صندوق النقد الدولي: الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى الاقتراض المشترك لتمويل السلع العامة

قال إن توافق السياسيين الفرنسيين على دعم الشؤون المالية يهدئ الأسواق

ألفريد كامر خلال مؤتمر صحافي في اجتماعات الربيع السنوية للصندوق والبنك الدوليين بواشنطن (رويترز)
ألفريد كامر خلال مؤتمر صحافي في اجتماعات الربيع السنوية للصندوق والبنك الدوليين بواشنطن (رويترز)
TT

صندوق النقد الدولي: الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى الاقتراض المشترك لتمويل السلع العامة

ألفريد كامر خلال مؤتمر صحافي في اجتماعات الربيع السنوية للصندوق والبنك الدوليين بواشنطن (رويترز)
ألفريد كامر خلال مؤتمر صحافي في اجتماعات الربيع السنوية للصندوق والبنك الدوليين بواشنطن (رويترز)

قال ألفريد كامر، مدير الإدارة الأوروبية في صندوق النقد الدولي، يوم الجمعة، إن الاتحاد الأوروبي ينبغي أن يعتمد الاقتراض المشترك لتمويل السلع العامة الأوروبية مثل الدفاع، والبحث والتطوير، والطاقة.

ويُعدّ الاقتراض المشترك موضوعاً مثيراً للجدل داخل الاتحاد الأوروبي، إذ تُظهر ألمانيا، أكبر اقتصاد في الكتلة، حساسية خاصة تجاه هذا النوع من الديون، بينما تُعارضه بشدة عدد من دول شمال أوروبا. وقد كسر الاتحاد الأوروبي هذا الحظر مؤقتاً عام 2020، عندما اقترض 800 مليار يورو بشكل مشترك لإعادة إطلاق الاقتصاد الأوروبي بعد جائحة كوفيد-19، وظل خيار المزيد من الاقتراض المشترك محل نقاش مستمر منذ ذلك الحين.

حثّ صندوق النقد الدولي الاتحاد الأوروبي على تمويل زيادة الإنفاق على السلع العامة عبر الدين المشترك.

وأدى تهديد العدوان الروسي في أوروبا إلى زيادة الحاجة إلى الإنفاق الدفاعي، كما فرضت المنافسة مع الصين والولايات المتحدة ضغوطاً إضافية لتعزيز الابتكار الأوروبي وخفض أسعار الطاقة.

وقال كامر في مقابلة مع «رويترز»: «نقترح بشكل ملموس مضاعفة إنفاق الاتحاد الأوروبي على هذه السلع العامة، من 0.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 0.9 في المائة، بما يعادل نحو 100 مليار يورو (117 مليار دولار)».

وأضاف: «نوصي بتمويل هذه الزيادة في ميزانية الاتحاد الأوروبي عبر الدين المشترك لتغطية تكاليف هذه السلع، لأنها ضرورية ويعود نفعها على الجميع، ويجب أن يبدأ التنفيذ الآن. وسيتم سداد خدمة هذا الدين تدريجياً مع مرور الوقت، مع ضرورة تعزيز موارد الاتحاد الأوروبي الخاصة لضمان القدرة على السداد. لذا، ينبغي النظر في خيار الدين المشترك لتحقيق مصالح مشتركة».

مشاريع الدفاع المشتركة التي يمولها الاتحاد الأوروبي تُنفذ بالفعل عبر برنامج يقدّر بـ150 مليار يورو من القروض الميسرة، رغم أن حجم الاستثمار الدفاعي المطلوب قد يستدعي تمويلاً إضافياً.

أما تمويل إنشاء سوق طاقة أوروبية مشتركة فسيكون خطوة جديدة، إذ يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى الانتقال من الوقود الأحفوري إلى مصادر طاقة منخفضة الانبعاثات، إلى جانب بناء شبكات كهرباء عابرة للحدود تغطي كامل الكتلة.

كما سيعود الاستثمار في البحث والتطوير والابتكار بالنفع على جميع دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين وسكانه البالغ عددهم 450 مليون نسمة.

وأشار كامر إلى أن «هذه السلع العامة ستدعم العديد من جهود الإصلاح الأخرى، فهي أساسية للارتقاء بالاقتصاد». وأضاف أن «زيادة التنسيق على مستوى الاتحاد الأوروبي في سوق الطاقة والكهرباء يمكن أن توفر نحو 7 في المائة من تكاليف التحول إلى الطاقة النظيفة».

كما أشار إلى أن الدراسات تُظهر أن التنسيق في الإنفاق الدفاعي، عبر المشتريات المشتركة والجهود المنسقة، قد يوفر نحو 30 في المائة مقارنة بالجهود الوطنية، مؤكّداً أن «القيام بذلك على المستوى الأوروبي أقل تكلفة».

ويُناقش الاتحاد الأوروبي فكرة السلع العامة جزءاً من النقاش حول موازنته للسنوات السبع المقبلة، بدءاً من عام 2028، دون التوصل إلى أي نتائج نهائية بعدُ.

فرنسا تدرك ضرورة خفض العجز

وفي سياق آخر، أشار إلى أن السياسيين الفرنسيين متفقون على ضرورة دعم المالية العامة، وأن هذا التوافق يُسهم في تهدئة الأسواق المالية رغم حالة عدم الاستقرار السياسي التي تشهدها فرنسا منذ منتصف عام 2024.

وأضاف كامر أن الأسس الاقتصادية الفرنسية قوية، وأن البلاد لا تعاني من أي مشاكل في السيولة، مع أن فروق أسعار السندات الفرنسية مقابل السندات الألمانية مُحتواة. وأشار إلى أن فرنسا لديها مشروع ميزانية مقترح لعام 2026 بعجز أقل، ما يعزز الثقة في استقرار الاقتصاد.

وقال: «بالنسبة للمخاطر قصيرة الأجل، فهي لم ترتفع إلى مستوى يستدعي القلق الشديد». وأضاف: «ما يُثير التفاؤل هو توقع تقديم موازنة 2026 بما يتماشى مع الالتزامات الفرنسية بموجب القواعد المالية الأوروبية، لخفض العجز إلى نحو 4.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي».

وأشار إلى أن الدين العام الفرنسي ارتفع إلى 114.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من العام، مقارنة بـ113.2 في المائة بنهاية 2024، متجاوزاً بذلك متوسط منطقة اليورو البالغ 88 في المائة، ما يجعل فرنسا ثالث أكثر دول الاتحاد الأوروبي مديونية بعد اليونان وإيطاليا.

وأوضح كامر أن الأحزاب السياسية الفرنسية ستناقش بعمق إجراءات خفض العجز، إلا أن الاتجاه العام نحو تعزيز الانضباط المالي كان واضحاً لا جدال فيه.

وأضاف: «أحياناً يغيب الوعي، ثم يأتي دور التذكير من خلال تحرك الأسواق». وأضاف: «أحد أسباب هدوء الأسواق نسبياً هو إدراك الطبقة السياسية وأعضاء البرلمان بوضوح أن هذه المشكلة يجب معالجتها، رغم وجود اختلافات حول كيفية تحقيق الدمج المالي».


مقالات ذات صلة

نائب مدير صندوق النقد الدولي في زيارة إلى الصين

الاقتصاد رجل ينسق واجهة أحد المتاجر في مدينة شنغهاي الصينية بمناسبة أعياد رأس السنة (إ.ب.أ)

نائب مدير صندوق النقد الدولي في زيارة إلى الصين

يقوم دان كاتز، المسؤول الثاني في صندوق النقد الدولي، بأول زيارة له للصين منذ مغادرته منصبه رئيساً لمكتب وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد شعار الروبية الهندية يظهر داخل مقر بنك الاحتياطي الهندي في مومباي (رويترز)

الهند تراجع قيود مشتقات العملات لوقف نزوح التداول إلى الخارج

تجري هيئات الرقابة الهندية محادثات لمراجعة القيود الصارمة المفروضة على عقود مشتقات العملات المتداولة في البورصات، في محاولة لإنعاش السوق.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد تمشي امرأة أمام المدخل الرئيسي للبنك المركزي السريلانكي في كولومبو (أرشيفية - رويترز)

سيرلانكا تُثبت الفائدة قبل اعتماد الموازنة ومراجعة صندوق النقد الدولي

أبقى البنك المركزي السريلانكي، الأربعاء، على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير، في انتظار صدور موافقة الموازنة الوطنية وإجراء المراجعة الأخيرة لقروض صندوق النقد.

«الشرق الأوسط» (كولومبو )
الاقتصاد عمانية تلوّح بالعلم الوطني أثناء عرض عسكري للقوات البحرية خلال احتفالات اليوم الوطني على شاطئ القرم في مسقط (رويترز)

صندوق النقد: اقتصاد عُمان «صامد بقوة» رغم التوترات الجيوسياسية وتقلبات النفط

أكد صندوق النقد الدولي أن سلطنة عمان أبدت قدرة قوية على الصمود في مواجهة تصاعد أجواء عدم اليقين العالمي وتجدد التوترات الجيوسياسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد جانب من منطقة الخليج التجارية في العاصمة البحرينية المنامة (الشرق الأوسط)

صندوق النقد يتوقع تسارع نمو اقتصاد البحرين إلى 3.3% في 2026

أكد صندوق النقد الدولي بقاء النمو الاقتصادي في البحرين مرناً، وارتفاع التضخم بشكل متواضع في عام 2024، مع مواصلة ارتفاع الدين الحكومي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
TT

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، تعليق بعض العقوبات التي فرضتها على شركة النفط الروسية العملاقة «لوك أويل»، للسماح لمحطات الوقود في خارج روسيا بمواصلة العمل.

وأكدت وزارة الخزانة الأميركية أن التعامل مع هذه المحطات مجاز به «لتفادي معاقبة» زبائنها ومورّديها، وبشرط ألا يتم تحويل العائدات إلى روسيا. يسري هذا الإعفاء حتى 29 أبريل (نيسان) 2026، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت الولايات المتحدة أضافت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أكبر شركتين لإنتاج النفط في روسيا، «لوك أويل» و«روسنفت»، إلى اللائحة السوداء للكيانات الخاضعة للعقوبات، وهو سجل تتابعه العديد من الدول والشركات.

وتواجه الشركات التي تتعامل مع كيانات روسية، خطر التعرض لعقوبات ثانوية، وهو ما قد يمنعها من التعامل مع البنوك والتجار وشركات النقل والتأمين الأميركية التي تشكل العمود الفقري لسوق السلع الأساسية.

ويأتي إعلان وزارة الخزانة بعد يومين من اجتماع في موسكو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، في إطار مساعٍ تجريها واشنطن للتوصل إلى تسوية للحرب في أوكرانيا.


وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
TT

وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)

كشف وزير المالية اللبناني، ياسين جابر، عن تفاصيل جديدة تتعلق بطلبات «صندوق النقد الدولي»، مؤكداً أن «الصندوق» طلب من لبنان تحقيق فائض في الموازنة العامة إلى جانب فرض مزيد من الضرائب.

وشدد جابر، وفق ما جاء في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية عقب اجتماع مجلس الوزراء، على أن وزارة المالية «لا نية لديها» لتلبية هذه المطالب؛ «تحديداً في هذا التوقيت»، عادّاً أن «الظرف صعب» وأنه لا يتحمل زيادة الأعباء على المواطنين.

وعلى صعيد آخر، قدّم وزير المالية لمحة إيجابية عن الوضع المالي العام في لبنان، وقال إن «الوضع المالي مستقر، وليس هناك عجز، وبدأنا تحقيق الفائض بالليرة اللبنانية».


إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
TT

إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)

انخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز بنسبة 6 في المائة في أول يومين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً لما ذكره مصدر في قطاع النفط والغاز يوم الخميس، وذلك عقب هجوم أوكراني بطائرة مسيّرة على منشأة تحميل تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين في البحر الأسود.

وكان خط أنابيب بحر قزوين، الذي ينقل أكثر من 80 في المائة من صادرات كازاخستان النفطية، ويتعامل مع أكثر من 1 في المائة من الإمدادات العالمية، قد علق عملياته يوم السبت بعد تعرض مرساة في المحطة الواقعة بالقرب من ميناء نوفوروسيسك الروسي لأضرار.

واستأنف لاحقاً عمليات الإمداد باستخدام مرساة واحدة (SPM) بدلاً من المرساتين اللتين يستخدمهما عادةً. وتعمل وحدة ثالثة، قيد الصيانة حالياً والتي بدأت قبل الإضرابات، كوحدة احتياطية. وانخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز في أول يومين من ديسمبر إلى 1.9 مليون برميل يومياً، مقارنةً بمتوسط ​​الإنتاج في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً للمصدر وحسابات «رويترز».

ويُظهر انخفاض إنتاج النفط تأثير هجوم طائرة من دون طيار تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين على كازاخستان؛ العضو في «أوبك بلس»، والتي صدّرت نحو 68.6 مليون طن من النفط العام الماضي، وتحتل المرتبة الثانية عشرة بين أكبر منتجي النفط في العالم.

وينقل خط أنابيب بحر قزوين، الذي يبلغ طوله 1500 كيلومتر (930 ميلاً)، النفط الخام من حقول تنجيز وكاراتشاغاناك وكاشاغان في كازاخستان إلى محطة يوزنايا أوزيرييفكا في نوفوروسيسك. والموردون الرئيسيون هم حقول في كازاخستان، كما تحصل على النفط الخام من منتجين روس.

وصرح نائب وزير الطاقة الكازاخستاني، يرلان أكبروف، يوم الخميس، بأن إحدى مراسي شركة النفط والغاز الكازاخستانية (CPC) في محطة البحر الأسود تعمل بكامل طاقتها، ولا توجد أي قيود على نقل النفط.

وأفادت خمسة مصادر في قطاع الطاقة لـ«رويترز» يوم الأربعاء بأن كازاخستان ستُحوّل المزيد من النفط الخام عبر خط أنابيب «باكو-تبليسي-جيهان» في ديسمبر (كانون الأول) بسبب انخفاض طاقة خط أنابيب بحر قزوين.

كما يُصدر المنتجون الكازاخستانيون النفط الخام إلى مينائي نوفوروسيسك وأوست-لوغا الروسيين تحت علامة «كيبكو» التجارية، وإلى ألمانيا عبر خط أنابيب دروجبا، لكن هذه المسارات تُقدّم هوامش ربح أقل، وتعتمد على طاقة شركة «ترانسنفت» الروسية لتشغيل خطوط الأنابيب.

خيارات إعادة توجيه النفط من كازاخستان، وهي دولة غير ساحلية، محدودة نظراً لضغط شبكة خطوط الأنابيب الروسية بعد هجمات متكررة بطائرات من دون طيار على مصافيها ومنشآت التصدير.

وقدّر مصدر آخر في قطاع الطاقة فقدان طاقة تحميل خط أنابيب بحر قزوين عند استخدام خط أنابيب واحد فقط بـ900 ألف طن أسبوعياً.