بعد بلوغ عدد قتلى حوادث العنف في المجتمع العربي في إسرائيل 28 ضحية خلال أول شهرين من سنة 2024، أبرق مضر يونس، رئيس اللجنة القُطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية والبلديات، رسالة إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يطالبه فيها بتغيير سياسته، وتفعيل اللجنة المسؤولة عن محاربة العنف والجريمة في هذا المجتمع.
وجاءت رسالة يونس بعد أن قتل شاب في شفا عمرو، مساء الأربعاء، ليصبح عدد القتلى 28، علماً بأن سنة 2023 شهدت مقتل 228 شخصاً بينهم 16 امرأة. وكتب في الرسالة أن «المسؤول المباشر عن تفاقم المعطيات بما يخص ملف الجريمة والعنف هي سياسات الحكومة تجاه المواطن العربي على المستويين المدني والسياسي وصولاً لعدم توفير الحماية المطلوبة». وأضاف: «نظراً للارتفاع المقلق والمستمر في عدد حوادث العنف من دون أي رادع أو علاج، نتوجه إليكم مؤكدين أن هذه قضية مركزية وهدف قطري، وبشكل فوري يجب جمع وتفعيل اللجنة الفرعية، وإيقاف التقليص لقرارات الخطة الخمسية المخصصة للمجتمع العربي».
وكانت دراسة جديدة قد أجراها مركز «طاوب» للأبحاث قامت بتحليل جرائم القتل في إسرائيل وفقاً للمجموعات السكانية وفي مقارنة دولية، جاء فيها أنه «لو كان المجتمع العربي دولة، لجاءت ثالثة بعد كولومبيا والمكسيك في معدل الجريمة على سلم دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية». ووفقاً للجدول الذي يرصد معدل الجريمة في كل دولة ودولة، فإن كولومبيا تقف عند 35.71 حالة قتل لكل 100 ألف شخص والمكسيك 24.55 في حين أشارت النتيجة المتعلقة بالمجتمع العربي في إسرائيل إلى 11.11 جريمة لكل 100 ألف شخص، علماً أن معدل الجريمة في إسرائيل كلها، للعرب واليهود، لعام 2019 وقف عند 1.56 لكل 100 ألف شخص. وتكتفي الولايات المتحدة مثلاً بنسبة 5.4 بالمائة.
وأكدت الدراسة أنه ابتداءً من عام 2016، اتسم المجتمع العربي بزيادة ملموسة في جرائم القتل. وفي عام 2023، ارتفع عدد جرائم القتل في المجتمع العربي باستمرار كل شهر حتى سبتمبر (أيلول)، الذي شهد وحده مقتل 29 عربياً. ولكن، مع بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، انخفض عدد جرائم القتل، لفترة وجيزة في المجتمع العربي، ثم عاود الارتفاع. في المقابل، شهد المجتمع اليهودي في إسرائيل انخفاضاً بمعدل الجريمة بين الأعوام 2011 و2022 يمكن إجماله بنحو 60 بالمائة، لكن الجريمة اشتدت من جديد في المجتمع اليهودي أيضاً حلال عام 2023 وصلت إلى 66 حالة قتل مقارنة بـ28 حالة في عام 2022.
وقارنت الدراسة إسرائيل بـ32 دولة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تملك عنها بيانات تخص التركيبة العمرية للسكان وعدد جرائم القتل في عام 2019، وهو العام الأخير الذي نُشرت فيه البيانات لكل دولة. واحتلت إسرائيل في العام نفسه المرتبة العاشرة في معدل جرائم القتل لكل 100 ألف شخص بنسبة 1.6 جريمة قتل. أما في عام 2023، فقد قفز المعدل إلى 3.04 جريمة قتل لكل 100 ألف شخص.
وقال مدير مركز «أمان» والباحث في علم الإجرام، المحامي رضا جابر، إن «المنظمات الإجرامية مُنظّمة، وتدرس عناصرها كل خطوة تتخذها، وتقيس بها درجة الخسارة أمام الربح، فإذا كانت درجة الخسارة أكثر، تتراجع خطوة أو خطوتين، بالإضافة إلى أن أفرادها يدرسون المنطقة التي يعملون بها، فإذا رأوا خطورة ما يجمدون عملهم حتى تتهيأ لهم الفرصة مرة أخرى».
وبموجب هذا الطرح فإنه عندما شعرت منظمات الجريمة بأن الشرطة وأجهزة الأمن رفعت قبضتها الأمنية المشددة في المجتمع العربي أو في البلاد بشكل عام، خلال الحرب، قامت بتخفيض عدد جرائمها. ويؤكد هذا الأمر صدق ما تطالب به قيادات من المجتمع العربي، وهو أن انتشار الشرطة واستخدام الوسائل المتاحة لديها من شأنه أن يخفّض نسب الجريمة.