الإغلاق الأميركي يعلِّق بيانات اقتصادية مهمَّة ويترك «الفيدرالي» في مأزق

مبنى بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

الإغلاق الأميركي يعلِّق بيانات اقتصادية مهمَّة ويترك «الفيدرالي» في مأزق

مبنى بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

يواجه الاقتصاديون وصناع السياسات والمستثمرون الآن أزمة جديدة، تتمثل في أنهم قد لا يحصلون على تقرير الوظائف الشهري المنتظر يوم الجمعة. هذا التقرير يُعَدُّ دليلاً حاسماً لتحديد ما إذا كان التباطؤ في التوظيف الذي شهده الصيف قد استمر حتى الخريف، وما إذا كانت هناك تصدعات أعمق تتشكل في أساس سوق العمل الأميركي.

تعليق شامل لعمليات البيانات

أعلن مكتب إحصاءات العمل، المسؤول عن إصدار بيانات الوظائف الشهرية، أنه «سيعلِّق جميع العمليات» إذا فشل الكونغرس والرئيس في التوصل إلى اتفاق لتمديد تمويل الحكومة الفيدرالية قبل الموعد النهائي. وبموجب خطة الطوارئ الصادرة عن وزارة العمل، فإن جميع الإصدارات المجدولة للبيانات في أثناء الإغلاق «لن تُنشَر»، وكذلك سيتوقف جمع البيانات اللازمة للتقارير المستقبلية.

يعني ذلك أن الإغلاق الحكومي لا يهدد بتأخير تقرير الوظائف المرتقب يوم الجمعة فقط؛ بل أيضاً بيانات بالغة الأهمية، مثل أرقام التضخم التي كان من المقرر أن تصدر في منتصف أكتوبر (تشرين الأول)، بالإضافة إلى تقارير من وكالات أخرى، مثل مكتب الإحصاء ومكتب التحليل الاقتصادي، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز». وكذلك تقرير كشوف الأجور غير الزراعية الذي يراقب بتركيز شديد لتحديد مسار سياسة أسعار الفائدة لـ«الاحتياطي الفيدرالي»، وبيانات مطالبات إعانات البطالة، وطلبيات المصانع، والإنفاق على البناء، بالإضافة إلى بيانات التجارة الدولية التي تقيس حجم الواردات والصادرات الأميركية، وفق «أسوشييتد برس».

وتُعد هذه الخطوة ضربة قوية للمستثمرين، كون هذا التوقف يفرض حالة من عدم اليقين، ويصعِّب على المحللين تقييم قوة الاقتصاد الأميركي الحقيقية.

الشمس تغرب خلف مبنى «الكابيتول» (د.ب.أ)

قرار كارثي في لحظة حرجة

يأتي التوقف المحتمل في إصدار البيانات في توقيت حرج للغاية؛ حيث يكافح الاقتصاديون وصناع السياسات بالفعل لفهم الإشارات المتضاربة حول صحة الاقتصاد. فمن ناحية، تباطأ نمو الوظائف بشكل ملحوظ، ولكن من ناحية أخرى، لا يزال معدل البطالة منخفضاً، ويظل إنفاق المستهلكين قوياً نسبياً.

في هذا الصدد، قالت مارثا جيمبل، المديرة التنفيذية لمختبر الميزانية في جامعة «ييل» لصحيفة «نيويورك تايمز»: «نحن نشهد حالياً اقتصاداً قد يكون أو لا يكون عند نقطة تحول؛ خصوصاً بالنسبة لسوق العمل». وأضافت أن التعرف على نقاط التحول في الوقت الفعلي أمر صعب، مما يجعل توفر البيانات عالية الجودة أكثر أهمية. وخلصت إلى أن «قلة البيانات لن تجعل فهم الاقتصاد في مثل هذا الوقت المحوري أسهل».

«الاحتياطي الفيدرالي» في ورطة

يُضيف الإغلاق الحكومي تعقيداً آخر لمسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» الذين يحاولون الموازنة بين مخاطر ضعف سوق العمل والتهديد المستمر للتضخم. فمن دون بيانات موثوقة، تزداد فرص ارتكابهم خطأ في الاتجاهين، مما قد يؤدي إلى تفاقم البطالة أو التضخم.

ووصف غريغوري داكو -كبير الاقتصاديين في «إي واي بارثينون»- الوضع بقوله: «التحليق الأعمى وسط ضباب كثيف هو اقتراح خطير».

تداعيات الإغلاق القصير والطويل

يعتمد مدى استمرار هذا «الضباب» على طول مدة الإغلاق. فإذا كان الإغلاق قصيراً، فقد يكون التأثير محدوداً؛ حيث تم بالفعل الانتهاء من جمع بيانات تقرير وظائف سبتمبر (أيلول)، ويمكن للمكتب إصدار التقرير بسرعة بمجرد استئناف التمويل. وينطبق الشيء نفسه على بيانات أسعار المستهلكين لشهر سبتمبر.

ولكن إذا استمر الإغلاق لأكثر من أسبوعين، فقد يؤدي ذلك إلى تعطيل عملية جمع البيانات للتقارير المستقبلية، مما ستكون له عواقب دائمة. على سبيل المثال: إذا تأخر مسح القوى العاملة الذي يتم إجراؤه في منتصف كل شهر، فقد يواجه الناس صعوبة في تذكُّر تفاصيل نشاطهم، مما يجعل البيانات أقل موثوقية. وقد حذرت وزارة العمل في وثيقتها من أن «انخفاض جودة البيانات المجمعة قد يؤثر على جودة التقديرات المستقبلية المنتجة».

يُذكَر أن هذا الاضطراب يأتي في فترة مضطربة لمكتب إحصاءات العمل الذي يواجه أيضاً نقصاً في الموظفين، وتأخيرات في التعيينات بسبب الإغلاق. وسيتعيَّن على الاقتصاديين الاعتماد على مصادر بديلة، مثل بيانات شركات الرواتب الخاصة، مثل (ADP) ومواقع التوظيف، ولكن هذه المصادر «ليست شاملة أو موثوقة مثل الإحصاءات الحكومية الرسمية».


مقالات ذات صلة

وول ستريت تتسم بالهدوء والترقب قبيل قرار الاحتياطي الفيدرالي

الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

وول ستريت تتسم بالهدوء والترقب قبيل قرار الاحتياطي الفيدرالي

تذبذبت مؤشرات الأسهم الرئيسية في وول ستريت بين مكاسب وخسائر طفيفة، يوم الخميس، حيث قام المستثمرون بتحليل مجموعة من البيانات لتحديد توقعاتهم بشأن الفائدة.

«الشرق الأوسط» (نيويوك)
الاقتصاد الرئيس دونالد ترمب محاطاً بعدد من كبار تنفيذيي صناعة السيارات الأميركية في المكتب البيضاوي يوم 3 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)

ترمب ينقلب على معايير «الكفاءة الخضراء»

في خطوة تُعدّ انقلاباً مباشراً على إرث إدارة جو بايدن، أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن خطة شاملة لخفض معايير الكفاءة في استهلاك الوقود للسيارات والشاحنات.

إيلي يوسف (واشنطن)
الاقتصاد من داخل معرض وظيفي للموظفين الفيدراليين المفصولين حديثاً في كانساس سيتي مارس 2025 (رويترز)

انخفاض طلبات إعانة البطالة الأميركية إلى أدنى مستوى منذ 3 سنوات

انخفض عدد المتقدمين الجدد للحصول على إعانات البطالة بالولايات المتحدة الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من ثلاث سنوات في إشارة إلى صمود سوق العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة «نوظف الآن» معلّقة على نافذة صالون حلاقة بمدينة ميدفورد الكبرى في ولاية ماساتشوستس (رويترز)

تراجع حاد في تسريحات العمال الأميركيين رغم استمرار تباطؤ التوظيف

تراجعت عمليات تسريح العمالة المعلنة من جانب أصحاب العمل الأميركيين بشكل حاد خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غير أن نيات التوظيف واصلت التباطؤ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد سكوت بيسنت يتحدث خلال قمة «نيويورك تايمز ديلبوك 2025» في مركز جاز لينكولن (أ ف ب)

بيسنت متفائل بموافقة المحكمة العليا على رسوم ترمب الجمركية

أعرب وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، يوم الأربعاء، عن تفاؤله بأن المحكمة العليا ستؤيِّد قانونية الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )

الذهب يستقر قبيل بيانات أميركية حاسمة

سبائك ذهبية في متجر بلندن (رويترز)
سبائك ذهبية في متجر بلندن (رويترز)
TT

الذهب يستقر قبيل بيانات أميركية حاسمة

سبائك ذهبية في متجر بلندن (رويترز)
سبائك ذهبية في متجر بلندن (رويترز)

استقرت أسعار الذهب يوم الجمعة، إذ عوّض ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية تأثير تراجع الدولار، بينما يترقب المستثمرون بيانات تضخم محورية قد توفّر مؤشرات مهمة حول مسار سياسة «الاحتياطي الفيدرالي» قبل اجتماعه الأسبوع المقبل.

وبحلول الساعة 05:24 بتوقيت غرينيتش، استقر الذهب الفوري عند 4215.92 دولار للأوقية، متجهاً نحو انخفاض أسبوعي بنحو 0.3 في المائة. كما ارتفعت العقود الآجلة للذهب الأميركي تسليم ديسمبر (كانون الأول) بنسبة 0.1 في المائة إلى 4245.70 دولار للأوقية، وفق «رويترز».

وحافظت عوائد سندات الخزانة الأميركية القياسية لأجل 10 سنوات، على استقرارها بالقرب من أعلى مستوى لها في أكثر من أسبوعين.

في الوقت نفسه، استقر الدولار قرب أدنى مستوى له في 5 أسابيع مقابل العملات الرئيسية، مما جعل الذهب المقوّم بالدولار أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب.

وقال كونال شاه، رئيس الأبحاث في شركة «نيرمال بانغ» للسلع: «السوق بانتظار محفزات جديدة قد تأتي من قرارات (الفيدرالي). الذهب يشهد استقراراً بعد موجة صعود قصيرة في نوفمبر (تشرين الثاني)، لكن الاتجاه العام يبدو صاعداً». وأضاف أن ارتفاع عوائد السندات الأميركية وضع ضغوطاً على الأسعار.

وأظهرت بيانات صدرت يوم الخميس، تراجع طلبات إعانة البطالة الأميركية إلى 191 ألف طلب الأسبوع الماضي، وهو أدنى مستوى لها في أكثر من 3 سنوات وبفارق واضح عن التوقعات البالغة 220 ألفاً. كما أظهرت بيانات «إيه دي بي» يوم الأربعاء، انخفاض وظائف القطاع الخاص بمقدار 32 ألف وظيفة في نوفمبر، في أكبر تراجع منذ أكثر من عامين ونصف العام.

وتتوقع أغلبية من أكثر من 100 خبير اقتصادي استطلعت «رويترز» آراءهم، أن يخفض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة الأساسي بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه يومي 9 و10 ديسمبر، في إطار جهوده لدعم سوق العمل المتباطئة. ومن المعروف أن أسعار الفائدة المنخفضة تعزز جاذبية الأصول غير المدرّة للعائد مثل الذهب.

وينتظر المستثمرون صدور مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) لشهر سبتمبر (أيلول)، وهو المقياس المفضل لدى (الفيدرالي) لمتابعة التضخم.

وبالنسبة لبقية المعادن النفيسة، ارتفعت الفضة بنسبة 1 في المائة إلى 57.68 دولار للأوقية، واتجهت لتسجيل مكاسب أسبوعية بعد أن بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 58.98 دولار يوم الأربعاء.

وتراجع البلاتين بنسبة 0.1 في المائة إلى 1644.04 دولار، مع توقع تسجيل خسارة أسبوعية، بينما ارتفع البلاديوم بنسبة 1.1 في المائة إلى 1464.70 دولار، متجهاً لإنهاء الأسبوع على ارتفاع.


الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
TT

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، تعليق بعض العقوبات التي فرضتها على شركة النفط الروسية العملاقة «لوك أويل»، للسماح لمحطات الوقود في خارج روسيا بمواصلة العمل.

وأكدت وزارة الخزانة الأميركية أن التعامل مع هذه المحطات مجاز به «لتفادي معاقبة» زبائنها ومورّديها، وبشرط ألا يتم تحويل العائدات إلى روسيا. يسري هذا الإعفاء حتى 29 أبريل (نيسان) 2026، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت الولايات المتحدة أضافت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أكبر شركتين لإنتاج النفط في روسيا، «لوك أويل» و«روسنفت»، إلى اللائحة السوداء للكيانات الخاضعة للعقوبات، وهو سجل تتابعه العديد من الدول والشركات.

وتواجه الشركات التي تتعامل مع كيانات روسية، خطر التعرض لعقوبات ثانوية، وهو ما قد يمنعها من التعامل مع البنوك والتجار وشركات النقل والتأمين الأميركية التي تشكل العمود الفقري لسوق السلع الأساسية.

ويأتي إعلان وزارة الخزانة بعد يومين من اجتماع في موسكو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، في إطار مساعٍ تجريها واشنطن للتوصل إلى تسوية للحرب في أوكرانيا.


وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
TT

وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)

كشف وزير المالية اللبناني، ياسين جابر، عن تفاصيل جديدة تتعلق بطلبات «صندوق النقد الدولي»، مؤكداً أن «الصندوق» طلب من لبنان تحقيق فائض في الموازنة العامة إلى جانب فرض مزيد من الضرائب.

وشدد جابر، وفق ما جاء في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية عقب اجتماع مجلس الوزراء، على أن وزارة المالية «لا نية لديها» لتلبية هذه المطالب؛ «تحديداً في هذا التوقيت»، عادّاً أن «الظرف صعب» وأنه لا يتحمل زيادة الأعباء على المواطنين.

وعلى صعيد آخر، قدّم وزير المالية لمحة إيجابية عن الوضع المالي العام في لبنان، وقال إن «الوضع المالي مستقر، وليس هناك عجز، وبدأنا تحقيق الفائض بالليرة اللبنانية».