بعد 15 شهراً من الحرب... دير البلح ما زالت معقلاً قوياً لـ«حماس»

بعض الشوارع الرئيسية للمدينة تضررت لكن غالبية مناطقها بقيت سليمة

ظهر مقاتلو «حماس» مدججون بالسلاح خلال تسليم الرهائن الإسرائيليين بدير البلح السبت (رويترز)
ظهر مقاتلو «حماس» مدججون بالسلاح خلال تسليم الرهائن الإسرائيليين بدير البلح السبت (رويترز)
TT

بعد 15 شهراً من الحرب... دير البلح ما زالت معقلاً قوياً لـ«حماس»

ظهر مقاتلو «حماس» مدججون بالسلاح خلال تسليم الرهائن الإسرائيليين بدير البلح السبت (رويترز)
ظهر مقاتلو «حماس» مدججون بالسلاح خلال تسليم الرهائن الإسرائيليين بدير البلح السبت (رويترز)

أظهر العرض العسكري لـ«كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، خلال عملية تسليم 3 أسرى إسرائيليين جدد ضمن الدفعة الخامسة من صفقة التبادل في مرحلتها الأولى، قوة إضافية للحركة التي تعرضت لحرب إسرائيلية كبيرة استمرت 15 شهراً بهدف تفكيك قدراتها العسكرية والحكومية.

وتمت عملية تسليم الأسرى الإسرائيليين هذه المرة في مدينة دير البلح، إحدى مناطق وسط قطاع غزة، التي تضم بشكل أساسي مخيمات اللاجئين في النصيرات والبريج والمغازي إلى جانب بلدة الزوايدة.

الدير والحرب

دير البلح تقع في المنطقة الجنوبية من وسط قطاع غزة، وتحدها النصيرات من الشمال، وخان يونس من الجنوب، وهي تطل على شاطئ البحر، ومساحتها واسعة ولا توجد تقديرات واضحة لها بسبب تقسيماتها المعقدة.

مقاتلو «حماس» يحرسون منطقة تسليم الرهائن الإسرائيليين بدير البلح السبت (أ.ف.ب)

خلال الحرب الإسرائيلية تعرضت دير البلح بشكل أساسي لغارات جوية طالت بعض مساجدها ومنازل ومبانٍ وأراضٍ زراعية ومفتوحة، لكنها كانت من أقل المناطق تعرضاً للقصف وللأضرار، ولم تدخل القوات الإسرائيلية براً لها، واكتفت بدخول المنطقة الشرقية منها فقط وتحديداً وادي السلقا ومحيطه، وهي بالأساس مناطق زراعية ومفتوحة تقع شرق شارع صلاح الدين الذي شهد عملية تسليم الأسرى.

ووفقاً لمصادر ميدانية وصحافية من دير البلح تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي ركزت على توجيه ضربات جوية في المدينة، التي كانت في بدايات الحرب تضم آلاف النازحين، ثم أصبحت تضم نحو 700 ألف نازح بعد احتلال القوات الإسرائيلية مدينة رفح، جنوب القطاع، في مايو (أيار) 2024.

ووفقاً للمصادر فإن قوات الاحتلال ركزت في غاراتها على البنية التحتية منها آبار المياه المركزية ومحطة التحلية الوحيدة، إلى جانب مقر بلدية دير البلح واغتيال رئيسها دياب الجرو، إلى جانب بعض القيادات الميدانية في «كتائب القسام» وفصائل فلسطينية أخرى.

مقاتلو «حماس» يحمون منطقة تسليم الرهائن الإسرائيليين بدير البلح السبت (أ.ب)

كتيبة دير البلح

وتقول إذاعة الجيش الإسرائيلي إن «كتيبة دير البلح» التابعة لـ«القسام» بقيت كما هي دون المساس بها و«بكتيبة النصيرات» القريبة، لأن الجيش لم يعمل براً هناك، على عكس مناطق أخرى، وهو ما ظهر من خلال عملية التسليم الأخيرة، وحتى من خلال ظهور منازل الفلسطينيين دون أن تتضرر.

وعلق الكثيرون من المراسلين العسكريين الإسرائيليين على نقطة بقاء قوة «كتائب القسام» كما هي في دير البلح وبعض مناطق وسط القطاع، واعتبروا أن هذا أعطى «حماس» مزيداً من أوراق القوة، ولذلك ظهر مقاتلوها بعتاد عسكري كامل وبحوزتهم أسلحة عسكرية إسرائيلية لم يعرف كيف عثروا عليها.

وتعليقاً على ذلك، قالت مصادر من «حماس» إن «كتيبة دير البلح» التابعة لـ«القسام» مثلها مثل الكثير من الكتائب، تعرضت للكثير من الضربات، لكنها بقيت متماسكة، وأن عدداً من المهام الميدانية أوكلت لها بإسناد كتائب أخرى في المنطقة، وحتى في شمال خان يونس، وهي المنطقة القريبة من جنوب دير البلح.

مقاتلون من «حماس» يقومون بدورية في أحد الشوارع قبل تسليم الرهائن الإسرائيليين بدير البلح السبت (أ.ف.ب)

ووفقاً للمصادر، فإن عدم دخول القوات البرية الإسرائيلية إلى دير البلح وأعماق النصيرات والبريج والمغازي والزوايدة، جعل كتائب تلك المناطق تحافظ على قوتها وعتادها، وهذا ما قد يفسر إطلاق بعض الصواريخ منها في الأشهر الأخيرة من الحرب بعضها وبشكل محدود كان تجاه تل أبيب وبئر السبع.

وكشفت المصادر عن أن تلك الكتائب أحبطت محاولات تسلل قوات إسرائيلية خاصة، في بعضها حاولت تخليص أسرى إسرائيليين أحياء أو استعادة جثث لآخرين، لكنها لم تدخل في معارك كبيرة مثلما جرى في مناطق خان يونس ورفح، ومناطق مدينة غزة وشمال القطاع، وذلك لعدم دخول قوات الاحتلال لمناطقها براً.

ولفتت إلى أن بعض القيادات الميدانية في «كتيبة دير البلح»، وأيضاً كتائب مناطق أخرى من وسط القطاع مثل النصيرات والبريج، تم اغتيالهم ومنهم من قاد هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

فلسطينيون يتابعون تسلم الرهائن الإسرائيليين من خلف مقاتلي «حماس» بدير البلح السبت (أ.ب)

قيادات جديدة اغتيلت

وخلال عملية تسليم الأسرى في دير البلح، لوحظ أن «كتائب القسام» قد وضعت صور مجموعة من قياداتها في وسط قطاع غزة قتلوا في غارات إسرائيلية، لكن ليس بينهم أي قيادي كبير من الدير، بما فيها قائدها.

ونعت في الصور المنشورة محمد حسن أبو نار، قائد الدائرة الطبية العسكرية في «كتائب القسام» بالمنطقة الوسطى، التي قالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، إنه اغتيل في الثامن من يونيو (حزيران) 2024، وهو اليوم الذي استعادت خلاله قوة إسرائيلية 4 أسرى إسرائيليين أحياء من النصيرات، وارتكبت آنذاك مجزرة في المخيم وقتلت نحو 200 فلسطيني بينهم عشرات المسلحين من عناصر «القسام» الذين كانوا يحاولون منع استعادة الأسرى.

والدائرة الطبية العسكرية لـ«القسام» التي أنشئت منذ سنوات طويلة وتم تطويرها من فترة إلى أخرى، كانت المسؤولة بشكل مباشر عن الاهتمام بصحة المختطفين الإسرائيليين، وتقديم العلاج للمصابين منهم أو ممن أصيبوا خلال عملية أسرهم، كما أنها كانت مسؤولة بشكل مباشر عن تقديم العلاج لأبرز قيادات «القسام» الذين يحظر نقلهم لمستشفيات عامة.

كما ظهرت صورة قائد «كتيبة النصيرات»، إسماعيل السراج، وإياد الطيب قائد «كتيبة البريج»، ومحمد قطامش قائد المدفعية في المنطقة الوسطى لقطاع غزة، والذين اغتيلوا في ظروف وأحداث مختلفة.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يعلن اغتياله قائد جهاز الأمن العام في غزة

المشرق العربي الدخان يتصاعد من قطاع غزة بعد غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يعلن اغتياله قائد جهاز الأمن العام في غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) مقتل اثنين من كبار مسؤولي حركة «حماس» في غارات جوية على قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي إيلا أسامة أبو دقة (25 يوماً) تحتضنها عمتها الكبرى سعاد أبو دقة بعد انتشال الطفلة من تحت الأنقاض في وقت سابق عقب غارة جوية بخان يونس جنوب غزة 20 مارس 2025 (أ.ب)

إنقاذ الرضيعة إيلا من ركام منزل عائلتها بخان يونس (صور)

بينما كان رجال الإنقاذ يحفرون بين ركام مبنى سكنيّ انهار في خان يونس بغزة جراء غارة جوية إسرائيلية، اليوم الخميس، سمعوا صراخ رضيعة من تحت الركام.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض مبانٍ تهدمت جراء غارة إسرائيلية على غزة الأربعاء (إ.ب.أ)

«اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية» تدين غارات إسرائيل على غزة 

أعربت «اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية المشتركة» عن إدانتها واستنكارها الغارات التي شنّتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (واس)

فرنسا وبريطانيا تشيدان باستضافة السعودية الحوار الأميركي - الروسي

أشادت فرنسا وبريطانيا بدور السعودية المهم في استضافة الحوار الأميركي - الروسي، ورعايتها المباحثات الخاصة بحل الأزمة الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (جدة)
شؤون إقليمية الرئيس الفرنسي والعاهل الأردني في مؤتمر صحافي داخل قصر الإليزيه بباريس يوم الأربعاء (أ.ب)

العاهل الأردني يحذر من التصعيد بالمنطقة ويدعو أوروبا لتلعب دورها

خلال اجتماعهما في قصر الإليزيه بباريس، الأربعاء، حذر عاهل الأردن من تبعات التصعيد بالمنطقة في حين أكد الرئيس الفرنسي أنه «ما من حل عسكري ممكن في غزة».

ميشال أبونجم (باريس)

زعماء الاتحاد الأوروبي ينددون بانهيار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

الدخان يتصاعد من قطاع غزة بعد غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من قطاع غزة بعد غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

زعماء الاتحاد الأوروبي ينددون بانهيار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

الدخان يتصاعد من قطاع غزة بعد غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من قطاع غزة بعد غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)

عبَّر قادة الاتحاد الأوروبي، اليوم (الخميس)، عن استيائهم لانهيار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ورفض حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) تسليم الرهائن المتبقين.

وجاء في بيان: «يستنكر المجلس الأوروبي انهيار وقف إطلاق النار في غزة، الذي تسبَّب في سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين في الغارات الجوية الأحدث. كما يستنكر رفض (حماس) تسليم الرهائن المتبقين».

فلسطينيون يتفقدون أنقاض منزل دمَّرته غارة إسرائيلية في حي الصبرة بغزة (أ.ف.ب)

وانتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في بداية الشهر الحالي. وتريد «حماس» الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، التي ستتطلب من إسرائيل التفاوض على إنهاء الحرب وسحب كل قواتها من القطاع، إضافة إلى إطلاق سراح باقي الرهائن الإسرائيليين مقابل الإفراج عن سجناء فلسطينيين.

دبابات إسرائيلية عند الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولم تعرض إسرائيل سوى التمديد المؤقت للهدنة، وقطعت كل الإمدادات عن قطاع غزة، وقالت إنها تستأنف حملتها العسكرية لإجبار «حماس» على الإفراج عن باقي الرهائن.