سياسة مانشستر يونايتد في سوق الانتقالات «من سيئ إلى أسوأ»

حال النادي ستبقى كما هي... واستعادة أمجاده ستظل بعيدة المنال

خلال المواسم الأربعة الماضية في الدوري الإنجليزي احتل مانشستر يونايتد المراكز السادس والثالث والثامن والخامس عشر (غيتي)
خلال المواسم الأربعة الماضية في الدوري الإنجليزي احتل مانشستر يونايتد المراكز السادس والثالث والثامن والخامس عشر (غيتي)
TT

سياسة مانشستر يونايتد في سوق الانتقالات «من سيئ إلى أسوأ»

خلال المواسم الأربعة الماضية في الدوري الإنجليزي احتل مانشستر يونايتد المراكز السادس والثالث والثامن والخامس عشر (غيتي)
خلال المواسم الأربعة الماضية في الدوري الإنجليزي احتل مانشستر يونايتد المراكز السادس والثالث والثامن والخامس عشر (غيتي)

في البداية يجب التأكيد على أن مانشستر يونايتد سجل رابع أعلى إيرادات بين أندية كرة القدم في العالم، وفقاً لأحدث تقرير صادر عن مؤسسة «ديلويت». كما يأتي مانشستر يونايتد في المركز الرابع لأعلى رواتب بين أندية كرة القدم في العالم، وفقاً لتقديرات مؤسسة «إف بريف»... ومع ذلك، احتل الفريق المركز الـ15 في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز.

بالطبع، تحدث مثل هذه الأمور في بعض الأحيان، فقد احتل بوروسيا دورتموند بقيادة المدير الفني الألماني يورغن كلوب المركز الـ7 في «البوندسليغا» موسم 2014 - 2015. وفي الموسم نفسه، فاز تشيلسي، بقيادة جوزيه مورينيو، بالدوري الإنجليزي الممتاز، لكن في العام التالي مباشرة أُقيل مورينيو من منصبه خلال الموسم، واحتل «البلوز» المركز الـ10 في جدول الترتيب. لكن بالنسبة إلى مانشستر يونايتد - وفقاً لرايان أوهانلون على موقع «إي إس بي إن» - فإن هذا الأمر لا يحدث لموسم واحد فقط بسبب سوء الحظ أو تراجع الأداء ثم العودة من جديد، فخلال المواسم الأربعة الماضية بالدوري الإنجليزي الممتاز، احتل مانشستر يونايتد المراكز: الـ6، والـ3، والـ8، والـ15. وكان فارق الأهداف في هذه المواسم الأربعة: صفر، +15، -1، و-10. إذن، فمن الواضح أن مانشستر يونايتد فريق سيئ حقاً، بل ويزداد سوءاً بمرور الوقت، رغم أن لديه كثيراً من الأموال.

ومن الواضح أن الفريق ليس قادراً على الفوز بأي شيء، لكنه في الوقت نفسه قادر على التفوق على أي منافس تقريباً فيما يتعلق بالتعاقد مع أفضل اللاعبين الشباب في العالم. وبالمقارنة مع أندية أخرى لديها القدرات المالية نفسها، فإن مانشستر يونايتد يمكنه تقديم رواتب مجزية للاعبين ومنحهم فرصة اللعب لأوقات طويلة. ودون ضغوط الفوز المحتمل بالدوري الإنجليزي الممتاز أو المنافسة في دوري أبطال أوروبا، يمكن لمانشستر يونايتد التركيز على بناء فريق قوي آخر يعيد النادي لأمجاده السابقة. ربما يمكن للنادي فعل ذلك الآن، لكنه لا يفعل ذلك على الإطلاق. وفي ظل قيادة الملياردير الجديد، جيم راتكليف، مقاليد الأمور، ووجود المدير الفني البرتغالي روبن أموريم، فإنه يبدو من الواضح أن الصيف الحالي لن يشهد تغييراً حقيقياً، حيث لا يزال مانشستر يونايتد يعاني حالة من الفوضى العارمة.

هل يريد مانشستر يونايتد الفوز

بالدوري الإنجليزي أم لا؟

عند التدقيق في التشكيلة الأساسية للفرق في كل مباراة من المباريات النهائية لدوري أبطال أوروبا خلال السنوات الخمس الماضية، نجد أن هؤلاء اللاعبين انضموا إلى أنديتهم بمتوسط أعمار يبلغ 23.8 عام، وأن أكثر من نصف اللاعبين انتقلوا لهذه الأندية قبل بلوغهم الـ24، وأكثر من 80 في المائة انضموا قبل بلوغهم الـ27. وفي قائمة شبكة «إي إس بي إن» لأفضل 100 لاعب في العالم لهذا العام، انتقل اللاعبون إلى أنديتهم الحالية بمتوسط أعمار يبلغ 22.7 عام، بينما انضم أكثر من 40 في المائة قبل بلوغهم الـ21.

الخلاصة هي أن اللاعبين من الطراز العالمي ينضمون إلى أنديتهم قبل بلوغهم قمة عطائهم الكروي، أي بين الـ24 والـ28 من العمر. في الواقع، من النادر أن تجد لاعباً متاحاً في سوق الانتقالات في سن الـ25 أو الـ26 أو الـ27 وينتقل إلى ناد آخر وينجح في أداء دور حاسم في الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز أو دوري أبطال أوروبا، حيث غالباً ما يظهر النجوم في سن مبكرة، لذا يجري التعاقد معهم مبكراً من قبل الفرق التي تدفع أجوراً تنافسية ولا تسمح لأفضل لاعبيها بالرحيل. وربما لم يكن من قبيل المصادفة أن أفضل الفرق لا تتعاقد مع كثير من اللاعبين في هذه الفئة العمرية أيضاً. فمن المعروف أن اللاعبين الذين وصلوا بالفعل إلى قمة عطائهم الكروي تكون تكلفة التعاقد معهم أعلى بكثير؛ لأنهم أصبحوا بالفعل أسماءً بارزة في عالم كرة القدم. لكن عندما تتعاقد مع لاعب في قمة عطائه الكروي، فهذا يعني أنك تتعاقد معه بعد أن لعب موسماً واحداً على الأقل وهو في قمة عطائه مع نادٍ آخر غير ناديك. وعندما لا يتوهج اللاعبون في الفئة العمرية من 25 إلى 27 عاماً، فإنهم لا يثيرون اهتماماً كبيراً من الفرق الأخرى؛ لأنهم عادةً ما يحصلون على أجور كبيرة ويكونون أكبر سناً.

وعند النظر إلى التحركات التي يقوم بها آرسنال، نجد أنه بعد سنوات من التعاقد مع اللاعبين الشباب فقط، تغيرت سياسة النادي وبدأ يتعاقد مع لاعبين من أصحاب الخبرة الكبيرة في فترة الانتقالات الحالية. وحتى بالنسبة إلى فريق احتل المركز الثاني بالدوري الإنجليزي الممتاز 3 مرات متتالية ووصل إلى الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا، فإن هذه التحركات تبدو محفوفة بالمخاطر. فإذا كانت الحال كذلك بالنسبة إلى آرسنال، فماذا عن مانشستر يونايتد الذي استقبل 11 هدفاً أكثر مما سجله خلال العامين الماضيين؟ تعاقد مانشستر يونايتد مع لاعبين اثنين هذا الصيف، وسيبلغ كل منهما 26 عاماً مع بداية الموسم المقبل. لا يهم حقاً الرأي في برايان مبيومو وماتيوس كونيا بصفتهما لاعبين، فربما يكونان بالفعل من أفضل لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز، وربما سيحصل كل منهما على دفعة معنوية كبيرة من اللعب مع لاعبين أفضل من اللاعبين الذين كانوا في الفريقين اللذين رحلا عنهما، على الأقل من الناحية النظرية، وحتى لو كان هذا صحيحاً، فمن المرجح أن يكون أفضلُ موسمين لهما مع مانشستر يونايتد هما الموسمين المقبلين. فهل هذه هي الفترة التي يجب أن يستثمر فيها الفريق الذي احتل المركز الـ15 في الموسم الماضي نحو 150 مليون يورو؟

يأمل مانشستر يونايتد أن يواصل ماتيوس كونيا (وسط) تألقه مثلما كان يفعل مع وولفرهامبتون (أ.ب)

ما خطة مانشستر يونايتد على المدى الطويل؟هناك رأيٌ مفاده بأنّه لا يُمكن بناء فريق كامل من اللاعبين الشباب. وهناك رأيٌ آخر مفاده بأنّ مانشستر يونايتد كان سيئاً للغاية العام الماضي؛ لدرجة أنّه يحتاج إلى التعاقد مع لاعبين أقوياء يساعدون النادي على تجنب خطر الهبوط. وعلاوة على ذلك، فإن التعاقد مع لاعبين لديهم خبرات كبيرة في الدوري الإنجليزي الممتاز، بما يساعد على حدوث تحسن طفيف في النتائج، سيعود بالنفع على ثقافة النادي التي وصفها لوك شو مؤخراً بأنها «سامة». كان من الممكن تصديق هذا لو أننا نرى خطة متماسكة ومدروسة جيداً في مانشستر يونايتد، لكن الأمر ليس كذلك على الإطلاق. فبناءً على أدائه السابق على أرض الملعب، يُعد أليخاندرو غارناتشو أبرز موهبة شابة واعدة في مانشستر يونايتد. فقد سجل الجناح الأرجنتيني 24 هدفاً وصنع 6 أهداف أخرى في الدوري الإنجليزي الممتاز قبل بلوغه الـ21 من عمره، ويبلغ متوسط أهدافه المتوقعة (دون احتساب ركلات جزاء) وتمريراته الحاسمة نحو 0.5 هدف لكل 90 دقيقة في مسيرته مع النادي، وهو معدل قريب من مستوى جيمس ماديسون وغابرييل مارتينيلي وفيل فودين في الموسم الماضي. ومن المرجح أن اللاعبين الذين يحققون ذلك في مثل هذه السن المبكرة يحققون مسيرة كروية ناجحة للغاية.

فإذا نظرنا إلى العام الماضي فقط، فسنجد أن أداء أماد ديالو، البالغ من العمر 23 عاماً، كان النقطة المضيئة الوحيدة في موسم مانشستر يونايتد المظلم؛ فقد سجل النجم الإيفواري الشاب 8 أهداف وقدم 6 تمريرات حاسمة قبل أن يتعرض للإصابة في الكاحل خلال فبراير (شباط) الماضي. وبالتالي، فمن الواضح أن كلا اللاعبين - غارناتشو وديالو - يمتلك القدرة على اللعب في دوري أبطال أوروبا، وهما سيوفران على النادي ملايين الدولارات في شكل رسوم انتقال. لكنهما يلعبان في المركزين نفسيهما للاعبَين مبيومو وكونيا. لذا؛ فإن الخيار المتاح أمام مانشستر يونايتد الآن هو إما عدم إشراك اثنين من أغلى اللاعبين في فريقك، وإما تقليل وقت اللعب لاثنين من أفضل اللاعبين الشباب في فريقك... وإما، في حالة غارناتشو، استبعاد أحد أبرز اللاعبين الشباب الواعدين تماماً من الفريق!

أماد ديالو (يسار) أحد اللاعبين القلائل الذين قدموا أداء جيداً مع يونايتد الموسم الماضي (أ.ف.ب)

لقد استُبعد غارناتشو، إلى جانب جادون سانشو وأنتوني وتيريل مالاسيا، من معسكر الفريق في الولايات المتحدة استعداداً للموسم الجديد. كان من المفترض أن يؤدي ذلك إلى تسهيل رحيلهم عن النادي، لكن الحقيقة أن استبعاد هؤلاء اللاعبين وإظهار أنهم غير مرغوب فيهم تماماً يعني أن مانشستر يونايتد أصبح في موقف ضعيف للغاية في أي مفاوضات تتعلق بالتعاقد مع أي من هؤلاء اللاعبين. فلماذا يكون أي نادٍ على استعداد للتفاوض على رسوم انتقال عالية من أجل التعاقد مع لاعبين يعلم جيداً أنك لا تريدهم؟

تشير بعض التقارير أيضاً إلى أن مانشستر يونايتد مرتبك بشأن آلية سير المفاوضات. لقد كان مانشستر يونايتد مستاءً من استمرار برينتفورد في طلب مزيد من المال مقابل الموافقة على رحيل مبيومو، لكنه في نهاية المطاف دفع المبلغ الذي أراده برينتفورد! في الواقع، لا يتعين على أي ناد أن يدفع أكثر من اللازم في التعاقد مع لاعب معين؛ لأن هناك كثيراً من البدائل الأخرى في سوق الانتقالات، أليس كذلك؟

ووفقاً للتقارير الحالية، يدرس مانشستر يونايتد الآن خيارين لتدعيم مركز قلب الهجوم: بنيامين سيسكو لاعب آر بي لايبزيغ، وأولي واتكينز لاعب آستون فيلا. يبلغ سيسكو من العمر 22 عاماً ولا يمتلك خبرات كبيرة، لكنه يتمتع بلياقة بدنية عالية، بينما يبلغ واتكينز من العمر 29 عاماً وقدم مستويات قوية في الدوري الإنجليزي الممتاز. فما الهدف الذي يسعى إليه النادي من التعاقد مع أي منهما؟ بغض النظر عن أنهما لاعبان مختلفان تماماً، فإن التعاقد مع واتكينز سيؤدي إلى تحسين أداء الفريق خلال الموسم أو الموسمين المقبلين، بينما سيؤدي التعاقد مع سيسكو لتحسين الأداء خلال الفترة حتى عام 2030.

مبيومو المنتقل من برينتفورد إلى مانشستر يونايتد حديثاً (د.ب.أ)

في مارس (آذار) الماضي، صرّح راتكليف نفسه بأن النادي يستهدف عام 2028 بوصفه فرصة واقعية للفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز. سيكون ذلك بعد موسمين من الموسم المقبل. ومع ذلك، أقرّ راتكليف بأن «هذا ربما يكون في وقت قريب بعض الشيء، لكنه ليس مستحيلاً». لكن بحلول ذلك الوقت، سيكون مبيومو في الـ29 من عمره، وكونيا في الـ30 من عمره، وواتكينز في الـ33! وبالتالي، فبينما يقول مانشستر يونايتد إنه يريد الفوز بالبطولات والألقاب في المستقبل، فإن كل ما يفعله يُخبرنا بأنه لا يمكنه الانتظار وأنه يريد تحقيق الفوز الآن!


مقالات ذات صلة

ماريسكا بين مشروع البناء وضغط المنافسة في الدوري الإنجليزي

رياضة عالمية إنزو ماريسكا (إ.ب.أ)

ماريسكا بين مشروع البناء وضغط المنافسة في الدوري الإنجليزي

حان الوقت لمعرفة كيف سيتعامل إنزو ماريسكا مع أول اختبار حقيقي له في تشيلسي، اختبار يرتبط هذه المرة بما يقدِّمه كمدرب داخل الملعب.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية أرتيتا يوجّه اللاعبين (د.ب.أ)

آرسنال يضرب بقوة قبل 2026 ويؤكد أحقيته بالصدارة

بدا كأن آرسنال بدأ يفقد توازنه، فبعد أن استهل شهر ديسمبر (كانون الأول) بالخسارة أمام أستون فيلا، لم يكن مقنعاً تماماً في انتصاراته الضيقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية ميكل أرتيتا (إ.ب.أ)

بعد الرباعية في أستون فيلا… أرتيتا يحتفل بعودة غابرييل وجيسوس

أشاد ميكل أرتيتا مدرب آرسنال بعودة الثنائي البرازيلي غابرييل ماجالهايس وغابرييل جيسوس من الإصابة بعدما هز كل منهما الشباك في الفوز ​الكبير 4-1.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية إيدي هاو (رويترز)

إيدي هاو: نأمل أن يُخفف الفوز على بيرنلي الضغط عن كاهلنا

يأمل إيدي هاو، مدرب نيوكاسل يونايتد، أن يُخفف الفوز 3-​1 على بيرنلي، الثلاثاء، الضغط عن فريقه بعد نصف أول متوتر من موسم الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية نونو إسبيريتو سانتو (رويترز)

نونو سانتو: اللاعبون بحاجة لتوجيهات بشأن الاحتكاكات أثناء الركلات الركنية

قال نونو سانتو، مدرب وست هام يونايتد، إن اللاعبين يشعرون بالارتباك حيال مقدار الالتحامات المسموح لهم بها أثناء أداء الواجبات الدفاعية عند تنفيذ الركنيات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ماريسكا بين مشروع البناء وضغط المنافسة في الدوري الإنجليزي

إنزو ماريسكا (إ.ب.أ)
إنزو ماريسكا (إ.ب.أ)
TT

ماريسكا بين مشروع البناء وضغط المنافسة في الدوري الإنجليزي

إنزو ماريسكا (إ.ب.أ)
إنزو ماريسكا (إ.ب.أ)

حان الوقت لمعرفة كيف سيتعامل إنزو ماريسكا مع أول اختبار حقيقي له في تشيلسي، اختبار يرتبط هذه المرة بما يقدِّمه كمدرب داخل الملعب، وليس بكيفية إدارته لما يجري خارجه، وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».

حتى الآن، تمثلت أكبر التحديات التي واجهها المدرب الإيطالي منذ توليه المهمة في «ستامفورد بريدج» في يونيو (حزيران) في قضايا بعيدة عن المستطيل الأخضر. أبرزها 3 محطات واضحة: حادثة الأغنية المسيئة التي تورط فيها إنزو فرنانديز في أثناء وجوده مع منتخب الأرجنتين، ثم تشكيل ما عُرف بـ«فرقة القنابل» خلال سوق الانتقالات الصيفية، وأخيراً الأنباء التي تحدثت عن دراسة المالكين المشاركين، تود بويلي وبهداد إقبالي، خيار شراء أحدهما حصة الآخر.

كانت هذه ملفات كافية لإرباك الأجواء داخل الفريق، غير أن المسار الهادئ لتشيلسي وصعوده بثبات في جدول الدوري الإنجليزي الممتاز عكس قدرة ماريسكا على منع الضغوط الإعلامية والجماهيرية من التأثير في تركيز المجموعة.

وقدَّم المدرب الإيطالي لمحة عن ذهنيته في سبتمبر (أيلول)، حين سُئل عن احتمال وجود انقسام في المِلكية، فأكد أن الأمر لن يكون مصدر تشتيت، مضيفاً: «تركيزي مُنصبٌّ على الملعب؛ لأنه الشيء الوحيد الذي أستطيع التحكم فيه».

لكن المفارقة أن ما يضع ماريسكا اليوم تحت الاختبار هو افتقاد تشيلسي السيطرة داخل المباريات. فالهزيمة 2-0 أمام إيبسويتش تاون تعني أن الفريق خسر مباراتين متتاليتين في جميع المسابقات لأول مرة في عهده، كما فشل في التسجيل خارج أرضه في مباراتين متتاليتين، وأنهى عام 2024 بحصد نقطة واحدة فقط من آخر 3 مباريات في الدوري.

ومن الواضح أن ما يحدث لا يعدو كونه تعثراً محدوداً في هذه المرحلة، ولا يشير إلى انهيار شامل. فحسب نموذج التوقعات الخاص بشركة «أوبتا» الذي يعتمد على احتمالات نتائج المباريات وترتيب القوة وتحليل أسواق المراهنات ومحاكاة الجولات المتبقية آلاف المرات، تبلغ حظوظ تشيلسي في إنهاء الموسم ضمن المراكز الأربعة الأولى 78.5 في المائة. ومع ذلك، فإن عودة الفريق إلى سكة الانتصارات في أقرب وقت ممكن باتت ضرورة ملحة بالنسبة لماريسكا.

حتى بعد التعادل مع إيفرتون في 22 ديسمبر (كانون الأول)، ظل الحديث يدور حول موقع تشيلسي في سباق اللقب، رغم تأكيد ماريسكا المتكرر أن فريقه غير جاهز للمنافسة على الصدارة. آنذاك كان تشيلسي في المركز الثاني، متأخراً بأربع نقاط فقط عن ليفربول المتصدر، بينما كان مانشستر سيتي ونيوكاسل يبتعدان عنه بفارق 8 و9 نقاط في المركزين السابع والثامن توالياً. بدا وكأن التأهل إلى دوري أبطال أوروبا أصبح أمراً مسلَّماً به خارج أروقة النادي.

لكن المشهد تبدل سريعاً. تراجع تشيلسي إلى المركز الرابع، وبات يتقدم بثلاث وأربع نقاط فقط على نيوكاسل ومانشستر سيتي، بينما اتسع الفارق مع ليفربول إلى عشر نقاط، ليضع حداً نهائياً لأحاديث التتويج بالدوري. وبدأت نبرة الانتقادات تطفو على السطح، مع تعرض ماريسكا لأول مرة تقريباً لانتقادات من بعض جماهير النادي.

وسرعان ما جرى استحضار المقارنة مع المدرب السابق ماوريسيو بوكيتينو؛ إذ إن رصيد ماريسكا بعد 19 مباراة (35 نقطة) أقل مما جمعه بوكيتينو (38 نقطة) في آخر 19 مباراة له.

كما لم تلقَ خيارات ماريسكا في إدارة مباراة فولهام في 26 ديسمبر استحساناً، ولا سيما بعد انهيار الفريق في الشوط الثاني رغم تقدمه؛ حيث اكتفى بإشراك كريستوفر نكونكو بديلاً لنيكولاس جاكسون. وفي مواجهة إيبسويتش، أجرى المدرب 5 تغييرات على التشكيلة الأساسية سعياً لاستعادة الانتصارات، ثم دفع بأربعة لاعبين بعد التأخر 2-0 في الشوط الثاني، دون أن ينجح ذلك في تغيير النتيجة.

وفي خسارة فولهام 2-1، اعترف ماريسكا بأن لاعبيه «استقبلوا عدداً كبيراً من الهجمات المرتدة». وبعد السقوط أمام إيبسويتش، أشار إلى سوء الحظ؛ إذ سدد فريقه 20 كرة على المرمى، اصطدمت اثنتان منها بالقائم، وأُبعدت أخرى من على خط المرمى. غير أن المشكلات الدفاعية ذاتها في التعامل مع الهجمات المرتدة ظلت واضحة، بينما فرض مهاجم إيبسويتش ليام ديلاب نفسه بقوة، مسجلاً هدفاً وصانعاً آخر، ومتسبباً في متاعب كبيرة لدفاع تشيلسي.

ومع احتساب الوقت بدل الضائع، كان أمام تشيلسي أكثر من 40 دقيقة للعودة في النتيجة، بعد أن ضاعف الجناح السابق للفريق أوماري هاتشينسون تقدم أصحاب الأرض، وهي مدة كافية نظرياً لقلب الموازين. ولكن الفريق فقد توازنه وهدوءه، وتلقى 4 لاعبين بطاقات صفراء، ولجأ إلى تسديدات متعجلة بدلاً من البناء المنظم للهجمات، وهو الخطأ ذاته الذي وقع فيه في الدقائق الأخيرة أمام فولهام قبل 4 أيام.

وعندما سُئل ماريسكا عما إذا كان قد لاحظ خللاً محدداً يفسر تراجع المستوى، قال: «أفضل تحليل الأمور مباراة بمباراة. أعتقد أنه عندما تخلق هذا العدد الكبير من الفرص، يمكنك بالتأكيد تحسين بعض الجوانب الدفاعية، ولكن من الناحية الهجومية لا يوجد الكثير مما يمكن قوله. أمام فولهام، لم نلعب بالطريقة التي نحبها؛ كانت المباراة مفتوحة وذهاباً وإياباً، وهذا ليس أسلوبنا. مباراة إيفرتون صعبة على الجميع، وحاولنا الفوز».

وأضاف: «في ديسمبر لعبنا 9 مباريات. فزنا في الست الأولى، ثم عانينا قليلاً في ختام الشهر. ربما وصلنا إلى نهايته بشيء من الإرهاق العام. لقد أنهينا الجزء الأول من الموسم وسنبدأ الآن الجزء الثاني. نحن سعداء بموقعنا، ولكننا نعرف أننا قادرون على تقديم ما هو أفضل».

غير أن قلة ستتعاطف مع تبريرات الإرهاق، نظراً لضخامة تشكيلة تشيلسي، ولأن غالبية عناصر التشكيلة الأساسية لم تشارك بكثافة في دوري المؤتمر الأوروبي أو كأس الرابطة هذا الموسم.

لقد استحق ماريسكا الإشادة عن جدارة بعد بدايته القوية مع تشيلسي. والآن، بات مطالباً بإثبات قدرته على تجاوز أول موجة من الصعوبات، وإلهام لاعبيه للخروج منها أقوى مما كانوا.


آرسنال يضرب بقوة قبل 2026 ويؤكد أحقيته بالصدارة

أرتيتا يوجّه اللاعبين (د.ب.أ)
أرتيتا يوجّه اللاعبين (د.ب.أ)
TT

آرسنال يضرب بقوة قبل 2026 ويؤكد أحقيته بالصدارة

أرتيتا يوجّه اللاعبين (د.ب.أ)
أرتيتا يوجّه اللاعبين (د.ب.أ)

بدا كأن آرسنال بدأ يفقد توازنه، فبعد أن استهل شهر ديسمبر (كانون الأول) بالخسارة أمام أستون فيلا، لم يكن مقنعاً تماماً في انتصاراته الضيقة على وولفرهامبتون وإيفرتون وبرايتون. لكن «المدفعجية» عرفوا كيف ينتزعون النتائج الحاسمة، وأجابوا عن أي شكوك عالقة حول أحقيتهم بالمنافسة على اللقب، بعدما حققوا فوزاً كاسحاً 4-1 على أستون فيلا بملعب «الإمارات» مساء الثلاثاء، وذلك وفقاً لشبكة «بي بي سي» البريطانية.

هذا الانتصار لم يكتفِ بإيقاف فريق أوناي إيمري المتألق وإبقائه في المركز الثالث، بل شكّل أيضاً رسالة قوية لكل من يطمح إلى عرقلة طموحات آرسنال في حصد الألقاب. ومع دخول عام 2026، والنصف الثاني من الموسم، يتصدر آرسنال جدول الدوري الإنجليزي الممتاز بفارق 5 نقاط عن مانشستر سيتي صاحب المركز الثاني، فيما يأتي أستون فيلا خلفه بنقطة إضافية.

وقال المهاجم السابق لأستون فيلا ديون دبلن عبر «بي بي سي راديو 5 لايف»: «ما فعله آرسنال أمام فيلا يخبرك تماماً أين يقف هذا الفريق. كل شيء يسير في صالحهم، لأن الجميع يسهم: المدرب، اللاعبون، والجهاز الفني».

وأضاف لاعب وسط إنجلترا السابق داني مورفي، خلال تحليله في برنامج «ماتش أوف ذا داي»: «كان أداء آرسنال بمثابة بيان قوي، إذ جاء مليئاً بالجودة وأظهر عمق التشكيلة».

لكن، ومع تاريخ طويل من التفريط باللقب بعد 3 مواسم متتالية أنهى فيها الفريق الدوري وصيفاً، يبرز السؤال: هل يستطيع آرسنال أخيراً أن يحسم الأمور هذا الموسم، ويتوَّج بطلاً للمرة الأولى منذ 2004؟ سبق لآرسنال أن وجد نفسه في هذا الموقف، ففي بداية عام 2023، دخل السنة وهو متصدر الترتيب بفارق 5 نقاط عن مانشستر سيتي، قبل أن تنقلب الموازين في النهاية ويتوّج فريق بيب غوارديولا باللقب بفارق 5 نقاط عن «المدفعجية».

وتكرر السيناريو نفسه في موسم 2002-2003، عندما أنهى آرسنال شهر ديسمبر (كانون الأول) في الصدارة، قبل أن ينهي الموسم متأخراً بـ5 نقاط عن مانشستر يونايتد.

في الواقع، من بين آخر 6 مرات أنهى فيها آرسنال السنة الميلادية بالمركز الأول، لم ينجح في الفوز بلقب الدوري الإنجليزي سوى مرة واحدة فقط، وذلك في موسم 2001-2002.

لهذا السبب، يبدو حذَر جماهيره مفهوماً، وهم يتجنبون الانجراف وراء الاحتفالات المبكرة. وقال المدافع السابق لليفربول جيمي كاراغر عبر «سكاي سبورتس»: «الأمر مفهوم، فقد مرّ ما يقرب من 22 عاماً من دون لقب دوري، لكن وقت القلق الحقيقي يكون في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، وليس الآن. لا يزال الطريق طويلاً».

وتُشير الإحصاءات إلى أن الفريق الذي يتصدر جدول الدوري مع نهاية السنة الميلادية توّج باللقب في 17 مناسبة من أصل 33 (بنسبة 52 في المائة). لكن، هل بدأت الأمور أخيراً تتشكل بالشكل الصحيح لدى آرسنال، الذي يعود آخر تتويج له إلى موسم «اللاهزيمة» التاريخي؟

قال المدرب ميكيل أرتيتا في حديثه لـ«بي بي سي سبورت»: «نحن نعرف كم سيكون هذا المشوار طويلاً. كان عام 2025 مذهلاً، ونعرف تماماً ما نريده من 2026، وسنضطر إلى كسبه بجهدنا، ولا نزال بعيدين عن النهاية».

وكانت مباراة فيلا هي الأولى منذ 8 ديسمبر (كانون الأول) التي يبدأ فيها غابرييل وويليام ساليبا معاً في قلب الدفاع. ورغم غياب ثنائي الدفاع الأساسي لفترات، امتلك آرسنال أقوى خط دفاع في الدوري، بعدما استقبل 12 هدفاً فقط في 19 مباراة، وهو الرقم الأقل بين جميع الفرق.

وأمام أستون فيلا، قدّم الثنائي عرضاً متماسكاً في شوط أول انتهى دون أهداف، قبل أن يفتتح المدافع البرازيلي غابرييل مهرجان الأهداف بعد 3 دقائق من انطلاق الشوط الثاني، بتسجيله هدفاً «فوضوياً».

وقال داني مورفي لـ«بي بي سي سبورت»: «آرسنال لا يذعر، لديهم ثقة كاملة بمدافعيهم للعب واحد ضد واحد والتعامل مع المواقف. عودة الشراكة بين ساليبا وغابرييل منحت الفريق الأساس لتقديم ذلك الأداء في الشوط الثاني. هذا ما يقدمه هذان اللاعبان: القوة البدنية، والهدوء، وعامل الترهيب».

لكن، وكما أشار أرتيتا، لا يزال الطريق طويلاً، فيما يواصل مانشستر سيتي وأستون فيلا الضغط خلف آرسنال. فريق غوارديولا، الذي انتزع اللقب من «المدفعجية» في مناسبتين منذ تولي أرتيتا المسؤولية عام 2019، سيقلص الفارق إلى نقطتين فقط إذا فاز على سندرلاند يوم الخميس.

أما أستون فيلا، الذي كان قد حقق سلسلة من 11 انتصاراً متتالياً قبل زيارته ملعب «الإمارات»، فسيأمل مدربه أوناي إيمري لأن تكون هذه الخسارة مجرد عثرة عابرة.

وقال كاراغر مشيداً بآرسنال: «إنها نتيجة ضخمة لهم من نواحٍ كثيرة: قوة المنافس، وكونها المرة الأولى التي يهزمون فيها منافساً حقيقياً هذا الموسم، وطريقة الفوز، وأداء الشوط الثاني. لقد دمروا أستون فيلا تماماً».


سوق الانتقالات تعيد رسم ملامح الدوري الألماني للسيدات

تشهد سوق الانتقالات الشتوية في الدوري الألماني لكرة القدم للسيدات نشاطاً استثنائياً هذا الموسم (أ.ف.ب)
تشهد سوق الانتقالات الشتوية في الدوري الألماني لكرة القدم للسيدات نشاطاً استثنائياً هذا الموسم (أ.ف.ب)
TT

سوق الانتقالات تعيد رسم ملامح الدوري الألماني للسيدات

تشهد سوق الانتقالات الشتوية في الدوري الألماني لكرة القدم للسيدات نشاطاً استثنائياً هذا الموسم (أ.ف.ب)
تشهد سوق الانتقالات الشتوية في الدوري الألماني لكرة القدم للسيدات نشاطاً استثنائياً هذا الموسم (أ.ف.ب)

تشهد سوق الانتقالات الشتوية في الدوري الألماني لكرة القدم للسيدات نشاطاً استثنائياً هذا الموسم، على خلاف ما جرت عليه العادة في فترات الانتقال الشتوية التي غالباً ما تتسم بالهدوء. ويجد مسؤولو الأندية أنفسهم أمام مرحلة حافلة بالقرارات الحاسمة.

وحسب صحيفة «بيلد الألمانية»، فإن أولى الصفقات البارزة باتت محسومة؛ حيث ستنتقل المهاجمة الدولية الألمانية ليا شولر (28 عاماً) إلى مانشستر يونايتد بدءاً من شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، قادمة من بايرن ميونيخ الذي سيحصل على مقابل مالي نظير الصفقة، ما يدفعه في المقابل عند الوصول إلى بديلة مناسبة.

وتعمل مديرة كرة القدم النسائية في بايرن ميونيخ، بيانكا ريش، على دراسة خيارات متعددة داخل أوروبا، إلا أن الدوري الألماني يضم بدوره أسماء مطروحة، من بينها نيكول أنيومي (25 عاماً) لاعبة آينتراخت فرانكفورت التي ينتهي عقدها في الصيف المقبل. وقد يفضل ناديها بيعها خلال فترة الانتقالات الحالية للاستفادة مالياً قبل نهاية عقدها.

وعلى صعيد متصل، يبدي آينتراخت فرانكفورت اهتماماً بضم المهاجمة جيوفانا هوفمان (27 عاماً) من لايبزيغ، رغم تعرضها لإصابة حالياً. كما تبرز مهاجمة فيردر بريمن، لاريسا مولهاوس (22 عاماً) التي سجلت 9 أهداف هذا الموسم، كأحد الأسماء المطروحة على طاولة بايرن ميونيخ وفرانكفورت، وسط اهتمام واسع من أندية أوروبية وأميركية، مع ترجيحات برحيلها الصيف المقبل، دون استبعاد انتقالها في الشتاء.

كما تحظى المهاجمة الدولية سيلينا تشيرتشي (25 عاماً) باهتمام متزايد؛ إذ ارتبط اسمها مجدداً بفولفسبورغ الذي سبق أن دخل في مفاوضات معها خلال السنوات الماضية. وتشير المعطيات الحالية إلى أن اللاعبة تميل لتأجيل قرارها حتى الصيف؛ خصوصاً مع اقتراب نهاية عقدها مع هوفنهايم. ويُعد مدرب فولفسبورغ، شتيفان ليرش، أحد العوامل المؤثرة؛ إذ سبق له العمل معها في هوفنهايم.

ويستعد فولفسبورغ لاحتمال فقدان عدد من عناصره الهجومية البارزة بنهاية الموسم، في ظل اقتراب انتهاء عقوم لينيث بيرينستين وألكسندرا بوب، ولاعبات أخريات.

من جانبه، لا يقتصر بحث بايرن ميونيخ على تعزيز الخط الهجومي فقط؛ بل يشمل أيضاً خط الوسط، بعد الإصابات الخطيرة التي تعرضت لها لينا أوبردورف وسارة تسادرازيل. وتشير تقارير إلى اهتمام النادي بضم إليسا زينس من آينتراخت فرانكفورت، إضافة إلى سيوكه نوسكن من تشيلسي، رغم صعوبة الصفقة، في ظل رغبة اللاعبة في اللعب مع نادٍ مرشح بقوة للفوز بدوري أبطال أوروبا.

كما يلوح في الأفق رحيل حارسة المرمى مالا غروهس (24 عاماً) عن بايرن ميونيخ، بعدما فقدت مركزها الأساسي عقب عودتها من فترة علاج ناجحة، إثر إصابتها بمرض السرطان. وتشير التوقعات إلى انتقالها إلى الدوري الإنجليزي.

ويعكس هذا الحراك اللافت ازدياد عدد الأندية القادرة على المنافسة في سوق انتقالات كرة القدم النسائية، ما يدفع اللاعبات إلى حسم خياراتهن مبكراً، ويزيد من أهمية التحرك في فترة الانتقالات الشتوية، تفادياً لخسارة الصفقات دون مقابل في الصيف.