هل تستطيع فرنسا استعادة جواهر «اللوفر» المسروقة أم فات الأوان؟

مخاوف من تفكيكها إلى قطع صغيرة لبيعها

قلادة وأقراط من طاقم مجوهرات يعود إلى الزوجة الثالثة لنابليون الأول ماري لويز في قاعة أبولو بمتحف اللوفر (أرشيفية - أ.ف.ب)
قلادة وأقراط من طاقم مجوهرات يعود إلى الزوجة الثالثة لنابليون الأول ماري لويز في قاعة أبولو بمتحف اللوفر (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

هل تستطيع فرنسا استعادة جواهر «اللوفر» المسروقة أم فات الأوان؟

قلادة وأقراط من طاقم مجوهرات يعود إلى الزوجة الثالثة لنابليون الأول ماري لويز في قاعة أبولو بمتحف اللوفر (أرشيفية - أ.ف.ب)
قلادة وأقراط من طاقم مجوهرات يعود إلى الزوجة الثالثة لنابليون الأول ماري لويز في قاعة أبولو بمتحف اللوفر (أرشيفية - أ.ف.ب)

تسعى الشرطة الفرنسية جاهدة لاستعادة مجوهرات لا تُقدّر بثمن سُرقت من متحف اللوفر في عملية جريئة وضح النهار، لكن خبراء حذّروا من أن الوقت ربما قد فات لإنقاذها.

في باريس، اقتحم لصوصٌ المتحف الأكثر زيارةً في العالم، يوم الأحد، وسرقوا ثماني قطع ثمينة قبل أن يلوذوا بالفرار على دراجات بخارية، في عملية سرقة جريئة استغرقت نحو ثماني دقائق.

وصرح المحقق الهولندي في مجال الأعمال الفنية، آرثر براند، لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، بأنه يخشى أن تكون المجوهرات قد «اختفت منذ زمن»، بعد أن فُكّكت إلى مئات القطع.

وقال خبراء آخرون إنه من المرجح جداً أن تُباع هذه القطع بجزء بسيط من قيمتها وتُهرّب خارج فرنسا.

من قد يكون خلف السرقة؟

ويعتقد براند أن المجموعة كانت محترفة، ويتجلى ذلك في سرعة دخولهم وخروجهم من متحف اللوفر. وقال: «كما تعلم، بالنسبة إلى شخص عادي، لا يستيقظ صباحاً وهو يفكر: سأصبح لصاً، فلنبدأ بمتحف اللوفر». وأضاف: «لن تكون هذه أول سرقة لهم. لقد ارتكبوا جرائم من قبل، وعمليات سطو أخرى. إنهم واثقون بأنفسهم، وظنوا أنهم قد يفلتون من العقاب، فنفذوا ما خططوا له».

وفي إشارة أخرى إلى أن احترافية العصابة تُؤخذ على محمل الجد، كُلّفت وحدة شرطة متخصصة، تتمتع «بمعدل نجاح عالٍ في كشف جرائم سطو رفيعة المستوى»، بتعقبهم.

تاجٌ مُرصّعٌ باللؤلؤ ارتدته الإمبراطورة الفرنسية أوجيني وكان من بين القطع التي سرقها لصوصٌ خلال عملية سطو في متحف اللوفر بباريس (رويترز)

وأعربت السلطات عن شكوكها في أن السرقة مرتبطة بشبكة جريمة منظمة. ويقول براند إن هذا يعني أن الجناة على الأرجح لديهم سجلات جنائية ومعروفون لدى الشرطة.

وقالت المدعية العامة في باريس، لور بيكو، إن جماعات الجريمة المنظمة مثل هذه عادةً ما يكون لها هدفان: «إما العمل لصالح راعٍ، وإما الحصول على أحجار كريمة لتنفيذ عمليات غسل أموال».

ويعتقد براند أنه من المستحيل بيع القطع سليمة. وأضاف أن السرقة بناءً على طلب جامع تحف خاص أمرٌ لا يحدث إلا في أفلام «هوليوود». وأوضح قائلاً: «لا أحد يرغب في لمس قطعة ثمينة مثل هذه. لا يمكنك أن تُريها لأصدقائك، ولا يمكنك أن تتركها لأطفالك، ولا يمكنك أن تبيعها».

10 ملايين جنيه إسترليني

ويقول براند إن القطع المسروقة ستُفكك وتُكسر، حيث يُصهر الذهب والفضة، وتُقطع الأحجار الكريمة إلى أجزاء أصغر، مما يجعل من المستحيل تقريباً تتبع أثرها إلى سرقة «اللوفر».

وفي هذا الصدد، تقول مؤرخة المجوهرات كارول وولتون، محررة قسم المجوهرات في مجلة «فوغ» لمدة 20 عاماً، لـ«بي بي سي»، إن اللصوص «اختاروا بعناية» أهم الأحجار الكريمة من مجموعة «اللوفر». وأضافت أنه من المرجح استخراج «الأحجار الكريمة الكبيرة الجميلة والخالية من العيوب» من هياكلها وبيعها، باستثناء تاج الإمبراطورة أوجيني المُرصّع بأحجار أصغر الذي كان «شديد الحرارة لدرجة يصعب التعامل معه».

وقد يُفسر هذا سبب سقوطه في أثناء الهروب، مع قطعة أخرى، والعثور عليه من قبل السلطات. ويقول الخبراء إن تاج الإمبراطورة أوجيني الذي سُرق يحتوي على لآلئ طبيعية نادرة ذات قيمة كبيرة. وبينما وُصفت هذه القطع بأنها لا تُقدر بثمن، تتوقع وولتون بيعها بجزء بسيط من قيمتها الحقيقية. وقالت: «ستُباع لمن يرغب في التعامل معها. سيبحث الجميع عنها؛ سيأخذون ما يستطيعون الحصول عليه». وعندما سُئل براند عن القيمة المحتملة للغنيمة، قال إن القطع المقطعة قد تُقدر بـ«ملايين الدولارات».

تاجٌ ارتدته الإمبراطورة الفرنسية أوجيني الذي استهدفه لصوصٌ خلال سرقة في متحف اللوفر بباريس ولكنه سقط في أثناء هروبهم (رويترز)

ويقول توبياس كورميند، المدير الإداري لشركة «77 دايموندز»، وهي شركة مجوهرات إلكترونية، إن الأحجار الكريمة والذهب المسروق قد يصل سعرها إلى 10 ملايين جنيه إسترليني (11.52 مليون يورو - 13.4 مليون دولار). وصرّح لـ«بي بي سي» بأن العصابة ستحتاج إلى خبير ماهر لإزالة الأحجار الكريمة، وقاطع ألماس محترف لتغيير الأحجار الكبيرة التي يسهل التعرف عليها.

وأضاف كورميند أن الأحجار الصغيرة التي يصعب التعرف عليها يمكن بيعها فوراً، وفي حين يصعب تحديد السعر الدقيق لجميع الأحجار المسروقة، فإن قيمة الأحجار الكبيرة قد تصل إلى نحو 500 ألف جنيه إسترليني للواحدة، على حد قوله. وقال: «هناك أربعة على الأقل بهذا الحجم؛ لذا فإن جمعها جميعاً بالإضافة إلى الذهب، يعني أن القيمة تقترب على الأرجح من 10 ملايين جنيه إسترليني». وأضاف: «سوق الألماس والأحجار الكريمة مزدهرة، وهناك عديد من المشترين على الهامش لا يطرحون الكثير من الأسئلة».

صدمة في فرنسا

وهناك آمال في أن تعود القطع سليمة يوماً ما، لكن هذه الآمال تتضاءل مع مرور الأيام.

هناك سابقة؛ إذ يعرض معرض «كارتييه» في متحف فيكتوريا وألبرت قطعة مجوهرات سُرقت عام 1948، قبل أن تُعرض مجدداً في مزاد بعد عدة عقود.

ضباط شرطة يعملون داخل متحف اللوفر في باريس (أ.ب)

وحسب «بي بي سي»، فإن الكثيرين في فرنسا مصدومون بشدة من سرقة «اللوفر»، بعد أن شعروا بتعلق عاطفي بها، وقال رئيس قسم التراث في دار المجوهرات الفرنسية «ميزون فيفر»، ألكسندر ليجيه: «ما حدث لا يحمل بالضرورة دلالة إيجابية في فرنسا. إن ما سُرق كان ملكاً لك بقدر ما كان ملكاً لي. إنه ملك لفرنسا، لذا يمتلك كل شخص قطعة صغيرة من هذه القطع، تماماً كما يمتلك كل شخص قطعة صغيرة من (الموناليزا). يبدو الأمر كما لو أن أحدهم سرق (الموناليزا) منا... أحدهم سرق فرنسا».


مقالات ذات صلة

«اللوفر» يحصّن نافذة استُخدمت في سرقة مجوهرات

أوروبا خلال العمل على تحصين النافذة التي استُخدمت لسرقة مجوهرات من متحف اللوفر (أ.ب)

«اللوفر» يحصّن نافذة استُخدمت في سرقة مجوهرات

عزّز متحف اللوفر في باريس إجراءات الأمن عبر تركيب شبكة حماية على نافذة زجاجية استُخدمت في عملية سرقة مجوهرات في 19 أكتوبر (تشرين الأول).

«الشرق الأوسط» (باريس )
أوروبا زوار يصطفون قرب الهرم الزجاجي لمتحف اللوفر للدخول (رويترز)

بعد تعليق إضراب العاملين... «اللوفر» يعيد فتح أبوابه مجدداً

أعلنت إدارة متحف اللوفر في باريس، والنقابات المعنية، فتح أبواب المتحف بالكامل أمام الزوار.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا أشخاص يصطفّون لدخول متحف اللوفر (رويترز) play-circle

«اللوفر» يفتح أبوابه جزئياً رغم تصويت موظفيه على تمديد الإضراب

أعلن متحف اللوفر بباريس إعادة فتح أبوابه جزئياً، الأربعاء، رغم استمرار الإضراب، الذي صوّت عليه الموظفون في اجتماع الجمعية العامة خلال وقت سابق من اليوم.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا لوحة إعلانية تُشير إلى تأجيل فتح أبواب متحف اللوفر الأكثر زيارة في العالم (أ.ب)

بسبب إضراب... متحف اللوفر في باريس يغلق أبوابه

أغلق متحف اللوفر الشهير بباريس، صباح الاثنين، بسبب إضراب، وفق ما أفاد عناصر أمن، في وقتٍ تواجه المؤسسة العريقة صعوبات منذ عملية السرقة الصادمة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار)

مصر تنفي وجود عيوب في تصميم «المتحف الكبير»

نفت الحكومة المصرية، السبت، وجود عيوب في تصميم المتحف المصري الكبير، بعد تسرب مياه الأمطار إلى بهو المتحف خلال الأيام الماضية.

رحاب عليوة (القاهرة )

الرئيس الأوكراني: اتفقنا مع الجانب الأميركي على عقد اجتماع مع ترمب قريباً

صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)
صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الأوكراني: اتفقنا مع الجانب الأميركي على عقد اجتماع مع ترمب قريباً

صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)
صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم الجمعة إن وفد بلاده المفاوض اتفق مع الجانب الأميركي على عقد اجتماع مع نظيره دونالد ترمب في المستقبل القريب.

وأضاف زيلينسكي في منشور على حسابه بمنصة «إكس»: «يمكن حسم الكثير من الأمور قبل حلول العام الجديد».

زيلينسكي داخل مكتبه الرئاسي بكييف يوم 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

كان زيلينسكي قال أمس الخميس إنه ناقش مع المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر هاتفياً سبل إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية بخطوات واتفاقات «واقعية وموثوقة»، معبراً عن أمله في أن تكون الأفكار والتفاهمات التي طرحت مع المبعوثين بمثابة خطوة أخرى نحو السلام.


ألمانيا لن تشارك في قوة استقرار بغزة «في المستقبل المنظور»

وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول (د.ب.أ)
وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول (د.ب.أ)
TT

ألمانيا لن تشارك في قوة استقرار بغزة «في المستقبل المنظور»

وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول (د.ب.أ)
وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول (د.ب.أ)

أعلن وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول أن ألمانيا لن تشارك في المستقبل المنظور في قوة دولية للاستقرار في غزة ضمن خطة السلام الخاصة بالقطاع.

وقال الوزير المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية في برلين بعد مرور نحو شهرين ونصف على بدء وقف إطلاق النار في غزة إن مثل هذه القوة ليست مجرد قوة وساطة «بل يجب أن توفر الأمن بشكل ملموس للغاية عند الضرورة»، وأضاف: «لا يمكن للكثيرين أن يتصوروا قيام جنود وجنديات ألمان بذلك في هذه المنطقة تحديدا».

وتابع فاديفول: «لن نشارك في قوات الاستقرار في المستقبل المنظور»، موضحا ردا على سؤال حول ما إذا كان ذلك يشمل أيضا التدريب والتنظيم: «في الوقت الحالي لا يتوقع أحد منا المشاركة في مهمة الاستقرار الدولية»، مؤكدا في المقابل أن ألمانيا مستعدة للمساهمة بشكل بناء في الهياكل الواردة في قرار مجلس الأمن الدولي، مثل مجلس للسلام، مشيرا إلى أن برلين لم تتلق حتى الآن دعوة رسمية للمشاركة في هذا المجلس.

وتنص المرحلة الثانية من خطة السلام المكونة من 20 نقطة التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على نزع سلاح حركة حماس ونشر قوة دولية للاستقرار، إلا أن الحركة ترفض بشكل قاطع التخلي عن أسلحتها. ودعا فاديفول إلى الإسراع في بدء المرحلة الثانية من خطة السلام، قائلا إنه بعد إجراء مشاورات أولية مع الدول المحتمل أن ترسل قوات، هناك حاجة الآن إلى إطار سياسي يتضمن هيكلا أمنيا توفره قوات الاستقرار والقوات الأمنية الفلسطينية، وأضاف: «من المهم أن نبدأ كل ذلك في وقت قريب للغاية»، وحذر قائلا: «يجب ألا يحدث أن يتحول التقسيم الحالي في غزة بين جزء تسيطر عليه القوات الإسرائيلية وآخر تزداد فيه سيطرة حماس إلى وضع دائم».


أوكرانيا تستخدم صواريخ «ستورم شادو» البريطانية لاستهداف مصفاة نفط روسية

جندي بريطاني يمر أمام صاروخ «ستورم شادو» في معرض فارنبورو للطيران بلندن في 17 يوليو 2018 (أ.ف.ب)
جندي بريطاني يمر أمام صاروخ «ستورم شادو» في معرض فارنبورو للطيران بلندن في 17 يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا تستخدم صواريخ «ستورم شادو» البريطانية لاستهداف مصفاة نفط روسية

جندي بريطاني يمر أمام صاروخ «ستورم شادو» في معرض فارنبورو للطيران بلندن في 17 يوليو 2018 (أ.ف.ب)
جندي بريطاني يمر أمام صاروخ «ستورم شادو» في معرض فارنبورو للطيران بلندن في 17 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الأوكراني أنه استخدم صواريخ ستورم شادو البريطانية لاستهداف مصفاة نفط روسية الخميس.

وأفادت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الصواريخ أصابت مصفاة نوفوشاختينسك وسُجلت «انفجارات عديدة». وسبق لأوكرانيا أن استخدمت هذه الصواريخ البريطانية لضرب مواقع صناعية داخل روسيا. وجاء في البيان «نجحت وحدات من القوات الجوية الأوكرانية في استهداف منشأة نوفوشاختينسك للمنتجات النفطية في منطقة روستوف بروسيا الاتحادية، بصواريخ كروز ستورم شادو التي تطلق من الجو».

وأوضحت القوات المسلحة الأوكرانية أن منشأة نوفوشاختينسك تعد من أهم موردي المنتجات النفطية في جنوب روسيا «وتساهم بشكل مباشر في تزويد القوات المسلحة الروسية» بوقود الديزل والكيروسين. وتسعى أوكرانيا التي تواجه هجمات روسية بالصواريخ والطائرات المسيرة يوميا، إلى الرد بشن هجمات داخل روسيا تستهدف منشآت الطاقة والبنية التحتية.