باقري «يتناغم» مع واشنطن بعدم توسعة الحرب إلى جنوب لبنان

أكد احتفاظ «حماس» بـ80 % من مخزونها للسلاح

وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب مستقبلاً وزير الخارجية الإيراني بالوكالة علي باقري كني في بيروت (أ.ف.ب)
وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب مستقبلاً وزير الخارجية الإيراني بالوكالة علي باقري كني في بيروت (أ.ف.ب)
TT

باقري «يتناغم» مع واشنطن بعدم توسعة الحرب إلى جنوب لبنان

وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب مستقبلاً وزير الخارجية الإيراني بالوكالة علي باقري كني في بيروت (أ.ف.ب)
وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب مستقبلاً وزير الخارجية الإيراني بالوكالة علي باقري كني في بيروت (أ.ف.ب)

يتعامل «حزب الله» بجدية مع التهديدات التي يطلقها رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو وفريق حربه بتوسعة الحرب على امتداد الجبهة الشمالية في جنوب لبنان، ولن يقف مكتوف اليدين، كما أعلن التعبئة العامة في صفوف مقاتليه الذين هم الآن في جاهزية تامة لمواجهة التهديدات الإسرائيلية، وإن كان لا يريد الحرب، ولا يسعى إليها، كما يقول مصدر بارز في الثنائي الشيعي لـ«الشرق الأوسط»، مؤكداً أن توجيه الحزب ضرباته لتطول العمق الإسرائيلي يأتي رداً على استهداف تل أبيب مناطق في عمق البقاعين الشمالي والغربي، وهذا ما أبلغه الحزب تباعاً إلى كبار المسؤولين في الدولة اللبنانية، وإلى قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» التي لم تنقطع عن الاحتكاك اليومي بقيادة الحزب وبأركان حرب نتنياهو في مواكبتها للوضع المشتعل في الجنوب، وتوليها من حين لآخر نقل الرسائل بين تل أبيب والحزب.

وكشفت مصادر سياسية أن اشتعال جبهة الجنوب بين الحزب وإسرائيل بشكل تدريجي وغير مسبوق يأتي في سياق ردود الفعل على التصعيد في غزة، انطلاقاً من أن الطرفين يلجآن إلى تصعيد المواجهة العسكرية في محاولة كلٍ منهما لتحسين شروطه في حال توصلت الوساطة الأميركية - المصرية - القطرية إلى وقف لإطلاق النار على الجبهة الغزاوية، على أمل أن ينسحب تلقائياً على الجبهة الجنوبية.

باقري مرتاح لسير الحرب الغزاوية

قالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن إيران ما زالت على موقفها بعدم توسعة الحرب، وهي تتناغم مع الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على إسرائيل لمنعها من توسعتها وإلزامها بالمبادرة التي أطلقها الرئيس الأميركي جو بايدن.

وأكدت المصادر السياسية أن عدم رغبة إيران في توسعة الحرب تصدرت جدول أعمال اللقاءات التي عقدها وزير خارجيتها بالوكالة علي باقري كني، خلال زيارته الأولى لبيروت، التي شملت رئيسي المجلس النيابي نبيه بري، والحكومة نجيب ميقاتي، والوزير عبد الله بو حبيب، والأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، ومسؤولي الفصائل الفلسطينية المنتمية إلى محور الممانعة، وقالت إنه أبدى ارتياحه لسير الحرب الدائرة على الجبهة الغزاوية، وقدرة «حماس» و«الجهاد الإسلامي» على الصمود في وجه العدوان الإسرائيلي.

ونقلت المصادر عن باقري قوله إن «حماس» لا تزال تحتفظ بما يفوق 80 في المائة من مخزونها من السلاح، وإنها صرفت حتى الساعة في تصديها للعدوان الإسرائيلي نحو 15 في المائة منه.

طهران تسعى لتجديد الاتفاق النووي

ورأت أن اختيار باقري لبيروت كمحطة أولى فور تعيينه بالوكالة، خلفاً لسلفه الراحل حسين أمير عبداللهيان، يأتي في سياق حرص إيران على تأكيد حضورها في الوضع المشتعل من غزة إلى جنوب لبنان، والتزاماً منها بدعمها للفصائل اللبنانية والفلسطينية المنتمية لمحور الممانعة في تصديها للعدوان الإسرائيلي، وصولاً لتوجيه رسالة يود من خلالها التأكيد على أنه لا يمكن تجاهل دور إيران في المنطقة في حال تم التوصل إلى تسوية من شأنها أن تعيد رسم خريطتها السياسية.

لذلك، يسعى باقري إلى تجميع أكبر عدد من الأوراق لإدراجها، كما تقول المصادر نفسها، على طاولة المفاوضات الإيرانية - الأميركية التي تستضيفها سلطنة عمان، بالتلازم مع قيام سويسرا ممثلة بسفيرها في طهران بنقل الرسائل بين الطرفين إذا اقتضت الحاجة.

وفي هذا السياق، لفتت المصادر إلى أن طهران ليست في وارد الدخول في اشتباك سياسي مع واشنطن، وهذا ما يعزز تناغمهما بعدم توسعة الحرب التي تشكل نقطة التقاء بينهما من موقع الاختلاف حول دور طهران في المنطقة، وقالت إن القيادة الإيرانية تراهن على خلق المناخ المؤاتي لإعادة الاعتبار للاتفاق النووي الذي وقّعته مع الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما (2015)، والذي ألغاه خَلَفُه الرئيس السابق دونالد ترمب، وبالتالي فهي تحبذ التجديد للرئيس الحالي جو بايدن لولاية رئاسية ثانية، اعتقاداً منها بأن مجرد تسليفه موقفاً مؤيداً سيؤدي إلى تعبيد الطريق أمام إحياء الاتفاق.

وعليه، فإن تل أبيب تواصل تهديدها بتوسعة الحرب جنوباً للاقتصاص من «حزب الله»، بما يمكّن نتنياهو من استعادة هيبته في الداخل من جهة، وتهيئة الظروف لإعادة النازحين إلى المستوطنات التي نزحوا منها، وتقع على تخوم الحدود الإسرائيلية مع لبنان.

لكن التهديد الإسرائيلي سرعان ما أخذ يتناقله عدد من المسؤولين اللبنانيين على لسان الموفدين الغربيين الذين يتهافتون لزيارة بيروت، محذرين من لجوء نتنياهو إلى توسعة الحرب مع مطلع شهر يوليو (تموز) المقبل، التزاماً بتعهده بإعادة النازحين قبل سبتمبر (أيلول)، مع بدء العام الدراسي في هذه المستوطنات.

بو حبيب: لم نتبلغ أي إنذار إسرائيلي

إلا أن التهديد، بحسب المصادر السياسية، بقي في إطار التحذير والدعوة إلى خفض منسوب التوتر في الجنوب، ولم يحمل إنذاراً إسرائيلياً، وهذا ما أكده الوزير بو حبيب لـ«الشرق الأوسط» بقوله إن لبنان لم يتبلغ أي إنذار إسرائيلي من قبل سفراء الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، أو سواهم من السفراء المعتمدين لدى لبنان، وجميعهم ينصحون بترجيح كفة الخيار الدبلوماسي والسعي من أجله، وهذا ما «نحبذه ونعمل من أجله في الاتصالات التي نقوم بها لإعادة الهدوء إلى الجنوب»، بتطبيق القرار الدولي 1701، الذي يلزم إسرائيل التقيد بحرفية ما هو وارد في اتفاقية الهدنة، ووقف تماديها في خرق الأجواء اللبنانية.

ولا بد هنا من التساؤل عن كيفية تعاطي «حزب الله» مع التهديدات الإسرائيلية، وموقف واشنطن منها، خصوصاً أن الوسيط الأميركي أموس هوكستين يتواصل من حين لآخر مع الرئيس بري، وهو ينتظر التوصل إلى وقف للنار في غزة ليعاود تحركه بين بيروت وتل أبيب لتسويق مشروع الاتفاق الذي أعده لتهدئة الوضع على الجبهة الجنوبية.

فـ«حزب الله»، بحسب المصادر السياسية، يدرس ردّه على إسرائيل بدقة، ولن يتورط في رفع منسوب المواجهة، إصراراً منه على عدم استدراجه لتوسعة الحرب، لأن لبنان لا يحتمل إقحامه في حرب مفتوحة، يعرف أين تبدأ، ولا يمكنه التكهن إلى أين ستنتهي، ما يتلاقى مع موقف إيران في إصرارها على عدم خروج مساندة الحزب لغزة عن السيطرة، لئلا يتفلت الوضع نحو مواجهة شاملة غير محسوبة تتعارض مع الدور الذي تلعبه طهران حالياً كضابط لإيقاع المواجهة الدائرة بين محور الممانعة، بقواها اللبنانية والفلسطينية، وبين إسرائيل، تؤدي للإضرار بإمساكها بالورقة اللبنانية، ما يصعب عليها صرفها سياسياً عندما يحين أوان التسوية في المنطقة، هذا إذا كانت الظروف الخارجية ناضجة لإنجازها، على الأقل في المدى المنظور.


مقالات ذات صلة

ترمب: سيعود السلام إلى الشرق الأوسط إذا عدت رئيساً

الولايات المتحدة​ المرشح الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال مقابلة مع قناة العربية (لقطة من فيديو)

ترمب: سيعود السلام إلى الشرق الأوسط إذا عدت رئيساً

قال المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية الرئيس السابق دونالد ترمب، الأحد، إن «السلام سيعود إلى الشرق الأوسط إذا عدت رئيساً».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي متطوعون من «الصليب الأحمر» اللبناني يُجْلون امرأة في مدينة النبطية جنوب لبنان (أ.ف.ب)

إسرائيل تتعمد استهداف الطواقم الطبية وعمّال الإغاثة في لبنان

تستهدف إسرائيل عن سابق تصوُّر وتصميم المستشفيات والطواقم الطبية وعمّال الإغاثة وسيارات الإسعاف في مختلف المناطق اللبنانية، لا سيما في جنوب لبنان.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي دخان يتصاعد من بلدة الخيام نتيجة غارات إسرائيلية (رويترز)

وزير الدفاع الإسرائيلي: «ندمر» «حزب الله» في القرى الحدودية اللبنانية

قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الأحد، إن جنوده يواصلون تدمير قدرات «حزب الله» في جنوب لبنان و«الهدف أمام أعينهم».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري (أ.ب)

سندات لبنان السيادية ترتفع «دولياً» رغم احتدام الحرب

يثير الإقبال المستمر على حيازة سندات الدين الدولية المصدرة من الحكومة اللبنانية، الكثير من التكهنات في الأوساط المالية والمصرفية المحلية.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي اللبناني حسين حمزة محاطاً بالكلاب التي يهتم بها (الشرق الأوسط)

لبناني يرفض مغادرة الجنوب لمساعدة الحيوانات: أشعر بالسعادة عند إطعامها

يرفض اللبناني حسين حمزة ترك الجنوب الذي يرزح تحت القصف منذ أكثر من سنة. يرى أن مسؤوليته هي الاهتمام بالحيوانات التي تركت لمصيرها.

كارولين عاكوم (بيروت)

الأمم المتحدة: مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في اليمن

الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)
الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة: مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في اليمن

الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)
الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)

زاد عدد اليمنيين الذين واجهوا مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية بمقدار 100 ألف شخص خلال الثلاثة الأشهر الماضية، ليصل العدد الإجمالي إلى نصف عدد السكان في هذه المناطق في ظل أزمة اقتصادية خانقة تواجهها الحكومة بسبب استمرار الحوثيين في منعها من استئناف تصدير النفط.

وحسب تحليل حديث للأمم المتحدة، فقد عانى ما يقرب من نصف السكان في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية (4.7 ملايين شخص) من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال الفترة من يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، وتم تصنيف هؤلاء على أنهم في المرحلة 3 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أو أعلى (أزمة أو أسوأ).

من المتوقع أن تستمر أزمة الغذاء حتى الأشهر الأولى من عام 2025 (الأمم المتحدة)

ووفق هذه البيانات، فإن ذلك يشمل 1.2 مليون شخص عانوا من مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي - المرحلة 4 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (الطوارئ) - التي تتميز بفجوات غذائية كبيرة ومستويات عالية من سوء التغذية الحاد.

ويعكس هذا، وفق التحليل، مستوى مرتفعاً باستمرار من الأمن الغذائي مقارنة بتحديث التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي السابق من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023 إلى فبراير (شباط) من العام الحالي، عندما تم تصنيف حوالي 4.6 ملايين شخص في المرحلة 3 أو أعلى.

أسباب التفاقم

ومع دعوة الحكومة اليمنية، المجتمع الدولي، إلى مساعدتها على مواجهة الأزمة الاقتصادية الراهنة نتيجة استمرار منعها من تصدير النفط الخام بسبب استهداف الحوثيين موانئ التصدير منذ عامين، أكد التحليل أن السبب في تسجيل مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد يعود إلى الاقتصاد المتدهور، الذي يتميز بانخفاض قيمة العملة وارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة أسعارها، إلى جانب استمرار الصراع والمساعدات الغذائية الإنسانية غير المنتظمة.

بالإضافة إلى ذلك، يذكر التحليل أن الأمطار الغزيرة التي شهدتها البلاد في أغسطس (آب) الماضي أدت إلى فيضانات محلية دمرت المنازل وعطلت الأنشطة الزراعية وأسفرت عن خسارة الماشية والأراضي الزراعية ونزوح ما يقدر بنحو 400 ألف شخص، خصوصاً في أجزاء من محافظات مأرب والحديدة وتعز والضالع.

رجلان يحملان مساعدات غذائية في صنعاء من إحدى الوكالات الدولية (إ.ب.أ)

وخلال فترة التوقعات من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي وحتى فبراير (شباط) من العام المقبل، يبين التحليل أن الوضع سيتحسن بشكل طفيف مع توقع وجود 4.6 ملايين شخص في المرحلة 3 أو أعلى.

ومن بين هؤلاء، من المتوقع أن يواجه 1.1 مليون شخص مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي (المرحلة 4)، وتوقع أن يواجه 3.5 مليون شخص مستويات أزمة من انعدام الأمن الغذائي، المصنفة على أنها المرحلة 3 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (الأزمة).

استمرار الأزمة

في حين توقع التحليل الأممي أن ينخفض عدد المديريات المصنفة في المرحلة 4 من انعدام الأمن الغذائي بنسبة 50 في المائة، من 24 إلى 12 مديرية، فإن عدد السكان في هذه المرحلة سيظل دون تغيير، وذكر أنه وبشكل عام، من المرجح أن تشهد جميع المديريات الـ118 التي تم تحليلها مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة الثالثة أو أعلى) خلال الفترة الحالية وفترة التوقعات.

والتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي هو مبادرة مبتكرة متعددة الشركاء لتحسين تحليل الأمن الغذائي والتغذية واتخاذ القرارات، وباستخدامه، تعمل الحكومات ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والجهات الفاعلة الأخرى ذات الصلة معاً لتحديد شدة وحجم انعدام الأمن الغذائي الحاد والمزمن وحالات سوء التغذية الحاد في بلد ما، وفقاً للمعايير العلمية المعترف بها دولياً.

12 مليون يمني عانوا من مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

وقد تم تطوير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في الأصل في عام 2004 لاستخدامه في الصومال من قبل وحدة تحليل الأمن الغذائي والتغذية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة.

ومنذ ذلك الحين، تقود شراكة عالمية تضم 15 منظمة تطوير وتنفيذ التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي على المستوى العالمي والإقليمي والقطري.

وبعد أكثر من 10 سنوات من تطبيقه، أثبت التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أنه أحد أفضل الممارسات في مجال الأمن الغذائي العالمي، ونموذج للتعاون في أكثر من 30 دولة في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا.