أمير طاهري
مع خروج دونالد ترمب من البيت الأبيض، ألقى أصحاب الأماني من الحالمين والوسطاء بقبعاتهم وعمائمهم وسط الحلبة بين طهران وواشنطن. كان أولهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أبدى استعداده لاغتنام فرصة فوز جو بايدن لبناء جسر مع إيران، ثم جاء دور وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي ارتدى عباءة الوسيط النزيه. كما طرح رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان تأملاته بشأن الوساطة، فيما سافر وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الأسبوع الماضي، إلى طهران لعرض وساطته.
«ولى عهده» و«توقف دماغه عن العمل» و«أصبح من دون فائدة»، هكذا وصف الرؤساء الأميركي دونالد ترمب والفرنسي إيمانويل ماكرون والتركي رجب طيب إردوغان منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الأسبوع الماضي، أثناء الاحتفال بالذكرى الـ70 لتأسيس الحلف خلال اجتماع قمة عقد في واتفورد، قرب لندن.ة وبالنظر إلى هذه التصريحات، توقع بعض المراقبين أن الناتو، الذي يعرف داخل الدوائر السياسية باسم «السيدة العجوز»، سيحال إلى التقاعد قريباً.
مع هيمنة أنباء المظاهرات الأخيرة التي اجتاحت مختلف أرجاء إيران، والتي تعد الثانية من نوعها في غضون أقل عن عام، على عناوين الأخبار، كانت هناك تطورات مهمة أخرى ربما لم تحظَ بالاهتمام الذي تستحقه. من بين هذه التطورات وقوف مؤسسة رجال الدين الشيعة في مواجهة ما يمكن اعتباره التحدي الأكبر الذي يجابهها منذ تشكيلها في القرن الـ16. ونظراً لأن كثيراً من أعضاء النخبة الحاكمة في إيران يرتدون ملابس دينية، غالباً ما يفترض المراقبون من الخارج أن رجال الدين الشيعة كمؤسسة يحكمون إيران.
على مدار العقود الأربعة الماضية، أي منذ تأسيس آية الله الخميني الجمهورية الإسلامية في إيران، لم يكن يمر عام من دون أن تشهد البلاد مظاهرة أو مسيرة أو احتجاجاً لدى بعض شرائح المجتمع الإيراني. وتوثق قائمة من إعداد الباحث الإيراني باري صحابي، اندلاع ما لا يقل عن 800 حالة احتجاج ضمت أكثر من 1000 مواطن منذ عام 1979.
كيف يمكنك نشر كتاب عن الرقابة في بلد يتسم بواحد من أقسى أنظمة الرقابة في العالم؟ هذا هو التساؤل الذي واجهه كل من شاروخ توندرو صالح وجويل كوهين عندما قبلا خوض تحدي دراسة نظام الرقابة داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية ـ مهمة لا تقل صعوبة عن السير على جمر ملتهب بقدمين عاريتين. كان أول شيء فعلاه حظر كلمة «رقابة» من عنوان الكتاب، وكذلك عنوانه الفرعي. وعليه، خرج كتابهما بهذا العنوان: «ظواهرية...»، بينما خرج العنوان الفرعي على هذا النحو: «دراسة جوانب... في الإعلام». أما النقاط «...».
مَن اتخذ هذا القرار؟ ومَن المسؤول؟ كانت تلك بعض الأسئلة التي أُثيرت وسط النخبة الحاكمة في الجمهورية الإسلامية، أمس، وسط تقارير عن احتجاجات عمّت مختلف أنحاء البلاد ضد قرار زيادة سعر البنزين ثلاثة أضعاف، الأمر الذي أدى إلى اشتعال نيران التضخم المتفشي. بدأت الاحتجاجات في العاصمة طهران، حيث أوقف بعض سائقي شركة «بوش المتحدة» سياراتهم في منتصف طريق سريع رئيسي، مما حال دون حركة المرور. كما وردت تقارير موثوقة عن احتجاجات في مدن «شيراز» و«أصفهان» و«أهواز» و«تبريز» و«مشهد». وورد أن أربعة أشخاص على الأقل قُتلوا في ضواحي «سرجان» و«بهبهان» وطهران.
أهي «انتفاضة شعبية» أم «مؤامرة صهيونية»؟ هذان هما العنوانان اللذان يهيمنان على تحليلات الاحتجاجات الشعبية العراقية العارمة على أيدي رجال المذهب الشيعي في إيران والعراق، والتي تدخل أسبوعها الخامس اليوم. ومن النجف، اعترف علي السيستاني المرجع الشيعي الأعلى في العراق، بمشروعية الانتفاضة الشعبية العراقية، وحذر القوى الأجنبية الخارجية غير المعينة على وجه التحديد من مواصلة التدخل في الشؤون العراقية الداخلية.
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة