بازار الوساطة الإيرانية

TT

بازار الوساطة الإيرانية

مع خروج دونالد ترمب من البيت الأبيض، ألقى أصحاب الأماني من الحالمين والوسطاء بقبعاتهم وعمائمهم وسط الحلبة بين طهران وواشنطن.
كان أولهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أبدى استعداده لاغتنام فرصة فوز جو بايدن لبناء جسر مع إيران، ثم جاء دور وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي ارتدى عباءة الوسيط النزيه.
كما طرح رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان تأملاته بشأن الوساطة، فيما سافر وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الأسبوع الماضي، إلى طهران لعرض وساطته. وكان آخر من انضم إلى الطابور هو عمار الحكيم زعيم «حركة الحكمة الوطنية العراقية».
ومن المثير للاهتمام أن جميع الوسطاء الطامحين ينتمون لدول لديها مشكلاتها الخاصة بها مع الجمهورية الإسلامية - وهي مشاكل فشلوا في حلها بعد أربعة عقود من الشد والجذب الدبلوماسي.
ففي بعض الحالات ترقى هذه المشاكل لأن تكون عقبات كبيرة أمام التطبيع الكامل مع النظام الخميني. وفي حالات أخرى تكون المشكلات ليست سوى «شجيرات»، وهو مصطلح دبلوماسي يشير إلى المهيجين الذين لا يهددون بما يكفي لإشعال العداء المفتوح.
ولذلك تتطلب معالجة جميع المشكلات التي تواجهها طهران مع فرنسا وروسيا وباكستان وقطر والعراق مساحة أكبر بكثير من مساحة عمود صحافي.
لذا دعونا نركز فقط على المشاكل بين العراق وإيران. لماذا لا يعرض عمار الحكيم وساطة بين طهران وبغداد للتخلص من «الشجيرات» وإصلاح العلاقات الثنائية وإعادة الحياة إلى طبيعتها بعد أربعة عقود من الحرب والمكائد والتوتر؟ والحكيم في وضع جيد للقيام بهذه المهمة.
يتحدر الحكيم من عائلة فارسية قديمة وأمضى سنوات عديدة في إيران. كان جده «أعلى مرجعيات التقليد» لدى الشيعة منذ عقد. ويرتبط بصلات قرابة أو نسب بالعائلات الدينية الرئيسية في إيران والعراق. داخل العراق، يعتبر حزبه من أكبر المجموعات الشيعية، وعلى عكس معظم الجماعات الشيعية المنافسة، فإنه يعتبر مقرباً من المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني.
ما هي المشاكل التي يجب أن يتوسط فيها؟ أولاً، يجب عليه إقناع طهران بمعاملة العراق كدولة قومية مستقلة، وليس كمنطقة جبلية للجمهورية الإسلامية في حملتها لـ«تصدير الثورة».
نشرت صحيفة «كيهان» اليومية، التي تعكس آراء «المرشد الأعلى» علي خامنئي، افتتاحية الاثنين حول زيارة آية الله الرئيسي، رئيس «القضاء الإسلامي»، إلى العراق. وخلصت إلى أنه «رغم أهمية الحدود التي يجب احترامها» فإن الزيارة أظهرت أن «ثورتنا حوّلت الأمم إلى أمة واحدة».
تتحدث دوائر طهران عن معاهدة قصر شيرين بين إيران والدولة العثمانية التي أعطت إيران «حق الإشراف» على «العتبات والأماكن الدينية» في العراق.
كل هذا قد لا يكون أكثر من هراء على غرار ذلك النوع الذي يستمتع به الخميني.
غير أن الأمر ليس مجرد هراء، فهو تكوين وتسليح وتمويل الميليشيات التي يسيطر عليها «فيلق القدس».
سبق أن تحدث رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، حليف طهران، عن مناسبات تدخل فيها «فيلق القدس» بشكل مباشر في الشؤون العراقية.
وقد تحدث الجنرال قاسم سليماني عن كيفية ذهابه إلى العراق في كثير من الأحيان من دون السماح للحكومة العراقية بمعرفة ما كان يفعله. لكن في تلك الحالة التي انطوت على خدعة في سوريا، فقد ادعى أنه تلقى دعوة من بشار الأسد في هذا الصدد.
ستكون القضية التالية للجمهورية الإسلامية هي التوقف عن قصف القرى العراقية بحجة أنه «حق مطاردة الإرهابيين الأكراد». وأشارت وسائل إعلام طهران إلى أن تركيا تفعل الشيء نفسه في العراق، فقد نسيت أن تركيا حصلت على إذن من صدام حسين الذي كان يترأس الحكومة في ذلك الوقت.
يمكن أن يكون البند التالي على جدول الأعمال هو إعادة ترسيم الحدود بين الجارين وفقاً لاتفاقية الجزائر لعام 1975. ومع حسن النية، يمكن تصحيح معظم التغييرات التي سببتها حرب 1980 - 1988 بسرعة. ويمكن أن يكون البند التالي هو إنشاء آلية لتنفيذ قرار الأمم المتحدة 598 الذي أنهى الحرب، لحل قضايا مثل تحديد المسؤولية عن بدء الأعمال العدائية، ودفع التعويضات وصياغة معاهدة سلام لإنهاء حالة الحرب بشكل قانوني.
يمكن أيضاً معالجة قضية آلاف القتلى والمفقودين في الحرب الذين لا يُعرف مصيرهم، مما ينهي عقوداً من المعاناة للعديد من العائلات الإيرانية والعراقية التي فقدت أحباءها في تلك المأساة. (الأسبوع الماضي، عثرت روسيا على رفات عشرات الجنود الفرنسيين الذين قتلوا في معركة خلال الغزو النابليوني قبل قرنين من الزمان وقامت بدفنهم بمراسم عسكرية).
وهناك بند آخر يمكن أن يكون إحياء اتفاقية عام 1976 بشأن الحج الإيراني إلى الأماكن المقدسة لدى الشيعة في العراق لإنهاء الزيارات غير المنضبطة التي يقودها غالباً محترفو السوق السوداء المرتبطون بالأجهزة الأمنية على كلا الجانبين.
في هذا الصدد، قال الرئيس حسن روحاني إن العراق الآن هو أكبر سوق خارجية لإيران، حيث يستورد بضائع بقيمة تفوق 10 ملايين دولار، وإن كان جزء كبير من ذلك يحدث داخل اقتصاد السوق السوداء، فيما يجري التعامل مع الجزء المتبقي من قبل المهربين الأفراد الذين يعبرون الحدود سيراً على الأقدام أو على البغال.
يمكن أن يساعد إحياء اتفاقية التجارة لعام 1977 في إنهاء الفوضى الحالية، وتمكين طهران وبغداد من تأمين الدخل من الرسوم الجمركية والضرائب، ويمكن أن يساعد وضع القواعد المقبولة بشكل متبادل للمؤسسات الخيرية للحد من غسل الأموال والتهرب الضريبي اللذين يتمان من خلال الجمعيات الخيرية الدينية المزيفة المرتبطة بجماعات الجريمة والخدمات الأمنية.
قضية أخرى تتعلق بمزدوجي الجنسية، إذ هناك ما يقدر بنحو 1.2 مليون عراقي يحملون أوراق هوية إيرانية، بينما لا يعترف العراق ولا إيران بالجنسية المزدوجة، وهو ما يخلق مشاكل كبيرة للكثيرين، بمن فيهم أطفال مزدوجي الجنسية المولودون في إيران أو العراق.
كما يمكن أن تكون قضية فواتير العراق غير المسددة للكهرباء المستوردة من إيران على جدول الأعمال، وقد تطرح أيضاً للمراجعة الاتفاقيات القديمة المتعلقة بخصم المياه من الأنهار الإيرانية التي تتدفق إلى العراق.
كذلك تحتاج الأزمة البيئية في الأهوار الجنوبية (80 في المائة في العراق، و20 في المائة في إيران) إلى التعاون من خلال وكالة مشتركة، حيث يزعم الخبراء أن «جزر مجنون»، التي تتقاسمها إيران والعراق تحوي أحد أكبر حقول النفط في العالم. ومع ذلك، رغم اهتمام أكثر من 30 شركة نفطية، لا يمكن القيام باستغلال واسع النطاق من دون التطبيع بين إيران والعراق.
يمكن تفعيل مشروع «اتفاقية الجرف القاري» لعام 1977 بسرعة، مما يتيح إعادة تطوير أم القصر كميناء للمياه العميقة. وهذا بدوره سيؤدي إلى تنفيذ الاتفاقية المماثلة التي وقعتها إيران في عهد الشاه مع الكويت.
ستكون الكعكة الكبرى في وساطة الحكيم التخيلية هي إعادة فتح شط العرب، وهو الممر المائي الحدودي الذي أغلق خلال الحرب. فبعد إعادة فتحه، يمكن أن يضمن الشط إحياء البصرة في العراق و«خرمشهر» في إيران اللتين كانتا أكبر موانئ المنطقة لقرون عديدة. قد يكلف التجريف وإعادة تشكيل المجرى المائي نحو 20 مليار دولار، وهو أمر يستحق النظر فيما إذا كان كلا الجانبين قد أنشأ وكالة مشتركة لإدارة الملاحة.
لكننا أسقطنا هنا كلمة «التطبيع». إذا لم تستطع الجمهورية الإسلامية تطبيع العلاقات حتى مع العراق فكيف يمكن تطبيعها مع «الشيطان الأكبر» الأميركي؟ فلا يمكن أن يكون هناك تطبيع مع نظام يقول زعيمه علناً «لن نكون دولة طبيعية أبداً».
إذا أراد عمار الحكيم أن يتوسط، فليبدأ بوطنيْه.



«موسم الرياض»... بيتربييف يحسم معركة «البطل بلا منازع»

بيتربييف يرفع الحزام العالمي على حلبة المملكة أرينا (موسم الرياض)
بيتربييف يرفع الحزام العالمي على حلبة المملكة أرينا (موسم الرياض)
TT

«موسم الرياض»... بيتربييف يحسم معركة «البطل بلا منازع»

بيتربييف يرفع الحزام العالمي على حلبة المملكة أرينا (موسم الرياض)
بيتربييف يرفع الحزام العالمي على حلبة المملكة أرينا (موسم الرياض)

توج الملاكم الروسي ارتور بيتربييف بطلا للعالم ونجح في توحيد جميع القاب وزن خفيف الثقيل "البطل بلا منازع "، بعد انتصاره على خصمه ديمتري بيفول بأغلبية قرار القُضاة في نزال "غراند بيفول" الذي أقيم على حلبة "المملكة أرينا" بمناسبة افتتاح النسخة الخامسة من موسم الرياض.

وتوج المستشار تركي آل الشيخ رئيس الهيئة العامة للترفيه الملاكم الروسي وسط حضور جماهيري كبير في حلبة المملكة أرينا والتي شهدت حضور عدد من الشخصيات العالمية والمشاهير في شتى الرياضات والمجالات الغنائية والفنية وغيرها.

المستشار تركي آل الشيخ يتابع النزال ويبدو البرازيلي نيمار لاعب الهلال (واس)

وفي نزال آخر انتصر جاي أوبتايا بطل العالم لفئة وزن الكروزير على خصمه جاك ماسي ، وفاز كريس يوبانك على خصمه كاميل سزيريميتا وحصل على حزام IBO لفئة الوزن المتوسط.

كما انتصرت الأسترالية سكاي نيكولسون على البريطانية ريڤين تشابمان في أول نزال نسائي رئيسي يقام في السعودية.

وثار جدل كبير في نزال البريطاني بنيامين ويتاكر مع مواطنه ليام كاميرون في الوزن الخفيف الثقيل بعد سقوطهما سويا خارج الحلبة وتعرض الأول لإصابة دفعت الحكام لإعلان نهاية النزال بالتعادل ما دفع ويتاكر للإحتجاج على ذلك.

جانب من النزال الرئيسي للحدث (واس)

وغادر ويتيكر الحلبة على كرسي متحرك وتم نقله إلى المستشفى لإجراء فحوصات على ساقه المصابة.وسقط كاميرون مرتكزا على ويتيكر خارج الحلبة قرب نهاية الجولة الخامسة من النزال، ولم يتمكن ويتيكر من النهوض.وتقاسم الملاكمان النقاط إذ منح أحد الحكام الفوز 58-57 لويتيكر واعتبر آخر كاميرون فائزا بنفس النتيجة، فيما لم يرجح الحكم الثالث كفة أي منهما ليتم إعلان التعادل.

وكان الملاكم السعودي محمد العقل أطاح بمنافسة المكسيكي جيسوس غونزاليس، السبت، في فئة وزن الويلتر، وبإجماع الحكام بعد أربع جولاتٍ، انتهت جميعها بنتيجة 42 و36 وهو الانتصار الأول للعقل منذ بداية مشواره في الملاكمة.

السعودي محمد العقل محتفلا بفوزه على خصمه المكسيكي (رويترز)

ويذكر أن آل الشيخ أعلن قبل أيام عن واحد من أهم الأحداث المنتظرة في عالم الملاكمة لهذا العام، حيث يستعد الأوكراني أولكسندر أوسيك لمواجهة البريطاني تايسون فيوري في النزال الناري، الذي سيُقام يوم 21 ديسمبر (كانون الأول) المقبل على حلبة المملكة أرينا.

ويسعى فيوري للأخذ بثأره بعد هزيمته في مايو (أيار) الماضي، بينما يستعد أوزيك للدفاع عن لقبه العالمي الموحد للوزن الثقيل، الذي حصل عليه بصفته أول بطل يجمع الأحزمة الأربعة الرئيسية في فئة الوزن الثقيل بعد ربع قرن.

ويتاكر مستلقيا على الحلبة بعد تعرضه للإصابة (موسم الرياض)

النزال المرتقب سيشد أنظار الملايين حول العالم، حيث يتطلع فيوري للعودة بقوة وكتابة اسمه في التاريخ بوصفه واحداً من أعظم الملاكمين البريطانيين، في حين يسعى أوزيك للحفاظ على لقبه ومكانته بوصفه بطلاً أوحد بلا منازع.

وشهد النزال فوز أوسيك بقرار منقسم من الحكام، مما زاد من حدة الترقب لهذه المواجهة الحاسمة.