الذكاء الاصطناعي يقود التصفح لعصر جديد... «أطلس» يهزّ عرش «غوغل»

تظهر تماثيل صغيرة مع أجهزة كمبيوتر وهواتف ذكية أمام عبارة «الذكاء الاصطناعي» (رويترز)
تظهر تماثيل صغيرة مع أجهزة كمبيوتر وهواتف ذكية أمام عبارة «الذكاء الاصطناعي» (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يقود التصفح لعصر جديد... «أطلس» يهزّ عرش «غوغل»

تظهر تماثيل صغيرة مع أجهزة كمبيوتر وهواتف ذكية أمام عبارة «الذكاء الاصطناعي» (رويترز)
تظهر تماثيل صغيرة مع أجهزة كمبيوتر وهواتف ذكية أمام عبارة «الذكاء الاصطناعي» (رويترز)

يسعى عمالقة الذكاء الاصطناعي الموجّه للعامة إلى تقديم أدوات مساعدة مبتكرة لا تقتصر على خدمات المحادثة، مع تطوير متصفحات للإنترنت لجعلها تتمحور حول الذكاء الاصطناعي التوليدي، كما الحال مع متصفح «أطلس» الجديد من «أوبن إيه آي»، لزعزعة هيمنة «غوغل» في المجال.

ويقول رئيس شركة «فيتشوروم غروب» دانيال نيومان إن «الخط الأمامي» في مجال الذكاء الاصطناعي حالياً يتركز على «المتصفح والهاتف؛ لأنهما المنصتان اللتان نعرفهما جميعاً» وتتركز فيهما معظم الاستخدامات الإلكترونية اليومية.

وبعد أن كانت تعمل بصورة مستقلة، رُبطت أدوات المساعدة القائمة على الذكاء الاصطناعي مثل «تشات جي بي تي» سريعاً بالإنترنت، لكنها لا تسمح بالتنقل بين المواقع والصفحات على غرار المتصفحات التقليدية مثل «كروم» (غوغل) و«إيدج» (مايكروسوفت) و«سفاري» (أبل) و«فايرفوكس» (موزيلا).

وضّمت «أوبن إيه آي»، الثلاثاء، متصفحها «أطلس» إلى كوكبة المتصفحات الأكثر تطوراً، مثل «كوميت» من «بربليكسيتي» وأحدث نسخة من «إيدج» المدعمة ببرنامج الذكاء الاصطناعي «كوبايلوت» وبرنامجي «ديا» و«نيون». ويجمع البرنامج الجديد بين خصائص روبوت الدردشة وخدمات التصفح الإلكتروني.

ويقول رئيس شركة «تكسبوننشل» الاستشارية آفي غرينغارت: «نستخدم كثيراً من الخدمات والتطبيقات على الإنترنت؛ ما يجعل دمج الذكاء الاصطناعي في المتصفح أمراً منطقياً، خصوصاً إذا كان المستخدم يرغب في أن يتولى وكيل ذكاء اصطناعي العمل نيابة عنه عبر الإنترنت».

في حين أن الجيل الأول من مساعدي الذكاء الاصطناعي يكتفي بتقديم إجابات أو نتائج على الاستعلامات، فإن الوكيل بات يؤدي بعض المهام نيابة عن المستخدم، مثل حجز المطاعم أو طلب البيتزا.

ويوضح إيفان شلوسمان من شركة الاستثمار «سورو كابيتال» أن المستخدمين ما عادوا يحمّلون «الكثير من البرامج على أجهزة الكمبيوتر كما كانت الحال قبل عشر سنوات؛ لذا تنتقل الأمور بشكل متزايد إلى المتصفح».

ومع ذلك، فبينما تُقدم أدوات الاستكشاف الجديدة عبر الإنترنت نفسها على أنها مبتكرة للغاية، فإنها لا تبتعد كثيراً عن قواعد التصفح التقليدي.

ويوضح آفي غرينغارت أن «حقيقة أن (أطلس) يقسم شاشتك نصفين»، الأول مخصص للتصفح على جانب، والآخر يحوي نافذة للدردشة على الجانب الآخر، «تُحدث منذ الآن تغييراً جذرياً» لدى المستخدمين. كما أن «فكرة أن يراقب عميل الذكاء الاصطناعي كل ما يفعله المستخدم ويقدم إليه المساعدة في كل مرة ليست مناسبة للجميع».

أولوية قصيرة المدى

في مواجهة منافسة شرسة من نوع جديد، لم تقدّم «غوغل» مع متصفحها الشهير «كروم» الذي لا يزال يهيمن على أكثر من 70 في المائة من سوق المتصفحات وفق شركة التحليلات «ستاتكاونتر»، ميزات تضاهي تلك المقدمة لدى منافسيهما.

يعيق خيارا AI Overviews («نظرة عامة على الذكاء الاصطناعي») وAI Mode («وضع الذكاء الاصطناعي») عملية التصفح، وهما متاحان فقط في محرك البحث وليس في متصفح «كروم» نفسه.

مع ذلك، يرى دانيال نيومان أن «غوغل» ستخسر بضع نقاط فقط من حصتها السوقية «في هذه المرحلة؛ لأن مستخدمي الإنترنت اعتادوا على استخدام (كروم)».

لكن بالنسبة لتوماس ثيل، الشريك في شركة الاستشارات «آرثر دي ليتل»، فإن «أوبن إيه آي» تتمتع بميزة جلب سجل المحادثات من «تشات جي بي تي» إلى متصفحها؛ ما «يُقدم مزيداً من المؤشرات إلى الأشخاص وأذواقهم وتطلعاتهم، أكثر من أي وقت مضى».

ويقول: «ربما نشهد ولادة (غوغل) جديد»، مضيفاً: «من خلال التحكم بهذه الواجهة (المتصفح)، يمكن تحديد استراتيجية لواجهة الذكاء الاصطناعي المستقبلية».

وقد يكون المتصفح مجرد خطوة في تطور العلاقة بين البشر والذكاء الاصطناعي التوليدي.

ويتوقع دانيال نيومان أنه «سيكون هناك في المستقبل منصة أكثر حضوراً» في الحياة اليومية، على شكل «جهاز محمول متصل أو واجهة صوتية»، وبالتالي «لن يكون للمتصفح الأهمية نفسها» على المدى الطويل. «ولكن خلال السنوات القليلة المقبلة، ومع تكوّن العادات، سيتعين علينا أن نكون في مواقع المستهلكين لضمان حصة من السوق»، وإعطاء الأولوية تالياً للمتصفح.

أكثر من مجرد التصفح، يرى إيفان شلوسمان أن المعركة تدور في قلب مساعدي الذكاء الاصطناعي مثل «تشات جي بي تي»، ويؤمن بدمج التطبيقات في عالم روبوتات الدردشة، على غرار ما قدمته «أوبن إيه آي» في أوائل أكتوبر (تشرين الأول).

ويُقرّ بأنه «ليس من السهل (تقنياً) دمج هذه التطبيقات، ولكن بمجرد أن يصبح هذا الأمر المعيار السائد، سيكون هناك تحول سريع من البحث التقليدي» إلى الاستخدامات المباشرة في برامج الدردشة الآلية.

تظهر تماثيل صغيرة مع أجهزة كمبيوتر وهواتف ذكية أمام عبارة «الذكاء الاصطناعي» (رويترز)


مقالات ذات صلة

«مايكروسوفت» لـ «الشرق الأوسط»z : الذكاء الاصطناعي السعودي يعادل النفط

الاقتصاد تُعد السعودية من أوائل الدول التي تبني بنى تحتية سحابية وسيادية متقدمة ما يمكّنها من تطوير وابتكار تقنيات جديدة وليس فقط استهلاكها (غيتي)

«مايكروسوفت» لـ «الشرق الأوسط»z : الذكاء الاصطناعي السعودي يعادل النفط

قال رئيس «مايكروسوفت» لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، نعيم يزبك، إن السعودية تنظر إلى الذكاء الاصطناعي بوصفه مورداً استراتيجياً «يعادل النفط تاريخياً»، في خطوة تع

نسيم رمضان (لندن)
إعلام شعار «ميتا» (رويترز)

استخدام الذكاء الاصطناعي في «واتساب» يُعمق الخلاف القانوني بين أوروبا و«ميتا»

أثار استخدام شركة «ميتا» للذكاء الاصطناعي في تطبيق «واتساب» معركة قانونية جديدة بين شركة التكنولوجيا الأميركية والاتحاد الأوروبي.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
علوم الذكاء الاصطناعي يكشف هشاشة العظام قبل بدء الألم

الذكاء الاصطناعي يكشف هشاشة العظام قبل بدء الألم

لم تكن الأشعة المقطعية التي تُعرف طبياً باسم «التصوير المقطعي المحوسب» (CT) يوماً مصمّمة للكشف عن هشاشة العظام؛ إذ كانت فحوصاً عابرة تُجرى للصدر أو البطن.

د. عميد خالد عبد الحميد (نيويورك)
خاص يتوقع 91 في المائة من قادة الأعمال أن الذكاء الاصطناعي سيعيد تشكيل الوظائف خلال عام عبر انتقال الموظفين إلى أدوار تحليلية واستراتيجية (شاترستوك)

خاص تقرير: المؤسسات السعودية تجني مكاسب مبكرة من الذكاء الاصطناعي رغم تحديات التأسيس

يكشف تقرير «كيندريل» عن أن السعودية تحقق مكاسب مبكرة من الذكاء الاصطناعي رغم تحديات الأنظمة والمهارات، فيما تستعد الشركات لمرحلة توسّع أكبر بدعم «رؤية 2030».

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

ذكرت دراسة «كاسبرسكي» أن نصف موظفي السعودية تلقوا تدريباً سيبرانياً ما يجعل الأخطاء البشرية مدخلاً رئيسياً للهجمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)

مصر لتطوير حديقتي «الحيوان» و«الأورمان» وفق مواصفات عالمية

جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)
جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)
TT

مصر لتطوير حديقتي «الحيوان» و«الأورمان» وفق مواصفات عالمية

جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)
جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)

تواصل مصر خطتها لإحياء وتطوير حديقتي «الحيوان» و«الأورمان» بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة)، وفق أحدث المعايير العالمية والدولية، مع العمل على وصلهما ببعضهما البعض وافتتاحهما قريباً بإدارة من القطاع الخاص.

وأكد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن الحكومة تتابع باهتمام تنفيذ مشروع تطوير الحديقتين، انطلاقاً من أهميته في ظل الطابع التاريخي المميز لهما، وتتطلع لإعادة إحيائهما، والانتهاء من عملية التطوير وفق الخطة الزمنية المقررة، وإدارتهما وتشغيلهما على النحو الأمثل.

وقال مدبولي في بيان عقب اجتماع، الأحد، مع عدد من الوزراء والمسؤولين المعنيين بالمشروع: «هذا المشروع بمثابة حلم للحكومة نعمل جميعاً على تحقيقه، وهدفنا أن يرى النور قريباً، بإدارة محترفة من القطاع الخاص، تحافظ على ما يتم ضخه من استثمارات».

وشهد الاجتماع استعراض مراحل مشروع إحياء وتطوير حديقتي الحيوان والأورمان، حيث تمت الإشارة إلى اعتماد التصميمات وأعمال الترميم والتطوير من جانب المنظمات العالمية المُتخصصة، ونيل شهادات ثقة عالمية من جانبها، مع التعامل مع البيئة النباتية بأسلوب معالجة علمي، إلى جانب تدريب الكوادر العاملة بالحديقتين وفق أعلى المعايير العالمية، بما يواكب رؤية التطوير، ويضمن توافق التشغيل مع المعايير الدولية»، وفق تصريحات المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء، المستشار محمد الحمصاني.

ويتضمن مشروع تطوير «حديقة الحيوان بالجيزة» مساحة إجمالية تبلغ 86.43 فدان، ويبلغ إجمالي مساحة مشروع «حديقة الأورمان» 26.7 فدان، بمساحة إجمالية للحديقتين تصل إلى 112 فداناً، واستعرض الاجتماع عناصر ربط المشروعين معاً عبر إنشاء نفق يربط الحديقتين ضمن المنطقة الثالثة، بما يعزز سهولة الحركة، ويوفر تجربة زيارة متكاملة، وفق البيان.

وتضمنت مراحل التطوير فتح المجال لبدء أعمال تطوير السافانا الأفريقية والمنطقة الآسيوية، إلى جانب الانتهاء من أعمال ترميم الأماكن الأثرية والقيام بتجربة تشغيلية ليلية للمناطق الأثرية بعد تطويرها بواقع 8 أماكن أثرية.

التشغيل التجريبي للمناطق الأثرية ليلاً بعد تطويرها (حديقة الحيوان بالجيزة)

وأشار البيان إلى أن مستشاري مشروع الإحياء والتطوير؛ وممثلي الشركة المُشغلة للحديقتين، عرضوا خلال الاجتماع مقترحاً للعودة للتسمية الأصلية لتكونا «جنينة الحيوان»، و«جنينة الأورمان»؛ حرصاً على التمسك بهويتهما لدى جموع المواطنين من روادهما منذ عقود، كما أكدوا أن إدارة الحديقتين وتشغيلهما سيكون وفق خطة تضمن اتباع أحدث النظم والأساليب المُطبقة في ضوء المعايير العالمية.

وتم تأكيد ارتفاع نسب الإنجاز في الجوانب التراثية والهندسية والفنية بمشروع تطوير الحديقتين، حيث شملت أعمال الترميم عدداً من المنشآت التاريخية، أبرزها القصر الملكي والبوابة القديمة والكشك الياباني.

وحقق المشروع تقدماً في الاعتمادات الدولية من جهات مثل الاتحاد الأوروبي لحدائق الحيوان (EAZA) والاتحاد العالمي (WAZA) والاتحاد الأفريقي (PAAZA)، وفق بيان مجلس الوزراء المصري.

وترى الدكتور فاتن صلاح سليمان المتخصصة في التراث والعمارة أن «حديقة الحيوان بالجيزة من أكبر حدائق الحيوان في الشرق الأوسط وأعرق حدائق الحيوان على مستوى العالم، حيث تأسست في عهد الخديو إسماعيل، وافتُتحت في عصر الخديو محمد توفيق، وكان بها في بداية افتتاحها أكثر من 175 نوعاً من الحيوانات النادرة من بيئات مختلفة حول العالم، كما كان تصميمها من أجمل التصميمات في العالم وقتها، وكانت متصلة بحديقة الأورمان وقت إنشائها».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «حديقة الأورمان من أهم الحدائق النباتية في العالم، وكانت جزءاً من القصر الخاص بالخديو إسماعيل، وكانت مخصصة لمد القصر بالفواكه والخضراوات، وصممها مهندسون فرنسيون»، وأشارت إلى أن كلمة أورمان بالأساس هي كلمة تركية تعني الغابة أو الأحراش، وعدت مشروع تطوير الحديقتين «من أهم المشروعات القائمة حالياً والتي من شأنها أن تعيد لهما طابعهما التراثي القديم، وهو من المشروعات الواعدة التي من شأنها أن تغير كثيراً في شكل الحدائق المصرية» وأشادت بفكرة العودة إلى الاسمين القديمين للحديقتين وهما «جنينة الحيوان» و«جنينة الأورمان»، لافتة إلى تغيير الصورة الاستثمارية للحديقتين بعد التطوير لوجود مناطق ترفيهية وكافيهات ومناطق لأنشطة متنوعة.


نادين لبكي: السينما هاجس داخلي… وأفلامي تولد من أسئلة لا تهدأ

نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)
نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)
TT

نادين لبكي: السينما هاجس داخلي… وأفلامي تولد من أسئلة لا تهدأ

نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)
نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)

قالت المخرجة والممثلة اللبنانية نادين لبكي إن العمل الفني لا يولد مصادفة، بل يأتي من تلك الرجفة الداخلية التي يخلّفها هاجس ما، أو من أسئلة لا تتوقف عن الإلحاح حتى تتحوّل إلى قصة.

وبدت نادين في جلستها الحوارية بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، الأحد، التي أدارها أنطوان خليفة، مدير البرنامج العربي والكلاسيكي بالمهرجان، كأنها تفتح كتاباً شخصياً، تقلب صفحاته بهدوء وثقة، وتعيد ترتيب ذكرياتها وتجاربها لتشرح كيف تُصنع الأفلام. فمنذ اللحظة الأولى لحديثها، شددت على أن الصدق هو ما يميّز الفيلم؛ ليس صدق رؤيتها وحدها، بل صدق كل مَن يقف خلف الكاميرا وأمامها.

وأكدت أن الشغف والهوس هما ما يسبقان الولادة الفعلية لأي فكرة؛ فقبل أن تصوغ أولى كلمات السيناريو، تكون قد أمضت زمناً في مواجهة فكرة لا تريد مغادرة ذهنها. شيئاً فشيئاً يبدأ هذا الهاجس بالتشكّل والتحول إلى موضوع محدد يصبح البوصلة التي تضبط كل التفاصيل الأخرى. قد تتغير القصة، وقد يتبدّل مسار الفيلم، لكن الفكرة الجوهرية، ذلك السؤال الملحّ، تبقى العنصر الثابت الذي يجب بلوغه في النهاية.

وتسترجع نادين لحظة ولادة فيلم «هلّأ لوين؟»، فتعود إلى حرب 2008، حين كانت مع طفلها في شوارع بدت كأنها على وشك الانزلاق إلى حرب أهلية جديدة. وتروي كيف تسلّل إليها الخوف عندما تخيّلت ابنها شاباً يحمل السلاح، وكيف تحوّلت تلك اللحظة إلى بذرة فيلم كامل.

نادين لبكي خلال «مهرجان البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)

وفي «كفرناحوم» حدث شيء مشابه، إذ تقول إنها كانت ترى الأطفال في الشوارع، وتنصت إلى قصصهم، وتراقب نظرتهم إلى العالم وإلى الناس الذين يمرّون أمامهم كأنهم عابرون بلا أثر. من هنا بدأت الفكرة، ثم امتدّ المشروع إلى 5 سنوات من البحث الميداني، أمضت خلالها ساعات طويلة في محاولة فهم القوانين، والحياة اليومية، والدوافع الإنسانية التي تحكم هذه البقع المهمَّشة.

وتؤكد نادين أن مرحلة الكتابة ليست مجرد صياغة نص، بل لحظة مشاركة وتجربة مشتركة، فالعلاقة بين فريق الكتابة بالنسبة إليها أساسية. وتشير إلى أنها تحب العمل مع أشخاص يتقاسمون معها الرؤية والمبادئ نفسها. أحياناً يكتبون أسبوعين متواصلين، ثم يتوقفون شهوراً قبل أن يعودوا للعمل من جديد، بلا مواعيد نهائية صارمة، لأن القصة، كما تقول، هي التي تحدد إيقاعها وزمنها، لا العكس.

وعندما تنتقل إلى الحديث عن اختيار الممثلين، تكشف أن العملية تستغرق وقتاً طويلاً، لأن أغلب أبطال أفلامها ليسوا محترفين. ففي «كفرناحوم» مثلاً، كان من المستحيل بالنسبة إليها أن تطلب من ممثل محترف أن ينقل ذلك القدر من الألم الحقيقي، لذلك اتجهت إلى أشخاص عاشوا التجارب نفسها أو عايشوا مَن مرّ بها. وتؤكد أنها مفتونة بالطبيعة الإنسانية، وأن فهم الناس ودوافعهم هو بوابة الإبداع لديها؛ فهي لا تفكر في النتيجة في أثناء التصوير، بل في التجربة نفسها، وفي اللحظة التي يُصنع فيها المشهد.

نادين لبكي عقب الجلسة الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

وتتوقف نادين أيضاً عند تجربتها التمثيلية في فيلم «وحشتيني»، كاشفة أنه من أكثر الأعمال التي أثّرت فيها على مستوى شخصي، وأنها سعدت بالعمل مع النجمة الفرنسية فاني أردان. وترى أن التمثيل هذه المرة جعلها تعيش السينما من زاوية مختلفة، فهي تؤمن ـ كما تقول ـ بنُبل السينما وقدرتها على تغيير الإنسان وطريقة تفكيره ونظرته إلى الأشياء، وهو ما يشجعها على الاستمرار في خوض تجارب سينمائية تركّز على السلوك الإنساني، مع سعي دائم لفهم الدوافع غير المتوقعة للأفراد أحياناً.

وتشير إلى أن المدرسة الإيرانية في إدارة الممثلين كانت ذات تأثير كبير في تكوينها الفني. ورغم غياب صناعة سينمائية حقيقية في لبنان عندما بدأت مسيرتها الإخراجية، فإنها تعلّمت عبر الإعلانات والفيديو كليبات، وصنعت طريقها بنفسها من عمل إلى آخر، لعدم وجود فرصة الوقوف إلى جانب مخرجين كبار. وقد عدت ذلك واحداً من أصعب التحديات التي واجهتها.

وأكدت أن فيلمها الجديد، الذي تعمل عليه حالياً، مرتبط بفكرة مركزية، وسيُصوَّر في أكثر من بلد، ويأتي ضمن هاجسها الأكبر، قصة المرأة وتجاربها. ولأن أفكارها تولد غالباً من معايشة ممتدة لقضايا تحيط بها يومياً، تقول: «نعيش زمناً تختلط فيه المفاهيم بين الصواب والخطأ، ولا نجد مرجعاً سوى مبادئنا الشخصية»، مؤكدة أنها تستند في اختياراتها الفنية إلى ما تؤمن به فقط.

وفي ختام حديثها، تتوقف عند شراكتها مع زوجها الموسيقي خالد مزنَّر، وتصفها بأنها واحدة من أهم ركائز تجربتها، موضحة أن رحلتهما في العمل على الموسيقى تبدأ منذ لحظة ولادة الفكرة. وأحياناً يختلفان بشدة، ويتجادلان حول الموسيقى أو الإيقاع أو الإحساس المطلوب، لكنهما يصلان في النهاية إلى صيغة فنية تجمع رؤيتهما، وترى نفسها محظوظة بأنها ترافق شخصاً موهوباً فنياً وإنسانياً.


تسرب مياه في متحف اللوفر يتلف كتباً بقسم الآثار المصرية

سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)
سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)
TT

تسرب مياه في متحف اللوفر يتلف كتباً بقسم الآثار المصرية

سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)
سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)

أدّى تسرب مياه الشهر الماضي إلى إتلاف مئات الكتب في قسم الآثار المصرية بمتحف اللوفر، ما يسلط الضوء على الحالة المتدهورة للمتحف الأكثر زيارة في العالم، بعد أسابيع فقط من عملية سطو جريئة لسرقة مجوهرات كشفت عن ثغرات أمنية.

وذكر موقع «لا تريبين دو لار» المتخصص في الفن التاريخي والتراث الغربي أن نحو 400 من الكتب النادرة لحقت بها أضرار ملقياً باللوم على سوء حالة الأنابيب. وأضاف أن الإدارة سعت منذ فترة طويلة للحصول على تمويل لحماية المجموعة من مثل هذه المخاطر، لكن دون جدوى.

وقال نائب مدير متحف اللوفر، فرانسيس شتاينبوك، لقناة «بي إف إم» التلفزيونية، اليوم (الأحد)، إن تسرب أنابيب المياه يتعلق بإحدى الغرف الثلاث في مكتبة قسم الآثار المصرية.

وأضاف، وفقاً لوكالة «رويترز»: «حددنا ما بين 300 و400 عمل، والحصر مستمر»، وتابع أن الكتب المفقودة هي «تلك التي اطلع عليها علماء المصريات، لكن ليست الكتب القيمة».

وأقرّ بأن المشكلة معروفة منذ سنوات، وقال إن الإصلاحات كان من المزمع إجراؤها في سبتمبر (أيلول) 2026.

وسرق 4 لصوص في وضح النهار مجوهرات بقيمة 102 مليون دولار في 19 أكتوبر (تشرين الأول)، ما كشف عن ثغرات أمنية واسعة في المتحف.

وأدّت الثغرات الهيكلية في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى إغلاق جزئي لقاعة عرض، تضم مزهريات يونانية ومكاتب.