مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

والدته توحمت على (جرذ)

أصبحت الفتاة الإثيوبية (مولوورك أمباو)، البالغة من العمر 18 عامًا، حديث وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي في بلادها، بعد أن صرحت بأنها لم تتناول الطعام أو تشرب أي سوائل منذ 9 أعوام، وقال الأطباء الذين فحصوها إنهم لم يجدوا أثرًا للطعام أو الشراب في معدتها دون أن يتمكنوا من تفسير كيفية بقائها على قيد الحياة.
وادعت أمباو أنها توقفت عن الطعام والشراب عندما بدأت الدراسة في الصف الخامس، ولم تأكل أو تشرب شيئًا منذ ذلك الحين، قائلة: آخر ما أتذكر أن الذي أكلته كان وجبة غداء، ولدى سؤالها لماذا لا تتناولين شيئًا؟!، قالت: لا أشعر بالرغبة في تناول الطعام ولا أشتهيه.
وأضافت أمباو أنها لا تعاني من مشكلات صحية، وإنما يصيبها الصداع أحيانًا فقط وتتناول مسكنًا له.
ولقد خضعت لكثير من التحاليل في المستشفى إلا أنهم لم يتمكنوا من الحصول على عينات من البول والبراز لتحليلها.
وأوضح الأطباء أن نتائج تحاليل الدم التي أجريت للفتاة طبيعية، ولم يظهر أي خلل في المركبات الكيميائية بالجسم كما يفترض بالنسبة لشخص لم يتناول الطعام والشراب لفترة طويلة - انتهى.
فعلاً إنها ظاهرة محيرة، فقد كانت أطول مدّة صوم موثقة من الامتناع عن المواد الغذائية الجامدة بلغت 382 يومًا، وذلك عندما انقطع (أنغوس باربيري)، المولود عام 1940 في تايبورت، عن الأكل في يونيو (حزيران) 1965، وبقي يحتسي السوائل مثل الشاي والقهوة والماء والفيتامين لغاية أغسطس (آب) 1966.
أما هذه الفتاة الإثيوبية (أمباو) فحالتها عجيبة، وقد تكون تحمل (جينات) فراشات كثيرة لا تحتاج إلى طعام طوال حياتها، فهي تأكل في الشرنقة حتى شبعها، وحين تخرج هذه الفراشات، التي تعيش من ثلاثة إلى أربعة أشهر، لا تتناول أي طعام، ولا أستبعد أن أمها قد (توحمت) على فراشة أثناء حملها بها.
أما الطامة الكبرى، التي هي عكس ما سبق تمامًا فهي: (جرذ الحصاد) الذي لا يستطيع أن يبقى من دون أكل أكثر من ثلاث ساعات وإلاّ هلك جوعًا، وهكذا أنه يخصص اثنتين وعشرين ساعة كل يوم ليقتات، يليه في هذا الشأن (الخلد) الذي إذا حرم من أي طعام، يهلك خلال عشر ساعات.
ويليهما في هذا المجال رجل بخيل وأكول أعرفه شخصيًا، ولديه (استخبارات) خاصة، فلا يمر في جدة (حفل عرس) أو (مأتم عزاء) - والأكل فيه مجاني، وهو ما يحدث تقريبًا كل يوم -، إلاّ ويكون هو من أول الحاضرين، ونادرًا ما كان يأكل في بيته، وهو من النوع الذي يأكل ولا يشبع.
ولا أستبعد كذلك أن والدته قد توحمت على (جرذ) - ولله في خلقه شؤون (!!).