مجيب مشعل
عاودت حركة «طالبان» شن الهجمات الشاملة في ساحات القتال داخل البلاد، مما يسفر عن سقوط العشرات من قوات الأمن الأفغانية بصفة يومية، وذلك في الوقت الذي يحاول فيه المسؤولون الأميركيون المحافظة على اتفاق السلام المتعثر الهادف إلى إنهاء الحرب الطويلة في أفغانستان. وتجاهلت الحركة الأفغانية المتمردة مناشدات مختلف الأطراف من أجل وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، لا سيما مع انتشار فيروس «كورونا» الفتاك الذي يهدد بإحداث فوضى شديدة في النظام الصحي المنهك للغاية في البلاد، وتدمير الاقتصاد المحلي الذي يعتمد بالأساس على المنح والتبرعات الأجنبية.
عضهم فقد أصابع يديه والبعض الآخر فقد ساقا أو عينا. تحمل أجساد كثير منهم ندبات ولا تزال يتردد في آذانهم رنين الانفجار الأخير الذي لم يبرح رؤوسهم. معظمهم لم يعد إلى بلداته منذ سنوات، إذ إن العودة إلى الديار تعني المرور وسط الأراضي التابعة لحركة «طالبان»، لذلك كثيرا ما تأتي أمهاتهم لزيارتهم بين الفينة والأخرى محملات بالفواكه المجففة أو السترات المطرزة.
على مدار الشهرين الماضيين، ومع استئناف مفاوضين ممثلين للولايات المتحدة وجماعة «طالبان» المحادثات، في محاولة للتوصل لاتفاق سلام كامل، سادت حالة من الهدوء غير المعتاد المدن الأفغانية الكبرى. وتراجعت وتيرة الهجمات الإرهابية الفتاكة التي كانت متكررة في وقت مضى، على نحو مفاجئ داخل المراكز الحضرية بالمدن الكبرى. ومع ذلك، فإن سلسلة من الهجمات الدموية داخل الريف توحي بأن الهدوء السائد بالمدن ربما يكون مضللاً، ذلك أن الحرب لا تزال تسقط العشرات يومياً.
بعد مرور 3 أشهر على الانتخابات الرئاسية في أفغانستان، توقفت العملية الانتخابية بأكملها إثر النزاع الجديد الذي يقول المسؤولون الأفغان والغربيون إنه يمكن أن يشكل تهديداً كبيراً للاستقرار أكبر من الأزمة الأخيرة التي وقعت قبل 5 سنوات في البلاد. وقام أنصار مرشحي تيارات المعارضة بمحاصرة مكاتب الانتخابات الرئاسية في أرجاء البلاد كافة لأسابيع عدة، معلنين عن استعدادهم للقتال بدلاً من قبول الحل الوسط الأميركي مثل ذلك الذي أسفر عن تسوية النزاع السابق في عام 2014. ويساور المسؤولون الأمنيون الأفغان قلق شديد من أن خطوة واحدة خاطئة في أي اتجاه قد تحول الاحتجاجات الراهنة إلى حمامات من الدماء.
انهار معقل تنظيم داعش الرئيسي في شرق أفغانستان خلال الأسابيع الأخيرة، تبعاً لما ذكره مسؤولون أميركيون وأفغان، وذلك بعد سنوات من هجمات عسكرية منظمة من جانب قوات أميركية وأفغانية، وفي الفترة الأخيرة من جانب «طالبان». ومن جهته، أعلن الرئيس أشرف غني، منذ وقت قريب، أن «داعش جرى محوه» من إقليم ننكرهار، ملاذ التنظيم في شرق أفغانستان. وفي مقابلة أجريت معه في كابل، أول من أمس، قال الجنرال أوستن إس.
عندما أحاط المئات من مقاتلي جماعة «طالبان» مركز ضاحية بالا مرغب، غرب أفغانستان، مطلع أبريل (نيسان) الماضي، علمت القوات الأفغانية المتمركزة هناك أنها في خطر. ولم تتمكن هذه القوات من التواصل مع قوات الكوماندوز التابعة لها، وكان الدعم الجوي الأميركي أملها الأخير. بعد ذلك، خيمت السحب على الأجواء، ولم يتمكن الأميركيون من رؤية الأفغان. وسعياً وراء تنسيق الهجمات الجوية، لجأ القائد الأفغاني إلى الأداة المفضلة في ملايين التليفونات عبر العالم: تطبيق «واتساب». خلال السنوات الخمس الأخيرة، احتل «واتساب» المرتبة الثانية بعد «فيسبوك» كوسيلة تواصل بين الأفغان ومع العالم الخارجي.
أفاد مسؤولون من حركة طالبان الأفغانية بإطلاق سراح 11 قائدا من قادة الحركة من أحد السجون شديدة الحراسة في أفغانستان، في صفقة أمنية واضحة اشتملت على الإفراج عن أحد قادة الحركة المتمردة البارزين الذي قد ألقي القبض عليه قبل خمس سنوات أثناء مرافقته لشحنة من مخدر الأفيون يقارب وزنها طنا كاملا. والتزمت الحكومتان الأميركية والأفغانية الصمت التام بشأن إطلاق سراح السجناء الأفغان بالقرب من قاعدة باغرام الجوية خارج العاصمة كابل.
بدأ القلق يهاجم المسؤولين الأفغان في وقت مبكر من بعد ظهيرة أول يوم من أيام الانتخابات الرئاسية الأفغانية. ففي العديد من مراكز التصويت والاقتراع، وبعض منها موزع على مختلف مناطق العاصمة كابل، لم يظهر سوى الناخبين «العرضيين». ولإتاحة الفرصة لإقبال أكبر من قبل المواطنين صدر القرار بتمديد فترة التصويت المقررة لمدة ساعتين. ولقد تحول القلق من انخفاض مستوى المشاركة والإقبال على التصويت إلى نوع آخر يتعلق بارتفاع نسبة المشاركة والإقبال المصطنعة في الانتخابات.
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة