«المركزي» اللبناني يحضّ الحكومة على «خطة واقعية» لمعالجة الأزمة المصرفية

​بعث تطمينات للخارج عشية اجتماعات مالية دولية

استمرار التأخر في إنجاز القوانين الإصلاحية من شأنه أن يُضعف المكانة المالية للدولة اللبنانية ومصرف لبنان والمصارف (رويترز)
استمرار التأخر في إنجاز القوانين الإصلاحية من شأنه أن يُضعف المكانة المالية للدولة اللبنانية ومصرف لبنان والمصارف (رويترز)
TT

«المركزي» اللبناني يحضّ الحكومة على «خطة واقعية» لمعالجة الأزمة المصرفية

استمرار التأخر في إنجاز القوانين الإصلاحية من شأنه أن يُضعف المكانة المالية للدولة اللبنانية ومصرف لبنان والمصارف (رويترز)
استمرار التأخر في إنجاز القوانين الإصلاحية من شأنه أن يُضعف المكانة المالية للدولة اللبنانية ومصرف لبنان والمصارف (رويترز)

فوجئت السلطات اللبنانية بمضمون الموقف المتقدم الصادر عن البنك المركزي، والذي انطوى على تحذير صريح للحكومة والمجلس النيابي معاً من تبعات التأخير المستمر في معالجة الأزمة المصرفية، وبدء التفاوض الجدّي مع الدائنين، ما سيفضي استطرداً إلى إضعاف المكانة المالية للدولة، وتآكل حقوق المودعين بالبنوك مع مرور الزمن.

ورصدت مصادر معنيّة تبرؤ السلطة النقدية ضمناً من مجمل الخطط الإنقاذية التي طرحتها الحكومة عبر حزمة من مشاريع القوانين المنفردة والمجمعة، والتي تعثرت تشريعياً بفعل الرفض السياسي والنيابي، لارتكازها بالمجمل على تحميل القطاع المالي وحده مسؤولية فجوة الخسائر المقدّرة بنحو 73 مليار دولار، واقتراح «شطب» توظيفات قائمة لصالح المصارف لدى البنك المركزي تناهز 80 مليار دولار، بما يؤول إلى تعذر إيفاء حقوق المودعين البالغة نحو 90 مليار دولار.

رسالة متعددة الاتجاهات

وأكد مسؤول مصرفي، لـ«الشرق الأوسط»، أن توقيت صدور موقف «المركزي» ومضمونه عشية توجه حاكم مصرف لبنان بالإنابة، وسيم منصوري، إلى واشنطن للمشاركة في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، يستهدفان أيضاً إبلاغ الرسالة عينها للمرجعيات المالية الدولية، ولا سيما لجهة المناداة بأهمية «وضع خطة واقعية وعلمية للمعالجة، واستعداد السلطة النقدية للقيام بكل ما تفرضه القوانين المرعية الإجراء» لإتمام هذه المهمات.

حقائق

90 مليار دولار

القيمة التقديرية لحقوق المودعين والتي يخشى تعثر إيفائها

كما تحمل الرسالة، ضمناً، إشعارات موجهة إلى الهيئات الرقابية الإقليمية والعالمية ووزارة الخزانة الأميركية، بالتزام البنك المركزي بتطوير آليات مكافحة الجرائم المالية، طبقاً للمعايير الدولية، والتعامل بجدية مع الملاحظات الواردة لاستكمال معالجة الثغرات القانونية والإجرائية الخاصة بستة معايير، من أصل أربعين معياراً يتوجب تطبيقها، وفقاً للملاحظات الواردة في التقرير الأحدث الذي تسلّمته هيئة التحقيق الخاصة من قِبل مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «مينا فاتف»، والتي ستعمل على تحديث تقييم الملف اللبناني في اجتماعاتها نصف السنوية خلال الشهر المقبل.

قوانين إصلاحية

وبالفعل، أكد بيان البنك المركزي أن استمرار التأخر في إنجاز القوانين الإصلاحية، وفي ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان، من شأنه أن يُضعف المكانة المالية للدولة اللبنانية ومصرف لبنان والمصارف. وهذا الوضع، في حال استمراره، «يأتي بالضرر على المودعين الذين تتآكل حقوقهم مع مرور الزمن». كذلك فإن استمرار التأخير في معالجة الأزمة المصرفية له تبعات جسيمة على المجتمع اللبناني ككل، وعلى الاقتصاد الوطني.

وانطلاقاً من ذلك، يقول البيان: «نشدد على أهمية الإسراع في وضع خطة واقعية وعلمية، لإعادة هيكلة وإصلاح النظام المصرفي والمالي، وإقرار القوانين الخاصة بها، وبدء التفاوض مع الدائنين، مع التأكيد مجدداً على أن مصرف لبنان على أتم الاستعداد للقيام بكل ما تفرضه عليه القوانين المرعية الإجراء لإتمام ما تقدم».

جردة مفصلة

وفي سياق التحقق من العمليات المالية المشبوهة، والعائدة خصوصاً لملفات الدعم الذي أنفقته الحكومة من احتياطات العملات الصعبة، خلال ولاية الحاكم السابق للمركزي، رياض سلامة، برز تأكيد، وإلحاقاً بالمراسلات الكثيرة التي أرسلها مصرف لبنان إلى الجهات المعنية، ضرورة البدء بتطبيق القانون رقم 240، الصادر في يوليو (تموز) من عام 2021، والرامي إلى «إخضاع كل المستفيدين من دعم الحكومة للدولار الأميركي أو ما يوازيه بالعملات الأجنبية للتدقيق الجنائي الخارجي».

وأفاد الموقف الصادر عن «المركزي» بأنه قام مجدداً بتزويد كل الجهات المعنية بجردة مفصلة عن كل ملفات الدعم، ويدعو إلى المباشرة لفتح هذا الملف تفادياً لمرور الزمن على الجرم أو الجرائم التي يمكن أن تكون قد ارتُكبت خلال فترة الدعم، والمتعلقة بتلك الملفات.

البُعد القضائي

أما في البُعد القضائي المتصل بعمليات مالية ومحاسبية مشبوهة، وبما يتعلق بالمعلومات عن عمليات قام بها «المركزي» مع إحدى الشركات المالية، خلال الفترة بين عاميْ 2015 و2018، فقد أوضح أنه عملاً بسياسته المتبَعة منذ الأول من أغسطس (آب) من العام الماضي (تاريخ تسلم منصوري مهامّ الحاكمية)، يجري التعاون بشكل وثيق مع الجهات القضائية، وصولاً إلى إظهار الحقائق كاملة.

وأرسلت الحاكمية مباشرة، وبواسطة هيئة التحقيق الخاصة، المعلومات والمستندات والحسابات التي من شأنها أن تنير التحقيق الجاري والناتج عن تقرير التدقيق الجنائي لشركة «الفاريز ومرسال»، وذلك فور طلبها، والتي تشكل العمليات التي جرت مع الشركة المعنية جزءاً منها، بشكل أتاح للقضاء بدء العمل عليها منذ مدة.

ولفت البيان إلى أن المادة 420 من قانون العقوبات تمنع نشر أي وثيقة من وثائق التحقيق الجنائي أو الجناحي «قبل تلاوتها في جلسة علنية»، وبالتالي فإن أي تسريب في تحقيقات قضائية مخالف للقانون، بل يعدّ جرماً جزائياً يعاقب عليه القانون. وبغضّ النظر عن مضمون ما يجري نشره وأي مغالطات أو قلة دراية تتضمنه، فإن الأوضاع الحالية تفرض «على الجميع احترام القانون وترك القضاء يقوم بمهامه؛ لأنه يعود للقضاء، وللقضاء وحده البت بكل الملفات التي جرت إحالتها إليه، وبالتالي تؤكد حاكمية مصرف لبنان التزامها الكامل والمستمر بجلاء كل الحقائق والحفاظ على حقوق مصرف لبنان، وذلك بالأطر القانونية المناسبة».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تتوعّد بتغيير الواقع الأمني عند الحدود... و«حزب الله» مستعد للمواجهة

المشرق العربي الدخان يتصاعد في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي استهدف المنطقة (رويترز)

إسرائيل تتوعّد بتغيير الواقع الأمني عند الحدود... و«حزب الله» مستعد للمواجهة

يواصل المسؤولون الإسرائيليون تهديداتهم، متوعدين «بتغيير الواقع الأمني على الجبهة الشمالية»، وفق الجنرال أوري غوردين، الذي قال: «إن الهجوم سيكون حاسماً وقاطعاً».

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش العماد جوزاف عون (مديرية التوجيه)

باسيل يسعى لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء صعب

يسعى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء بيار صعب مستبقاً التمديد للعماد جوزاف عون.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل (رويترز)

باسيل متردد بفصل نواب خشية تضعضع داخلي في «التيار»

لم يحسم رئيس «التيار الوطني الحر» قراره بشأن فصل النائب آلان عون محاولاً أن يستوعب استباقياً أي ردود فعل ستؤدي لتقلص إضافي بعدد نواب التكتل.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي نواب المعارضة خلال لقائهم نواب الحزب «التقدمي الاشتراكي» لطرح خريطة الطريق الرئاسية (موقع القوات)

المعارضة اللبنانية تدرس خطة «المواجهة» بعد فشل مبادرتها الرئاسية

بدأت المعارضة بدراسة أفكار لما بعد «المبادرة الرئاسية» التي سقطت نتيجة أسباب عدة،أبرزها رفض «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) البحث بها وحتى اللقاء بالنواب.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي جنديان من «يونيفيل» على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (د.ب.أ)

فرنسا تحذر من «حرب شاملة» على الحدود اللبنانية ــ الإسرائيلية

حذّرت الدبلوماسية الفرنسية من خطر وقوع «حرب شاملة» عبر الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، بسبب التصعيد الذي يمكن أن يؤدّي إلى سوء حسابات أو تقدير.

علي بردى (نيويورك) نظير مجلي (تل أبيب)

العراق يحقق في اختفاء 50 ألف باكستاني

إسلام آباد تعتزم تنظيم الزيارات الدينية بعد اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق (إ.ب.أ)
إسلام آباد تعتزم تنظيم الزيارات الدينية بعد اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق (إ.ب.أ)
TT

العراق يحقق في اختفاء 50 ألف باكستاني

إسلام آباد تعتزم تنظيم الزيارات الدينية بعد اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق (إ.ب.أ)
إسلام آباد تعتزم تنظيم الزيارات الدينية بعد اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق (إ.ب.أ)

أعلن العراق، أمس الجمعة، فتح تحقيق في اختفاء آلاف الباكستانيين، كانوا قد دخلوا البلاد لزيارة المراقد الدينية خلال شهر محرم.

ونقلت صحيفة «الأمة» الباكستانية عن وزير الشؤون الدينية، شودري حسين، أن 50 ألف مواطن باكستاني اختفوا في العراق خلال السنوات الماضية.

وأعرب وزير العمل العراقي، أحمد الأسدي، عن قلقه واستنكاره لتزايد عدد العمالة غير القانونية في البلاد، مؤكداً أن وزارته ستحقق في اختفاء آلاف الباكستانيين في العراق، وأن هذا الأمر «سيكون محل اهتمام للتحقق واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بحقهم».

وأعلنت الشرطة العراقية اعتقال العشرات من الباكستانيين، يبدو أنهم من الذين تسربوا خلال زيارتهم المراقد الدينية.