«داعش» ينحسر في أفغانستان... لكن ماذا عن ضحاياه؟

خسارته على الأرض ستقلص جهوده في التجنيد والتخطيط

«داعش» ينحسر في أفغانستان... لكن ماذا عن ضحاياه؟
TT

«داعش» ينحسر في أفغانستان... لكن ماذا عن ضحاياه؟

«داعش» ينحسر في أفغانستان... لكن ماذا عن ضحاياه؟

انهار معقل تنظيم داعش الرئيسي في شرق أفغانستان خلال الأسابيع الأخيرة، تبعاً لما ذكره مسؤولون أميركيون وأفغان، وذلك بعد سنوات من هجمات عسكرية منظمة من جانب قوات أميركية وأفغانية، وفي الفترة الأخيرة من جانب «طالبان».
ومن جهته، أعلن الرئيس أشرف غني، منذ وقت قريب، أن «داعش جرى محوه» من إقليم ننكرهار، ملاذ التنظيم في شرق أفغانستان. وفي مقابلة أجريت معه في كابل، أول من أمس، قال الجنرال أوستن إس. ميلر، قائد القوات الأميركية والأخرى التابعة لحلف «الناتو» في أفغانستان، إن خسارة التنظيم لأراضي تشبث بها بقوة على مدار سنوات قليلة سيقلص على نحو بالغ من جهود التجنيد والتخطيط لديه.
ومع هذا، حذر الجنرال ميلر من أن «داعش» ربما يظل مصدر خطر داخل أفغانستان، حتى إن لم يسيطر على أراضٍ، لافتاً إلى ضرورة الانتباه إلى المسلحين الذين ما يزالون يتحركون بحرية، والخلايا التابعة للتنظيم داخل مناطق حضرية، وقال: «لقد ظهر هذا الأمر في العراق وسوريا؛ عندما تستحوذ على أراضٍ واسعة كانت تحت سيطرتهم، يتحولون إلى خلايا أصغر، ويظهرون فجأة في مناطق غريبة».
ويوحي تردد الجنرال ميلر إزاء تأكيد إحراز قواته نصراً كبيراً في مواجهة «داعش» بحجم الاختراقات الواسعة التي حققتها خلايا التنظيم داخل أفغانستان، والتاريخ الطويل لنجاح جماعات مسلحة بأفغانستان في العودة من جديد بعد تعرضها لخسائر تبدو قاصمة.
ويرى مسؤولون غربيون وأفغان أن مجموعة من العوامل دفعت إلى الخسائر التي تكبدها «داعش» في شرق أفغانستان، مما أجبر كثيراً من مقاتليه إما على الانتقال لمنطقة أخرى أو الاستسلام. وقدر أحد المسؤولين الغربيين أن قوة التنظيم اليوم تراجعت إلى نحو 300 مقاتل داخل أفغانستان، بدلاً عن قرابة 3 آلاف في وقت سابق من العام، ولكن السؤال المطروح: ماذا عن ضحاياه من قبل؟
وأشار مسؤولون عسكريون ومشرعون إلى وجود «داعش» في أفغانستان بصفته أحد الأسباب وراء بقاء قوات أميركية في أفغانستان في أعقاب إبرام أي تسوية سياسية مع «طالبان». وقد أشار هؤلاء المسؤولون منذ فترة طويلة إلى أن «طالبان» لن تتمكن من هزيمة «داعش»، وأن الجماعة المتمردة لم تبذل مجهوداً كبيراً لتخلق مسافة بينها وبين «القاعدة»، التنظيم الإرهابي المسؤول عن هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 الإرهابية.
أما الأمر الذي أثار قلق المسؤولين على نحو خاص، فكان قدرة «داعش» المستمرة على التخطيط للهجمات والتجنيد داخل كابل، رغم الحملات المكثفة ضد التنظيم هناك. وقال مسؤولون إن بعض المجندين المتورطين في تخطيط أو تنفيذ تفجيرات فتاكة هناك جاءوا من أرقى مدارس المدينة. إلا أنه فيما يخص كريم الله، أحد سكان قرية جوادارا، القرية الصغيرة التي تقع شرق البلاد، والتي وقع بها تفجير انتحاري نسب إلى «داعش»، وأسفر عن مقتل أكثر عن 70 شخصاً في أكتوبر (تشرين الأول)، فإن الانتصارات التي تتحقق داخل ميادين القتال والمواقف السياسية، أو حتى مقتل زعيم «داعش» أبي بكر البغدادي، لا تعني شيئاً يذكر.
وقال كريم الله الذي فقد أحد أعمامه في الهجوم: «سواء مات أو لم يمت، ما الفارق؟ لقد تدمرت حياتنا».
وتبدو مثل هذه المشاعر شائعة هنا، ذلك أن كثيراً من الأفغان لا يهتمون بالاختلافات القائمة بين «داعش» و«طالبان». إلا أن المؤكد أن أعمال العنف الشديد التي ارتكبها «داعش» تحولت إلى وجه دائم للحرب المشتعلة بالبلاد، وتسببت في تأجيج المعاناة الهائلة بالفعل عبر البلاد.
ومن جانبه، نجح «داعش» في اختراق أجزاء من المجتمع الأفغاني ظلت في الجزء الأكبر منها دونما مساس من جانب الحرب الأوسع نطاقاً المشتعلة منذ سنوات. ويثير هذا الصمود من جانب التنظيم، حتى في ظل الهزائم الأخيرة التي مني بها في الفترة الأخيرة، إمكانية اشتعال حرب دونما نهاية، حتى لو تفاوضت «طالبان» حول السلام.
وكان «داعش» داخل أفغانستان قد بدأ كمجموعة من مقاتلي «طالبان» الباكستانية الذين انشقوا وأعلنوا البيعة لأبي بكر البغدادي مطلع عام 2015. ومنذ ذلك الحين، تحول التنظيم ببطء إلى مصدر تهديد خطير في المناطق الجبلية الواقعة شرق أفغانستان، مع اتساع دائرة نفوذه وامتدادها عبر أرجاء البلاد، لتشمل العاصمة كابل.
ورغم أن «داعش» في العراق وسوريا بعث أموالاً إلى الجماعة التابعة له في أفغانستان لدعم نموها خلال فترة مبكرة، تبقى الصلات بين الجانبين عند الحد الأدنى، حسبما ذكر أريان شريفي الذي عمل مديراً لشؤون تقييم التهديدات بمجلس الأمن الوطني الأفغاني حتى أواخر العام الماضي.
وأفاد مسؤولون بأن أحد أهداف الجماعة يكمن في السيطرة على أراضٍ داخل أفغانستان، وغيرها من دول جنوب ووسط آسيا، في محاولة لبناء دولة خلافة على غرار الأخرى التي أسسها التنظيم في وقت سابق بالشرق الأوسط.
ويعتقد شريفي أن «داعش» داخل أفغانستان سيحاول أن يصبح مركزاً عالمياً خلال السنوات المقبلة، وذلك بعدما فقط المناطق التي كانت تحت سيطرته في العراق وسوريا، في أعقاب هجمات وضربات جوية مكثفة دعمها الغرب.
وأشارت الحكومة الأفغانية إلى أن مزيداً من المقاتلين الأجانب يصلون إلى أفغانستان للقتال لصالح الجماعة هناك، مع فقدان «داعش» في العراق وسوريا أراضي كان يسيطر عليها. ويدعم مسؤولون استخباراتيون أميركيون هذا التقييم. ومع هذا، نبه شريفي إلى أن «داعش داخل أفغانستان يتسم بنزعة آيديولوجية أقل بكثير عن نظرائه في الشرق الأوسط، بجانب تأثره الشديد للغاية بالشؤون السياسية المحلية».
ومن ناحية أخرى، اختلف مسؤولون أميركيون فيما بينهم حول حقيقة حجم التهديد العالمي الناشئ عن «داعش» داخل أفغانستان. فبينما يؤكد مسؤولون عسكريون أطماع التنظيم وطموحاته، يعتقد بعض مسؤولي الاستخبارات أن التنظيم ما يزال مصدر تهديد داخل المنطقة التي يوجد بها.
ومن بين العناصر المشتركة بين «داعش» أفغانستان والكيان الرئيسي للتنظيم كراهية المسلمين الشيعة واستهدافهم بهجمات. ومع هذا، لا تقتصر الهجمات على الشيعة، مثلما اتضح من هجوم جوادارا الذي استهدف قرية ينتمي غالبية أهلها إلى المسلمين السنة.
* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

العالم العربي جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

أفادت «وكالة الأنباء العراقية»، اليوم (السبت)، بأن جهاز الأمن الوطني أعلن إحباط مخطط «إرهابي خطير» في محافظة كركوك كان يستهدف شخصيات أمنية ومواقع حكومية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي نازحون في مخيم حسن شام على بعد نحو 40 كيلومتراً غرب أربيل (أ.ف.ب)

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

تعلن السلطات العراقية بانتظام عن عمليات مغادرة جماعية لمئات النازحين من المخيمات بعدما خصصت مبالغ مالية لكلّ عائلة عائدة إلى قريتها.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
العالم العربي تنظيم «داعش» يتبنّى عملية استهداف حاجز لـ«قسد» في ريف دير الزور الشرقي (مواقع تواصل)

حملات التمشيط العسكري لم تمنع انتعاش «داعش» في سوريا

على رغم أن القوات الحكومية السورية تشن حملات تمشيط متكررة في البادية السورية لملاحقة خلايا تنظيم «داعش» فإن ذلك لم يمنع انتعاش التنظيم.

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

قالت مصادر أمنية وطبية في العراق إن قنبلة زرعت على جانب طريق استهدفت مركبة للجيش العراقي أسفرت عن مقتل 3 جنود في شمال العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
TT

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

وقالت الوكالة إن هذه الحالة المتعلقة بالسفر مرتبطة بتفشي السلالة الفرعية 1 من المرض في وسط وشرق أفريقيا.

وأضافت الوكالة في بيان «سعى الشخص إلى الحصول على رعاية طبية لأعراض جدري القردة في كندا بعد وقت قصير من عودته ويخضع للعزل في الوقت الراهن».

وقالت منظمة الصحة العالمية أمس (الجمعة) إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة، وأعلنت منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية عامة عالمية بسبب جدري القردة للمرة الثانية خلال عامين في أغسطس (آب) بعد انتشار سلالة جديدة من الفيروس، هي السلالة الفرعية 1 بي، من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى الدول المجاورة.

وقالت وكالة الصحة العامة الكندية إنه رغم أن المخاطر التي تهدد السكان في كندا في هذا الوقت لا تزال منخفضة، فإنها تواصل مراقبة الوضع باستمرار. كما قالت إن فحصاً للصحة العامة، بما في ذلك تتبع المخالطين، مستمر.