خروقات تبطل أكثر من رُبع نتائج المرحلة الأولى من انتخابات «النواب» المصري

إعادة الاقتراع في 19 دائرة موزعة على 7 محافظات

رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات حازم بدوي لحظة إعلان نتائج المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية المصرية (لقطة مثبتة)
رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات حازم بدوي لحظة إعلان نتائج المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية المصرية (لقطة مثبتة)
TT

خروقات تبطل أكثر من رُبع نتائج المرحلة الأولى من انتخابات «النواب» المصري

رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات حازم بدوي لحظة إعلان نتائج المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية المصرية (لقطة مثبتة)
رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات حازم بدوي لحظة إعلان نتائج المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية المصرية (لقطة مثبتة)

أبطلت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر، الثلاثاء، أكثر من ربع نتائج المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، بواقع 19 دائرة انتخابية، موزعة على 7 محافظات، بعد رصد «خروقات» شابت العملية الانتخابية، في خطوة غير مسبوقة منذ سنوات، دفعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للتدخل.

وقال السيسي، الاثنين، إن «الأحداث التي وقعت في بعض الدوائر الانتخابية التي جرت فيها منافسة بين المرشحين على المقاعد الفردية، تخضع لفحص الهيئة الوطنية للانتخابات دون غيرها»، داعياً الهيئة إلى عدم التردد في الإلغاء الكامل للمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، حال ثبوت ذلك.

مصرية تدلي بصوتها في المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية (المجلس القومي للمرأة)

وعلى وقْع ترقّب واسع من المصريين بلغ سيناريوهات إلغاء نتائج الانتخابات بالكامل، قال المستشار حازم بدوي، رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، خلال مؤتمر صحافي لإعلان النتيجة الرسمية، الثلاثاء، إن الهيئة «رصدت مخالفات مُثبتة» في الدوائر الـ19 التي جرى إبطال نتائجها، من بين 70 دائرة، موضحاً أن القرار اتُّخذ «حفاظاً على إرادة الناخبين». وشدّد قائلاً: «لا تستُّر على أي مخالفة أو مُخالِف».

وشملت المحافظات التي أُلغيت فيها النتائج الجيزة، الإسكندرية، البحيرة، الفيوم، أسيوط، قنا، وسوهاج، واستحوذت محافظتا قنا وسوهاج وحدهما على 11 دائرة من بين الدوائر التي تقرَّر إعادتها.

وعزت الهيئة قرارها إلى مخالفات عدة في تلك الدوائر؛ منها عدم تسليم المرشح صورة من محضر حصر الأصوات، والتفاوت في عدد الأصوات بين اللجان الفرعية والعامة، وهي التي عدَّها رئيس الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات، أحمد بنداري، «عيوباً جوهرية تنال من نزاهة عمليتَي الاقتراع والفرز».

وأكد البنداري أن الإلغاء «يأتي وفقاً للمادة (54) من قانون مباشرة الحقوق السياسية»، مشيراً إلى أن عدد التظلمات التي تلقّتها الهيئة بلغ 88 تظلماً، وجرت مراجعتها قبل إعلان القرار.

وأعلن المستشار حازم بدوي فوز «القائمة الوطنية من أجل مصر»، وتضم 12 حزباً سياسياً، بعد تجاوزها النسبة القانونية بحصولها على أكثر من 5.2 مليون صوت في قطاعات شمال ووسط وجنوب الصعيد، بنسبة مشاركة بلغت 23.37 في المائة، وبلغت نسبة الأصوات الصحيحة نحو 92 في المائة من الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم.

مرشحون تابعون لحزب «مستقبل وطن» خلال مؤتمر انتخابي (الصفحة الرسمية للحزب)

وأُجريت الانتخابات في مرحلتها الأولى يوميْ 10و11 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وشملت 14 محافظة، تنافس فيها 1281 مرشحاً بالنظام الفردي داخل 70 دائرة انتخابية، عبر 5606 لجان فرعية يحقّ لـ35 مليون ناخب الإدلاء بأصواتهم فيها.

كان الرئيس المصري قد علّق على الجدل المُثار، مُلوّحاً بإمكان «إلغاء بعض النتائج أو حتى جميعها»، قائلاً إن «اختيار الشعب هو الأساس». ولقي موقفه ترحيباً واسعاً، بينما عدّه آخرون فرصة للدعوة إلى «إصلاح شامل» للمجال السياسي.

جاء ذلك على وقْع نقاشات سياسية واسعة، وتداول نشطاء ومدوّنين مقاطع مصوّرة تُوثّق شكاوى عدد من المرشحين بشأن «مخالفات وتزوير»، بينها استغاثة لمرشح في محافظة البحيرة موجّهة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومقطع آخر يُظهر «فرزاً مبكراً» داخل لجنة بدائرة المنتزه في الإسكندرية، وأقرّت الهيئة بصحة الفيديو الأخير، وقررت استبعاد الصندوق محل الطعن.

وعقب قرار إلغاء الاقتراع في 19 دائرة انتخابية، أبدى حزب «الوفد» تفاؤله بتغير في المشهد الانتخابي، في حين أشاد حزب «حماة الوطن» بـ«الهيئة الوطنية للانتخابات؛ لحرصها على إعمال مبدأ الشفافية والنزاهة في إعلان نتائج انتخابات مجلس النواب»، مشيراً إلى أن «النتيجة جاءت معبرة عن اختيارات الشارع المصري، وتعبيراً عن إرادته الحرة».

ولا يستبعد عضو مجلس الشيوخ والقيادي بحزب «الوفد» ياسر قورة حدوث مفاجآت في المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية مدفوعة بشعور لدى المواطنين بمتابعة دقيقة من جانب الرئيس المصري لتفاصيل المشهد الجاري، مُعيداً التذكير «بإحباط وشعور عام لدى المواطنين بأن الانتخابات شكلية ومحسومة، وانعكس ذلك على تدني مستويات المشاركة».

وفي حين أقرّ قورة، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، باستمرار «الوجود الكبير للمال السياسي في المشهد الانتخابي»، إلا أنه توقّع «تقلصه في ضوء التطورات الأخيرة التي من غير المستبعد أن تُغير خريطة التمثيل السياسي في البرلمان المقبل وتدفع بوجوه جديدة تحت القبة».

الرؤية نفسها أكدها الباحث السياسي المصري محمد حامد، الذي رأي، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، أن قرار إلغاء الانتخابات في بعض الدوائر هو قرار سليم للحفاظ على إرادة المصريين الانتخابية، أخذاً في الحسبان الظروف الدقيقة تمر بها مصر والإقليم بأكمله.

وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، في تصريحات نقلها المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، الثلاثاء، خلال زيارته لأكاديمية الشرطة، «أن التطورات الداخلية أكدت مدى تلاحم أبناء الشعب المصري، وحرصه على العبور بالبلاد إلى مرحلة التنمية والإنجازات، وأن التطورات الإقليمية تستوجب تكاتف جميع أبناء الوطن لمواصلة النهوض به وحمايته من أي تهديدات».

الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال زيارة الثلاثاء لأكاديمية الشرطة (الرئاسة المصرية)

وقُوبل قرار إلغاء الدوائر الانتخابية بمطالبَ أوسع من جانب قطاع من السياسيين المصريين؛ من بينها إعادة النظر في قوانين الانتخابات، وسَن تشريعات رادعة ضد دور المال السياسي في توجيه أصوات المصريين في الاقتراع، وهي رؤية يتبناها نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو هاشم ربيع، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط».

ووفق ما أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات، الثلاثاء، فإنه من المقرر أن تُعاد الانتخابات في الدوائر التسع عشرة بالخارج، في الأول والثاني من ديسمبر (كانون الأول المقبل، وفي الداخل يوميْ 3 و4 من الشهر نفسه، على أن تُعلن النتائج في 11 ديسمبر.

جاء ذلك بينما يترقّب المرشحون والأحزاب المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية التي يبدأ التصويت فيها بالخارج يوميْ 21 و22 من شهر نوفمبر، وفي الداخل يوميْ 24 و25 من الشهر نفسه.


مقالات ذات صلة

انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

شمال افريقيا أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)

انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

تواصلت انتخابات مجلس النواب المصري الأربعاء ببدء جولة الإعادة بالخارج في 19 دائرة بالمرحلة الأولى كانت الانتخابات قد أُلغيت فيها 

أحمد جمال (القاهرة )
العالم العربي مجلس النواب المصري الجديد في العاصمة الإدارية (مجلس النواب)

«النواب» المصري يغادر القاهرة نهائياً إلى العاصمة الجديدة

ودّع مجلس النواب المصري مقره التاريخي في قلب القاهرة نهائياً، بعد أن ظل على مدى نحو 160 عاماً شاهداً على تحولات سياسية وتاريخية مفصلية في مصر.

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا ناخبة قبل الإدلاء بصوتها في محافظة دمياط بشمال مصر (تنسيقية شباب الأحزاب)

مصر: «هيئة الانتخابات» تنشد إقبالاً أكبر وسط مؤشرات على «تراجع» المشاركة

جددت الهيئة الوطنية للانتخابات بمصر دعوتها المواطنين للإقبال على صناديق الاقتراع، وسط مؤشرات سابقة تشير إلى «تراجع» المشاركة في جولات سابقة شهدتها الانتخابات.

علاء حموده (القاهرة)
العالم العربي المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)

مصر تستكمل ماراثون الانتخابات البرلمانية وسط جدول مزدحم

تستكمل مصر ماراثون الانتخابات البرلمانية بانطلاق جولة الإعادة للمغتربين بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب، وسط جدول مزدحم.

عصام فضل (القاهرة)
رياضة عربية يعود المنتخب المصري للمشاركة في كأس العالم بعد غياب عن النسخة الماضية (اتحاد الكرة المصري)

أزمة «دعم المثلية» في كأس العالم تصل إلى البرلمان المصري

وصلت أزمة إقامة أنشطة تدعم المثلية بالتزامن مع لقاء منتخبي مصر وإيران، بكأس العالم المقرر إقامتها في يونيو (حزيران) المقبل، إلى مجلس النواب المصري (البرلمان).

أحمد عدلي (القاهرة)

رئيس وزراء السودان: مبادرتنا للسلام تستند إلى مرجعيات منها إعلان جدة

رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)
TT

رئيس وزراء السودان: مبادرتنا للسلام تستند إلى مرجعيات منها إعلان جدة

رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)

قال رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، اليوم الجمعة، إن الحكومة عرضت رؤيتها للسلام خلال جلسة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي، حيث تستند إلى مرجعيات من بينها إعلان منبر جدة، مشدداً على أن بلاده لن تقبل بوجود أي قوات أممية أو أي رقابة مفروضة عليها.

وأوضح إدريس، خلال مؤتمر صحافي في بورتسودان بعد عودته من الولايات المتحدة، أن معظم التفاعلات في جلسة مجلس الأمن تجاه مبادرة الحكومة للسلام كانت «إيجابية»، وأكد أن هذه المبادرة من شأنها أن توقف الحرب وتحقق السلام العادل والشامل للشعب السوداني.

وأضاف رئيس الوزراء: «نحن دعاة سلام ولسنا دعاة حرب، بل الحرب قد فُرضت علينا»، محذراً من أن أي هدنة لا يصاحبها نزع سلاح مَن سماهم «الميليشيات» ستؤدي إلى تعقيد الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.

رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (صور الأمم المتحدة)

وأوضح أن مبادرة الحكومة للسلام تستند إلى مرجعيات عدة، منها قرارات مجلس الأمن وإعلان منبر جدة الموقع في مايو (أيار) 2023، إلى جانب الزيارات التي أجراها رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان لا سيما لمصر وقطر.

كان رئيس الوزراء السوداني قد توجه إلى الولايات المتحدة يوم السبت الماضي ليبحث مع مسؤولين بالأمم المتحدة تعزيز التعاون بين الجانبين ويجري مشاورات بشأن تداعيات الحرب وآفاق السلام.

اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023 بعد صراع على السلطة خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تفضي إلى إجراء انتخابات للتحول إلى حكم مدني.

وتسيطر «قوات الدعم السريع» الآن على إقليم دارفور بالكامل في غرب السودان، بعدما أعلنت سيطرتها مؤخراً على مدينة الفاشر عقب حصارها لمدة 18 شهراً، فيما يسيطر الجيش على النصف الشرقي من البلاد.


مشاركة لافتة في أول انتخابات مباشرة بالصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

مشاركة لافتة في أول انتخابات مباشرة بالصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)

أفادت السلطات الصومالية، أمس (الخميس)، بأن انتخابات المجالس المحلية شهدت «إقبالاً واسعاً» في أول انتخابات مباشرة تجري بالبلاد منذ 57 عاماً.

ذلك الإقبال الذي تحدثت عنه مقديشو، تؤكده الصور التي تخرج من مراكز الاقتراع الـ523، ويراه خبير في الشؤون الأفريقية «يعكس رغبة شعبية خالفت رهانات المعارضة بعدم المشاركة، وتشكل فرصة لمسار ديمقراطي قد يتشكل عبر الانتخابات المباشرة، مما يدفع الرافضين لهذا المسار لبدء حوار بشأن المستقبل، لا سيما قبل رئاسيات 2026».

وتوافد سكان محافظة بنادر إلى مراكز الاقتراع للمشاركة في انتخابات المجالس المحلية المباشرة، في أول عملية انتخابية من هذا النوع تشهدها العاصمة مقديشو منذ نحو 6 عقود.

وافتُتح 523 مركزاً للاقتراع في تمام الساعة السادسة صباحاً بالتوقيت المحلي، وأغلقت عند السادسة مساءً، وسط إجراءات تنظيمية وأمنية مشددة شملت 16 مديرية من مديريات المحافظة التي تضم العاصمة مقديشو، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الصومالية»، الخميس، مشيرة إلى وجود «إقبال واسع على مراكز الاقتراع في بنادر».

وبحسب الجهات المختصة، تسلّم 503 آلاف و916 ناخباً بطاقات الاقتراع من بين المسجلين، تمهيداً للإدلاء بأصواتهم لاختيار ممثليهم في المجالس المحلية. وكان نظام التصويت المباشر قد أُلغي في الصومال بعد تولي الرئيس محمد سياد بري، السلطة عام 1969. ومنذ سقوط حكومته في 1991 يقوم النظام السياسي في البلاد على هيكل قبلي، فيما أعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود عن تسجيل 20 من التنظيمات السياسية، لافتة إلى أن 1604 مرشحين يتنافسون في انتخابات المجالس المحلية.

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، الدكتور علي محمود كلني، أن «تسجيل الانتخابات إقبالاً شعبياً لافتاً تجاوز التوقعات، عكس رغبة واضحة لدى سكان مقديشو في الانخراط بالعملية السياسية، وطيّ صفحة طويلة من العزوف القسري عن المشاركة الديمقراطية»، مشيراً إلى أنه «يُنظر إلى هذا الحراك الشعبي بوصفه مؤشراً على تعافٍ تدريجي تشهده العاصمة، سياسياً وأمنياً واجتماعياً، بعد سنوات من الهشاشة والصراع».

وأكد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود عقب الإدلاء بصوته، وذلك في مركز مسرح الدولة الوطنية، أن انتخابات المجالس المحلية في محافظة بنادر، تمثل «محطة تاريخية مفصلية وحلماً طال انتظاره»، مشيراً إلى أنها تشكل خطوة أساسية تقود البلاد نحو الانتخابات الدستورية الشاملة.

طوابير من الناخبين خلال الإدلاء بأصواتهم في محافظة بنادر (وكالة الأنباء الصومالية)

وعقب الإدلاء بصوته في ذلك الاقتراع، أكد رئيس الوزراء الصومالي، حمزة عبدي بري، أن الانتخابات المباشرة لمجالس الإدارة المحلية في إقليم بنادر تمثل خطوة مهمة لتعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد في البلاد.

وتقدمت سفارة الصومال بمصر في بيان، بالتهنئة لشعب وحكومة الصومال على بدء الانتخابات المحلية، مؤكدة أنها لحظة تاريخية وتحويلية، حيث يشارك المواطنون في هذه العمليات الديمقراطية لأول مرة منذ نحو 6 عقود.

ويعتقد كلني أن طريقة إدارة الحكومة للعملية الانتخابية، إلى جانب المشهد العام الذي ساد المدينة خلال يوم الاقتراع، حملا رسائل سياسية متعددة؛ من أبرزها قدرة الدولة على تنظيم استحقاقات انتخابية في بيئة أمنية معقّدة، والحدّ من المخاوف التي روّجت لها أطراف معارضة بشأن استحالة تطبيق مبدأ «صوت واحد لكل مواطن» في مقديشو.

وكان «مجلس مستقبل الصومال»، الذي يضم قوى سياسية معارضة، أعلن في ختام اجتماع عقده المجلس بمدينة كيسمايو، الأسبوع الماضي، رفضه الانتخابات المحلية، قائلاً إنها عملية «أحادية الاتجاه» تفتقر إلى التوافق الوطني. ومنح المجلس، الرئيس حسن شيخ محمود، مهلة لمدة شهر واحد لعقد حوار شامل لتجنب «فراغ دستوري محتمل وصراعات سياسية قد تهدد الاستقرار».

ورغم الشكوك العميقة التي عبّرت عنها قوى المعارضة حيال إجراء انتخابات المجالس المحلية في العاصمة مقديشو، والمخاوف الواسعة من احتمالات الاضطراب الأمني والسياسي، شهدت المدينة محطة سياسية غير مسبوقة، تمثلت في إجراء انتخابات محلية بعد ما يقارب 60 عاماً من الانقطاع، وفق كلني.

نائب رئيس الوزراء الصومالي صالح أحمد جامع خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)

وقد شكّلت هذه الانتخابات حدثاً استثنائياً في الوعي الجمعي، لا سيما لدى ما يقارب 3 أجيال من سكان العاصمة الذين لم يسبق لهم أن عايشوا عملية اقتراع رسمية مباشرة، يُمنح فيها المواطن حق اختيار ممثليه السياسيين عبر صندوق الاقتراع.

ويتصاعد الجدل داخل الصومال بشأن الانتخابات المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع، والذي أُجري عام 1968، والتي تأتي بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي كانت تعتمد في الأساس على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، والتي جرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة 4 عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية بقوة، وكانت العودة لاستكمال دستور 2012 المؤقت هي الشرارة الأبرز التي فاقمت الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وجوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر. واشتدت الخلافات بين الرئيس الصومالي والمعارضة بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو (أيار) الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

رئيس الوزراء الصومالي خلال جولة تفقدية في عدد من مراكز الاقتراع بالعاصمة مقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)

وسيطوي زخم الإقبال في تلك الانتخابات مشهد الخلافات، بحسب ما يعتقد كلني، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط»، أن مشهد الإقبال في الانتخابات قد يسفر عن ارتفاع مستوى الثقة الشعبية بالحكومة، لا سيما بالحزب الحاكم، بوصفه الجهة التي أشرفت على إنجاز الاستحقاق الانتخابي، وتعزيز ثقة الأحزاب والتنظيمات السياسية في المنظومة الأمنية الوطنية وقدرتها على تأمين الاستحقاقات الديمقراطية، وتحوّل تدريجي في موقف المعارضة التي كانت تشكك في إمكانية إجراء انتخابات مباشرة بالعاصمة.

ويتوقع أيضاً انجذاب شرائح من المتعاطفين مع المعارضة نحو الحكومة، مع احتمال انضمام بعضهم إلى صفوف الحزب الحاكم، فضلاً عن ازدياد ثقة المجتمع الدولي في المسار الانتخابي الصومالي، واستمرار دعمه لحكومة الرئيس حسن شيخ محمود من أجل تعميم الانتخابات المباشرة على كامل البلاد.


البرهان وإردوغان يناقشان «التعاون الدفاعي»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)
TT

البرهان وإردوغان يناقشان «التعاون الدفاعي»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع رئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان، آخر التطورات في السودان، و«التعاون الدفاعي» بين الجانبين، في ظل التطورات الأخيرة في السودان، وضمنها تحقيق «قوات الدعم السريع» تقدماً في ولاية شمال دارفور قرب الحدود مع تشاد.

واستقبل إردوغان، البرهان، بمراسم رسمية في القصر الرئاسي بأنقرة، أمس (الخميس)، ثم عقدا جلسة ثنائية، أعقبتها جلسة موسعة بحضور عدد من الوزراء. وتناولت المباحثات العلاقات الثنائية والتطورات في السودان، والخطوات الكفيلة بتحقيق الاستقرار الإقليمي، والتعاون الدفاعي بين أنقرة والخرطوم، حسبما ذكرت الرئاسة التركية.

وكانت تقارير كشفت سابقاً عن تزويد تركيا للجيش السوداني بطائرات مسيَّرة، العام الماضي، استخدمها لتحقيق تقدم مهم ضد «قوات الدعم السريع» في مناطق مثل الخرطوم والأبيض.

كما أعرب مندوب تركيا الدائم لدى الأمم المتحدة، أحمد يلدز، قبل أيام، عن إدانة بلاده الشديدة لـ«الظلم» الذي تمارسه «قوات الدعم السريع» ضد المدنيين في السودان.