انتخابات بريطانيا: بين رهان ماي... وصعود كوربين

عثرات المحافظين وتغيب ماي عن المناظرات التلفزيونية عزّزا فرص «المفاجآت»

انتخابات بريطانيا: بين رهان ماي... وصعود كوربين
TT

انتخابات بريطانيا: بين رهان ماي... وصعود كوربين

انتخابات بريطانيا: بين رهان ماي... وصعود كوربين

أربكت رئيسة الوزراء تيريزا ماي المشهد السياسي البريطاني بإعلانها، قبل 6 أسابيع، تنظيم انتخابات عامة مبكرة، متراجعة بذلك عن تصريحاتها السابقة الرافضة لتغيير الحكومة للمرة الثالثة خلال 3 سنوات. وبرّرت ماي دعوتها إلى انتخابات مبكرة في 18 أبريل (نيسان) الماضي بسعيها لتحقيق غالبية أكبر قبل المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، مستغلة بذلك الشعبية الكبيرة التي كان المحافظون، حين ذلك، يحظون بها وفق استطلاعات الرأي. إذ كان المحافظون يتقدمون بنحو 20 نقطة مئوية على حزب العمال المعارض، كما كانت تحظى ماي بقبول شعبي تجاوز حتى شعبية رئيسة الوزراء السابقة مارغريت ثاتشر في عزّها، وفق بعض الاستطلاعات. إلا أن هذا التقدم غدا موضع شكوك خلال الأسابيع الماضية، وخصوصاً منذ عرض حزب العمال جدول أعماله اليساري، وعقب الجدل حول مشروع ماي المتعلق بالرعاية الصحية للمسنّين، ورفضها المشاركة في المناظرات التلفزيونية.
ومع اقتراب موعد الاقتراع، تدفع هذه التطورات إلى التساؤل عما إذا كان من الممكن أن تخسر ماي الرهان الذي أطلقته في أبريل الماضي أم لا.

يصوّت البريطانيون يوم 8 يونيو (حزيران) الحالي في انتخابات عامة جديدة، هي الثانية منذ 7 مايو (أيار) 2015، لانتخاب نوابهم لـ650 مقعداً في مجلس العموم البريطاني. وبخلاف الانتخابات العامة السابقة، لن يختار البريطانيون نوابهم انطلاقاً من القضايا التقليدية كالاقتصاد والصحة والتعليم فحسب، بل سيصوّتون كذلك وفقاً لبرامج الأحزاب من مفاوضات خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي.
تيريزا ماي، التي تسلمت رئاسة الحكومة البريطانية عقب تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في 23 يونيو الماضي واستقالة رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون، كانت قد دعت إلى تنظيم انتخابات مبكرة سعياً إلى تحقيق فوز مزدوج. الأول من شأنه أن يعطيها تفويضاً صريحاً لخوض مفاوضات الخروج - أو «بريكست»، والثاني يستغل ضعف حزب العمال وانقسامه حول زعامة جيريمي كوربين لإزاحته من المشهد السياسي.
* مرشحة «بريكست»
اليوم تعد ماي في الأوساط السياسية والشعبية البريطانية مرشحة «بريكست» بامتياز، إذ تجاوب الناخبون معها خلال الفترة الأولى من تسلمها رئاسة الوزراء بإيجابية كبيرة، لأنها وازنت في نظرهم بين الالتزام بتطبيق إرادة الغالبية بالخروج من الاتحاد الأوروبي من جهة، وتمسكها بحماية مصالح بريطانيا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية عبر الحفاظ على علاقة وثيقة بجيرانها الأوروبيين من جهة أخرى.
كذلك حظيت ماي باحترام الناخبين لتمسكها بتنفيذ إرادتهم بعدما كانت من قبل في معسكر البقاء. إذ سبق لها أن قالت ماي في أبريل من العام الماضي إن «البقاء في الاتحاد الأوروبي يجعلنا أكثر أمناً، وأكثر ازدهاراً، وأكثر تأثيراً خارج حدودنا»، إلا أنها قبلت نتيجة الاستفتاء الشعبي، بل أصبحت أحد رموز الخروج بعبارة «بريكست يعني بريكست» التي دخلت القاموس السياسي البريطاني في يناير (كانون الثاني) الماضي.
ومن ثم، في تغييرها موقفها من عضوية الاتحاد الأوروبي، كسبت ماي قبولاً واسعاً ضمن قاعدتها الحزبية. ولكن هذا القبول شكّل نقطة ضعف كذلك، إذ فتح الباب أمام منتقديها في صفوف حزبها وصفوف المعارضة التي تعتبر أنها ليست أهلاً لقيادة مفاوضات الخروج مع بروكسل كونها لم تصل لرئاسة الوزراء عبر انتخابات عامة. والقصد، أنها تفتقر إلى تفويض شعبي.
* رهان... وعثرات
بهدف تبديد هذه الشكوك، قرّرت زعيمة حزب المحافظين خوض انتخابات عامة مبكرة، وافق عليها مجلس النواب بأغلبية الثلثين، غير متوقعة أن تتحوّل هذه العملية الديمقراطية إلى اختبار لشعبيتها ومدى قدرتها على إقناع الناخبين.
وحقاً، شهدت الحملة الانتخابية عدة عثرات في المعسكر المحافظ، بدأت أولاً مع عرض برنامج الحزب الذي أثار جدلاً حول مشروع التغييرات في المساعدات الاجتماعية للمسنّين، قبل أن تتعرّض ماي للانتقاد حول الاقتطاعات التي أجرتها الحكومة المحافظة على صعيدي الشرطة والخدمات العامة منذ عام 2010، في أعقاب اعتداء مانشستر الإرهابي الدامي الذي أوقع 22 قتيلاً في 22 مايو الماضي. أيضاً لقي اتهام زعيم حزب العمال جيريمي كوربين لماي بالتهرّب من المواجهة، بعدما رفضت المشاركة في مناظرة تلفزيونية الأسبوع الماضي عبر تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) مع مسؤولين سياسيين آخرين.
وفي استطلاعات الرأي تُرجمت هذه الصعوبات غير المرتقبة إلى تقارب فاجأ المتابعين بين المحافظين والعمال. ومع أن معظم الاستطلاعات ما زالت تتوقع فوز حزب المحافظين، فإن الغالبية التي يسعى إلى الحفاظ عليها أصبحت موضع شك. وللعلم، إذا فشل المحافظون في تعزيز غالبيتهم في البرلمان، أو الحفاظ عليها على الأقل، فإن ذلك قد يترجم بـ«برلمان معلّق» يضم كتلة كبيرة من الأحزاب المعارضة.
معلقة عن أحدث استطلاعات الرأي التي تتوقّع تراجعاً حاداً في عدد مقاعد المحافظين، قالت أليشيا كيرنز، المرشحة المحافظة عن منطقة ميتشام أند موردن، بجنوب العاصمة لندن، لـ«الشرق الأوسط» إنها لا تثق في استطلاعات الرأي في بريطانيا. وهو رأي وافقت عليه أنجيلا راينر وزيرة الثقافة في «حكومة الظل» العمالية أيضاً.
وتابعت كيرنز أنه «لا يجب أن نتقاعس. الانتخابات تُكسب في الشارع وفي المقاهي وفي التجمّعات وفي أماكن العمل»، حاثّة الناخبين على التصويت وإقناع أصدقائهم بالإدلاء بأصواتهم «كي نتفادى كارثة حكومة ائتلافية»، حسب تعبيرها.
* «ظاهرة» كوربين
من ناحية أخرى، لم تكن عثرات الحزب الحاكم وحدها المسؤولة عن إرباك التوقعات بفوز كاسح للمحافظين أمام حزب العمال، أبرز أحزاب المعارضة. بل إن الصعود المفاجئ لجيريمي كوربين، الزعيم اليساري المتشدد للعمال، وتسجيل الحزب نحو 3 ملايين ناخب إضافي، بينهم مليون ناخب شاب لم يتجاوزوا الـ25 سنة، أسهم بدوره في زيادة غموض المشهد السياسي.
وبعد أن مني العمال بالهزيمة الانتخابية الثانية على التوالي في عام 2015، اتجه الحزب أكثر فأكثر إلى اليسار السياسي، واستطاع كوربين تجميع ترشيحات كافية لخوض المنافسة وقيادة الحزب في اتجاه جديد. ومن ثم، انقسمت الكتلة النيابية للحزب بفعل حملة كوربين لإعادته إلى جذوره الاشتراكية، والابتعاد به عن برنامجه الوسطي المؤيد للأعمال الذي دعمه رئيس الوزراء الأسبق توني بلير.
مع هذا، نجح كوربين ليس فقط في اجتذاب آلاف الأنصار الجدد غالبيتهم من الشباب المتحمس لبرنامجه الانتخابي اليساري، بل في التواصل من جديد مع نشطاء اليسار الذين كانوا قد تخلوا عن الحزب في عهد بلير. وبعدما كان محط سخرية قبل أشهر قليلة، عزّز كوربين صفوف حزبه بمناصريه اليساريين وحشد دعماً كافياً مكنه من النجاة من «محاولة انقلاب» قادها الجناح المعتدل في الحزب خلال العام الماضي.
وبدا هذا الحماس الجديد لصالح حزب العمال واضحاً من خلال عشرات اللقاءات الجماهيرية في مختلف أنحاء البلاد، حيث اجتذب كوربين الآلاف، وأيضاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ارتفعت أصوات وسائل الإعلام التقليدية والمؤسسة السياسية «الفاسدة». وفي حديث لوكالة «رويترز»، قال مصدر في الحملة الانتخابية العمالية إن «الزخم وراء كوربين يتزايد منذ بدأ سريان قواعد البث الإعلامي في الانتخابات قبل شهر، التي تضمن تخصيص فترة من البث لقادة الأحزاب... كما أن الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي لتجمعات كوربين تلقى رواجاً واهتماماً كبيرين ضمن نشطاء حزب العمال المحليين ومتطوّعين من النقابات العمالية وناخبين مترددين جذبهم فضولهم إلى الحزب».
* جدل «بريكست»
في أي حال، تتفق كل الأحزاب المتنافسة في الانتخابات البريطانية العامة على ضرورة احترام إرادة الشعب البريطاني بالخروج من الاتحاد الأوروبي، إلا أنها تختلف بدرجات متفاوتة حول شروط الخروج و«الخطوط الحمراء» في المفاوضات مع بروكسل (حيث عاصمة الاتحاد).
ويمكن تلخيص برنامج «بريكست» لكل من المحافظين والعمال في 4 محاور أساسية. إذ يرى المحافظون وجوب انسحاب بريطانيا من السوق الأوروبية الموحّدة والاتحاد الجمركي، وأن تنظم مفاوضات خروج سلسة منظمة خلال السنتين المقبلتين، مشددين على أن «الخروج من دون صفقة أفضل من الخروج بصفقة سيئة»، وعلى المصادقة على مشروع قانون للاستعاضة عن قوانين الاتحاد الأوروبي بقوانين خاصة بالمملكة المتحدة.
أما بالنسبة للعمال، فإنهم مع إعادة النظر في أولويات «الخروج» للتأكيد على تمسك بريطانيا بالبقاء في السوق الأوروبية الموحّدة، وبضمان حقوق الأوروبيين المستقرّين في بريطانيا والبريطانيين الذين يعيشون في أوروبا، ومواصلة العمل بالقوانين الأوروبية المتعلقة بحقوق العمال وحماية البيئة. كما يرفض العمال الخروج من الاتحاد الأوروبي دون صفقة.
بعكس الحزبين الرئيسيين، يطالب حزب الديمقراطيين الأحرار (وسط) بعرض الصفقة النهائية للخروج من الاتحاد الأوروبي على الناخبين عبر استفتاء عام جديد يتيح التراجع عن الخروج. وينادي الحزب القومي الاسكوتلندي بزعامة نيكولا ستورغن بمشاركة اسكوتلندا في طاولة المفاوضات وبإبقائها ضمن السوق الأوروبية الموحّدة.
وتشكل «بريكست» نقطة جدال جوهرية بين ماي وكوربين. إذ شددت رئيسة الوزراء أخيراً انتقاداتها للزعيم العمالي على خلفية مفاوضات الانسحاب، مع تقلص تقدم المحافظين في استطلاعات الرأي قبل الانتخابات التشريعية المرتقبة. وادعت ماي أنه بينما هي جاهزة لإجراء المفاوضات التي ستبدأ بعد 11 يوماً من انتخابات 8 يونيو، فإن الزعيم العمالي «سيجد نفسه وحيداً وغير جاهز في غرفة مفاوضات الاتحاد الأوروبي». وفي خطاب ألقته الثلاثاء الماضي في مدينة وولفرهامبتون بوسط بريطانيا، قرب مدينة برمنغهام، أعادت رئيسة الوزراء تركيز النقاش مجدداً حول هذا الموضوع. إذ قالت ماي: «أنا حاضرة وجاهزة للذهاب، ولكن جيريمي كوربين ليس جاهزاً... واحد منا فقط لديه التصميم لتحقيق إرادة الناس وتنفيذ بريكست، وواحد منا فقط يملك الخطة لجعل بريكست ناجحاً».
ثم كرّرت ماي تأكيد أهدافها التفاوضية فيما يتعلق بالانسحاب من أوروبا، التي تشمل انسحاب بريطانيا من السوق الأوروبية الموحّدة وإنهاء سلطة محكمة العدل الدولية. وشدّدت مجدداً على أنها تفضل أن ترحل على أن تقبل اتفاقاً سيئاً مع الاتحاد الأوروبي، قائلة إن رفض كوربين أن يقوم بذلك يعني «القبول بأي شروط، مهما كانت غير منطقية».
وفي هذا الصدد، حذر محللون، وفق وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب)، من أن الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاقية تجارية جديدة قد يسبب ضرراً كبيراً لاقتصاد بريطانيا، وهو موقف كرّره العمال بعد خطاب ماي. وقال النائب العمالي تشوكا أومونا: «في هذه الانتخابات، من الحيوي ألا نمنح الحكومة شيكاً على بياض من أجل بريكست فوضوي وصعب، يمكن أن يضر باقتصادنا».
وبدوره، ردّ كوربين في مؤتمر صحافي بلندن على مضمون كلام ماي، واعتبره مغلوطاً، متهماً رئيسة الحكومة بالسعي إلى «مواجهة» مع بروكسل يمكن أن تكلّف بريطانيا غالياً. وأيضاً، استخدم خصوم ماي تصريحات مسؤولين أوروبيين بأن مقاربتها لمفاوضات الخروج «منفصلة عن الواقع» لانتقادها، إذ قالت صحيفة «فرنكفوتر ألغماينه تسايتونغ» الألمانية، مطلع الشهر الماضي، إن مباحثات ماي مع جان كلود يونكر، رئيس المفوضية الأوروبية، وميشال بارنييه، كبير مفاوضي الاتحاد في لندن كانت «سيئة». وتابعت الصحيفة أن يونكر «خرج من الاجتماع متشائماً جداً»، ناقلة عنه قوله: «لقد غادرت 10 داونينغ ستريت وأنا متشكك بشكل أكبر بعشرة أمثال ما كنت عليه من قبل». في المقابل، رد متحدث باسم الحكومة البريطانية في بيان: «لا نعترف بهذه الرواية... وكما أوضح كل من رئيسة الوزراء وجان كلود يونكر، كان هذا الاجتماع بناءً قبل انطلاق المفاوضات رسمياً».
مع هذا، اعتمد نواب من المعارضة على المقال لانتقاد سياسة ماي. واعتبر وزير خزانة «حكومة الظل» جون ماكدونيل أن المقال «مقلق جداً»، وأنه يؤكد الطريقة «المتهورة» التي تجري بها ماي المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي. بينما أكد تيم فارون، زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار، المؤيد لأوروبا، أن الحكومة تتجه بالبلاد «نحو بريكست قاسٍ وكارثي».
* المناظرات التلفزيونية
في سياق ثانٍ، قبل أيام من الانتخابات التشريعية، ركز خصوم رئيسة الوزراء البريطانية انتقاداتهم على تغيبها عن المناظرات التلفزيونية مع قادة الأحزاب المتنافسة. ووصف الزعيم العمالي كوربين تغيب ماي بأنه «إشارة ضعف»، بينما رأته زعيمة حزب «الخضر» البيئي كارولين لوكاس تعبيراً عن «جبن كبير». وللعلم، في المناظرة التي نظمها تلفزيون «بي بي سي» ودعي إليها زعماء الأحزاب الرئيسية السبعة، اختارت رئيسة الوزراء أن تمثلها وزيرة الداخلية آمبر رد، مفوّتة بذلك فرصة الرد مباشرة على انتقادات أحزاب المعارضة أمام ملايين المشاهدين. وفي محاولة منها لتبرير إحجامها عن خوض أي مناظرة تلفزيونية، كرّرت ماي ما أعلنته منذ انطلاق الحملة الانتخابية بأنها تفضل التواصل مع الناخبين مباشرة، وليس مع زعماء الأحزاب الأخرى. لكن هذا الرد لم يقنع تيم فارون الذي قال إنها «دعت إلى انتخابات مبكرة لمصلحتها الخاصة ومصلحة الحزب المحافظ، وهي تخشى إلى حد كبير خوض نقاش معنا».
* معركة استطلاعات الرأي
والآن قبل أيام معدودات من موعد الاقتراع، ترسم استطلاعات الرأي صورة مُربكة عن اتجاهات الانتخابات، فمن جهة يشير بعضها إلى أن المحافظين سيحققون فوزاً مريحاً، بينما يتوقع بعضها الآخر مفاجأة تعطي حزب العمال مقاعد جديدة. وفي حين تتحكم عوامل عدة في مصداقية استطلاعات الرأي، بما حجم عيّنة المستطلعين وهامش الخطأ وتوقيت إجراء الاستطلاع، فإن العامل الأكثر إثارة - وربما الأكثر تأثيراً - قد يكون نسبة إقبال الناخبين الشباب والطبقات العاملة.
موقع مؤسسة «يوغوف» كان في استطلاع نشرت حصيلته صحيفة «التايمز» الأربعاء الماضي أن المحافظين قد يخسرون 20 مقعداً مقابل فوز العمال بـ30 مقعداً إضافياً. وأفادت «يوغوف» على «تويتر» أول من أمس معلقة على النتائج: «ما زالت هناك 8 أيام حتى يوم الانتخابات، وأي تغيّر طفيف قد يسفر عن غالبية جيدة للمحافظين». ومع أن المحافظين سيظلون القوة الأولى في البرلمان وفق معظم الاستطلاعات، فإن خسارتهم 20 مقعداً قد تحرمهم من الغالبية المطلقة. ونشير هنا إلى أن حصيلة استطلاع «يوغوف» استقبلت بتحفظ في المعسكر المحافظ. وقالت ماي خلال زيارة لمدينة بليموث (جنوب غربي إنجلترا) إن «الاستطلاع الوحيد المهم هو الذي سيجرى 8 يونيو» المقبل. ومن جهتها، حذرت صحيفة «التايمز» من هذه التوقعات التي أجريت في غضون أسبوع وشملت نحو 50 ألف شخص، معتبرة أنها تتضمن «هامش خطأ كبيراً»، إذ هناك احتمال آخر بفوز كبير للمحافظين.
وإلى جانب استطلاعات الرأي، تلقي وسائل الإعلام بثقلها في الحملات الانتخابية. وكانت مجلة «الإيكونوميست» الأسبوعية المرموقة قد أعلنت أول من أمس دعمها للديمقراطيين الأحرار المؤيدين لأوروبا، متخلية عن المحافظين. واعتبرت المجلة في افتتاحية لها أن حزبي المحافظين والعمال «ابتعدا» عن الليبرالية، مشددة على مواجهتها «خياراً مزعجاً» نظراً إلى أن الديمقراطيين الأحرار لا يشغلون الآن سوى 9 مقاعد نيابية لا غير، ولا فرصة لديهم بالفوز في هذا الاستحقاق. ويذكر أن «الإيكونوميست» كانت قد دعمت الزعيم المحافظ ديفيد كاميرون في الانتخابات العامة الأخيرة في 2015، لكنها رفضت دعم خلفه رئيسة الوزراء تيريزا ماي بسبب مواقفها المؤيدة الآن للانسحاب الاتحاد الأوروبي والحد من الهجرة. إذ قالت إن «ماي تعد للخروج من السوق الموحدة (...)، وتصر على تخفيض الهجرة الصافية إلى الثلث تقريباً».
وفي المقابل، لم توفر المجلة الزعيم العمالي اليساري من الانتقاد، قائلة إنه «يقدم نفسه بصورة الراديكالي في حين أنه فعلاً أكبر المحافظين والأكثر خطورة». وأضافت أن «كوربين أمضى حياته مدّعياً الدفاع عن المضطهدين، بينما كان يدعم مضطهديهم»، على غرار فيديل كاسترو وهوغو شافيز.



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».