تيتيه: جميع المؤسسات الليبية تجاوزت ولاياتها الشرعية

قالت إن بعض الفاعلين «قد لا يرون مصلحة في إجراء الانتخابات»

تيتيه تتحدث عن انقسام المجلس الأعلى للدولة وتأثيره على العملية السياسية الليبية (البعثة الأممية)
تيتيه تتحدث عن انقسام المجلس الأعلى للدولة وتأثيره على العملية السياسية الليبية (البعثة الأممية)
TT

تيتيه: جميع المؤسسات الليبية تجاوزت ولاياتها الشرعية

تيتيه تتحدث عن انقسام المجلس الأعلى للدولة وتأثيره على العملية السياسية الليبية (البعثة الأممية)
تيتيه تتحدث عن انقسام المجلس الأعلى للدولة وتأثيره على العملية السياسية الليبية (البعثة الأممية)

حذّرت هانا تيتيه، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، من ازدياد «الانقسامات العميقة»، وقالت إن «جميع المؤسسات قد تجاوزت ولاياتها التي تمنحها الشرعية».

وشدّدت تيتيه في أول حوار لها مع «أخبار الأمم المتحدة» على ضرورة إجراء الانتخابات العامة، وتولي حكومة تحظى بثقة الشعب مقاليد الأمور، ورأت أن الأطراف تتفق على عقد الاستحقاق، إلا أن هناك تبايناً في وجهات النظر بشأن ذلك. موضحة أن «القادة بغرب ليبيا يؤكدون على أهمية حل القضايا الأساسية أولاً، مثل صياغة الدستور، وتوحيد مؤسسات الدولة المسؤولة عن إدارة الانتخابات، أما في شرقها فيدعو المعنيون إلى تشكيل حكومة جديدة أولاً، يمكن أن تقود البلاد بعد ذلك نحو الانتخابات».

المبعوثة الأممية خلال إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي (البعثة)

وقالت تيتيه في هذا السياق: «هذان الرأيان مختلفان تماماً، باستثناء اتفاقهما على أن الهدف النهائي هو الانتخابات»، مؤكدة أنه «من المهم الإشارة إلى أن جميع المؤسسات - من دون استثناء - قد تجاوزت ولاياتها الأصلية المتعلقة بشرعيتها، ومن المهم ضمان أن يتفهم من يشغلون مناصب إشرافية أن عليهم مسؤولية السماح بهذه الانتخابات». مشيرة إلى أن البعثة سعت إلى «مساعدة الليبيين في حل الخلافات، وتقريب وجهات النظر، حيث أنشأت لجنة استشارية، وهي هيئة فنية مكلفة بتقييم التحديات التي تواجه العملية الانتخابية، وتقديم توصيات بشأن خريطة طريق قابلة للتطبيق».

وأوضحت تيتيه أنها التقت خلال الشهرين الماضيين الأطراف الليبية الرئيسة كافة؛ «لأفهم وجهات نظرها حول كيفية دفع العملية السياسية إلى الأمام.. واستمعت لآرائها في اللجنة الاستشارية المعنية بمراجعة التحديات المحيطة بالعملية الانتخابية، وتقديم توصيات إلى البعثة حول معالجة هذه القضايا في إطار وضع خريطة طريق جديدة، بهدف إخراج البلاد من المرحلة الانتقالية نحو الانتخابات، وحكومة تحظى بدعم شعبي».

الأمين العام لجامعة الدول العربية مستقبلاً تيتيه في لقاء سابق (البعثة الأممية لدى ليبيا)

ورداً على تساؤل حول مدى التزام الأطراف الليبية بالموافقة على المقترحات المنتظرة من اللجنة الأممية بشأن الانتخابات، قالت تيتيه إن «القضية تكمن في الفاعلين السياسيين الرئيسين في مؤسسات الحكم، مثل مجلسي النواب و(الدولة)؛ فهناك نزاع داخل قيادة المجلس الأعلى، وبالتالي فإن المنظمة نفسها تواجه مشكلات في الفاعلية». مضيفة أن هناك أيضاً قضية «الانخراط مع الجيش الوطني، وحكومة الوحدة الوطنية، والاعتراف بوجود جماعات مسلحة لها تأثير كبير. فبعض هؤلاء الفاعلين قد لا يرون في الانتخابات مصلحة لهم؛ لذلك يجب علينا النظر في مخاوفهم، وأن نجد طريقة خلال إعداد خريطة الطريق لمعالجة هذه المخاوف حتى ينضموا للمسار الانتخابي».

رئيس ديوان المحاسبة الليبي مستقبلاً تيتيه في لقاء سابق (البعثة الأممية)

في سياق ذلك أوضحت تيتيه أن ليبيا «تملك الموارد اللازمة لتوفير مستوى معيشي مريح لشعبها، فهي من الدول الأفريقية التي لا تُعاني من نقص الموارد»، لكن المشكلة، حسبها: «تكمن في إدارة المال العام؛ لذلك فإن تنظيم هذا الأمر شيء حاسم لتوفير الخدمات الاجتماعية والعامة، التي يتوقع المواطنون الليبيون الحصول عليها».

وبخصوص تواصل البعثة مع اللجنة العسكرية المشتركة «5 + 5» لضمان استمرار وقف إطلاق النار، قالت تيتيه: «لدينا زملاء في البعثة ضمن فريق الأمن، يعملون مع لجنة (5 + 5)، وبفضل جهودهم تم التوصل إلى بعض نقاط التوافق، لكنني أول من يعترف بأن هناك كثيراً من العمل الذي يتعين القيام به من أجل إنشاء مؤسسات أمنية موحدة».

وأرجعت المبعوثة الأمر إلى «ضرورة وجود إرادة سياسية لتحقيق ذلك». مبرزة أنه «إذا لم يتم احتواء الانقسام المؤسساتي، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من الانقسامات العميقة في البلاد»، ومؤكدة أن «الاتفاق السياسي ضروري للمضي قدماً، ولتشكيل حكومة بتفويض شعبي، لتتمكن من اتخاذ القرارات الأساسية، وإعادة هيكلة المؤسسات الأمنية، وتعزيز إدارة المال العام، وتحقيق تطلعات الشعب».

أحد اجتماعات اللجنة الاستشارية بقيادة ستيفاني خوري (البعثة الأممية)

كما شدّدت المبعوثة على «أهمية الحصول دائماً على دعم مجلس الأمن، الذي يكون أقوى عندما يتحدث بصوت واحد. وعندما يعرف الفاعلون الوطنيون والدوليون هذا الأمر، فإن هامش المناورة يصبح محدوداً، ويُدرك الجميع أن الأمم المتحدة تحظى بدعم أعضاء المجلس والدول الأعضاء لدفع مبادراتها».

وانتهت تيتيه إلى أن الوضع في ليبيا «هش لكن ليس من الحتمي أن يكون كذلك. ليبيا تمر بفترة من عدم الاستقرار، لكن لا ينبغي أن يكون ذلك حتمياً. هناك جماعات مسلحة، ومقاتلون أجانب ومرتزقة، وليس من الضروري أن يكون الوضع هكذا».

في غضون ذلك، قالت البعثة إن 32 ليبياً من المنطقتين الوسطى والغربية شاركوا في جلسة بحثت كيفية مساهمة الشباب في الوصول إلى استقرار بلدهم. ونقلت البعثة عن المشاركين أنهم سلطوا الضوء على الانقسام السياسي، عادّين أنه «عامل أساسي يُسهم في استمرار العنف وانعدام الأمن في مجتمعاتهم».

وانتهى المشاركون إلى وضع عدة توصيات للحد من العنف المجتمعي في ليبيا، من بينها: تحسين آليات مشاركة الشباب في الانتخابات لتعزيز الثقة في العملية السياسية، ودعم المنظمات غير الحكومية المحلية في جهود التوعية والدعوة إلى السلام. بالإضافة إلى إطلاق خطة وطنية شاملة لنزع السلاح، وإعادة دمج المسلحين من خلال حوافز اقتصادية واجتماعية، ومنع التجنيد من خلال برامج تدريبية، وإيجاد فرص عمل للشباب.


مقالات ذات صلة

​ترحيب أميركي بـ«هدنة» طرابلس... والدبيبة يغازل البلديات

شمال افريقيا الطرابلسي ملتقياً سفراء الاتحاد الأوروبي (داخلية الوحدة)

​ترحيب أميركي بـ«هدنة» طرابلس... والدبيبة يغازل البلديات

أعلنت حكومة الدبيبة استئناف حركة دخول البواخر المحمّلة بالغاز والبنزين إلى ميناء طرابلس بالتنسيق مع لجنة فضّ الاشتباكات>

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا جلسة مجلس النواب الليبي بمقره فى بنغازي الاثنين (مجلس النواب)

صالح يعدّ حكومة الدبيبة «منتهية» ويتهمها بـ«تعميق الانقسام وتوريط ليبيا»

قال عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي إن «من يفكر في تخويف وإرهاب وقتل شعبه، فليس من حقه قيادته». في إشارة إلى حكومة «الوحدة».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا ليبيتان تنتحبان بجوار حفرة يقول «اللواء 444 قتال» إنها تضم «مقبرة جماعية» في مقر مملوك للككلي (من مقطع فيديو بثه «اللواء»)

«مقبرة جماعية» بمقر للككلي تعيد التساؤل عن مدى مسؤولية الدبيبة

يرى حقوقيون ليبيون أن الككلي الذي تسارع حكومة «الوحدة» لكشف مدى «تورطه في جرائم عديدة» كان قد «وجد الحماية المطلقة منها خلال السنوات التي ساند فيها الدبيبة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا 
جانب من القوات التي تفصل بين المتقاتلين في طرابلس (شعبة الاحتياط بقوة مكافحة الإرهاب)

ليبيا: إطلاق آلية لتثبيت «هدنة طرابلس»

أعلن المجلس الرئاسي الليبي، بعد اجتماع عقده مع قادة عسكريين وبحضور المبعوثة الأممية هانا تيتيه، عن إطلاق آلية لتثبيت الهدنة في العاصمة طرابلس، بعد التطورات.

جمال جوهر (القاهرة) خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع «الرئاسي» الليبي مع البعثة الأممية وقيادات عسكرية بغرب البلاد (الرئاسي الليبي)

«الرئاسي» الليبي يطلق آلية لتثبيت الهدنة في طرابلس

أطلق المجلس الرئاسي في ليبيا، بحضور رئيس الأركان العامة، ورؤساء الأركان النوعية للجيش في غرب البلاد آلية لتثبيت الهدنة، لتعزيز الاستقرار في العاصمة طرابلس.

جمال جوهر (القاهرة)

البرهان يعيّن رئيساً جديداً للحكومة السودانية


البرهان لدى حضوره افتتاح مبادرة لدعم أسر ضحايا الحرب في بورتسودان 26 أبريل الماضي (أ.ف.ب)
البرهان لدى حضوره افتتاح مبادرة لدعم أسر ضحايا الحرب في بورتسودان 26 أبريل الماضي (أ.ف.ب)
TT

البرهان يعيّن رئيساً جديداً للحكومة السودانية


البرهان لدى حضوره افتتاح مبادرة لدعم أسر ضحايا الحرب في بورتسودان 26 أبريل الماضي (أ.ف.ب)
البرهان لدى حضوره افتتاح مبادرة لدعم أسر ضحايا الحرب في بورتسودان 26 أبريل الماضي (أ.ف.ب)

أصدر رئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان، أمس، مرسوماً دستورياً يقضي بتعيين كامل الطيب إدريس، رئيساً جديداً للحكومة، ليستبدل إياه بدفع الله الحاج علي الذي تولى المنصب قبل نحو 3 أسابيع.

كما أصدر البرهان مرسوماً بتعيين كل من سلمى عبد الجبار المبارك، ونوارة أبو محمد طاهر، عضوتين في «مجلس السيادة»، تمثلان وسط السودان وشرقه.

وأتى إعلان البرهان بعد أسابيع من تعبير مجلس الأمن الدولي في مارس (آذار)، عن «قلقه البالغ» إزاء ميثاق وقعته «قوات الدعم السريع» وحلفاؤها حول عزمهم على تشكيل «حكومة موازية» في المناطق التي تسيطر عليها «الدعم السريع». وحذر مجلس الأمن من أن ذلك الوضع قد يؤدي إلى تفاقم الحرب والأزمة الإنسانية في السودان.