تصعيد إسرائيل بجنوب لبنان يقوّض «إيجابيات» اجتماع «الميكانيزم»

نائب لبناني: قرار دوليّ وإقليميّ بإنهاء أذرع إيران العسكرية

جنود لبنانيون ضمن دورية قرب «الخط الأزرق» الحدودي بين لبنان وإسرائيل (إ.ب.أ)
جنود لبنانيون ضمن دورية قرب «الخط الأزرق» الحدودي بين لبنان وإسرائيل (إ.ب.أ)
TT

تصعيد إسرائيل بجنوب لبنان يقوّض «إيجابيات» اجتماع «الميكانيزم»

جنود لبنانيون ضمن دورية قرب «الخط الأزرق» الحدودي بين لبنان وإسرائيل (إ.ب.أ)
جنود لبنانيون ضمن دورية قرب «الخط الأزرق» الحدودي بين لبنان وإسرائيل (إ.ب.أ)

ناقضت إسرائيل «الإيجابية» التي انبثقت عن اجتماع اللجنة الخماسية للإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب لبنان (الميكانيزم) الأربعاء؛ إذ سارعت بعد ساعات على الاجتماع إلى التوغل داخل الأراضي اللبنانية، وتنفيذ غارات جوية بالجنوب، وعادت مسيّراتها ومقاتلاتها للتحليق في أجواء بيروت وضاحيتها الجنوبية.

ومع إعلان الرئيس اللبناني جوزيف عون تكليف الجيش التصدي لأي توغّل إسرائيلي، تصاعدت الرسائل الميدانية سريعاً؛ إذ قصفت الطائرات الإسرائيلية محيط بلدة الرئيس اللبناني، العيشية، خلال لقائه قائد الجيش العماد رودولف هيكل، كما حلّقت المسيّرات بكثافة فوق الضاحية الجنوبية لبيروت، وصولاً إلى سماء بعبدا حيث يقع القصر الرئاسي، في مشهد اعتُبر رسالة مباشرة إلى مؤسسات الدولة.

وقالت «الوكالة الوطنية للإعلام» إن الطيران الحربي الإسرائيلي جدّد غاراته على منطقة الجرمق - المحمودية المحاذية لمسقط رأس الرئيس اللبناني، إضافة إلى استهداف الأطراف الشرقية لسهل الميدنة في كفررمان مرتين خلال أقل من عشرين دقيقة. وتزامن ذلك مع غارة على منطقة اللبونة في الناقورة، وتفجير في بلدة العديسة استهدف النادي الحسيني، فضلاً عن غارة بمسيّرة استهدفت بلدة حاروف بالنبطية، وغارة أخرى استهدفت منزلاً في شبعا.

قرار دولي بإنهاء أذرع إيران

ويرى النائب في البرلمان اللبناني اللواء أشرف ريفي أن هذا التطور الميداني «حلقة ضمن تحوّل استراتيجي»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إنّ «ما نشهده من تطورات ميدانية وتصعيد متدرّج، ليس حدثاً ظرفياً ولا مرتبطاً فقط بردود يومية على أي اجتماع أو موقف، بما في ذلك اجتماع آلية (الميكانيزم) الأخير، بل يأتي في إطار مسار استراتيجي أوسع».

الدخان يتصاعد نتيجة غارات إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان الخميس (أ.ف.ب)

وبدا التصعيد اختباراً لمقررات اجتماع «الميكانيزم» في الناقورة، ويرسم ملامح وجهة الأسابيع المقبلة. ويقول ريفي: «هناك قرار دوليّ وإقليميّ واضح بإنهاء كلّ أذرع إيران العسكرية في المنطقة، بعدما انتهى الدور الذي كانت تضطلع به ضمن اللعبة الدولية»، مشيراً إلى أنّ «هذا الأمر يشمل (حزب الله) في لبنان، والحوثيين في اليمن، والفصائل المرتبطة بطهران في العراق وسوريا».

ويتابع ريفي: «الرسالة الدولية باتت مباشرة، ومفادها أنه إذا لم تقم الدولة اللبنانية بحسم مسألة السلاح غير الشرعي، فهناك خطة بديلة ستُنفَّذ؛ أي إنّ المطلوب أن تُنفَّذ الخطة (أ) عبر الدولة؛ لأنّ الخيار الآخر سيكون مكلفاً على اللبنانيين».

وبينما يلفت إلى وجود مرحلة مختلفة تماماً عنوانها «إنهاء الوجود العسكري الإيراني في المنطقة»، يشدّد على أنّ «الخيار الأفضل للبنان هو أن يُستعاد القرار الوطني عبر المؤسسات الشرعية؛ لأنّ ذلك أرحم للبلد وأقل تكلفة على شعبه من أي سيناريو آخر».

تفويض استراتيجي لإسرائيل

ولا يعكس المشهد الحالي تناقضاً بين واشنطن وتل أبيب على إنهاء ملف سلاح «حزب الله»؛ فمن جهة واشنطن تُمسك بإطار التفاوض والفعل الدبلوماسي، وإسرائيل تتحرك على الأرض لتثبيت سقف أي تسوية مقبلة.

ويضع العميد المتقاعد ناجي ملاعب المشهد في إطار عسكري - سياسي موازٍ، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إنّ «التصعيد الإسرائيلي الأخير لا يشكّل تحدياً للجنة (الميكانيزم)؛ لأن إسرائيل أساساً ليست معنية بكبح عملياتها العسكرية»، لافتاً إلى أن «(الميكانيزم) لم يظهر يوماً كأداة ضغط على إسرائيل، بل كل ما يعنيه هو مراقبة أداء الجيش اللبناني، وقد أثبت الجيش بالأمس احترافه والتزامه الكامل، وهذا ما يراه الجانب الدولي».

ويقول ملاعب: «من يراقب المشهد يفهم أن المؤشرات العسكرية الإسرائيلية تأتي ضمن رؤية أميركية ودولية واضحة، تقوم على أنّ الموقف الأميركي حاسم لجهة دعم الرؤية الإسرائيلية التي تقوم على نزع سلاح (حزب الله) وعدم التطرّق إلى مسألة الاحتلال أو الانتهاكات الإسرائيلية».

دورية لقوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان قرب الحدود مع إسرائيل (أ.ف.ب)

ويرى أنّ «استمرار القصف الجوي والطائرات المسيّرة أمر متوقَّع وطبيعي في سياق التصعيد الحالي»، ويشير إلى التحول في العقيدة الإسرائيلية، قائلاً: «إسرائيل انتقلت من العمل العسكري داخل حدودها إلى استراتيجية الهجوم خارجها، وهذه الاستراتيجية تتبنّاها الإدارة الأميركية بالكامل». ويُضيف محذّراً: «عندما تغيب فكرة الاحتلال كلياً من الطرح، تصبح المعادلة واضحة: نحن أمام تصعيد عسكري مغطّى أميركياً».

وبينما يقول إنه لا ينتظر «الكثير من (الميكانيزم) ما دامت الولايات المتحدة تتبنّى بالكامل الاستراتيجية الإسرائيلية»، يشير إلى أنّ «الضغط سيستمرّ والبيئة الدولية غير مستعدة لمناقشة الاحتلال، أو تعديل قواعد الاشتباك».

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

استياء رسمي لبناني من «حماس» لرفضها تسليم سلاحها

المشرق العربي أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

استياء رسمي لبناني من «حماس» لرفضها تسليم سلاحها

في وقت يستكمل فيه الجيش اللبناني عملية تسلُّم السلاح من المخيمات الفلسطينية في مختلف المناطق اللبنانية، تُطرح الأسئلة حول مصير سلاح حركة «حماس» في لبنان

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يعودون إلى الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 نوفمبر 2024 إثر دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ (أرشيفية - إ.ب.أ)

تجمّع سكني لـ«حزب الله» في شرق لبنان يطرح تساؤلات أمنية وسياسية

تقدمت النائبة غادة أيوب بسؤال إلى الحكومة «حول قيام (حزب الله) بإنشاء هذا المجمع خارج أي إجراء رسمي واضح» في وقت لا تزال فيه المعلومات بشأنه ساكنيه غير واضحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مستقبلاً رئيس الحكومة نواف سلام (رئاسة البرلمان)

تحييد لبنان وحصرية السلاح يتصدران الحراك السياسي نهاية العام

تشهد الساعات الأخيرة من عام 2025 حراكاً سياسياً يتمحور بشكل أساسي حول تحييد لبنان جولة جديدة من الحرب واستكمال خطة حصرية السلاح.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الضابط المتقاعد من «الأمن العام اللبناني» أحمد شكر الذي خُطف من شرق لبنان (أرشيف العائلة - الشرق الأوسط)

أدلة جديدة تعزز فرضية خطف «الموساد» الضابط اللبناني المتقاعد أحمد شكر

يوماً بعد يوم، تتعزز الأدلة المستقاة من التحقيقات الأمنية والقضائية التي ترجّح خطف جهاز «الموساد» الإسرائيلي النقيب اللبناني المتقاعد أحمد شكر.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي (أرشيفية)

وزير خارجية لبنان يدعو نظيره الإيراني إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات

دعا وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي، في رسالة لنظيره الإيراني عباس عراقجي، اليوم الثلاثاء، إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مسؤولان يمنيان لـ«الشرق الأوسط»: قرارات العليمي لحماية سيادة الدولة

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
TT

مسؤولان يمنيان لـ«الشرق الأوسط»: قرارات العليمي لحماية سيادة الدولة

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)

أكَّد مسؤولانِ يمنيان أنَّ القرارات الأخيرة الصادرة عن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، تمثل تحولاً سياسياً مفصلياً يهدف إلى حماية المركز القانوني للدولة ومنع تفكّكها، في لحظة إقليمية وأمنية بالغة الحساسية.

وقالَ بدر باسلمة، مستشار رئيس المجلس، إنَّ اليمن يشهد محاولة جادة لـ«هندسة عكسية» تعيد للدولة زمام المبادرة بدعم إقليمي، وفي مقدمته الموقف السعودي.

من جهته، شدّد متعب بازياد، نائب مدير مكتب رئيس الوزراء اليمني على أنَّ القرارات استندت إلى صلاحيات دستورية لمواجهة أخطار داهمة تهدّد وحدة البلاد، محذراً من تكرار نماذج استخدام السّلاح خارج إطار الدولة.

وأكّد بازياد أنَّ دعم السعودية يأتي في سياق حماية الاستقرار، وخفض التصعيد، وصون الأمن يمنياً وإقليمياً، بما يتَّسق مع مخرجات الحوار الوطني ومسار السلام.


استكمال رئاسة برلمان العراق

أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
TT

استكمال رئاسة برلمان العراق

أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)

أنهى البرلمان العراقي سريعاً أزمة سياسية، أمس، بعد استكمال انتخاب رئيسه ونائبيه، وذلك بالتصويت للنائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني فرهاد الأتروشي، نائباً ثانياً لرئيس البرلمان، بعد جولة ثالثة من التصويت.

جاء الحسم عقب استبدال الحزب الديمقراطي مرشحَه السابق شاخوان عبد الله، الذي أخفق خلال جولتين متتاليتين في نيل الأغلبية المطلقة.

واكتمل عقد رئاسة المجلس، بعد انتخاب هيبت الحلبوسي رئيساً للبرلمان بـ208 أصوات، وفوز عدنان فيحان بمنصب النائب الأول بـ177 صوتاً.

وعقب إعلان النتائج، تسلَّمتِ الرئاسة الجديدة مهامَّها رسمياً، وأعلن الحلبوسي فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، إيذاناً ببدء الاستحقاقات الدستورية التالية التي تنتهي بمنح الثقة لرئيس الحكومة الذي من المقرر أن يختاره تحالف الإطار التنسيقي الشيعي، الذي أعلن نفسه، رسمياً، الكتلة الكبرى في البرلمان.


الجيش الإسرائيلي يعلن قتل رجل حاول دهس جنود في الضفة الغربية المحتلة

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن قتل رجل حاول دهس جنود في الضفة الغربية المحتلة

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)

أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، أنه قتل رجلاً حاول دهس مجموعة من الجنود بسيارته في شمال الضفة الغربية المحتلة.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قال الجيش، في بيان: «ورد بلاغ عن إرهابي حاول دهس جنود من الجيش الإسرائيلي كانوا ينفّذون نشاطاً في منطقة عينابوس»، مضيفاً أنه «ردّاً على ذلك، أطلق الجنود النار على الإرهابي وتم تحييده».

ولم يقدّم البيان تفاصيل إضافية عن الحادث الذي وقع بعد أيام من إقدام مهاجم فلسطيني على قتل رجل وامرأة إسرائيليين دهساً وطعناً، قبل أن يُقتل، في الضفة الغربية المحتلة.

وعقب ذلك الحادث، الذي وقع الجمعة، نفّذ الجيش عملية استمرت يومين في بلدة قباطية، التي ينحدر منها المنفّذ، واعتقل عدداً من سكانها، بينهم والده وإخوته.

وارتفعت وتيرة العنف في الضفة الغربية المحتلة بعد اندلاع الحرب في قطاع غزة إثر الهجوم الذي شنّته «حماس» على جنوب الدولة العبرية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ومذاك، قُتل ما لا يقل عن 1028 فلسطينياً، بينهم مسلحون، على أيدي جنود أو مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية، وفق أرقام وزارة الصحة الفلسطينية.

ومنذ بداية الحرب في غزة، قُتل ما لا يقل عن 44 شخصاً، بينهم أجنبيان، في هجمات نفّذها فلسطينيون أو خلال عمليات عسكرية إسرائيلية، وفق إحصاء لوكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى أرقام رسمية.