رفْع سعر الوقود يشعل الثورة في إيران

رفْع سعر الوقود يشعل الثورة في إيران
TT

رفْع سعر الوقود يشعل الثورة في إيران

رفْع سعر الوقود يشعل الثورة في إيران

مَن اتخذ هذا القرار؟ ومَن المسؤول؟ كانت تلك بعض الأسئلة التي أُثيرت وسط النخبة الحاكمة في الجمهورية الإسلامية، أمس، وسط تقارير عن احتجاجات عمّت مختلف أنحاء البلاد ضد قرار زيادة سعر البنزين ثلاثة أضعاف، الأمر الذي أدى إلى اشتعال نيران التضخم المتفشي.
بدأت الاحتجاجات في العاصمة طهران، حيث أوقف بعض سائقي شركة «بوش المتحدة» سياراتهم في منتصف طريق سريع رئيسي، مما حال دون حركة المرور. كما وردت تقارير موثوقة عن احتجاجات في مدن «شيراز» و«أصفهان» و«أهواز» و«تبريز» و«مشهد». وورد أن أربعة أشخاص على الأقل قُتلوا في ضواحي «سرجان» و«بهبهان» وطهران. ووردت بلاغات عن إصابة أكثر من 50 شخصاً في 11 مدينة، رغم أنه في بعض الأماكن مثل «أصفهان» و«مشهد»، وردت تقارير تفيد بأن الشرطة أبدت تعاطفاً مع المحتجين وقامت بحمايتهم ضد اعتداءات المسلحين الموالين للنظام.
طرح حميد رضا طابش، عضو المجلس الإسلامي (البرلمان) السؤال: «مَن اتخذ القرار؟» بعد أن أخبر رئيس البرلمان علي أديرشير لاريجاني، الأعضاء على انفراد بأنه لم يجرِ التشاور مع البرلمان في هذا الأمر. دعا طابش إلى عقد جلسة طارئة، ودعا ضمنياً الرئيس حسن روحاني، إلى الحضور شخصياً لشرح حقيقة ما حدث.
السؤال: «مَن المسؤول؟» جاء من الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد في خطاب ألقاه في زهدان جنوب شرقي إيران، وقال فيه: «لا يمكننا أن نظل صامتين أمام الفقر الجماعي والقمع الذي فرضه حفنة من الأفراد البعيدين عن الله. نريد أن نعرف مَن المسؤول عن هذا البلد».
الجواب ليس سهلاً، حيث قال رئيس الأركان محمود فوزي للصحافيين، الخميس، إن قرار رفع سعر البنزين اتخذته «أعلى درجات النظام»، مما يعني ضمنياً أن «المرشد الأعلى» آية الله علي خامنئي، قد شارك في اتخاذ القرار. لكن سرعان ما نفت حاشية خامنئي ذلك، إذ ادّعى خامنئي أنه لا يتدخل في القرارات الحكومية الروتينية.
غير أن هذا النفي قد جرى نفيه أيضاً من خلال وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية التي يسيطر عليها فصيل روحاني، والتي نقلت عن خامنئي أنه أمر الحكومة بتخفيض الاستهلاك المحلي من البنزين من 105 ملايين لتر يومياً إلى أقل من 65 مليوناً، ويُفترض أن يرفع هذا الإجراء السعر.
كما أنكر رئيس القضاة آية الله إبراهيم الريسي، علاقته بالأمر، مدّعياً أن القضاء لا يتدخل في القرارات الاقتصادية.

- شيئان مؤكدان
هناك شيئان مؤكدان: أولاً، أن الجمهورية الإسلامية غير قادرة على جني الأموال من تصدير النفط ولذلك تعاني من نقص شديد في الأموال. ويشير أفضل تقديرات البنك المركزي الإيراني إلى أن الحكومة لديها ما يكفي من المال لتغطية الاحتياجات الأساسية لمدة 18 شهراً مقبلة فقط. ثانياً، كانت طهران تأمل أن تتمكن، بموجب مخطط اقترحه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من تصدير ما يكفي من النفط لتأمين عائدات تبلغ نحو 60 مليار دولار في السنة. وهذا هو الحد الأدنى اللازم لتغطية «الاحتياجات الأساسية» بما في ذلك دفع رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين والأمنيين، وتمويل عمليات الوكلاء والضغط في الخارج.
ومع ذلك، بحلول الشهر الماضي، أصبح من الواضح أن برنامج ماكرون «منقذ الحياة» لم يفضِ إلى شيء، وكان لا بد من البحث عن مصادر أخرى للمال.
في التسعينات من القرن الماضي، كانت هناك خطة لرفع أسعار البنزين، لكنها أُوقفت بسبب عدم وجود حاجة إلى ذلك، وبفضل مساعدة الرئيس الأميركي باراك أوباما، تمكنت الجمهورية الإسلامية من زيادة صادرات النفط والوصول إلى بعض مواردها النفطية والتصرف في أرصدتها المجمدة.
ولإضافة بعض السكر على القرار المُرّ، قرر روحاني أن يعلن أن إجمالي الدخل من الزيادة في الأسعار سيُخصّص لبرنامج خاص لمساعدة 60 مليون إيراني، أو 70% من السكان، الذين يعيشون تحت خط الفقر. لكن المشكلة أن الحكومة ليس لديها أدنى فكرة عن كيفية القيام بذلك. أولاً، لا أحد يعرف كيف سيحدد شريحة المواطنين الذين سينطبق عليهم تعبير خط الفقر ليستفيدوا من الفكرة، إذ إن خط الفقر مصطلح مرن. بعد ذلك، يمكن أن تتأثر أي مدفوعات نقدية تأتي من خلال التحويلات المصرفية بزيادة حتمية في التضخم، مما يقلل من القوة الشرائية الفعلية للدعم. كذلك فإن الدفع في شكل سلال الطعام والملابس هو أيضاً قيد المناقشة. لكنّ هذا قد يفتح الطريق أمام فساد على المستوى الشعبي، وسيتسبب تدخل الدولة في اختيار عمليات الشراء الجماعية من المواد الغذائية وغيرها في زيادة أسعار المواد الضرورية لجميع المواطنين.
وفقاً لتقديرات الحكومة، يمكن لرفع الأسعار أن يجمع ملياري دولار إضافيين سنوياً، مما يعني أن ما يزيد قليلاً على 110 دولارات ستذهب لكل عائلة من العائلات «الفقيرة» البالغ عددها 18 مليوناً التي تحدث عنها روحاني.
ومن المثير للاهتمام أن إجمالي الإيرادات الإضافية لا يزال أقل من 2.5 مليار دولار تنفقها الجمهورية الإسلامية سنوياً على «تصدير الثورة»، بما في ذلك تمويل فلول نظام الرئيس بشار الأسد في دمشق (دون احتساب النفط المجاني الذي يحصل عليه)، وكذلك «حزب الله» في لبنان والحوثيون في اليمن وعشرات الجماعات المسلحة الأخرى في فلسطين وأفغانستان وباكستان وحتى أميركا اللاتينية.
بدت القيادة الإيرانية، أمس، منقسمة على نفسها ومرتبكة في تعاملها مع وضع في طريقه لأن يخرج عن السيطرة.



خامنئي: فقدان نصر الله أفجعنا... ولن يقودنا التسرع والانفعال

خامنئي خلال خطبة الجمعة في طهران اليوم (أ.ف.ب)
خامنئي خلال خطبة الجمعة في طهران اليوم (أ.ف.ب)
TT

خامنئي: فقدان نصر الله أفجعنا... ولن يقودنا التسرع والانفعال

خامنئي خلال خطبة الجمعة في طهران اليوم (أ.ف.ب)
خامنئي خلال خطبة الجمعة في طهران اليوم (أ.ف.ب)

أمام حشد يقدر بعشرات الآلاف في طهران، أكد المرشد الإيراني علي خامنئي في أول خطبة جمعة له منذ أكثر من 4 سنوات، أنه «فجع» بمقتل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، لكنه شدد على أن «التسرع والانفعال لن يقودنا».

ووصف خامنئي الذي ظهر خلال الخطبة وإلى جانبه بندقية، على عادته في مثل هذه المناسبات، نصر الله بأنه «أخي وعزيزي ومبعث افتخاري». وقال: «نحن جميعاً مصابون ومكلومون. إنه لفقدان كبير أفجعنا بكل معنى الكلمة. لكن عزاءنا لا يعني الاكتئاب واليأس والاضطراب... بل يبعث الحياة ويلهم الدروس ويوقد العزائم ويضخ الآمال».

لكن في ما بدا رسالة ضمنية برغبته في تجنب مزيد من التصعيد، أضاف المرشد الإيراني: «لن نتلكأ في أداء واجبنا، لكن لن يقودنا التسرع والانفعال. وما يحكمه المنطق العسكري والسياسي سيُنفذ في الوقت المناسب». وشدد على أن الهجمات الصاروخية «الرائعة» التي شنتها طهران على إسرائيل قبل يومين، «قانونية وتحظى بالشرعية الكاملة».

خامنئي قبل الخطبة وإلى جواره الرئيس الإيراني ورئيس البرلمان ورئيس السلطة القضائية (رويترز)

ورغم ظهور قيادات من الصف الأول في الدولة في طليعة الحشد الذي اكتظ به مصلى طهران في الهواء الطلق، لم يظهر من كبار القادة العسكريين سوى قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، فيما غاب قائد الجيش عبد الرحيم موسوي وقائد الوحدة الصاروخية للحرس أمير علي حاجي زاده، وقائد غرفة عمليات هيئة الأركان محمد علي رشيد، في مؤشر على حالة الاستنفار العسكري التي تعيشها إيران بانتظار الرد الإسرائيلي.

وأكد المرشد الإيراني أن «جبهة المقاومة في المنطقة لن تتراجع»، معتبراً أن عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وحرب الإسناد التي أطلقها «حزب الله» في اليوم التالي «أعادت الكيان الصهيوني 70 سنة إلى الوراء... وبات قلقاً على وجوده».

وشدد على أنه «لا يحق لأي أحد انتقاد اللبنانيين لإسنادهم الحرب في غزة». وأضاف أن «القانون الدولي الذي لم نشارك في كتابته يعطي الحق لكل دولة في الدفاع عن سيادتها وأرضها ضد المحتلين والغاصبين».

ودعا خامنئي إلى «شد حزام الاستقلال من إيران إلى غزة ولبنان وأفغانستان واليمن». وأضاف أن «سياسة الأعداء هي فرق تسد، وأساسهم هو بث الفرقة. هذه السياسات نفذت بطرق مختلفة في الدول الإسلامية. لكن اليوم الشعوب أصبحت واعية؛ اليوم هو اليوم الذي يمكنهم التغلب فيه على هذه الحيلة... إذا اطمأن العدو من بلد، سيتوجه إلى البلد التالي».