في مشهدين متزامنين من بغداد وكربلاء، أطلق رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وسلفه رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، رسائل مشفرة خلال لقاءين منفصلين مع شيوخ عشائر، حذّر كل منهما من تهديدات مختلفة تلوح في أفق العملية السياسية.
السوداني، وخلال استقباله وجهاء وشيوخ مناطق جنوب بغداد، شدّد على ضرورة أن تكون الانتخابات «تنافساً على أساس البرامج والمشاريع، لا التهديد والترهيب وشراء الذمم»، مؤكداً أن هذا «الأسلوب لا يبني دولة».
في المقابل، حذر المالكي، من كربلاء، مما وصفه بـ«المشاريع المشبوهة» التي تسعى لتأجيل الانتخابات، قائلاً: «لن نقبل أن يعيش جزء من العراقيين في المعاناة، والآخر في الرفاه»، مضيفاً أن بعض الأطراف «تتحرك في الظلام» لمنع إجراء الانتخابات، مؤكداً أنها «ستُجرى رغم كل المحاولات».
وتحوّل استدعاء العشيرة إلى أداة مزدوجة، تُستخدم في السياسة تارة، وفي تسويات الوظائف والنزاعات الإدارية تارة أخرى. ويشير مراقبون إلى أن هذه الظاهرة تعكس تراجع قوة القانون، مقابل صعود تأثير العرف العشائري في مؤسسات الدولة.
وباتت العشيرة، إحدى أبرز الركائز التقليدية في العراق، عنصراً فاعلاً في الحملات الانتخابية والنزاعات الوظيفية، وسط تزايد الاستقطاب وتراجع ثقة الشارع في المؤسسات الرسمية.
وقال الخبير القانوني سيف السعدي لـ«الشرق الأوسط»، إن استدعاء العشيرة له «إيجابيات وسلبيات»، موضحاً أن العشيرة قد تسهم في «فض النزاعات الاجتماعية، لكن تدخلها في القضايا الوظيفية يقوّض القانون ويزيد من الانقسام».
وفي موسم الانتخابات، تلعب العشائر دوراً بارزاً في حشد الأصوات، إذ يسعى المرشحون إلى كسب دعم الشيوخ والوجهاء لضمان ولاء الناخبين، ما يؤدي أحياناً إلى انقسامات داخل العشيرة الواحدة، أو إلى صراعات بين عشائر متنافسة.
وتتراوح التجاوزات بين تمزيق صور الحملات الانتخابية والتهديد، إلى حوادث عنف واغتيالات، حسب مصادر محلية. ويقول السعدي إن «العشيرة تفرض أحياناً مرشحاً من أبنائها بغض النظر عن كفاءته، رافعة شعار: شخص سيئ نعرفه، أفضل من جيد لا نعرفه».

تأثير العشائر
رغم هذه السلبية، يضيف السعدي أن الدراسات تظهر أن الوعي الانتخابي في المناطق العشائرية قد يكون أعلى من المناطق الحضرية، بسبب تأثير شيوخ العشائر والمخاتير على توجهات الناخبين.
تأتي هذه التطورات في وقت تتزايد فيه المخاوف من احتمالات تأجيل الانتخابات، سواء نتيجة عمليات أمنية داخلية أو تهديدات خارجية. ويتهم المالكي جهات لم يسمّها بمحاولة خلق الفوضى، عبر «التحريك في بعض المحافظات»، بهدف عرقلة الانتخابات، وهو ما يرى فيه مراقبون مؤشراً على تصاعد التوتر السياسي بين أبرز زعيمين شيعيين كانا ينتميان سابقاً لحزب الدعوة.
وبينما يواصل الساسة استخدام العشيرة بوصفها أداة ضغط أو دفاعاً، تتزايد الدعوات داخل المجتمع المدني لتفعيل القانون وتحجيم نفوذ العرف العشائري في الشأن العام، في وقت لا تزال فيه مؤسسات الدولة تعاني من الهشاشة.
في سياق متصل بعملية الاقتراع، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أن عدد الغرامات الكلي لمخالفات الدعاية الانتخابية بلغ 400 مخالفة.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية، جمانة الغلاي في بيان تلقته وكالة الأنباء العراقية (واع) إن «عدد الغرامات الكلي التي صدر بها قرار مجلس مفوضين بلغ 400 غرامة»، مبينة أن «60 غرامة فرضت قبل انطلاق الحملة الانتخابية». وأضافت أن «الغرامات توزعت بواقع 291 للرجال و49 للنساء».
