بريطانيا تفرض ضرائب على المدارس الخاصة لدعم التعليم الرسمي

عقب سنوات من التقشف في الإنفاق الحكومي

طلاب أمام إحدى المدارس في مدينة غلاسكو الأسكوتلندية (أ.ف.ب)
طلاب أمام إحدى المدارس في مدينة غلاسكو الأسكوتلندية (أ.ف.ب)
TT

بريطانيا تفرض ضرائب على المدارس الخاصة لدعم التعليم الرسمي

طلاب أمام إحدى المدارس في مدينة غلاسكو الأسكوتلندية (أ.ف.ب)
طلاب أمام إحدى المدارس في مدينة غلاسكو الأسكوتلندية (أ.ف.ب)

قررت الحكومة البريطانية العمالية الجديدة فرض ضرائب على المدارس الخاصة لتوفير مزيد من الموارد للتعليم الرسمي، واستحداث آلاف الوظائف للمدرسين، إلا أن هذا الإجراء يُثير قلق عائلات تقتصد في نفقاتها لتتمكن من إرسال أبنائها إلى مؤسسات خاصة.

ويؤكد رئيس الوزراء، كير ستارمر، الذي تولّى منصبه بعد الانتخابات التشريعية في 4 يوليو (تموز) الماضي، أنه «ليس لديه أي شيء ضد المدارس الخاصة» التي يتعلم فيها نحو 600 ألف طفل، أو 6.5 بالمائة من الطلاب البريطانيين.

لكن كير ستارمر، الذي التحق ولداه بمدرسة عامة في الحي الذي يقطن فيه شمال لندن، قال إن «لدى جميع الأهل طموحات لأولادهم». وأضاف: «بالنسبة للطلاب في المدارس العامة الذين لا يتم توظيف الأساتذة الذين يحتاجون إليهم... هذا الأمر يطرح مشكلة مدى الحياة».

وبعد سنوات من التقشف في الخدمات العامة، وتفاقم مستويات التفاوت، أكدت الحكومة في يوليو إلغاء الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة على أقساط المدارس الخاصة. ويهدف الإجراء إلى تحقيق مكاسب قدرها 1.6 مليار جنيه إسترليني (1.9 مليار يورو)، ما يتيح توظيف 6500 معلم جديد في القطاع العام.

وستفرض ضريبة بنسبة 20 بالمائة على المدارس الخاصة اعتباراً من الأول من يناير (كانون الثاني) المقبل، ما سيترجم بزيادات كبيرة في الأقساط.

ويبلغ متوسط النفقات الدراسية للطالب 18 ألف جنيه إسترليني (21 ألفاً و390 يورو) في المدارس الخاصة، وفقاً لمجلس المدارس المستقلة (ISC) الذي يمثل المدارس الخاصة. وترتفع النفقات إلى 42 ألف جنيه إسترليني (ما يقارب 50 ألف يورو) في «المدارس الداخلية» النخبوية المشهورة في جميع أنحاء العالم، التي التحق بها كثير من أبناء الطبقات الحاكمة.

وإذا كانت الأسر التي ترسل أولادها إلى هذه المدارس المرموقة قادرة على تحمل الزيادات، فإن تأثير المشكلة يتجاوز الأكثر ثراءً.

وتنشر شهادات الأهالي القلقين بكثافة في الصحف منذ أشهر. ويقول البعض إنهم سيضطرون إلى تأجيل تقاعدهم أو تغيير وظائفهم أو الاستعانة بأهلهم، وينوي آخرون الانتقال للعيش قرب مدرسة عامة جيدة.

وتعتزم، أماكا نوابويزي، البحث عن وظيفة ثانية. وتقول المحللة المالية، البالغة 45 عاماً، التي تقوم بتربية أولادها الثلاثة بمفردها: «سأضطر إلى العمل في عطلات نهاية الأسبوع، ما يعني أنني بالكاد سأرى أولادي».

والتحق ولداها الكبيران، وهما في المرحلة الثانوية، بمدارس نخبوية تُخضع المتقدمين لامتحانات القبول. لكن ابنها الصغير رسب في الامتحان. وقالت إنه نُصح بالتوجه إلى مدرسة أخرى ترتيبها «الأسوأ في حيّنا» في العاصمة.

وتضيف: «لا أستطيع أن أخرج طفلي من مدرسة ابتدائية خاصة وأضعه في مؤسسة تربوية فاشلة». وهي تستعد لدفع ما يصل إلى 4 آلاف جنيه إسترليني (4760 يورو) إضافية سنوياً. وتتابع: «يتسبب ذلك في ارتفاع ضغطي».

ويؤكد توني أولتون، مدير مدرسة هولم في أولدهام شمال إنجلترا، التي تستقبل 730 تلميذاً تتراوح أعمارهم بين عامين و18 عاماً: «هناك قلق حقيقي». وينتقد إجراء يُعدّ أنه يستند خطأ إلى «فكرة أن جميع الذين يرسلون أولادهم إلى مدارس خاصة أثرياء».

ويضيف: «الأهل في مدرستي في الأساس من الطبقة العاملة أو الطبقة المتوسطة الدنيا. يعمل كثير منهم في وظيفتين لدفع الرسوم المدرسية، ويؤثرون تعليم أبنائهم قبل أي شيء آخر». البعض لا يأخذ حتى إجازة.

ويبحث هؤلاء الأهل بشكل خاص عن فصول يكون عدد الطلاب فيها محدوداً، أو مؤسسات تربوية ذات حجم متواضع. لكن الآن على حد قوله: «تقول بعض العائلات إنها ستضطر إلى البحث عن خيار آخر».

ويؤكد المعارضون للإصلاح أن أعداد الموظفين في القطاع العام سترتفع إلى حد كبير في حال حدوث استنزاف في القطاع الخاص، ما يزيد من الكلفة على الدولة... لكن الدراسات تناقض هذه الفرضية. ويقدر معهد الدراسات المالية (IFS) تراجع عدد الأطفال في المدارس العامة بحلول عام 2030 بسبب تراجع عدد السكان.

ووفقاً لكثير من مراكز الأبحاث، زاد التفاوت بين القطاعين الخاص والعام بشكل كبير في عهد المحافظين الذين ظلوا في السلطة 14 عاماً.

ويقول هاري كويلتر بينر، مدير معهد أبحاث السياسات العامة (IPPR): «زادت الرسوم الدراسية بشكل كبير في المدارس الخاصة، في حين تم تخفيض الإنفاق العام حتى العام الماضي».

وتابع: «اضطرت المدارس العامة إلى الابتكار» للبقاء ضمن ميزانيتها من دون الإضرار بالطلاب. وأضاف: «الحكومة العمالية تدعو المدارس الخاصة إلى أن تحذو حذوها».


مقالات ذات صلة

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

الاقتصاد مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

أعلن اتحاد الغرف السعودية تشكيل أول لجنة وطنية من نوعها للطاقة والبتروكيماويات تحت مظلة القطاع الخاص، لتعزيز مشاركته في صناعة سياسات هذا القطاع الحيوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

حاكم تكساس يأمر الوكالات المحلية ببيع أصولها في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية وكالات الولاية بالتوقف عن الاستثمار في الصين، وبيع أصول هناك في أقرب وقت ممكن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)

«قطر للطاقة» تشتري حصة بحوض «أورانج» البحري في ناميبيا من «توتال إنرجيز»

قطر للطاقة
قطر للطاقة
TT

«قطر للطاقة» تشتري حصة بحوض «أورانج» البحري في ناميبيا من «توتال إنرجيز»

قطر للطاقة
قطر للطاقة

وقعت «قطر للطاقة» اتفاقية مع شركة «توتال إنرجيز»، تستحوذ بموجبها على حصة إضافية تبلغ 5.25 في المائة بالمنطقة 2913B (PEL 56)، وحصة إضافية أخرى تبلغ 4.695 في المائة بالمنطقة 2912 (PEL 91)، وتقع كلتا المنطقتين في حوض «أورانج»، قبالة سواحل جمهورية ناميبيا.

وبموجب الاتفاقية التي تخضع للموافقات الرسمية المعتادة، سترتفع حصة «قطر للطاقة» في رخصتي الاستكشاف إلى 35.25 في المائة بالمنطقة 2913B، و33.025 في المائة بالمنطقة 2912.

وستمتلك شركة «توتال إنرجيز» (المشغل) 45.25 في المائة بالمنطقة 2913B و42.475 في المائة بالمنطقة 2912.

أما الشريكان الآخران في الترخيصين فهما شركة «إمباكت أويل آند غاز» (بحصة تبلغ 9.5 في المائة في كلا الترخيصين)، وشركة «البترول الوطنية الناميبية (نامكور)»، (بحصة تبلغ 10 في المائة بالمنطقة 2913B، و15 في المائة بالمنطقة 2912).

ووصف المهندس سعد بن شريدة الكعبي، وزير الدولة لشؤون الطاقة، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ«قطر للطاقة» الاتفاقية بالخطوة المهمة الأخرى في التعاون مع الشركاء نحو تطوير بئر فينوس الاستكشافية الواقعة في المنطقة 2913B، حيث تم اكتشاف النفط والغاز.

وأضاف: «أود أن أغتنم هذه الفرصة لأشكر السلطات الناميبية وجميع شركائنا على دعمهم، ونتطلع إلى تنفيذ برنامجنا للاستكشاف والتطوير».

وتقع المنطقتان 2913B و2912 على بُعد نحو 300 كيلومتر قبالة شواطئ ناميبيا، في مياه تتراوح أعماقها بين 2600 و3800 متر.