران والقوى الأوروبية الثلاث عدة مرات منذ سبتمبر (أيلول) لمناقشة العلاقات والقضية النووية. وعُقد أحدث اجتماع في مارس (آذار) على المستوى الفني بحثاً عن معايير اتفاق مستقبلي يضمن التراجع عن البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات، دون أن يحرز تقدماً.

وقال دبلوماسيان من الترويكا الأوروبية ودبلوماسي غربي إن إيران أرسلت بعد محادثات السبت الماضي مع الولايات المتحدة اقتراحاً لاجتماع ربما في روما يوم الجمعة. وقال الدبلوماسيون إن إيران اقترحت أيضاً إجراء مناقشات في طهران قبل ذلك التاريخ، في حالة تعذر ذلك.

وجاء التقرير بعد ساعات من مؤتمر صحافي للمتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، الذي قال إنه لا يعلم ما إذا كانت القوى الأوروبية وجهت رداً على عرض عراقجي لعقد اجتماع.

وبدورها، قالت «رويترز» إن مسؤولاً إيرانياً أكد الاقتراح، لكنه قال إن دول الترويكا الأوروبية لم ترد حتى الآن.

وتسعى إيران إلى الاستفادة من زخم المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة التي استؤنفت في سلطنة عمان يوم السبت، وبعد إجراء محادثات مع روسيا والصين الأسبوع الماضي.

وقال مسؤولون عمانيون إنه من الممكن عقد جولة جديدة من المحادثات الأميركية الإيرانية في الثالث من مايو (أيار) بأوروبا. ولم يُعلن أي قرار رسمي بعد. ويشير تواصل إيران مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وهي الدول المعروفة باسم الترويكا الأوروبية، إلى أن طهران تبقي على خياراتها مفتوحة، لكنها تريد أيضاً تقييم موقف الأوروبيين من احتمال معاودة فرض عقوبات من جانب الأمم المتحدة قبل أكتوبر عندما ينتهي سريان الاتفاق النووي الإيراني المبرم في 2015.

وذكر الدبلوماسيون أن هذه الدول تعكف على تقييم ما إذا كان من مصلحتها لقاء إيران الآن، أم الانتظار لمعرفة تطورات المحادثات مع واشنطن، لكنهم استبعدوا عقد اجتماع في طهران. وقال المسؤول الإيراني: «من المهم الحفاظ على التوافق مع جميع أطراف اتفاق 2015. لذا سيكون من المفيد لقاء دول الترويكا الأوروبية هذا الأسبوع قبل الجولة التالية من المحادثات مع الأميركيين». وهدد الرئيس الأميركي دونالد بمهاجمة إيران ما لم يتم التوصل سريعاً إلى اتفاق جديد يمنعها من تطوير سلاح نووي. وكان قد انسحب من اتفاق 2015 بين طهران والقوى العالمية خلال ولايته الأولى في 2018. ويشتبه الغرب في أن إيران تسعى لامتلاك أسلحة نووية، وهو ما تنفيه إيران. ويقول دبلوماسيون إن التهديد باستئناف العقوبات يستهدف الضغط على طهران لتقديم تنازلات، ما يجعل المناقشات المفصلة بين الأميركيين والأوروبيين حيوية. وانسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015، ولذا لا تستطيع تدشين آلية معاودة فرض العقوبات الواردة في الاتفاق في مجلس الأمن الدولي. وهذا يجعل قادة الدول الأوروبية الثلاث المشاركين الوحيدين في الاتفاق القادرين على المضي قدماً في معاودة فرض العقوبات. وحين سُئل المسؤول الإيراني عما إذا كان اقتراح الاجتماع مع الأوروبيين يتعلق بمسألة استئناف فرض العقوبات، أشار المسؤول الإيراني إلى أن هذا جانب من الهدف من الاجتماع. وقال المسؤول: «المحادثات مع الولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بالخطوات النووية، لا تتحرك بسرعة، ومن الواضح أننا بحاجة إلى مزيد من الوقت، وطهران لا تؤيد كثيراً التوصل إلى اتفاق مؤقت، بسبب عدم الثقة في الجانب الأميركي». وأضاف: «ماذا لو نفذنا خطوتنا بموجب اتفاق مؤقت، ولم ينفذ الطرف الآخر. نحن بحاجة إلى أن يفهم الأوروبيون أننا نريد اتفاقاً جديداً، ونحن مستعدون لاتخاذ خطوات للحد من تخصيبنا لليورانيوم، ولكننا نحتاج إلى وقت». وامتنعت وزارتا الخارجية البريطانية والألمانية عن التعليق، وتحديداً على ما إذا كانت إيران قد اقترحت عقد اجتماع في وقت لاحق من هذا الأسبوع. ولم ترد وزارة الخارجية الفرنسية بعد على طلب للحصول على تعليق.

وتجري إيران والولايات المتحدة، التي انسحبت من الاتفاق النووي المبرم عام 2015، وأعادت فرض عقوبات على طهران، محادثات بشأن الأزمة المستمرة منذ عقود.

وقال ترمب إنه واثق من التوصل إلى اتفاق جديد من شأنه منع إيران من الحصول على قنبلة نووية رغم قول طهران إن أغراض برنامجها مدنية بحتة.