مرشحون عراقيون يستدعون العشيرة إلى سباق الانتخابات

المالكي حذر من «مشاريع مشبوهة» لتأجيل الاقتراع

موظف في «هيئة الانتخابات» العراقية يحمل صندوقاً بمركز لفرز الأصوات المحلية في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
موظف في «هيئة الانتخابات» العراقية يحمل صندوقاً بمركز لفرز الأصوات المحلية في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

مرشحون عراقيون يستدعون العشيرة إلى سباق الانتخابات

موظف في «هيئة الانتخابات» العراقية يحمل صندوقاً بمركز لفرز الأصوات المحلية في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
موظف في «هيئة الانتخابات» العراقية يحمل صندوقاً بمركز لفرز الأصوات المحلية في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

في مشهدين متزامنين من بغداد وكربلاء، أطلق رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وسلفه رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، رسائل مشفرة خلال لقاءين منفصلين مع شيوخ عشائر، حذّر كل منهما من تهديدات مختلفة تلوح في أفق العملية السياسية.

السوداني، وخلال استقباله وجهاء وشيوخ مناطق جنوب بغداد، شدّد على ضرورة أن تكون الانتخابات «تنافساً على أساس البرامج والمشاريع، لا التهديد والترهيب وشراء الذمم»، مؤكداً أن هذا «الأسلوب لا يبني دولة».

في المقابل، حذر المالكي، من كربلاء، مما وصفه بـ«المشاريع المشبوهة» التي تسعى لتأجيل الانتخابات، قائلاً: «لن نقبل أن يعيش جزء من العراقيين في المعاناة، والآخر في الرفاه»، مضيفاً أن بعض الأطراف «تتحرك في الظلام» لمنع إجراء الانتخابات، مؤكداً أنها «ستُجرى رغم كل المحاولات».

وتحوّل استدعاء العشيرة إلى أداة مزدوجة، تُستخدم في السياسة تارة، وفي تسويات الوظائف والنزاعات الإدارية تارة أخرى. ويشير مراقبون إلى أن هذه الظاهرة تعكس تراجع قوة القانون، مقابل صعود تأثير العرف العشائري في مؤسسات الدولة.

وباتت العشيرة، إحدى أبرز الركائز التقليدية في العراق، عنصراً فاعلاً في الحملات الانتخابية والنزاعات الوظيفية، وسط تزايد الاستقطاب وتراجع ثقة الشارع في المؤسسات الرسمية.

وقال الخبير القانوني سيف السعدي لـ«الشرق الأوسط»، إن استدعاء العشيرة له «إيجابيات وسلبيات»، موضحاً أن العشيرة قد تسهم في «فض النزاعات الاجتماعية، لكن تدخلها في القضايا الوظيفية يقوّض القانون ويزيد من الانقسام».

وفي موسم الانتخابات، تلعب العشائر دوراً بارزاً في حشد الأصوات، إذ يسعى المرشحون إلى كسب دعم الشيوخ والوجهاء لضمان ولاء الناخبين، ما يؤدي أحياناً إلى انقسامات داخل العشيرة الواحدة، أو إلى صراعات بين عشائر متنافسة.

وتتراوح التجاوزات بين تمزيق صور الحملات الانتخابية والتهديد، إلى حوادث عنف واغتيالات، حسب مصادر محلية. ويقول السعدي إن «العشيرة تفرض أحياناً مرشحاً من أبنائها بغض النظر عن كفاءته، رافعة شعار: شخص سيئ نعرفه، أفضل من جيد لا نعرفه».

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني لدى إدلائه بصوته في الانتخابات المحلية خلال ديسمبر 2023 (إعلام حكومي)

تأثير العشائر

رغم هذه السلبية، يضيف السعدي أن الدراسات تظهر أن الوعي الانتخابي في المناطق العشائرية قد يكون أعلى من المناطق الحضرية، بسبب تأثير شيوخ العشائر والمخاتير على توجهات الناخبين.

تأتي هذه التطورات في وقت تتزايد فيه المخاوف من احتمالات تأجيل الانتخابات، سواء نتيجة عمليات أمنية داخلية أو تهديدات خارجية. ويتهم المالكي جهات لم يسمّها بمحاولة خلق الفوضى، عبر «التحريك في بعض المحافظات»، بهدف عرقلة الانتخابات، وهو ما يرى فيه مراقبون مؤشراً على تصاعد التوتر السياسي بين أبرز زعيمين شيعيين كانا ينتميان سابقاً لحزب الدعوة.

وبينما يواصل الساسة استخدام العشيرة بوصفها أداة ضغط أو دفاعاً، تتزايد الدعوات داخل المجتمع المدني لتفعيل القانون وتحجيم نفوذ العرف العشائري في الشأن العام، في وقت لا تزال فيه مؤسسات الدولة تعاني من الهشاشة.

في سياق متصل بعملية الاقتراع، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أن عدد الغرامات الكلي لمخالفات الدعاية الانتخابية بلغ 400 مخالفة.

وقالت المتحدثة باسم المفوضية، جمانة الغلاي في بيان تلقته وكالة الأنباء العراقية (واع) إن «عدد الغرامات الكلي التي صدر بها قرار مجلس مفوضين بلغ 400 غرامة»، مبينة أن «60 غرامة فرضت قبل انطلاق الحملة الانتخابية». وأضافت أن «الغرامات توزعت بواقع 291 للرجال و49 للنساء».


مقالات ذات صلة

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

في غضون ساعات، تراجع العراق عن وضع «حزب الله» وجماعة «الحوثي» على قائمة إرهاب، بعد ارتباك وذهول بين أوساط حكومية وسياسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي مناصرون يحملون أعلام «حزب الله» اللبناني في بيروت (رويترز)

السوداني يوجه بالتحقيق في خطأ يتعلق بقائمة لتجميد أموال شملت «حزب الله» و«الحوثيين»

وجَّه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الخميس، بتحقيق عاجل ومحاسبة المقصرين بشأن الخطأ بقرار لجنة تجميد الأموال.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
تحليل إخباري ولدان يجلسان على خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق (روترز)

تحليل إخباري صراع خطوط الأنابيب... ازدياد النفوذ الأميركي في العراق وتراجع الهيمنة الإيرانية

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيداً خفياً وفعالاً للضغط الدبلوماسي الأميركي على الحكومة العراقية، نتج عنه إعادة فتح خط أنابيب كركوك-جيهان.

«الشرق الأوسط» (بغداد، واشنطن)
المشرق العربي 
القنصلية الأميركية الجديدة تمتد على مساحة تفوق مائتي ألف متر مربع وتضم منشآت أمنية مخصصة لقوات «المارينز» (إكس)

واشنطن تدعو العراقيين للتعاون ضد ميليشيات إيران

دعا مسؤول أميركي بارز، العراقيين إلى التعاون «لمنع الميليشيات الإيرانية من تقويض الاستقرار» في العراق.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني خلال مراسم افتتاح القنصلية الأميركية في أربيل بإقليم كردستان العراق (شبكة روداو)

واشنطن للتعاون مع الشركاء العراقيين لتقويض الميليشيات الإيرانية

قالت الولايات المتحدة إنها تكثف تعاونها مع بغداد وأربيل لمنع الفصائل المسلحة الموالية لإيران من تقويض استقرار العراق.

«الشرق الأوسط» (أربيل)

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
TT

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)

تسود توقعات في حركة «حماس» بحدوث عملية اغتيال إسرائيلية جديدة لبعض قياداتها خارج الأراضي الفلسطينية.

وتحدثت مصادر كبيرة في الحركة إلى «الشرق الأوسط» عن تزايد في معدلات القلق من استهداف المستوى القيادي، خصوصاً بعد اغتيال المسؤول البارز في «حزب الله» اللبناني، هيثم الطبطبائي.

وتحدث أحد المصادر عن أن «هناك تقديرات باستهداف قيادات الحركة في دولة غير عربية»، رافضاً تحديدها بدقة.

واطلعت «الشرق الأوسط»، على ورقة تعليمات داخلية تم توزيعها على قيادات «حماس» في الخارج، تتعلق بالأمن الشخصي والإجراءات الاحتياطية لتلافي أي اغتيالات محتملة، أو على الأقل التقليل من أضرارها.

وجاء في الورقة أنه يجب «إلغاء أي اجتماعات ثابتة في مكان واحد، واللجوء إلى الاجتماعات غير الدورية في مواقع متغيرة».

وتدعو التعليمات القيادات إلى «عزل الهواتف النقالة تماماً عن مكان الاجتماع، بما لا يقل عن 70 متراً، ومنع إدخال أي أجهزة طبية أو إلكترونية أخرى، بما في ذلك الساعات، إلى أماكن الاجتماعات».

في غضون ذلك، أفادت مصادر في غزة بأن مقتل زعيم الميليشيا المسلحة المناوئة لـ«حماس»، ياسر أبو شباب، أمس، جاء في سياق اشتباكات قبلية على يد اثنين من أبناء قبيلته الترابين.

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن شخصين شاركا في قتل أبو شباب، ينتميان إلى عائلتي الدباري وأبو سنيمة؛ إذ إن العائلتين إلى جانب أبو شباب ينتمون جميعاً إلى قبيلة الترابين.


إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)

حسمت إسرائيل، أمس، التضارب في مواقف مسؤوليها حول «الجو الإيجابي» الناجم عن المفاوضات المدنية مع لبنان، وأعطت إشارة واضحة إلى أنها ستتعامل معها بمعزل عن المسار العسكري؛ إذ شنت غارات استهدفت أربعة منازل في جنوب لبنان، أحدها شمال الليطاني، بعد أقل من 24 ساعة على اجتماع لجنة تنفيذ مراقبة اتفاق وقف النار «الميكانيزم».

وبدا التصعيد الإسرائيلي رداً على ما سربته وسائل إعلام لبنانية بأن مهمة السفير سيمون كرم، وهو رئيس الوفد التفاوضي مع إسرائيل، تمثلت في بحث وقف الأعمال العدائية، وإعادة الأسرى، والانسحاب من الأراضي المحتلة، وتصحيح النقاط على الخط الأزرق فقط، فيما أفادت قناة «الجديد» المحلية بأن رئيس الجمهورية جوزيف عون «أكد أن لبنان لم يدخل التطبيع، ولا عقد اتفاقية سلام».

وقال الرئيس عون خلال جلسة الحكومة، مساء أمس: «من البديهي ألا تكون أول جلسة كثيرة الإنتاج، ولكنها مهدت الطريق لجلسات مقبلة ستبدأ في 19 من الشهر الحالي»، مشدداً على ضرورة أن «تسود لغة التفاوض بدل لغة الحرب».


العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
TT

العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

أثار نشر العراق، أمس (الخميس)، معلومات عن تجميد أموال «حزب الله» اللبناني، وجماعة «الحوثي» في اليمن، باعتبارهما مجموعتين «إرهابيتين»، صدمة واسعة، قبل أن تتراجع الحكومة، وتقول إنه «خطأ غير منقّح» سيتم تصحيحه.

وكانت جريدة «الوقائع» الرسمية قد أعلنت قائمة تضم أكثر من 100 كيان وشخص على ارتباط بالإرهاب، في خطوة رأى مراقبون أنها كانت ستُرضي واشنطن، وتزيد الضغط على طهران، قبل سحبها.

وأثار القرار غضب قوى «الإطار التنسيقي» الموالية لإيران؛ إذ وصف قادتها خطوة الحكومة التي يرأسها محمد شياع السوداني بأنها «خيانة»، فيما نفى البنك المركزي وجود موافقة رسمية على إدراج الجماعتين.

وقالت لجنة تجميد الأموال إن القائمة كان يُفترض أن تقتصر على أسماء مرتبطة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة» امتثالاً لقرارات دولية، وإن إدراج جماعات أخرى وقع قبل اكتمال المراجعة.

ووجّه السوداني بفتح تحقيق، وسط جدل سياسي متصاعد حول مساعيه لولاية ثانية.

وجاءت التطورات بعد دعوة أميركية إلى بغداد لـ«تقويض الميليشيات الإيرانية»، وفي ذروة مفاوضات صعبة بين الأحزاب الشيعية لاختيار مرشح توافقي لرئاسة الحكومة الجديدة.