ملامح تحالف جديد بين السوداني و«الأقوياء الثلاثة» في العراق

ظهر معهم في صورة خلال زيارة «الأربعين» بكربلاء

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (رويترز)
TT

ملامح تحالف جديد بين السوداني و«الأقوياء الثلاثة» في العراق

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (رويترز)

ظهر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في صورة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو مع محافظي كل من، البصرة أسعد العيداني، وكربلاء نصيف جاسم الخطابي، وواسط محمد جميل المياحي، لمناسبة إحياء أربعينية الإمام الحسين في كربلاء التي انتهت الأحد.

ورأى كثير من المحللين والمراقبين أن الصورة، حتى مع فرضية «عفويتها»، فإنها ربما تشير إلى ملامح تحالفات السوداني السياسية المقبلة التي يُتوقع أن يدشنها رئيس الوزراء مبكراً تمهيداً لخوض الانتخابات العامة في نهاية السنة المقبلة.

وتبدو غالبية التعليقات حول الصورة قريبة من الواقع، إذ إن السوداني، المدعوم من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية التي أوصلته لمنصب رئيس الوزراء، لا يبدو متحمساً كثيراً للانخراط مع قوى «الإطار» التقليدية، حتى مع ما يتردد عن علاقته «الطيبة» مع أمين عام «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي. كما أن هناك مَن يؤكد أن علاقة «متوترة» آخذة في التصاعد مع رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي.

«الثلاثة الأقوياء»

وقد عززت هذه المؤشرات الاعتقاد بأن ظهور رئيس الوزراء مع المحافظين «الثلاثة الأقوياء» يمكن بسهولة أن يُفسر على أنه تمهيد لتحالف سياسي جديد يُعد له السوداني. وقال قيادي في «دولة القانون» لـ«الشرق الأوسط» إن «الصورة تشير بطريقة لا لبس فيها إلى ملامح تحالف انتخابي بين السوداني والمحافظين الثلاثة، وإن ملامح هذا التحالف ظهرت قبل وبعد انتخابات مجالس المحافظات التي جرت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حيث رأينا انحياز السوداني الواضح لهؤلاء المحافظين الذي حققوا أعلى الأصوات في محافظاتهم».

ومنذ فوز قوائم المحافظين الثلاثة بأغلبية مقاعد مجالس المحافظات الثلاثة (البصرة، وكربلاء، وواسط) وهيمنتهم على الحكومات المحلية ومجالسها، باتوا يمثلون قوى سياسية شيعية جديدة وصاعدة، وتمثل خطراً حقيقياً على نفوذ بقية الكتل الشيعية التقليدية.

ويشير محللون إلى أن إجمالي عدد المقاعد في البرلمان الاتحادي للمحافظات الثلاث يبلغ 48 مقعداً، وفق آخر انتخابات برلمانية جرت في عام 2022. وقال أحد المصادر: «إذا أخذنا في الاعتبار الزخم الانتخابي الذي سيمثله رئيس الوزراء في الانتخابات المقبلة، فإننا قد نشهد تحول أكثر من نصف مقاعد المكوِّن الشيعي (نحو 75 مقعداً) لهذا التحالف المتوقع والصاعد».

وكانت غالبية قوى «الإطار التنسيقي» قد سعت إلى منع وصول المحافظين الثلاثة إلى منصب المحافظ، خوفاً من أن يحققوا الأرقام الكبيرة ذاتها من نسب الفوز في الانتخابات العامة المقبلة. وكان واضحاً دعم رئيس الوزراء لتجديد فترة ولايتهم للمرة الثانية في منصب المحافظ، نظراً للنتائج التي حققتها قوائمهم في الانتخابات.

قلق جدي

وتثير مخاوف تحالف السوداني مع «الأقوياء الثلاثة» مشاعر قلق جدية لدى معظم القوى الشيعية، سواء داخل قوى «الإطار التنسيقي» أو خارجه، وفقاً لمصدر داخل «الإطار»، وذلك لأن «تحالفاً من هذا النوع سيأتي خصماً من رصيد قوى الإطار التنسيقي، نظراً لمنافسته القوية له على المقاعد البرلمانية ذاتها في محافظات وسط وجنوب البلاد ذات الأغلبية الشيعية».

ويزيد من خطورة ذلك، بحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أن «جميع أعضاء هذا التحالف المتوقع ينتمون للجيلَين الثاني والثالث من السياسيين الشيعية، وكلهم عاشوا وعملوا في العراق ولم يكونوا من جماعات المعارضة خارج البلاد، ما يمنحهم قبولاً شعبياً بات مفقوداً لدى القوى التقليدية». وأضافت المصادر أن «أعضاء التحالف الجديد المتوقع، حققوا بعض الإنجازات النسبية على مستوى الخدمات والبنى التحتية في المحافظات الثلاث، وأحياناً على مستوى عموم البلاد».

ويعتقد المحلل والدبلوماسي السابق غازي فيصل، أن «السوداني نجح إلى حد ما في الابتعاد عن الخطاب الطائفي، وتكريس خطاب جديد يتعلق بالإعمار والبنى التحتية والخدمات».

وقال فيصل لـ«الشرق الأوسط» إن «لقاء السوداني مع المحافظين الثلاثة له دلالته فيما يتعلق بإعادة البناء وإعمار البلاد، ما يعكس نموذجاً لتحالف مدني جديد، نأمل أن يكون ديمقراطياً وفاعلاً على مستوى الإصلاح والإعمار، ويعيد تشكيل معادلة السلطة التي حكمها الإطار التنسيقي الذي ترهل كثيراً وتفكك من حيث وحدة المواقف والسياسات». وأضاف أن «الصورة الجديدة تعكس وحدة موقف مدني يمكن له أن يتبلور تدريجياً وإيجابياً باتجاه تغيير الخريطة السياسية في الانتخابات المقبلة».


مقالات ذات صلة

عدنان درجال: تعادل العراق مع الأردن «مثل الخسارة»

رياضة عربية عدنان درجال (الاتحاد العراقي)

عدنان درجال: تعادل العراق مع الأردن «مثل الخسارة»

قال عدنان درجال رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم إن تعادل المنتخب الوطني دون أهداف مع الأردن في التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2026 كان «بطعم الخسارة».

«الشرق الأوسط» (البصرة)
شمال افريقيا محادثات وزراء النقل في مصر والأردن والعراق بالإسكندرية (النقل المصرية)

مصر والأردن والعراق لتوسيع الشراكة في «النقل البحري»

تعزز مصر والأردن والعراق شراكتها في مجال النقل البحري، من خلال التوسع في الخطوط الملاحية وأعمال شركة «الجسر العربي» للملاحة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
المشرق العربي قلعة أربيل في كردستان (متداولة)

مواقف متباينة في كردستان حيال التعداد السكاني في العراق

يثير إلغاء سؤال «القومية» في التعداد السكاني المقرر إجراؤه في العراق، مخاوف في المناطق المتنازع عليها، خصوصاً بين العرب والكرد والتركمان.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء محمد شياع السوداني (يسار الصورة) مع رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني في أربيل الأربعاء (رئاسة وزراء العراق)

السوداني يدخل على خط الوساطة لتذليل عقبات تشكيل حكومة إقليم كردستان

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع حكومة إقليم كردستان الملفات العالقة بين بغداد وأربيل، فضلاً عن السبل الكفيلة بتشكيل حكومة الإقليم.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي عمار الحكيم خلال مؤتمر صحافي في النجف

عمار الحكيم: يجب أن نتجنب الحرب ونحن غير مهيئين لخوضها

في أوضح موقف من الحرب الإسرائيلية ضد لبنان وغزة يصدر عن شخصية رفيعة في «قوى إدارة الدولة»، رفض رئيس «ائتلاف قوى الدولة الوطنية» عمار الحكيم انخراط بلاده بالحرب.

فاضل النشمي (بغداد)

الدفاع المدني اللبناني… ضحية الحرب الإسرائيلية

عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

الدفاع المدني اللبناني… ضحية الحرب الإسرائيلية

عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

تركت المجزرة التي اقترفتها إسرائيل، ليل الخميس، باستهدافها في مدينة بعلبك، شرق لبنان، مركز الدفاع المدني، وهو جهاز رسمي تابع لوزارة الداخلية، والتي ذهب ضحيتها 13 عنصراً على الأقل، علامات استفهام حول خلفية هذا الاستهداف الذي هو الثاني من نوعه بعد غارة طالت مركز دردغيا في قضاء صور، جنوباً، وقد أدى وقتها إلى مقتل 5 عناصر.

وإذا كان إصرار الجيش الإسرائيلي، خلال الشهر الماضي، على استهداف المستشفيات والطواقم الطبية كما عمّال الإغاثة وسيارات الإسعاف في جنوب لبنان، خصوصاً في القرى الحدودية، مرتبطاً بسعيه لإنهاء كل مظاهر الحياة والاستمرارية، خصوصاً في المناطق الواقعة جنوب نهر الليطاني، فإن انتقال هذه العمليات إلى شرق لبنان يثير كثيراً من التساؤلات.

برسم المجتمع الدولي

لا يرى المدير العام للدفاع المدني، العميد ريمون خطار، أي سبب أو مبرر لاستهداف «مركز مخصص لإنقاذ الناس ومساعدتهم»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «استهداف إسرائيل، وللمرة الثانية على التوالي، مراكز الدفاع المدني اللبناني، خلافاً للاتفاقات الدولية، هو برسم المجتمع الدولي والمعنيين بحقوق الإنسان، وهو أمر غير مقبول على الإطلاق، ولن يزيدنا إلا عزيمة وإصراراً على القيام بالواجب».

ومن المرجح أن يرتفع عدد قتلى الدفاع المدني في بعلبك، على أساس أنه لا يزال هناك 4 مفقودين وأشلاء تخضع لفحوص الحمض النووي.

عنف متمادٍ

وأدانت وزارة الصحة العامة ما سمته «الاعتداء الهمجي» على مركز صحي تابع للدولة اللبنانية، علماً أنه الاعتداء الإسرائيلي الثاني على منشأة إسعافية صحية في أقل من ساعتين، وشددت على أن «أدنى واجبات المجتمع الدولي وضعُ حد لهذه الانتهاكات الخطرة التي تهدد القيم الإنسانية بالزوال أمام العنف المتمادي من دون أي رادع».

وكان وزير الصحة فراس الأبيض، اتهم، الشهر الماضي، إسرائيل باستهداف الطواقم الطبية «بشكل مباشر وممنهج»، كاشفاً في حينه عن «خروج 13 مستشفى عن العمل، واستشهاد أكثر من 150 شخصاً من العاملين في المجال الصحي، بالإضافة إلى استهداف 100 مركز طبي و130 سيارة إسعاف»، وكل هذه الأرقام ارتفعت منذ حينه.

وتتذرع إسرائيل بأن المراكز الطبية وسيارات الإسعاف التي تستهدفها تخفي أسلحة ومسلحين.

وظهر أحد عناصر الدفاع المدني في بعلبك في أحد الفيديوهات وهو يبكي زملاءه في المركز، مؤكداً أن كل ما فيه هو خراطيم مياه وعدة إسعاف.

سيناريو غزة في لبنان

ويرى وزير الداخلية السابق مروان شربل أن رسالة إسرائيل من استهداف الدفاع المدني واضحة ومفادها: «من نقتلهم لا يجب نقلهم أو إسعافهم»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ما يحدث في لبنان اليوم هو نفسه ما حدث في غزة، حيث إنه من أصل 53 مستشفى هناك لم يعد يعمل إلا 3 مستشفيات في القطاع». ويضيف شربل: «وعدنا نتنياهو بتحويل لبنان لغزة، وها هو يحوّل مناطق عدة في لبنان لغزة، وهو يدرك أن لديه مهلة حتى آخر السنة؛ لذلك سيعمد لتصعيد إضافي».

ويستغرب شربل «الصمت الدولي المريب إزاء ما يحدث».

إعاقة عمليات الإنقاذ

من جهته، يرجح الاختصاصي في إدارة وطب الكوارث الدكتور جبران قرنعوني، أن يكون استهداف مراكز الدفاع المدني يندرج في إطار «إعاقة عمليات الإنقاذ والإسعاف، كما لتوجيه رسالة للدولة اللبنانية على أساس أنه يتم التعرض لمراكز وأجهزة تابعة مباشرة لها».

ويشدد قرنعوني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «ما يحدث في هذا المجال خرق للقوانين الدولية ولاتفاقية جنيف التي تفرض على كل الأطراف المسلحة خلال النزاعات والحروب عدم قصف الأجهزة الصحية والطبية وسيارات الإسعاف».