انخرطت روسيا في معركة حماة، عبر غارات جوية مكثفة نفَّذتها طائراتها الحربية بهدف تمكين قوات النظام السوري من احتواء الهجوم الواسع الذي نفذته قوات معتدلة ومتشددة معارضة، وأسفر عن وصولها إلى مناطق قيربة من مدينة حماة ومطارها العسكري. وفي حين ازدادت تكهنات صعوبة احتواء قوات النظام للهجوم الذي يعد الأوسع والأسرع منذ عام 2013، نشرت وكالة أنباء تابعة لتنظيم «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقاً)، صوراً أظهرت زعيمها (أبو محمد الجولاني)، إلى جانب قياديين آخرين، في غرفة العمليات المركزية لمعركة «وقل اعملوا»، يخططون للسيطرة على مطار حماة.
تحت ضغط القصف الجوي الكثيف، تواصلت المعارك العنيفة بين مقاتلي «هيئة تحرير الشام» (التي تضم جبهة «فتح الشام») وقوات النظام والمسلحين الموالين لها في قرية زور القصيعية قرب بلدة قمحانة ومحيط قرية شيزر، ومحور قرية معرزاف، وعدة محاور أخرى بريف محافظة حماة الشمالي.
وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن قوات النظام تمكنت من استعادة حاجز في المنطقة، واستعادة قرية شيزر، وسط محاولات منها للتقدم واستعادة ما خسرته من مناطق.
مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن أفاد أمس بأن النظام «لا يستطيع الصمود أمام هذه الهجمات الكبيرة والعنيفة التي تشنها الفصائل في حماة». ولفت إلى أن ما يجري «أعنف اشتباكات على الإطلاق تشهدها جبهات حماة، لأن الفصائل المشاركة كبيرة ولها ثقل كبير على الأرض». وتابع عبد الرحمن أن المعارك أصبحت على بعد أقل من 4 كلم عن مدينة حماة (رابع كبرى مدن سوريا) ومئات الأمتار فقط من بلدة محردة كبرى البلدات المسيحية بمحافظة حماة، مؤكداً أن لدى «قوات المعارضة تعزيزات ضخمة جدا ومستمرة، أما قوات النظام وعلى الرغم من وصول تعزيزات إليها، والدعم الروسي، لا تزال تمنى بالخسائر، ولم تستطع صد أي هجمات أو إيقاف تقدم الفصائل».
في هذه الأثناء، أقرّ مصدر عسكري نظامي أمس بأن طائرات حربية روسية تشارك في غارات جوية ضد مقاتلي المعارضة للمساعدة في صد هجوم كبير على مناطق خاضعة لسيطرة النظام قرب حماة. وقال المصدر العسكري لوكالة «رويترز»: «بدأ الآن توجيه الضربات الجوية ورمايات المدفعية المركزة على المجموعات المسلحة ومقرات قيادتها وخطوط الإمداد الخاصة بها تمهيداً للانتقال إلى الهجوم المعاكس».
وأضاف المصدر النظامي «الروس مشتركون طبعاً في هذه الغارات»، وتركزت المعارك أمس على قرية قمحانة التي تبعد نحو ثمانية كيلومترات شمال حماة، وتعتبر أحد مداخل عمق القرى والبلدات العلوية بمحافظة حماة.
ولقد استهلته قوات المعارضة بتفجير انتحاري رد عليها النظام بغارات جوية استهدفت لأول مرة منذ بدء النزاع السوري داخل أحياء بلدة قمحانة. ومن ثم دارت داخل أحياء البلدة معارك عنيفة جداً، عقب تدمير الدفاعات الأولى لقوات النظام، إثر تفجير المفخخة.
كذلك أفاد ناشطون في المنطقة بأن الطائرات الحربية نفذت غارات مكثفة على مناطق في بلدات طيبة الإمام ومعردس، وأطراف ومحيط قمحانة، ترافق مع قصف صاروخي استهدف منطقة التلول الحمر براجمات الصواريخ، في حين قصفت الفصائل المعارضة والإسلامية بالصواريخ تمركزات لقوات النظام في قرية تويم بريف المحافظة الشمالي، بينما طال القصف الجوي بلدة حلفايا. وأفيد عن مقتل قيادي محلي في «هيئة تحرير الشام»، كما قُتل ضابط من قوات النظام برتبة عقيد في الاشتباكات ذاتها.
وفي السياق نفسه، تواصلت المعارك العنيفة في قرية زور القصيعية قرب قمحانة وعدة محاور في المحافظة، وسط تقدم للفصائل في منطقة الصخر، ترافق مع استهداف الفصائل المقاتلة بصاروخ موجَّه دبابة لقوات النظام في محيط بلدة معرزاف مما أدى لإعطابها.
في المقابل، ذكر مصدر عسكري معارض لـ«الشرق الأوسط» أن قوات المعارضة «ستكرر مجزرة الدبابات في ريف حماة» بعدما دمرت عشرات منها في معركة وقعت في خريف 2015 في المنطقة نفسها. وأردف أن «صواريخ التاو الموجهة ضد الدروع، أعطتنا أفضلية، وهي تمنع قوات النظام من التقدم بالآليات والمدرعات، لأنها ستكون تحت مرمى النيران».
واستطرد أن المعارك الدائرة «تستخدم فيها قوة نارية هائلة أسهمت إلى حد كبير في منع قوات النظام من التجمع، كون الصواريخ والمدافع طالت عمق القرى العلوية ومناطق تجمعه». وبما يخص «أبو محمد الجولاني»، بينما تسعى قوات المعارضة للتقدم إلى مدينة حماة، نشرت وكالة «إباء» صوراً لزعيم «فتح الشام» (النصرة) وهو أيضاً القائد العسكري العام لـ«هيئة تحرير الشام»، وإلى جانبه القيادي البارز في الفصيل «أبو صالح الطحان». وقال الوكالة إن الصور من غرفة العمليات المركزية لمعركة «وقل اعملوا» بريف حماة.
وظهر «الجولاني» و«الطحان» وهما يتابعان التطورات العسكرية في أرض المعاركة من خلال خريطة تظهر المناطق التي تشهد مواجهات مفتوحة ضد قوات النظام. وتوضح إحدى الصور تركيز الرجلين على مطار حماة العسكري، الواقع في الجهة الغربية من المدينة.
هذا، وتقود «هيئة تحرير الشام» تحالفاً مكوناً من عدة فصائل معارضة، نجحت في السيطرة على نحو 15 قرية وبلدة في ريف محافظة حماة الشمالي الغربي، في غضون أيام. وانضمت إلى المعركة أمس، حركة «أحرار الشام»، إذ أعلن عمر خطاب، المتحدث العسكري باسم الحركة أن «أحرار الشام» دخلت معركة حماة بغرفة عمليات منفصلة تضم ستة فصائل معارضة، هي «أحرار الشام» و«فيلق الشام» و«أجناد الشام» و«جيش النصر» و«جيش النخبة» و«الفرقة الوسطى»، وبدأت الفصائل معركة جديدة في ريف حماة الشمالي الغربي، باسم «صدى الشام».
ومن جهة ثانية، أكد الرائد سامر عليوي نائب قائد «جيش النصر»، أحد الفصائل المشاركة في المواجهات، أن «المعركة لن تتوقف حتى تحرير كل مناطق حماة والوصول إلى ريف محافظة حمص المحرّر الذي يعتبر من أهم أهداف المعركة».
في غضون ذلك، وسع النظام عملياته إلى ريف محافظة إدلب، التي تعد خط الإمداد الأساسي للمعارضة في محافظة حماة المتاخمة لها. ولقد نفَّذَت الطائرات الحربية عدة غارات على مناطق في الحي الشرقي لمدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، إضافة إلى قرية البشيرية في ريف مدينة جسر الشغور، بالتزامن مع قصف لقوات النظام على أماكن في منطقة الشغور. كذلك طال القصف مناطق في أطراف مدينة أريحا وأماكن أخرى في أوتوستراد معرة النعمان، بينما قصفت الهليكوبترات العسكرية بالبراميل المتفجرة مناطق في مدينة جسر الشغور بريف محافظة إدلب الغربي.
وتوسَّع القتال إلى ريف محافظة حلب الغربي، المتاخم لمحافظة إدلب، حيث استهدفت الفصائل المعارضة والإسلامية بصاروخ موجَّه راجمة صواريخ لقوات النظام في أطراف محافظة حلب الغربية مما أدى لإعطابها، وسط استمرار الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل المعارضة من جهة أخرى، في محور الراشدين بالضواحي الغربية لمدينة حلب، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
مؤازرة روسية جوية لقوات النظام لاحتواء هجمات حماة... وصواريخ «التاو» تربك قواته
الجولاني يتابع الهجوم في غرفة عمليات المعركة وعينه على المطار العسكري
مؤازرة روسية جوية لقوات النظام لاحتواء هجمات حماة... وصواريخ «التاو» تربك قواته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة