هل سيكون هناك سلام حقيقي في أفغانستان بعد اليوم؟

الشرطة الأفغانية انتظرته طويلاً وتتطلع إلى هدنة دائمة

أفغان يطلقون أسراباً من الحمام وبالونات احتفاء بتراجع العنف في بلدهم عشية توقيع الاتفاق مع حركة {طالبان} (أ.ف.ب)
أفغان يطلقون أسراباً من الحمام وبالونات احتفاء بتراجع العنف في بلدهم عشية توقيع الاتفاق مع حركة {طالبان} (أ.ف.ب)
TT

هل سيكون هناك سلام حقيقي في أفغانستان بعد اليوم؟

أفغان يطلقون أسراباً من الحمام وبالونات احتفاء بتراجع العنف في بلدهم عشية توقيع الاتفاق مع حركة {طالبان} (أ.ف.ب)
أفغان يطلقون أسراباً من الحمام وبالونات احتفاء بتراجع العنف في بلدهم عشية توقيع الاتفاق مع حركة {طالبان} (أ.ف.ب)

عضهم فقد أصابع يديه والبعض الآخر فقد ساقا أو عينا. تحمل أجساد كثير منهم ندبات ولا تزال يتردد في آذانهم رنين الانفجار الأخير الذي لم يبرح رؤوسهم. معظمهم لم يعد إلى بلداته منذ سنوات، إذ إن العودة إلى الديار تعني المرور وسط الأراضي التابعة لحركة «طالبان»، لذلك كثيرا ما تأتي أمهاتهم لزيارتهم بين الفينة والأخرى محملات بالفواكه المجففة أو السترات المطرزة. جلبت الهدنة القصيرة التي أعلن عنها قبل أسبوع قبل التوقيع الرسمي على الاتفاق اليوم بعض الراحة لأفراد وحدة الشرطة الأفغانية بعد قتال دموي رغم تحصنها بقمم التلال في مقاطعة «زابل»، وهي فترة راحة غير متوقعة من الهجمات اليومية التي اعتبروها لا مفر منها.
كانت تلك هي الأيام الأخيرة التي سبقت توقيع اتفاق سلام بين الولايات المتحدة وحركة «طالبان»، ويبدو أن وقف إطلاق النار الجزئي الذي وضع كشرط مسبق لا يزال مستمرا. فقد بات لقوة الشرطة في ساحة القتال الجنوبية النائية وقت لطرح الأسئلة التي كان من الصعب تخيل طرحها مثل: هل سيكون هناك سلام حقيقي؟
يستند قائد الوحدة العقيد موسى كليم ردوال إلى رؤية دامت نحو 15 عاماً على الأقل في تحمل الضربات والخسائر، وقال إن الحياة التي عاشوها والاعتداءات والقنابل زرعت في طريقهم على الطرقات أثناء الخدمة جعلت الخوف يعتريهم ويلفهم من كل اتجاه. أضاف، بينما كان يقودنا بين المخافر، أن «الحرية هي أهم شيء بالنسبة للبشر في الحياة. ما نعيشه ليس حقا حياة».
رصد المسؤولون تراجعا في وتيرة الاعتداءات بواقع 80 في المائة خلال هدنة الأيام السبعة التي سعى الطرفان إلى تقليص وتيرة العنف خلالها كفترة تجريبية. درجة الالتزام كانت مقبولة بدرجة كافية لتوقيع الصفقة اليوم السبت في دولة قطر، كما أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قبل أيام.
ومن شأن الاتفاق الرسمي الجديد أن يضع نهاية لأطول حرب خاضتها الولايات المتحدة، مع تحديد جدول زمني مشروط لانسحاب القوات الأميركية البالغ عددها 12000 جندي. لكن بالنسبة للأفغان، سيكون الاتفاق بداية تحد طويل وصعب، إذ يتعين على الأعداء اللدودين شق طريقهم نحو السلام وربما تحقيق المصالحة يوما ما، وهو ما لم يحدث من قبل ولم تره الأجيال السابقة.
بالنسبة للشرطة الأفغانية في «كابل»، فإن الهدنة تعني أن الهجمات التي تشنها «طالبان» بواسطة راكبي الدراجات النارية ليلا قد توقفت. لكن «طالبان» لا تزال تتربص بالأقارب الذين يقومون بزيارات لذويهم من رجال الشرطة، وهو ما لم يكن ممكنا في السابق، حسبما ذكرت الشرطة. وفي المقابل، بحسب العقيد رودوال، فإن رجاله ملتزمون بأوامر الحكومة المركزية ويقاومون الرغبة في المبادرة بإطلاق النار قدر استطاعتهم.
لم تصادف قوة الشرطة أي قنابل على جانبي الطريق، حيث إن لدى العقيد رودوال ما يقرب من 300 رجل موزعين على 14 موقعاً على طول الطريق. وفي كل صباح تقوم كل مجموعة بتمشيط طريقها السريع الذي تحيطه أعمدة الخيزران الطويلة لتفحص نحو 200 متر على كل جانب من الطريق بحثاً عن الأسلاك المخفية، ويفتشون أسفل كل جسر دمر وأعيد بناؤه مرات ومرات.
ولأول مرة منذ سنوات، بات الرجال قادرين على جلب المياه إلى مواقعهم دون خوف من القناصة. وقال العقيد رودوال، «لقد فقدت كثيرا من الرجال الذين يجلبون المياه في القتال المباشر». ففي العقد الثاني من هذا الصراع الذي بدا كعمل انتقامي من قبل الولايات المتحدة عام 2001 وفي ذروته، حيث وجود أكثر من 100 ألف جندي أميركي، باتت الحرب تثقل كاهل الشباب الأفغاني بشكل متزايد.
فعلى مدار السنوات الخمس الماضية وحدها، قتل نحو 50 ألف ضابط شرطة وجندي أفغاني نتيجة للقتال، وهو الرقم نفسه الذي تكبدته طالبان، إن لم يكن أكبر. فقد كان القتال وحشياً، وغالباً ما دخلت القوات في قتال داخلي ليقتل أفرادها بعضهم بعضا على مدار فترات زمنية طويلة.
لا تتعدى أعمار غالبية المقاتلين في وحدة شرطة طريق «زابل» السريع أوائل العشرينات، لكنهم بالفعل باتوا متمرسين على القتال. كان من بين المنضمين حديثا فتى يبلغ من العمر 18 عاماً من مقاطعة «لغمان» الشرقية ويحمل على ذراعه وشما لقلب مع كلمة «أم» تحته. كثير منهم كسب قوته من خلال البندقية، فيما قتل آخرون بسببها أيضا في سن المراهقة. فقد كانت الحرب محتدمة بالفعل قبل ولادتهم.
من بين المقاتلين ثلاثة أشقاء من منطقة «ديهرود» بمقاطعة «أوروزجان» فقدوا والدهم محمد صادق، الذين كان ضمن الفريق الهندسي للشرطة المحلية هناك، في انفجار قنبلة زرعت على جانب الطريق العام الماضي، بعد أن اكتشف الآلاف والآلاف منها على مدار أكثر من عقد من العمل.
وقال زلماي جان، 20 عاماً، الذي قال إنه خدم منذ أن كان عمره 12 عاماً: «لقد نزع (أبي) فتيل قنبلتين ثم انفجرت الثالثة».
جاءت الخسائر الأولى للعائلة مباشرة في بداية الحرب عندما أسفرت غارة جوية أميركية خاطئة عن مقتل 13 من أقاربهم كانوا مع حميد كرزاي، الرجل الذي أصبح رئيساً لأفغانستان بعد ذلك بفترة قصيرة.
لقد عانوا من أنواع أخرى من الخسائر أيضاً، فقد كان أحد الأخوة في إجازة بعد أن فقد ساقه في انفجار قنبلة، وبات من الصعب على ثلاثتهم الوصول إلى بيتهم، إذ يتعين عليهم المرور وسط أراضي المتمردين. كذلك تأخر زلماي أسبوعا كاملا عن حفل زفافه ولم يستطع استخدام طائرة عسكرية. واستغرق الأمر وقتاً طويلاً للعثور على سائق شاحنة مستعدا لتهريبه في رحلة استغرقت يومين على طريق ترابي تسيطر عليه حركة «طالبان» حتى وصل بعد انتهاء الحفل وكان عليهم إقامة احتفال ديني لإشهار الزواج.
* خدمة «نيويورك تايمز»



«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.