العليمي يتعهد توحيد الداخل والخارج في مواجهة الانقلاب الحوثي

تعهد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، العمل على توحيد قوى الداخل والخارج في مواجهة الانقلاب الحوثي، وصولاً إلى استعادة الدولة، داعياً القوى السياسية إلى التعاضد والابتعاد عن المناكفات.

تصريحات العليمي جاءت في خطاب لمناسبة الذكرى الـ33 لقيام الوحدة بين شمال اليمن وجنوبه في 22 مايو (أيار) 1990، وفي وقت تحولت فيه قضية الوحدة وما تلاها من أحداث حرب صيف 1994 إلى مادة للجدل بين القوى اليمنية المتمسكة بإصلاح مسار الوحدة والقوى الجنوبية الأخرى التي ترى أن الحل يكمن في استعادة الدولة التي كانت قائمة في الجنوب قبل 1990.

وأكد العليمي «الانفتاح على كل الخيارات لإصلاح مسار الوحدة، وتمكين أبناء الشعب اليمني من تحقيق تطلعاتهم، وتقرير مركزهم السياسي، ونمائهم الاقتصادي، والاجتماعي والثقافي»، وأقر بـ«حق الجنوبيين في الالتفاف حول قضيتهم العادلة بعدما انحرف مسار المشروع الوحدوي، وأفرغ من مضمونه وقيمته التشاركية بعد حرب صيف 1994»، وفق تعبيره.

 

العمل الجماعي

ودعا رئيس «مجلس الحكم» إلى «العمل الجماعي لمواجهة خطر الميليشيات الحوثية»، الذي قال إنه «يتربص على الأبواب استعداداً لاجتياح المحافظات الجنوبية، والمحررة تحت الشعار الزائف (الوحدة أو الموت)، الذي ترفعه الميليشيات لتبرير اعتداءاتها، مثلما كانت ولا تزال ترفع شعار (مقاومة العدوان) للتغطية على حربها ضد الشعب اليمني، وتدمير مقدراته، ومواصلة انتهاكاتها الفظيعة لحقوق الإنسان، والتربح من اقتصاد الحرب، والمتاجرة بمعاناة الناس».

واتهم العليمي، الحوثيين، بـ«أنهم يستعينون بالحرس الثوري الإيراني، وميليشيات (حزب الله)». وقال إنهم «دمروا اليمن وجعلوا منه أسوأ أزمة إنسانية في العالم منذ تخادمهم معاً بالانقلاب على التوافق الوطني في سبتمبر (أيلول) 2014، واستمرارهم في رفض أي فرصة للسلام والوفاق، والتعايش بين اليمنيين».

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

 

وبصفته رئيساً لمجلس القيادة الرئاسي، أكد العليمي أن «الاحتفال بـ(يوم الوحدة) ليس نزوعاً للمكايدة السياسية، أو الإقصاء، وإنما التزام بقوة الدستور، والمركز القانوني الشرعي للدولة المعترف بها إقليمياً، ودولياً، ومرجعيات المرحلة الانتقالية، وبالأهداف السامية التي صاغها اليمنيون في الجنوب والشمال قبل ستة عقود».

المعركة المصيرية

وإلى جانب ما وصفه بـ«المعركة المركزية المتمثلة باستعادة مؤسسات الدولة وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني»، تعهد العليمي بـ«العمل وفقاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية على تشارك القرار، والتخطيط والتنفيذ على مستوى القمة، ونقل السلطة وتفويضها للمحافظات، والمديريات وفقاً لأفضل الممارسات والمعايير ذات الصلة».

وأثنى رئيس «مجلس الحكم» اليمني على موقف أعضاء مجلس القيادة الرئاسي وكل القوى الحاملة للقضية الجنوبية، وتفانيهم في خدمة القضية الجنوبية وإنصافها وجعلها أساساً للحل بموجب إعلان نقل السلطة، واتفاق ونتائج مشاورات الرياض.

العليمي مع ولي العهد السعودي خلال القمة العربية في جدة (إ.ب.أ)

وأشار العليمي إلى «القرارات الأخيرة التي أصدرها وهدفها جبر الضرر، وإعادة الاعتبار للشراكة، وتحقيق العدالة، وفقاً لمخرجات الحوار الوطني، ووثيقة ضمانات حل القضية الجنوبية، وذلك بإعادة وتسوية أوضاع أكثر من 52 ألفاً من الموظفين المبعدين عن وظائفهم في المحافظات الجنوبية منذ حرب صيف عام 1994».

وقال: «من المقرر خلال الفترة المقبلة المضي في تطبيق سلسلة من الإجراءات التي تعالج المزيد من المظالم، وذلك في إطار سياسة أشمل تهدف إلى تحقيق الإصلاح المؤسسي وتعزيز الحكم اللامركزي في عموم المحافظات المحررة».

ووصف العليمي الدولة الاتحادية التي تبنتها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، بأنها «أرضية مهمة ينبغي التمسك بها والبناء عليها لتحقيق العدالة، التي قدمت بموجبها الأطراف الاعتذار، والاعتراف بالخطأ وضمان عدم تكراره».

«سنمضي قدماً في توحيد الداخل والخارج ضد انقلاب وإرهاب الميليشيات الحوثية، والمشروع الإيراني الداعم لها».

رئيس «مجلس القيادة الرئاسي» اليمني رشاد العليمي

وشدد على أن «المعركة المصيرية لاستعادة مؤسسات الدولة ستظل الهدف الجامع»، قائلاً: «سنمضي قدماً في توحيد الداخل والخارج ضد انقلاب وإرهاب الميليشيات الحوثية، والمشروع الإيراني الداعم لها».

وتعهد رئيس مجلس القيادة اليمني بـ«عدم ترك أي فرصة للميليشيات المسيطرة بالقوة على صنعاء لشق الصف، والمزايدة في قضية الوحدة اليمنية»، مشيراً إلى أن الجماعة «فرضت واقعاً تشطيرياً بإجراءاتها الأحادية المميتة، بدءاً بمنع تداول الطبعة الجديدة من العملة، وإغلاق الطرق بين المدن، وفرض الجبايات والرسوم الجمركية بين المحافظات الشمالية والجنوبية، والمحررة وتلك الواقعة تحت سيطرتها، وتغيير المناهج الدراسية، وإعادة تشكيل المؤسسات المنتحلة على أساس عائلي، وطائفي، ومناطقي».

تحذير من النزاعات الداخلية

وحذر العليمي من «خطر النزاعات داخل معسكر الشرعية». وقال: «علينا ألا نسمح باستنزاف قدراتنا في نزاعات بينية، وأن نعمل على تحصين جبهتنا الداخلية وفاءً لتضحيات شعبنا وقواتنا المسلحة، والمقاومة الشعبية، وأشقائنا الأوفياء الذين سالت دماؤهم دفاعاً عن قضيتنا وحريتنا وكرامتنا». وأضاف: «إن الجنوب القوي والمتماسك مع باقي المدن والمناطق المحررة يشكل نقطة انطلاق إضافية للتحالف الجمهوري العريض، بعدما تحولت المحافظات الجنوبية إلى ملاذ لملايين النازحين الفارين من بطش الميليشيات الحوثية، وأرض للباحثين عن حياة آمنة، وسبل العيش الكريم من أبناء المحافظات الشمالية».

«الحوثيون» حالة مريضة واليمن قلب الأمة العربية!

حتى لا تبقى الأمور تختلط، إنْ قصداً وإن جهلاً والجاهل عدو نفسه، كما يقال، فإنّ هؤلاء الذين يوصفون بأنهم «حوثيون» ويصِفون أنفسهم بهذا الوصف، هم بؤرة إيرانية ملحقة وتابعة لمن يقول عن نفسه ويصفه أتباعه بأنه: «ولي فقيه»، وهو في حقيقة الأمر ليس ولياً ولا فقيهاً، فالأولياء الصالحون في الإسلام العظيم، حقاً وحقيقة، معروفون وهذا إنْ سابقاً وإن لاحقاً وحتى الآن... وهم سيبقون هكذا حتى يوم القيامة، وحيث إنه لا يمكن أن يكون هناك «اختلاف» في هذه الأمور الأساسية وهذه القضايا المفصلية التي بقيت متلاحقة ومتواصلة في التاريخ البعيد والقريب.
ولذلك فإنه لا بد من الفرز والإيضاح، فهؤلاء، أي «الحوثيون»، هم في حقيقة الأمر بؤرة إيرانية ناشطة جداً وهم لا أولياء ولا صالحون إطلاقاً، وإنّ هذا الذي يعتبرونه «ولياً فقيهاً» هو مجرد «جُنْدرميّ» «إيرانيّ»، فالأولياء الصالحون حقاً في الإسلام العظيم معروفون، وذلك إنْ الآن وإنْ سابقاً وإنْ على مدى حقب التاريخ البعيدة والقريبة والراهنة الحالية.
وإيران في هذا العهد، قد أصبحت «عدواً مبيناً» وهذا بعدما كانت دولة إسلامية شقيقة للأمة العربية، وقد تحوّلت إلى جسر لهذا التدخل الإيراني في الشؤون العربية كلها ومن الألف إلى الياء، كما يقال، حيث إنّ كل شيء قد بات واضحاً ومعروفاً ومن غير الممكن التغطية عليه.
ولذلك فإنه غير جائز أنْ يبقى «البعض» يتعامون عن هذه الحقيقة التي باتت واضحة والتي لا يمكن أن ينكرها إلا الذين يشكلون طابوراً خامساً... وسادساً وألفاً إيران التي كانت قد انقلبت على نفسها وعلى أشقائها العرب وأيضاً على معظم المسلمين... وهذا إنْ ليس كلهم، وقد غدت وعلى هذا النحو تتدخل كل هذا التدخل السافر والمعلن في الشؤون العربية والإسلامية كلها وليس في معظمها وفقط «وعلى عينك يا تاجر»، كما يقال ويتردد وكما هو معلن ولم ينكره لا هذا «الولي الفقيه» ولا كل الذين يتدثرون بالعباءات الفارسية التاريخية... وذلك مع أنّ بعضهم يصفون أنفسهم بالأولياء الصالحين... ومن آل البيت الكبير والعظيم!!
وعليه فإنّ «إيران» التي كانت قد انقلبت على نفسها وعلى أشقائها العرب والمسلمين، وحقيقة وعلى الشعب الإيراني الشقيق نفسه قد ذهبت بعيداً جداً في التدخل في الشؤون العربية الداخلية، وقد باتت تهيمن هيمنة إلحاقية واحتلالية وسافرة ليس على بعض دول العالم العربي وإنما العديد منها... وهنا فإن على مَن لديه أي شكوك في هذا المجال أن يلاحق ويتابع كل هذا التدخل الشائن والسافر في شؤون مَن مِن المفترض أنهم أشقاؤهم العرب، وحيث إنه لا ضرورة إطلاقاً لمثل هذا التدخل، وهذا لو أنّ الأمور بين هاتين الأمتين قد بقيت تسير في الاتجاه الصحيح!!
وهكذا فإنّ إيران، التي كنا كعرب عاربة... وأيضاً كعرب مستعربة، نعرفها ونعرف تاريخها الساطع والعظيم والنظيف في هذه المنطقة التي كانت قد ترددت عليها دول وأمم طامعة كثيرة، وحيث إنها قد بقيت إن بعد الإسلام العظيم والبعض يذهب بعيداً ويقول وإنْ قبله ودائماً وأبداً إلى جانب أشقائها العرب... وهذا حتى في العهد الشاهنشاهي الذي كان قد اغتيل في وضح النهار وعلى رؤوس الأشهاد، وكما يقال، وفي لحظة تاريخية مريضة ويبدو أنها لا تزال مريضة حتى الآن.
وهنا وإذا كان بعض المؤلفة قلوبهم وأيضاً وبعض الذين يهرفون بما لا يعرفون والذين قد ركبوا موجة التدثر بالعباءات وحشوا رؤوسهم بالعمائم قد تمادوا بعيداً في هذا الاتجاه، ولذلك فإنّ عليهم أن يعرفوا ويدركوا أنّ حركة التاريخ لا تقف عند لحظة تاريخية واحدة وأنّ هذه اللحظة المريضة حقاً ستزول حتماً... وأنّ العلي القدير لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
ويقيناً، إنّ التاريخ، تاريخ البشرية كلها، لا يبقى يسير في اتجاه واحد باستمرار، وإنه عندما تحتل إيران «الخامنئية» كل هذا الذي تحتله من العالم العربي... الخليجي والأفريقي وعلى مدى البحر الأحمر... حتى مضيق باب المندب وحتى بحر العرب... والاستمرار بالمضي في هذا الاتجاه... فإنه لا بد من اعتبار أنّ هذه الدولة، أي دولة الولي، هذا الذي يوصف بأنه «فقيه»، مثلها مثل «العدو الصهيوني» لا بل إنّ هناك مَن يقول وعلناً إنها أكثر خطراً منه، فإسرائيل هذه قد زُرِعت كخنجر في قلب العالم العربي كله، والمعروف أن قلب العالم العربي هو فلسطين، وهو بيت المقدس وقبة الصخرة المشرفة... وهو أيضاً كنيسة القيامة التي بقيت تشكل مثابة عربية... وأيضاً وإسلامية، نعم إسلامية، وعلى مدى كل هذا التاريخ الطويل... وإلى يوم يبعثون.
إننا نقول هذا لأنّ هذا العالم العربي العظيم قد جرى تمزيقه وعلى هذا النحو، وأنّ إيران «الخامنئية» قد تجاوزت الحدود كلها، وإنها عندما تحتل هذا الجزء من اليمن الذي كان سعيداً بالفعل قبل أن ينقلب تاريخ هذه المنطقة من «الجنب» العربي الفعلي والحقيقي والشرعي إلى هذا «الجنب» الإيراني... وإلى هذا «الجنب» الصهيوني وإلى كل هذا الذي نواصل رؤيته... صبحاً ومساءً وفي الأوقات كلها!!
وبالطبع، فإن الحكمة التي قد اتبعها أبناء هذه الأمة «الواحدة ذات الرسالة الخالدة» حقاً وفعلاً هي رسالة الإسلام العظيم... ورسالة الأديان السماوية كلها، والمؤكد أنّ حركة التاريخ المزعزع حالياً «ستتعدل» بالتأكيد... وهنا فإنّ من يشك ويشكك في هذا عليه أنْ يقرأ المسيرة التاريخية العربية البعيدة قراءة جيدة ليتأكد من أنّ هذه الأمة قد واجهت ما هو أكثر مأساوية مما تواجهه الآن... فالآن ومع كل هذه التحديات، فإن الوضع يبقى أخف وطأة مما كان قد واجهه العرب على مدى حقب التاريخ البعيد والقريب... وهذا إنْ في العهد العثماني وقبله... وحيث إنه قد كان هناك ما سُمي الحروب الصليبية... وكانت هناك كل تلك الاحتلالات التي لم تستثنِ بلداً عربياً واحداً، وهذا مع التأكيد على أن الوضع العربي بصورة عامة قد بات يلعب أدواراً رئيسية وفي أربع رياح الكرة الأرضية.
وهكذا وعليه، فإنّ هذه الاحتلالات كلها ستزول حتماً كما زالت احتلالات كثيرة سابقة كالاحتلال الفرنسي الذي كان قد جثم على صدر الجزائر، جزائر الشهداء العظام، سنوات طويلة أي لمائة واثنين وثلاثين عاماً، وهنا وحتماً وبالتأكيد فإنّ إسرائيل سترضخ لصوت العقل لا محالة، كما أنّ الذين تسللوا إلى هذا العالم العربي في لحظة تاريخية مريضة سيخرجون منه... علاوة على هذا الاحتلال الإيراني الذي شمل العراق وسوريا ولبنان وبعض اليمن الذي سيعود سعيداً وبالتأكيد وذلك بعد إخراج هؤلاء المحتلين كلهم منه، وهم بالتأكيد سيخرجون منه كما خرج الفرنسيون من الجزائر... بعد سنوات دامية طويلة.

مشاورات الرياض تبدأ صفحة جديدة في تاريخ اليمن

نجحت المشاورات اليمنية قبل أن تنعقد في الرياض بين 29 مارس (آذار) و7 أبريل (نيسان) 2022، فحالما تم الإعلان عنها وبعث الدعوات إليها بدأ زخم قوي لإنجاحها، وظهر أن الشعب اليمني والمكونات السياسية متعطشة إلى الوفاق وتوحيد الصف والانتقال من الحرب والتفكك إلى السلام والأمن. فتوافد المئات من السياسيين اليمنيين والمفكرين والنشطاء والخبراء إلى الرياض، وأعلن التحالف عن هدنة من جانب واحد، ومع أن الحوثي قلل من أهمية ما يحدث في الرياض، فإنه طرح مبادرة هو أيضاً، مما مهَّد الطريق إلى المبعوث الدولي للتوصل إلى هدنة لمدة شهرين.
واستمر هذا الزخم خلال المشاورات، بعد أن شُكلت 6 فرق عمل للمسارات: السياسية، والأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإعلامية، والإنسانية، كانت تلتقي يومياً في مقر الأمانة العامة للمجلس. وبالإضافة إلى ذلك عُقدت اجتماعات مكثفة، يومياً، بين المكونات اليمنية خارج نطاق الأمانة العامة، كانت تؤدي وظيفة هيئات استشارية غير رسمية للمشاورات التي قامت بها فرق العمل، بالإضافة إلى اجتماعات أعضاء مجلسي النواب والشورى والحكومة.
معظم المشاركين في فرق العمل كانوا منتظمين في حضور تلك الهيئات الاستشارية التي ترأسها قادة المكونات السياسية في الغالب، وكانت مجالاً لتقريب وجهات النظر في المشاورات اليومية.
بعد نقاشات مستفيضة على مدى عشرة أيام، ليلاً ونهاراً، توصلت المشاورات إلى مخرجات مهمة، وتفصيلية في بعض الأحيان، في كل مسار من المسارات الستة.
دعا مجلس التعاون الحوثيين إلى المشاورات، ولكنهم لم يستجيبوا للدعوة، ربما لمعرفتهم بأن نظرياتهم في الحكم لن تلقى القبول لدى غالبية اليمنيين. وبالفعل اتفق جميع المشاركين على أن الحوثيين هم السبب الرئيس في الأزمة التي يعيشها اليمن، سياسياً واقتصادياً وأمنياً، إلا أنهم رأوا في الوقت نفسه أن الحل يتم من خلال طاولة المفاوضات وليس استمرار الحرب.
ومنذ بداية المشاورات أيضاً، اتفق الجميع على أن الوضع يتطلب إعادة النظر في بعض مؤسسات الدولة، لتمكينها من أداء مهامها وتعزيز قدراتها على اتخاذ القرارات اللازمة سلماً أو حرباً.
وقد طُرح مقترح تشكيل مجلس رئاسي منذ البداية لعلاج حالة الجمود السياسي والعسكري، والتفكك، والاقتتال أحياناً، بين مكونات الشرعية. وللمجالس الرئاسية تاريخ طويل في تاريخ اليمن، وقدم «مركز صنعاء» الذي شارك في المشاورات، ورقة تفصيلية عن ذلك التاريخ، خلص فيها إلى الرأي الذي ساد بين المشاركين بملاءمة الظرف الحالي لتشكيل مجلس رئاسي يشمل الأطياف الرئيسية والفاعلة على الأرض.
لم تكن هناك سوى معارضة محدودة لفكرة تأسيس المجلس، أبداها ممثل أحد المكونات السياسية، ولم تظهر تلك المعارضة إلا في اليوم قبل الأخير من المشاورات. وفي نهاية الأمر أيد الجميع تشكيل المجلس الرئاسي، ودعوا المجلس الجديد إلى البدء في التفاوض مع الحوثيين تحت إشراف الأمم المتحدة، للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل.
ومن أهم التوصيات التي توصلت إليها المشاورات اليمنية ولكنها لم تحظَ باهتمام الإعلام، دعوة مجلسي النواب والشورى للانعقاد بصفة منتظمة، حضورياً أو افتراضياً، لممارسة مهامهما الدستورية، وهو مطلب مهم، إذ لم يجتمع المجلسان إلا مرات معدودة خلال السنوات الثماني الماضية. وقد أظهرت تجربة العالم مع جائحة «كوفيد» فاعلية عقد الاجتماعات البرلمانية افتراضياً. ومن المفروغ منه أن انعقاد البرلمان بصفة منتظمة سيكون له تأثير على تحسين أداء الأجهزة الحكومية وحوكمة أعمالها، وطمأنة المواطن والمجتمع الدولي إلى سلامة الإجراءات الحكومية.
ودعا المشاركون إلى تعزيز استقلال القضاء والنيابة العامة؛ حيث أصبحا عرضة للتهديد والتجاذبات السياسية والأمنية خلال فترة الحرب. وكان لوجود رئيس المحكمة العليا في المشاورات فضل كبير في تشكيل التوصيات في هذا الموضوع وغيره من المواضيع التي تم التطرق لها.
خلصت المشاورات إلى أن الحلول العسكرية قد فشلت في اليمن، ولهذا دعوا إلى قيام «هيئة التشاور والمصالحة» التي تأسست خلال المشاورات، إضافة إلى من ترى الهيئة مشاركته من حكماء اليمن، بالسعي لتقريب وجهات النظر، وتقليص نقاط الخلاف بين الأطراف المعنية، بما في ذلك الحوثيون، والانخراط في الحل السياسي، والجلوس على طاولة المفاوضات لمناقشة نقاط الخلاف كافة، والتخلي عن الحلول العسكرية، بدءاً بتعزيز الهدنة الحالية.
وتعزيزاً لوحدة الصف، اتفقت المشاورات على الحاجة إلى تسريع تنفيذ ما تبقى من خطوات في اتفاق الرياض، وتشكيل فريق للمتابعة لتحقيق ذلك. أما مسألة الجنوب فقد تم الاتفاق على وضع إطار تفاوضي خاص لها في عملية السلام الشاملة.
وناقشت المشاورات ضعف وتداخل أعمال الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة في كثير من المحافظات، مما أدى إلى اشتباكات بينها في بعض الحالات، ورأى المتشاورون وضع توصياتهم التفصيلية في هذا الشأن أمام «اللجنة الأمنية والعسكرية المشتركة» حال قيامها، وهي اللجنة التي صدر بتشكيلها قرار الرئيس في 7 أبريل، للعمل على تكامل القوات المسلحة في إطار سيادة القانون وإنهاء الانقسام وإنهاء جميع النزاعات المسلحة.
حظي الشأن الاقتصادي باهتمام كبير في المشاورات، وتم طرح كثير من أوراق العمل التفصيلية، واستمع المشاركون إلى إحاطات من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الدولي، وتم التوافق على عديد من الآليات لتحقيق التعافي والاستقرار وتعزيز النشاط الاقتصادي، وحوكمة الموارد المالية للدولة والإنفاق الحكومي، وتعزيز دور واستقلالية البنك المركزي اليمني، وإدارة الموارد الطبيعية للبلاد، بما في ذلك موارد النفط والغاز. وكان تشكيل الفريق الاقتصادي الذي صدر به قرار الرئيس خلال المشاورات إحدى النتائج المهمة لعمل الفريق الاقتصادي.
من المواضيع التي احتلت حيزاً كبيراً من المشاورات استفحال الفساد في كثير من مفاصل الدولة. وقد سبق أن أقر اليمن «الأجندة الوطنية للإصلاح» وشكل عدداً من المؤسسات واللجان لتنفيذها. فدعت المشاورات إلى متابعة استكمال تنفيذ تلك الإصلاحات وتفعيل دور المؤسسات الرقابية.
ومما اتفقت عليه مشاورات الرياض، أن مستقبل اليمن مرتبط بمستقبل مجلس التعاون، الامتداد الطبيعي والاستراتيجي لليمن، وأن اليمن يجب أن يكون طرفاً فاعلاً في الحفاظ على الأمن القومي العربي، ويبتعد عن المشروعات التي تعمل على تقويضه.
وكان قرار تقديم المملكة العربية السعودية حزمة مساعدات لليمن بمبلغ مليارين و300 مليون دولار، وتقديم دولة الإمارات العربية المتحدة مليار دولار آخر، صوتاً بالثقة في مجلس القيادة الرئاسي، وقدرته على توظيف توافق الرياض لتحقيق التوافق والسلام وتحسين الأوضاع المعيشية والخدمية للمواطنين.
شكلت مشاورات الرياض الخطوة الأولى في خريطة طريق طموحة للانتقال باليمن إلى حالة السلام والوفاق. والدور الآن لمجلس القيادة الرئاسي والكيانات الجديدة التابعة له، ومجلسي النواب والشورى، لرسم الخطوات التالية.

وأكد العليمي، أن وجود السلطة الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي والحكومة، والمؤسسات الوطنية العصرية، هو الضامن الحاسم لاستمرار الدعم السياسي للقضايا العادلة، وتدفق المساعدات، وتسهيل انتقال اليمنيين عبر الأقطار والقارات، وفق تعبيره.

وقال إن المجلس الذي يقوده سيمضي في التعاطي الجاد مع جهود السلام التي تقودها السعودية، جنباً إلى جنب مع خيار الردع لأي تهديد عدائي من جانب الميليشيات الحوثية.

ودعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، القوى السياسية، إلى استمرار تعزيز التفافها حول المجلس، وأن يكون الهدف إنهاء الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة، وخدمة الناس والتخفيف من معاناتهم، ضمن إطار عمل جامع، محذراً مما وصفه بـ«الاستغراق في المناكفات، والسجالات الخطابية والإعلامية».