مصر: جدل متصاعد حول «تأجير المستشفيات» الحكومية

«الوزراء» نفى وقف الخدمات الصحية وتسريح العاملين بها

جولات ميدانية لمسؤولين مصريين لمتابعة الخدمات الصحية ببعض المستشفيات (الصحة المصرية)
جولات ميدانية لمسؤولين مصريين لمتابعة الخدمات الصحية ببعض المستشفيات (الصحة المصرية)
TT

مصر: جدل متصاعد حول «تأجير المستشفيات» الحكومية

جولات ميدانية لمسؤولين مصريين لمتابعة الخدمات الصحية ببعض المستشفيات (الصحة المصرية)
جولات ميدانية لمسؤولين مصريين لمتابعة الخدمات الصحية ببعض المستشفيات (الصحة المصرية)

تصاعد الجدل في مصر مجدداً حول «تأجير المستشفيات» الحكومية لشركات القطاع الخاص، على خلفية نفي مجلس الوزراء أنباءً تحدثت عن بيع المنشآت الصحية المملوكة للدولة، وتسريح العاملين بها، ووقف الخدمات للمرضى.

وتشهد مصر جدلاً بشأن «تأجير المستشفيات» الحكومية منذ صدور قانون «تنظيم منح التزام المرافق العامة لإنشاء وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية»، المعروف إعلامياً بقانون «تأجير المستشفيات» الحكومية للقطاع الخاص، الذي أقره مجلس النواب (البرلمان) في مايو (أيار) العام الماضي، رغم اعتراضات نقابة الأطباء، التي رأت أنه يثير مخاوف بشأن «عدم حصول المواطنين على خدمات علاجية بسعر مناسب». ودخل القانون حيز التنفيذ عقب تصديق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عليه في يونيو (حزيران) 2024.

وأكد «المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري»، الاثنين، عدم صحة الأنباء بشأن «اعتزام الحكومية التخلي عن المستشفيات الحكومية، من خلال بيعها ووقف الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين»، وأوضح في بيان صحافي أن «المستشفيات الحكومية ستظل مملوكة للدولة، وستواصل تقديم الخدمات الصحية للمواطنين بشكل طبيعي ومنتظم وبكفاءة عالية».

ووفق «المركز» فإنه «لن يتم تسريح أي من العاملين في المستشفيات الحكومية، بل تعمل الدولة على تحسين أوضاع العاملين في القطاع الصحي وتحفيزهم وتحسين بيئة العمل، على أن يتم تطبيق ضوابط لتشغيل المنظومة بشكل أكثر احترافية، وبما يضمن تحسين كفاءة الأداء، دون الاستغناء عن أي فرد»، وأشار إلى أن «جهود الدولة الحالية تستهدف رفع كفاءة المنظومة الصحية وتحسين جودة الخدمات المقدمة، من خلال تعزيز أوجه التعاون مع القطاع الخاص، سواء في إنشاء أو تطوير أو إدارة المنشآت الصحية، بما يسهم في توسيع نطاق التغطية الصحية ورفع كفاءة الخدمات على مستوى ربوع البلاد، مع التأكيد على أن حق المواطن في الحصول على الخدمة الصحية مكفول ومحفوظ دون أي مساس، بالآلية المتبعة نفسها من خلال التأمين الصحي أو العلاج على نفقة الدولة».

المقرر المساعد لـ«لجنة الصحة» في «الحوار الوطني» المصري، الدكتور محمد حسن خليل، أرجع تكرار الجدل بشأن «تأجير المستشفيات» الحكومية إلى ما وصفه بـ«تخوفات المواطنين» من عدم القدرة على تحمل تكلفة الرعاية الصحية. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «إسناد إدارة المستشفيات الحكومية إلى القطاع الخاص (تأجير المستشفيات) يُشكل خطراً على المنظومة الصحية، ويحول الرعاية الصحية من خدمة إلى سلعة، لأن الشركات الخاصة تسعى إلى الربح، وهو ما يعني أنها سوف ترفع تكلفة الخدمات الصحية، بما يضيف أعباء مالية جديدة على المواطنين».

ويتيح قانون «تأجير المستشفيات» تولي شركات القطاع الخاص إدارة وتشغيل المستشفيات الحكومية على «ألا تقل مدة الالتزام من خلال التعاقد مع الحكومة عن 3 أعوام، ولا تزيد على 15 عاماً، مع عودة جميع المنشآت الصحية، بما فيها من تجهيزات وأجهزة طبية لازمة لتشغيلها إلى الدولة في نهاية مدة الالتزام، دون مقابل وبحالة جيدة».

كما تضمنت إحدى مواد القانون «إلزام المستثمر باستمرار تشغيل نسبة لا تقل عن 25 في المائة، حداً أدنى قابلاً للزيادة من العاملين بالمنشأة الصحية (من الأطباء والطواقم الطبية والعاملين)».

ويرى خليل أن «إسناد إدارة المستشفيات الحكومية للقطاع الخاص سيزيد تكلفة الرعاية الصحية على المواطن، كما أنه على عكس التصورات الحكومية سيحمل الدولة أعباء مالية إضافية، فهي (الحكومة) ستحصل على مقابل مالي للتأجير، لكنها ستضطر لدفع مبالغ كبيرة لشراء الخدمة الصحية من المستثمر الذي يدير المستشفى للوفاء بالتزاماتها بتقديم الخدمات الصحية المجانية للمواطنين».

جانب من حملات توعية ميدانية للمواطنين للاستفادة من برامج الخدمات الصحية المجانية (وزارة الصحة المصرية)

وبلغ عدد المستشفيات في مصر 1798 عام 2020، وفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بينها 662 مستشفى تبع الحكومة، بينما بلغ عدد الأَسِّرة بالمستشفيات الحكومية نحو 88597 سريراً.

في المقابل يرى الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور وائل النحاس أن «إسناد إدارة وتشغيل المستشفيات الحكومية إلى القطاع الخاص سوف يسهم في تطوير القطاع الصحي وتحسين جودة الخدمات»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك شركات متخصصة تدير المستشفيات باحترافية كبيرة، وسيسهم تطبيق هذا التوجه بمصر في النهوض بالقطاع الصحي، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين».

وأكد النحاس أنه «يمكن للدولة خلال التعاقد مع هذه الشركات أن تحصل على نسبة من الخدمات العلاجية المقدمة بالمستشفى بأسعار مخفضة، تستخدمها في تقديم الخدمات الصحية لمواطنيها غير القادرين أو مرضى نظام التأمين الصحي، وبذلك ستحقق الدولة أرباحاً مالية من التأجير، مع ضمان تقديم خدمة صحية جيدة لجميع المواطنين وخصوصاً غير القادرين».

وتراهن الحكومة المصرية على التوسع في تطبيق مشروع «التأمين الصحي الشامل» لضمان استمرار تقديم الخدمات الصحية ووصولها إلى المواطنين كافة، وبلغ عدد المحافظات التي بدأ فيها تطبيق المشروع في المرحلة الأولى ست محافظات، وأقر مجلس النواب قانون «التأمين الصحي الشامل» عام 2018، وخضع لتعديلات تشريعية لاحقة في بعض مواده، وبدأت الحكومة تطبيقه منذ عام 2019 تدريجياً على مراحل مختلفة للوصول إلى تغطية المحافظات كافة.

وربط النحاس نجاح إسناد إدارة المستشفيات الحكومية للقطاع الخاص بضرورة وجود «رقابة صارمة»، مؤكداً أنه «يجب أن تضع الحكومة المصرية آليات رقابية صارمة لمراقبة أداء هذه الشركات والتزامها ببنود التعاقد، وضمان جودة الخدمات الصحية، وعدم الإخلال بحق المريض في العلاج بأي شكل».


مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»

شؤون إقليمية جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)

مصر تدعو إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»

تواصل مصر اتصالاتها لخفض التصعيد وتعزيز الاستقرار في المنطقة. ودعت، السبت، إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)

وزير الخارجية المصري يدعو إلى نشر قوة استقرار دولية في غزة «بأسرع وقت»

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اليوم (السبت) أنه ينبغي نشر قوة دولية لإرساء الاستقرار في غزة على طول «الخط الأصفر» للتحقق من وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (الدوحة - القاهرة)
المشرق العربي طفل فلسطيني نازح ينظر من خلال غطاء مصنوع من البطانيات أثناء لجوئه إلى مدرسة تديرها «الأونروا» في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

مصر ترحب بموافقة «الأمم المتحدة» على تمديد ولاية «الأونروا» 3 سنوات

رحبت مصر بموافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على تمديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لمدة 3 سنوات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج معبر رفح الحدودي بين مصر والأراضي الفلسطينية (أرشيفية - رويترز)

قلق عربي - إسلامي لنية إسرائيل إخراج الغزيين باتجاه مصر

أعربت السعودية و7 دول عربية وإسلامية عن بالغ القلق إزاء تصريحات إسرائيل بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

أعرب بدر عبد العاطي عن اعتزاز مصر بـ«الشراكة الاستراتيجية» مع روسيا، التي تمثل إطاراً حاكماً للتعاون الثنائي في مختلف القطاعات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

وزير الخارجية المصري يدعو إلى نشر قوة استقرار دولية في غزة «بأسرع وقت»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)
TT

وزير الخارجية المصري يدعو إلى نشر قوة استقرار دولية في غزة «بأسرع وقت»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)

دعا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اليوم (السبت) إلى الإسراع في نشر قوة استقرار دولية نصت عليها المرحلة الثانية من اتفاق السلام في قطاع غزة، لمراقبة وقف إطلاق النار.

وقال عبد العاطي خلال منتدى الدوحة: «فيما يتعلق بقوة الاستقرار الدولية، فإننا بحاجة إلى نشر هذه القوة بأسرع وقت ممكن على الأرض؛ لأن أحد الأطراف -وهو إسرائيل- ينتهك وقف إطلاق النار يومياً... لذا نحن بحاجة إلى مراقبين».

وأضاف أن معبر رفح البري بين مصر وغزة «لن يكون بوابة للتهجير؛ بل لإمداد غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية فقط».

وحسب مشروع قرار بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة واقترحته واشنطن، ستستخدم القوة الدولية «جميع التدابير اللازمة» لنزع سلاح غزة، وحماية المدنيين، وإيصال المساعدات، وتأمين حدود القطاع، ودعم قوة شرطة فلسطينية مدربة.


بعد تمديد ولاية «الأونروا»... أبو الغيط يدعو الدول المانحة إلى التحرك لسد فجوة التمويل

الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)
TT

بعد تمديد ولاية «الأونروا»... أبو الغيط يدعو الدول المانحة إلى التحرك لسد فجوة التمويل

الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)

رحّب أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط اليوم (السبت)، بنتائج تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح الموافقة على تمديد ولاية «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) لمدة ثلاث سنوات.

وأكد أبو الغيط في بيان أن الوكالة الأممية تلعب دوراً لا غنى عنه في إعاشة وتشغيل ملايين اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، وأن دورها يكتسب إلحاحاً أكبر بسبب الكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة جراء الحرب الإسرائيلية الوحشية التي امتدت لعامين.

ووجّه أبو الغيط نداء لكافة الدول المانحة بالتحرك على نحو عاجل لسد فجوة التمويل التي تعاني منها الوكالة الدولية، والتي تبلغ نحو 200 مليون دولار، لتمكينها من مواصلة عملها الإنساني الذي لا غنى عنه.

ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس (الجمعة) على تمديد عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لمدة ثلاث سنوات إضافية.


هولندا: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
TT

هولندا: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)

في إطار الدينامية الدولية التي أطلقها العاهل المغربي، الملك محمد السادس، دعماً لسيادة المغرب على صحرائه ولمخطط الحكم الذاتي، أكدت هولندا أن «حكماً ذاتياً حقيقياً تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر واقعية لوضع حد نهائي لهذا النزاع الإقليمي».

جرى التعبير عن هذا الموقف في الإعلان المشترك الذي تم اعتماده، اليوم الجمعة في لاهاي، من جانب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزير الشؤون الخارجية وزير اللجوء والهجرة بالأراضي المنخفضة، ديفيد فان ويل، عقب لقاء بين الجانبين.

سجل الإعلان المشترك أيضاً أن هولندا «ترحب بمصادقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القرار رقم 2797، وتعرب عن دعمها الكامل لجهود الأمين العام ومبعوثه الشخصي»، الرامية إلى تسهيل وإجراء مفاوضات قائمة على مبادرة الحكم الذاتي المغربية، وذلك بهدف التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول من الأطراف، كما أوصت بذلك قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وأعرب الوزيران عن ارتياحهما للعلاقات الممتازة والعريقة، التي تجمع بين المغرب وهولندا، وجددا التأكيد على الإرادة المشتركة لمواصلة تعزيز التعاون الثنائي، المبني على صداقة عميقة وتفاهم متبادل، ودعم متبادل للمصالح الاستراتيجية للبلدين.

كما رحّبا بالدينامية الإيجابية التي تطبع العلاقات الثنائية في جميع المجالات، واتفقا على العمل من أجل الارتقاء بها إلى مستوى شراكة استراتيجية.

وخلال اللقاء أشادت هولندا بالإصلاحات الطموحة التي جرى تنفيذها تحت قيادة الملك محمد السادس، وبالجهود المبذولة في مجال التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً عبر النموذج التنموي الجديد، وإصلاح مدوّنة الأسرة، ومواصلة تفعيل الجهوية المتقدمة.

كما أشادت هولندا بالجهود المتواصلة التي يبذلها المغرب من أجل الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل.

وإدراكاً لأهمية التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة، أكدت هولندا عزمها على تعزيز الحوار والتعاون مع المغرب في هذا المجال، موضحة أنه سيتم بحث المزيد من الفرص لتعزيز هذه الشراكة خلال الحوار الأمني الثنائي المقبل.

كما أشادت هولندا بالمبادرات الأطلسية، التي أطلقها الملك محمد السادس لفائدة القارة الأفريقية، ولا سيما مبادرة مسار الدول الأفريقية الأطلسية، والمبادرة الملكية الرامية إلى تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، ومشروع خط أنابيب الغاز الأطلسي نيجيريا - المغرب.