البنك الدولي: التعافي الاقتصادي الصيني «هش» ويواجه مخاطر هبوطية

خفض توقعاته للنمو إلى 4.5 % في عام 2024

توقع البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 4.5 % في عام 2024، بانخفاض عن 5.2 % هذا العام (رويترز)
توقع البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 4.5 % في عام 2024، بانخفاض عن 5.2 % هذا العام (رويترز)
TT

البنك الدولي: التعافي الاقتصادي الصيني «هش» ويواجه مخاطر هبوطية

توقع البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 4.5 % في عام 2024، بانخفاض عن 5.2 % هذا العام (رويترز)
توقع البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 4.5 % في عام 2024، بانخفاض عن 5.2 % هذا العام (رويترز)

أعلن البنك الدولي في تقرير صدر اليوم الخميس أن الاقتصاد الصيني سيتباطأ في عام 2024، حيث سينخفض ​​النمو السنوي إلى 4.5 في المائة من 5.2 في المائة هذا العام على الرغم من الانتعاش الأخير الذي حفزته الاستثمارات في المصانع والبناء والطلب على الخدمات.

وأشار التقرير إلى أن تعافي ثاني أكبر اقتصاد في العالم من انتكاسات جائحة «كوفيد - 19»، من بين صدمات أخرى، لا يزال «هشاً»، ويواجه ضعفاً في قطاع العقارات وفي الطلب العالمي على صادرات الصين، وارتفاعاً في مستويات الديون والتقلبات في ثقة المستهلك، بحسب وكالة «أسوشييتد برس».

نمو الاقتصاد يتراجع

وكانت التقديرات التي تشير إلى أن النمو سيصل إلى نحو 5 في المائة هذا العام ثم يتراجع في الأشهر المقبلة متسقة مع توقعات أخرى. وقال البنك الدولي إنه من المتوقع أن يتباطأ النمو أكثر في عام 2025، إلى 4.3 في المائة من 4.5 في المائة العام المقبل.

وانتعش الاقتصاد في السنوات القليلة الماضية، حيث تراوح النمو من 2.2 في المائة في 2020 إلى 8.4 في المائة في 2021 و3 في المائة العام الماضي. وأثرت القيود الصارمة على السفر والأنشطة الأخرى خلال الوباء على التصنيع والنقل. وقد أدى فقدان الوظائف بسبب تلك الاضطرابات والحملة الصارمة على قطاع التكنولوجيا، إلى جانب الانكماش في صناعة العقارات، إلى دفع العديد من الصينيين إلى تضييق محافظهم.

خلق وظائف منخفضة المهارات

ووفقاً للتقرير، فإن معظم الوظائف التي تم إنشاؤها خلال فترة التعافي في الصين كانت أعمالاً منخفضة المهارات في صناعات الخدمات منخفضة الأجر. ويتوخى الصينيون الحذر أيضاً نظراً للطبيعة الهشة لشبكات الأمان الاجتماعي وحقيقة أن السكان يشيخون بسرعة، وهو ما يفرض عبئاً أثقل على الأجيال الشابة لدعم كبار السن.

وقال التقرير: إن «التوقعات معرضة لمخاطر هبوطية كبيرة»، مضيفاً أن التباطؤ المطول في قطاع العقارات سيكون له تداعيات أوسع نطاقاً ويزيد الضغط على الموارد المالية للحكومات المحلية المتوترة بالفعل، في وقت يشكل فيه ضعف الطلب العالمي خطراً على المصنعين.

الحاجة إلى إصلاحات هيكلية

وسلط التقرير الضوء على حاجة الصين إلى مواصلة إصلاحات هيكلية واسعة النطاق، وأشار إلى أن التحركات التي تتخذها الحكومة المركزية لتحمل عبء دعم الحكومات المحلية التي تعاني من ضائقة مالية من شأنها أن تساعد أيضاً في تحسين الثقة في الاقتصاد.

وقد تناول قادة الصين مثل هذه القضايا في مؤتمرهم السنوي للعمل الاقتصادي المركزي في وقت سابق من هذا الأسبوع، الذي حدد الأولويات للعام المقبل، لكن تقارير وسائل الإعلام الرسمية حول المؤتمر لم تقدم تفاصيل عن السياسات.

تحديات قطاع العقارات المتعثر

وقال التقرير إن الاستثمار العقاري انخفض بنسبة 18 في المائة في العامين الماضيين، وهناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود لتسوية مئات المليارات من الدولارات من الديون غير المدفوعة لمطوري العقارات المثقلين بالديون.

وأشار إلى أن قيمة مبيعات العقارات الجديدة انخفضت بنسبة 5 في المائة في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالعام السابق، بينما انخفض بدء العقارات الجديدة بأكثر من 25 في المائة. وكان التباطؤ أسوأ في المدن الصغيرة التي تمثل نحو 80 في المائة من السوق في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة.

وقد تم تعويض بعض هذا الضعف من خلال الاستثمار القوي في التصنيع، وخاصة في مجالات مثل السيارات الكهربائية والبطاريات وغيرها من تكنولوجيات الطاقة المتجددة وفي المجالات ذات الأهمية الاستراتيجية مثل رقائق الكمبيوتر التي تحظى بدعم حكومي قوي.

انتعاش الإنفاق الاستهلاكي

من أجل الحفاظ على نمو قوي، تحتاج الصين إلى انتعاش الإنفاق الاستهلاكي، الذي انخفض خلال موجة أوميكرون «كوفيد - 19»، وظل دون المستوى منذ أواخر عام 2021، حسبما ذكر التقرير.

وأشار البنك الدولي إلى أن المكاسب من زيادة الاستثمارات في البناء في بلد لديه بالفعل عدد كبير من الطرق الحديثة والموانئ والسكك الحديدية ومشاريع الإسكان، فضلاً عن الطاقة الفائضة الهائلة في الأسمنت والصلب والعديد من قطاعات التصنيع الأخرى، ستمنح الاقتصاد دفعة أقل مما يمكن تحقيقه من خلال زيادة الإنفاق الاستهلاكي.


مقالات ذات صلة

كوريا الجنوبية تتعهد بزيادة 45 % في مساهمتها بصندوق تابع للبنك الدولي

الاقتصاد متسوقون في أحد الشوارع التجارية بالعاصمة الكورية الجنوبية سيول (رويترز)

كوريا الجنوبية تتعهد بزيادة 45 % في مساهمتها بصندوق تابع للبنك الدولي

قالت وزارة المالية الكورية الجنوبية إن الرئيس يون سوك يول تعهد بزيادة مساهمة بلاده في صندوق المؤسسة الدولية للتنمية التابع للبنك الدولي بمقدار 45 في المائة.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الاقتصاد منظر عام لمدينة وهران الجزائرية (رويترز)

البنك الدولي: الجزائر تحقق نمواً 3.9 % في النصف الأول رغم انخفاض إنتاج المحروقات

أفاد تقرير البنك الدولي بعنوان «تقرير رصد الوضع الاقتصادي للجزائر: إطار عمل شامل لدعم الصادرات» بأن اقتصاد الجزائر سجل نمواً بنسبة 3.9 في المائة في النصف الأول.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مشاركته في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو (أ.ب)

بايدن يتعهد بأربعة مليارات دولار لصندوق يساعد أفقر البلدان

يسجل المبلغ رقما قياسيا ويتجاوز كثيرا نحو 3.5 مليار دولار تعهدت بها واشنطن في الجولة السابقة من تعزيز موارد الصندوق في ديسمبر كانون الأول 2021.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام لشارع الحبيب بورقيبة في وسط تونس (رويترز)

البنك الدولي يتوقع نمو الاقتصاد التونسي 1.2 % في 2024

توقّع البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد التونسي بنسبة 1.2 في المائة في 2024، وهو أقل من توقعاته السابقة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
TT

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إن المنظمة ستُشارك بقوة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف «كوب 16» لمواجهة التصحر، الذي ينعقد في السعودية مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوقع خروج المؤتمر -وهو الأول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط- بمخرجات مهمة.

تعليقات الواعر جاءت على هامش لقاء «مائدة مستديرة»، أعده المكتب الإقليمي لـ«فاو» في مقره بالعاصمة المصرية، القاهرة، بحضور ممثلين محدودين لوسائل إعلام مختارة، وذلك لشرح شكل مشاركة المنظمة في المؤتمر المقبل، وتأكيد أهمية ما يُعرف باسم «ثالوث ريو» (Rio trio)، وهي الاتفاقية التي تربط مؤتمرات الأطراف الثلاثة لحماية الأرض التابعة للأمم المتحدة في مجالات تغيُّر المناخ، وحماية التنوع البيئي، ومكافحة التصحر.

وقالت فداء حداد، مسؤول برامج إعادة تأهيل الأراضي والتغيُّر المناخي في منظمة الفاو، إن اتفاقيات الأطراف الثلاثة غاية في الأهمية والتكامل، وإن المؤتمر المقبل في السعودية سيركز على الأراضي والمياه، وإعادة تأهيلهما والإدارة المستدامة لهما.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وأشارت فداء حداد إلى أن نحو 90 بالمائة من منطقة الشرق الأوسط تعاني الجفاف، إلا أنه على الرغم من ذلك، تمكَّنت المجتمعات المحلية والحكومات العربية في كثير منها في اتخاذ إجراءات لمواجهة الجفاف والتصحر.

وكشفت فداء حداد أن «فاو» نجحت للمرة الأولى في وضع موضوع النظم الغذائية على أجندة اجتماعات مؤتمر الأطراف لمواجهة التصحر، الذي يعقد في السعودية، لتتم مناقشة أهمية إعادة تأهيل الأراضي في تحسين السلاسل الغذائية وأنظمتها.

من جانبه، أوضح الواعر أن «فاو» لديها دور كبير في تحقيق الهدف الثاني الأممي من أهداف التنمية المستدامة، وهو القضاء على الجوع، ومن ثم فهي تشارك بقوة وفاعلية في مؤتمرات الأطراف لمواجهة تغيُّر المناخ والتصحر وحماية التنوع، التي تخدم ذات الهدف.

وأكد الواعر أن المنظمة تحاول إبراز دور الغذاء والزراعة وتحول النظم، بحيث تكون أكثر شمولاً وكفاءة واستدامة، من أجل تحقيق إنتاج وتغذية أفضل لحياة أفضل، مشيراً إلى نجاح المنظمة في إدخال هذه الرؤية إلى أجندة الاتفاقيات الثلاث التي تهدف لحماية الأرض، والإسهام مع عدد من الدول المستضيفة في بعض المبادرات.

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

وأضاف المسؤول الأممي أن هناك تواصلاً كبيراً مع السعودية لدعم بعض المبادرات خلال استضافتها «كوب 16»، خصوصاً أن هذه الاستضافة تعد مهمة جدّاً من أجل دول المنطقة، كونها الأكثر معاناة فيما يتعلق بندرة المياه والجفاف والتصحر، إلى جانب مشكلات الغذاء والزراعة وغيرهما... ولذا فإن أمام هذه الدول فرصة لعرض الأزمة وأبعادها والبحث عن حلول لها، وإدراجها على لوائح المناقشات، ليس في الدورة الحالية فقط؛ ولكن بشكل دائم في مؤتمرات «كوب» التالية.

وأكد المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، أن العالم حالياً أكثر انتباهاً واهتماماً بمشكلة التصحر، لكونها بدأت في غزو مناطق لم يسبق لها أن شهدتها في تاريخها أو تصورت أن تشهدها، على غرار جنوب أوروبا أو مناطق في أميركا اللاتينية مثلاً، وهذه الدول والمناطق بدأت تلاحظ زحف التصحر وانحسار الأراضي الزراعية أو الغابات بشكل مقلق، ومن ثم بدأت النظر إلى المنطقة العربية تحديداً لتعلُّم الدروس في كيفية النجاة من هذه الأزمة عبر قرون طويلة.

وأفاد الواعر بأن «فاو» ستشارك في «كوب 16» بجناحين، أحدهما في المنطقة الزرقاء والآخر في المنطقة الخضراء، وذلك حتى يتسنى للمنظمة التواصل مع الحكومات، وكذلك الأفراد من المجتمع المدني ورواد المؤتمر.

كما أوضح أن «فاو»، بالاتفاق مع السعودية والأمم المتحدة، ستقوم بقيادة التنسيق في يومي «الغذاء» و«الحوكمة» يومي 5 و6 ديسمبر، إضافة إلى مشاركتها القوية في كل الأيام المتخصصة الباقية خلال فعاليات «كوب 16» لمكافحة التصحر.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وحول أبرز الموضوعات والمحاور التي جرى إدراجها للنقاش في أروقة «كوب 16» بالرياض، أوضح الواعر أن من بينها «الاستصلاح والإدارة المستدامة للأراضي» في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والتي تعد مسألة مهمة وأساسية في محاولة استرجاع وإعادة تأهيل الأراضي المضارة نتيجة التصحر، خصوصاً من خلال المبادرات المتعلقة بزيادة رقعة الغابات والمناطق الشجرية، على غرار المبادرات السعودية الخضراء التي تشمل خطة طموحاً لمحاولة زراعة 50 مليار شجرة بالمنطقة العربية.