المنتجة السعودية باهو بخش لـ«الشرق الأوسط»: أنحاز للأفلام الإنسانية

قالت إنها بصدد تدشين شركة إنتاج في المملكة

المنتجة السعودية باهو بخش تشارك بـ11 فيلماً بمهرجاني الجونة والقاهرة (الشرق الأوسط)
المنتجة السعودية باهو بخش تشارك بـ11 فيلماً بمهرجاني الجونة والقاهرة (الشرق الأوسط)
TT

المنتجة السعودية باهو بخش لـ«الشرق الأوسط»: أنحاز للأفلام الإنسانية

المنتجة السعودية باهو بخش تشارك بـ11 فيلماً بمهرجاني الجونة والقاهرة (الشرق الأوسط)
المنتجة السعودية باهو بخش تشارك بـ11 فيلماً بمهرجاني الجونة والقاهرة (الشرق الأوسط)

أكدت المنتجة السعودية باهو بخش أن مشاركتها بـ5 أفلام في مهرجان الجونة السينمائي، و6 أفلام بمهرجان القاهرة، خلال دورتيهما المقبلتين، يعود لدخولها في شراكات إنتاجية متعددة مما أتاح لها التوسع إنتاجياً ونوعياً، وكشفت في حوار لـ«الشرق الأوسط» عن عزمها تدشين شركة إنتاج جديدة بالمملكة، مُشيدة بتميز الإنتاج السعودي بأفلام على غرار «ناقة» و«مندوب الليل» و«هجان»، مشيرةً إلى أن الفيلم الفلسطيني «ضايل عنا عرض»، أعادها للأفلام الوثائقية، وكاشفة عن بدء تصوير أفلام جديدة، من بينها «هاملت في عزبة الصفيح»، و«سواقة الستات»، وفيلم آخر للمخرج يسري نصر الله.

باهو بخش التي بدأت رحلتها الإنتاجية بمصر، وتتنقل في إقامتها بين القاهرة وجدة ولندن، تؤكد أن «شغفها بالسينما بدأ خلال سنوات الدراسة الثانوية بالسعودية».

الفيلم المصري «بنات الباشا» من إنتاجها في مهرجان القاهرة السينمائي (الشرق الأوسط)

تشارك باهو بخش عبر شركتها الإنتاجية «رد ستار» بـ5 أفلام في مهرجان الجونة، سواء بإنتاج كامل لها أو عبر شراكات إنتاجية، وهي «الحياة بعد سهام»، و«لنا في الخيال حب»، و«السادة الأفاضل، و«المستعمرة»، و«كولونيا»، كما تشارك بـ6 أفلام بمهرجان القاهرة السينمائي هي «ضايل عنا عرض» بالمسابقة الدولية، و«بنات الباشا» و«شكوى 713317» بمسابقة «آفاق السينما العربية»، و«آخر المعجزات»، و«اللي ما يتسماش» بمسابقة الأفلام القصيرة، و«الحياة بعد سهام» بقسم العروض الخاصة.

وتوضح بخش أن هذه الأفلام تُعد ثَمرة جهد عامين وربما أكثر، قائلة: «حرصنا على تطوير نهجنا الإنتاجي وتوسيعه بالانتقال لمرحلة أعمق وأكثر تأثيراً ودخولنا في شراكات إنتاجية مع مخرجين ومنتجين من خلفيات وتجارب مشتركة، مما سمح لنا بالتوسع في الإنتاج والوجود في أفلام متنوعة من حيث الشكل والمضمون، ولا أغفل دور المهرجانات السينمائية في ربط المبدعين بشركات الإنتاج، وقد كان مهرجان الجونة سبباً في دعمنا للفيلم البديع (المستعمرة) والقاهرة السينمائي في دعمنا لفيلم (كولونيا)».

محمود حميدة وشيرين في الفيلم القصير «شكوى 713317» (الشرق الأوسط)

وتكشف عن كيفية اختيار الأفلام التي تنتجها وما يجذبها في المقام الأول، قائلة: «يجب أن يلمسني السيناريو أو المعاجة في البداية، وأُفضل النصوص التي بها روح إنسانية عالية وتفاصيلها غارقة في المحلية، وأنحاز للفكرة البسيطة المُعبر عنها بعمق والشخصيات الثرية التي تدفع المتفرج إلى التفكير، وأن يكون لدى مخرج العمل رؤية ومهارة قيادة فريق العمل بروح بناءة، فإذا تحمست للعمل أجتهد في إقناع فريق العمل معي وأولهم صفي الدين محمود، لكنني أعتمد الديمقراطية في اتخاذ القرار، فنحن نعمل في بيئات عمل أسرية ومستوى الثقة بيننا كبير».

وتعود بخش للأفلام الوثائقية من خلال فيلم «ضايل عنا عرض» الفلسطيني - المصري الذي يُعرض في إطار المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة، وتروي: «الفكرة التي عرضتها علينا المخرجة مي سعد كانت في تصوير (سيرك غزة الحر) الذي يضم مجموعة من شباب السيرك الشعبي يجوبون مدارس مُهدمة في غزة لتقديم عروض تصنع البهجة للأطفال وسط الركام، وقد كان الفيلم بمثابة مفارقة مؤلمة وملهمة في آن واحد، ورأينا فيه روح المقاومة بمعناها الإنساني، بإشاعة البهجة قي وجه الخطر والابتسامة التي تتحدى الخوف».

الفيلم عمل مشترك بين المخرجين مي سعد وأحمد الدنف الذي قام بتصويره في غزة أثناء القصف، وبمشاركة إنتاجية لمحمد حفظي، وتوزيع «فيلم كلينك»، وأتمنى أن يلقى الصدى الذي يستحقه عند عرضه بمهرجان القاهرة، كما سيعرض الشهر المقبل بمهرجان الأفلام الوثائقية في روما.

وتنحاز باهو بخش لإنتاج الأفلام القصيرة رغم أنه لا يتم تسويقها بشكل كبير، لكنها ترى أن أهمية الأفلام القصيرة تكمن في أنها مساحة للتجريب والمغامرة، سواء على الموضوعات أو الشكل، وهو ما جعل مخرجين كباراً مثل سكورسيزي وديفيد لينش يقدمون أفلاماً قصيرة رغم كونهم قامات سينمائية كبيرة، كما هي أيضاً مهمة لتطوير وصقل المواهب الجديدة ومنح الشباب فرصة لصنع أفلامهم، وترى أن من مصلحة أي شركة إنتاج أن يزداد عدد المبدعين لديها في أفلام تُعد استثماراً طويل الأجل لهذه الصناعة.

وتتحدث عن بداية شغفها بالسينما قائلة: «خلال فترة مراهقتي في جدة كانت علاقتي بالعالم الخارجي محدودة مثل بنات جيلي في ظل الانشغال بالدراسة، وكان ولعنا جميعاً بالأفلام وبشكل خاص الأفلام المصرية لكونها ناطقة بالعربية وبحكم التقارب الاجتماعي مقارنة بالأفلام الأميركية، ولكن عندما انتقلت للقاهرة عام 1995 تعرفت على السينما بمعناها الأوسع من خلال عروض مهمة بمراكز ثقافية مثل (الثقافي الروسي) و(الجامعة الأميركية)، وشاهدت أفلام الموجة الجديدة في فرنسا والواقعية الجديدة في إيطاليا، وتعرفت على أهم مدارس السينما بالعالم».

بخش تتوسط المخرج رشيد مشهراوي ومحمد قبلاوي رئيس مهرجان مالمو خلال حضورها به (الشرق الأوسط)

تتذكر بخش أن سينمات وسط المدينة كانت تمتلئ بالأفلام الحديثة من جميع بلدان العالم خلال مهرجان القاهرة، وتضيف: «كنت أقضي أياماً بأكملها في سينما (جالاكسي) لمشاهدة أفلام (بانوراما الفيلم الأوروبي)، لأنني من جيل ما قبل (اليوتيوب) والمنصات، وكانت مشاهدة الأفلام تقتضي بحثاً ونقاشاً، هنا فكرت في الإنتاج وسافرت لدراسته والتحقت بعد ذلك بـ(مدرسة السينما العربية) مع د. منى الصبان بالقاهرة».

وتستعد لإطلاق شركة إنتاج بالسعودية قائلة: «أنا بصدد إنشاء شركة إنتاج بالمملكة، لا سيما في ظل ظهور أفلام مبهرة للغاية على غرار (ناقة) و(مندوب الليل) و(هجَان) و(هامور)، وهي أفلام بديعة تعتمد موضوعات محلية يتم التعبير عنها بطزاجة سينمائية وحرفية عالية، وتؤكد أنها تتفاءل بمستقبل السينما في بلادها، لا سيما وأن الدولة تدعم السينما، ومن المهم الاستمرار في الإنتاج على النهج نفسه».

وتعبر ياهو بخش عن سعادتها ببدء تصوير أكثر من فيلم لشركتها، من بينها «هاملت في عزبة الصفيح» من إخراج أحمد فوزي صالح، وبطولة هند صبري وطارق لطفي، كما تلتقي مجدداً بالمخرجة هالة خليل في فيلم «سواقة الستات» بعد 10 سنوات من إنتاجها لفيلم «نوارة» وتتطلع لبدء تصوير فيلم جديد مع المخرج يسري نصر الله.


مقالات ذات صلة

«الأسود على نهر دجلة»... صراع إنساني تكشفه بوابة نجت من الدمار

يوميات الشرق المخرج العراقي زرادشت أحمد (الشركة المنتجة للفيلم)

«الأسود على نهر دجلة»... صراع إنساني تكشفه بوابة نجت من الدمار

يقدّم فيلم «الأسود على نهر دجلة» تجربة تتقاطع فيها الذاكرة الشخصية بالذاكرة الجماعية، ويعود فيها المخرج زرادشت أحمد إلى المُوصل.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان محمد بكري في لقطة مع أسرته من فيلم «اللي باقي منك» (الشركة المنتجة)

كيف تمكنت 4 أفلام عربية من الوصول لقائمة الأوسكار المختصرة؟

لعلها المرة الأولى التي تنجح فيها 4 أفلام عربية في الوصول لـ«القائمة المختصرة» بترشيحات الأوسكار لأفضل فيلم دولي، وهو ما اعتبره سينمائيون عرب إنجازاً كبيراً.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق فيونوالا هاليغان (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

فيونوالا هاليغان: نجوم عالميون معجبون بدعم «البحر الأحمر» لصناع الأفلام

بعد ختام الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي، والتي مثّلت المحطة الأولى لفيونوالا هاليغان في موقعها مديرة للبرنامج الدولي، بدت أصداء التجربة واضحة.

أحمد عدلي (جدة)
يوميات الشرق مشهد من مسرحية «تكلم حتى أراك» في أول أيام المهرجان (هيئة المسرح)

«مهرجان الرياض للمسرح» ينطلق لتكريم الرواد ورعاية المبدعين

انطلق، الاثنين، مهرجان الرياض للمسرح في دورته الثالثة، الذي تنظِّمه هيئة المسرح والفنون الأدائية، ويشهد على مدى 7 أيام عروضاً للمسرحيات التي تأهلت للمشارَكة.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق المخرج سعيد زاغة يشير إلى زملائه من المخرجين الفلسطينيين (البحر الأحمر)

سعيد زاغة لـ«الشرق الأوسط»: استلهمت «مهدد بالانقراض» من تجربة حقيقية

عبّر المخرج الفلسطيني، سعيد زاغة، عن سعادته بفوز فيلمه «مهدد بالانقراض» (COYOTES) بجائزة اليسر الذهبية لأفضل فيلم قصير بالدورة الخامسة لمهرجان البحر الأحمر.

انتصار دردير (جدة )

«متحف باكثير»... يستعيد روائع الأديب اليمني الكبير برؤية معاصرة

العرض سلَّط الضوء على مسيرة باكثير الإبداعية (الشركة المنتجة)
العرض سلَّط الضوء على مسيرة باكثير الإبداعية (الشركة المنتجة)
TT

«متحف باكثير»... يستعيد روائع الأديب اليمني الكبير برؤية معاصرة

العرض سلَّط الضوء على مسيرة باكثير الإبداعية (الشركة المنتجة)
العرض سلَّط الضوء على مسيرة باكثير الإبداعية (الشركة المنتجة)

استعاد العرض المسرحي «متحف باكثير» جانباً من روائع الأديب اليمني المصري علي أحمد باكثير في القاهرة، بالتزامن مع إحياء الذكرى الـ115 لميلاده.

العرض الذي أُقيم على خشبة المسرح الكبير في دار الأوبرا المصرية، مساء الاثنين، كان ضِمن فعالية ثقافية وفنية عكست حضور اسمه المتجدد في الوجدان العربي، نظّمتها مؤسسة «حضرموت للثقافة» السعودية، بالشراكة مع «ضي للثقافة والإعلام».

لم تقتصر الاحتفالية، التي نُظّمت تحت عنوان «علي أحمد باكثير... 115 عاماً من التأثير»، على استدعاء السيرة الإبداعية للأديب الكبير، بل سعت إلى تحويل إرثه الأدبي إلى فعل حي على خشبة المسرح بوصفه أحد الفضاءات الأساسية التي شكّلت مشروعه الإبداعي، من خلال العرض الذي استمر لنحو 80 دقيقة، حيث قُدِّم من دراماتورج وإخراج أحمد فؤاد، برؤية تقوم على فكرة المتحف بوصفه مساحة جامعة، تتجاور فيها العصور والشخصيات والأفكار، وتتحول فيها النصوص الأدبية إلى لوحات حية نابضة بالحركة والصوت.

المخرج أحمد فؤاد قدّم العرض بصورة بصرية جذابة (الشركة المنتجة)

اعتمد العرض على استلهام عدد كبير من أعمال علي أحمد باكثير، التي تحولت عبر العقود إلى نصوص مسرحية وسينمائية مؤثرة، من بينها «وا إسلاماه» و«الشيماء»، إلى جانب مسرحيات مثل «جلفدان هانم» و«قطط وفئران» و«الحاكم بأمر الله»، وغيرها من الأعمال التي كشفت عن انشغاله الدائم بالتاريخ والهوية والإنسان.

ومن خلال هذا التنوع، تنقّلَ العرض بين العصور الفرعونية والإسلامية والحديثة، مستحضراً شخصيات تاريخية وأسطورية ومتخيلة، في معالجة درامية سعت إلى إبراز الأسئلة الكبرى التي شغلت الكاتب؛ من الحرية والعدل، إلى الصراع بين السلطة والضمير، وعبر فتاة شابة من جيل «زد» تدخل متحفاً يضم عدداً من الشخصيات التي قدّمها.

يقول أحمد فؤاد، مؤلف العرض ومُخرجه، لـ«الشرق الأوسط»، إن عرض «متحف باكثير» جاء انطلاقاً من إيمان عميق بأهمية إعادة تقديم أعمال علي أحمد باكثير بصيغة مسرحية معاصرة تتيح للجمهور، اليوم، الاقتراب من عالمه الفكري والإنساني دون حواجز زمنية، مشيراً إلى أن اختيار فكرة المتحف كان المدخل الأنسب للتعامل مع هذا الإرث المتنوع؛ نظراً لما تزخر به أعمال باكثير من شخصيات تنتمي إلى عصور وخلفيات مختلفة، من مصر القديمة، مروراً بالتاريخ الإسلامي، وصولاً إلى الشخصيات المتخيَّلة والمعاصرة.

وأضاف أن «العرض صُمِّم على هيئة قاعات متحفية متجاورة، ينتقل بينها المتفرج، بحيث تقوده الأحداث في مسار درامي واحد، تتقاطع داخله الشخصيات والأفكار، في محاولةٍ للكشف عن الخيط الإنساني المشترك الذي يربط هذه العوالم المتباعدة ظاهرياً».

العرض قُدّم على مدار 80 دقيقة على خشبة المسرح الكبير بالأوبرا (الشركة المنتجة)

وأوضح فؤاد أنه اعتمد في بناء العرض على دراسة وقراءة عدد كبير من نصوص باكثير، قبل الاستقرار على اختيار 12 نصاً مسرحياً كُثِّفت وأُعيدت صياغتها داخل بنية واحدة. وعَدّ «التحدي الأكبر تمثل في ضغط الزمن، ومحاولة تجميع هذا الكم من الأعمال في إطار جذاب بصرياً ودرامياً، دون الإخلال بالفكرة الأساسية لكل نص؛ لأن الهدف كان تقديم عرض نوعي، قريب من المتفرج، يُعيد طرح سؤال عن باكثير وقدرته المتجددة على مخاطبة الحاضر».

ووفق الناقد الفني المصري، محمد عبد الرحمن، فإن عنوان عرض «متحف باكثير» قد يوحي، منذ الوهلة الأولى، بطابع وثائقي تقليدي، إلا أن التجربة المسرحية جاءت مغايرة تماماً لهذا الانطباع، وقال، لـ«الشرق الأوسط»: «استطاعت التجربة أن تحصد إعجاب الجمهور بفضل طبيعتها المختلفة واعتمادها الواضح على الحركة فوق خشبة المسرح، كما أن تعدد الشخصيات وتنوعها، والتنقل بينها بسلاسة، منح العرض حيوية خاصة، وخلق حالة من التفاعل المستمر مع المتلقي، بعيداً عن الجمود أو السرد المباشر».

العرض نال إشادات من الحضور (الشركة المنتجة)

وأضاف عبد الرحمن أن «عناصر العرض الفنية جاءت متوازنة، إذ اتسم الحوار بالجاذبية والقدرة على الإمتاع دون إسهاب أو خطابية، مدعوماً بمتعة بصرية واضحة على مستوى الحركة والتشكيل المسرحي»، لافتاً إلى أن الموسيقى لعبت دوراً أساسياً في تكوين المناخ العام للعمل؛ لاعتمادها على إرث أعمال باكثير.

وخلال الاحتفالية أُعلن إطلاق جائزة سنوية تحمل اسم علي أحمد باكثير، تبلغ قيمتها 10 آلاف دولار أميركي، وتُمنح في مجالات عدّة تعكس تنوع تجربته الإبداعية، من بينها الشعر، والكتابة المسرحية، والرواية، والترجمة الأدبية، والنقد الأدبي، في خطوة تستهدف دعم الإبداع العربي وتشجيع الأصوات الجديدة، بجانب تكريم أسماء عدد من الفنانين الذين ارتبطت أعمالهم به، منهم أحمد مظهر، ولبنى عبد العزيز، وسميرة أحمد، وحسين رياض.


مطاعم أميركية تقدم وجبات أصغر لإرضاء مستخدمي علاجات إنقاص الوزن

لينا أكسماشر في مطعم «لو بوتي فيلاج» (أ.ف.ب)
لينا أكسماشر في مطعم «لو بوتي فيلاج» (أ.ف.ب)
TT

مطاعم أميركية تقدم وجبات أصغر لإرضاء مستخدمي علاجات إنقاص الوزن

لينا أكسماشر في مطعم «لو بوتي فيلاج» (أ.ف.ب)
لينا أكسماشر في مطعم «لو بوتي فيلاج» (أ.ف.ب)

لطالما كانت لينا أكسماشر من كبار مرتادي المطاعم في نيويورك إلى أن بدأت تتناول دواء «أوزمبيك» لإنقاص الوزن فلم يعد في وسعها تناول ما لذّ وطاب، غير أنها وجدت حلّاً لهذه المعضلة في مطاعم تقدّم وجبات أصغر تلبية لحاجات هذه الفئة من الزبائن.

وما زالت لينا السويدية الأصل والبالغة من العمر 41 عاماً تصرّ على «مخالطة الناس» وارتياد المطاعم، حتّى لو أنها لم تعد تأكل كالسابق.

وقد سهّل عليها أحد مطاعمها المفضّلة «لو بوتي فيلاج» (القرية الصغيرة) الأمر، وبات كمطاعم كثيرة غيره يقدّم وجبات بكمّيات أصغر وأسعار أقل.

ويعزى هذا القرار إلى الإقبال الكثيف الذي تشهده في الولايات المتحدة أدوية إنقاص الوزن الحديثة التطوير المستخدمة لمعالجة البدانة والسكّري.

وبحسب استطلاع أجراه مركز الأبحاث «كاي إف إف» المتخصّص في مسائل الصحة في نوفمبر (تشرين الثاني)، يلجأ أميركي واحد من كلّ ثمانية إلى هذه العلاجات المسوّقة تجارياً تحت أسماء «أوزمبيك» أو «ويغوفي» أو «مونجارو» والتي أوصت «منظمة الصحة العالمية» أخيراً بها.

والاثنين، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (إف دي إيه) على نسخة أولى بالأقراص من «ويغوفي» الذي يوفّر عادة كغيره من هذه العلاجات على شكل محلول قابل للحقن.

وبفضل هذه التقنية المتطوّرة التي تقوم على محاكاة عمل الهرمون الهضمي «جي إل بي-1» الضابط للشهيّة، فُتحت سوق لتلبية حاجات ملايين الأشخاص الراغبين في خسارة الوزن.

وقال أريستوتل هاتسييوريو الذي يملك خمسة مطاعم في نيويورك: «لاحظت أن الناس باتوا يأكلون كمّيات أصغر بكثير»، مخلّفين الكثير من الطعام في أطباقهم.

تقليص حجم الوجبات

وفي ظلّ هذه التغيّرات، بادر رجل الأعمال إلى تقليص حجم الوجبات مع كمّيات أصغر وعدد أقلّ من المأكولات والمشروبات.

وشهدت قوائم الأطعمة المقلّصة هذه نجاحاً كبيراً، بحسب هاتسييوريو، في أوساط مستخدمي علاجات إنقاص الوزن وأيضا الزبائن الراغبين في عدم دفع مبالغ كبيرة لتناول وجبات في المطاعم في مدينة معروفة بغلاء المعيشة الفاحش.

أطباق طعام في مطعم «لو بوتي فيلاج» (أ.ف.ب)

وما زال تناول «أوزمبيك» وغيره من العلاجات المخفّضة للوزن محدود النطاق في الولايات المتحدة بسبب الأسعار المرتفعة لهذه العقاقير. غير أنه من المتوقع أن تصبح هذه العلاجات ميسورة الكلفة على نحو متزايد، وقد تعهّد الرئيس دونالد ترمب شخصياً بذلك.

ويُحدث الاستخدام المتزايد لهذه العلاجات تحوّلاً في العادات الغذائية في البلاد، بحسب ماريون نستله اختصاصية علم التغذية في جامعة نيويورك التي قالت لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «عندما يصبح الطعام الذي لطالما كان من أكبر ملذّات الحياة عدوّاً، تتغيّر المعادلة برمّتها».

«معجزات»

صحيح أن هذه العلاجات غالباً ما تترافق مع آثار جانبية، غير أنها أحدثت «معجزات» للبعض، بحسب نستله.

غير أن الأستاذة الجامعية حذّرت من أن الآثار بعيدة المدى لهذه المنتجات ليست معروفة بعد، سواء على الصعيد الجسدي أو الاجتماعي، إذ يشكّل الاستخدام الواسع النطاق لهذه العلاجات «تجربة بشرية كبيرة».

وأقرّت لينا أكسماشر بأنها تتوقّف أحيانا عن تناول «أوزمبيك» كي «تستمتع أكثر بالحياة». وقالت: «أريد أن أشعر بالجوع وأتناول ما يحلو لي».

وقد ساعدها تناول «أوزمبيك» على اكتساب عادات حميدة، مثل ممارسة الرياضة بوتيرة أكبر واستهلاك الكحول بكميّة أقلّ.

واعتبرت ماريون نستله أنه لا ضير في تقديم وجبات أصغر في الولايات المتحدة، بغضّ النظر عن العلاجات الرائجة لخفض الوزن.

وأكّد أريستوتل هاتسييوريو أن هذه الوجبات المقلّصة «قد تكون الأنسب حجماً» للزبائن.


«شتاء طنطورة»... تجربة ثقافية بين تاريخ العلا ومستقبلها الواعد

أهالي العُلا يحتفون بفعالية «الطنطورة» تقليداً ثقافياً ارتبط بتنظيم المواسم وبداية مربعانية الشتاء (واس)
أهالي العُلا يحتفون بفعالية «الطنطورة» تقليداً ثقافياً ارتبط بتنظيم المواسم وبداية مربعانية الشتاء (واس)
TT

«شتاء طنطورة»... تجربة ثقافية بين تاريخ العلا ومستقبلها الواعد

أهالي العُلا يحتفون بفعالية «الطنطورة» تقليداً ثقافياً ارتبط بتنظيم المواسم وبداية مربعانية الشتاء (واس)
أهالي العُلا يحتفون بفعالية «الطنطورة» تقليداً ثقافياً ارتبط بتنظيم المواسم وبداية مربعانية الشتاء (واس)

شتاء ثقافي يمدُّ جسوراً معرفية وإثرائية بين الماضي بقيمته الثمينة المحفورة على صخور العلا، والمستقبل الواعد الذي تتطلع إليه المدينة التاريخية، حيث تفتح أبوابها كل شتاء لتروي قصصها، وتكشف أسرارها.

الموسم الثقافي السنوي، الذي اختار اسم «شتاء طنطورة»، تستضيفه بلدة العلا القديمة في المدينة المنورة شمال غربي السعودية، وسُمّي هذا المهرجان الاستثنائي نسبة إلى «طنطورة»، الساعة الشمسية التقليدية في قلب البلدة القديمة، التي اعتمدها أهل العلا لمعرفة الوقت والاحتفال بدخول المربعانية وبداية موسم الزراعة.

تعامد ظل عمود من طين أمام حجر مغروس يحدث مرة واحدة سنوياً ولمدة وجيزة (واس)

يضم المهرجان سلسلة من الفعاليات والتجارب التي تحتفي بالتراث العريق، والثقافة المحلية الأصيلة، والفنون التقليدية، ويستقطب آلاف الزوار الذين يتدفقون لاكتشاف أسرار المواقع التاريخية التي تُمثِّل كُتباً مفتوحة على التاريخ الحي، بدءاً بالحِجر (مدائن صالح)، بمقابرها النبطية الضخمة المنحوتة في الصخر، منذ كانت عاصمة نبطية جنوبية، مروراً بالبلدة القديمة التي تظهر تطور العمارة المحلية، مروراً بوادي دادان عاصمة مملكتي دادان ولحيان، وصولاً إلى جبل عكمة المعروف بـ«المكتبة المفتوحة» وآلاف النقوش الأثرية المنتشرة فيه.

تقول أمل الجهني، إحدى رواة التاريخ في موقعي دادان وجبل عكمة، إن زوار العلا من داخل السعودية وخارجها لا تغادرهم الدهشة أبداً، ويعودون مراراً لاستكشاف مزيد من أسرارها وآثارها.

«الطنطورة»... تقليد يعكس دورة الحياة

برنامج ثقافي يعرض تنوّع الفنون والموروثات الشعبية ويعكس عمق ذاكرة المجتمع المحلي (واس)

وفي موعد يتكرَّر كل عام، التأم أهالي العلا، الاثنين، لإحياء تقليد ثقافي موروث، يعتمد على الساعة الشمسية التقليدية (مزولة)، أو ما يعرف بـ«الطنطورة» التي كانت تُحدِّد مواقيت الفصول ودخول المواسم الزراعية، حين كان أهالي وسكان العُلا قديماً يعتمدون عليها لتنظيم دورة العمل الزراعي وتنظيم الحياة اليومية.

عند تعامد ظل عمود من الطين يقف على أحد مباني البلدة القديمة أمام حجر مغروس في الأرض، وهو حدث يحدث مرة واحدة سنوياً ولمدة وجيزة، يعلن الأهالي رسمياً دخول مربعانية الشتاء في العلا، وهي فترة يشتد فيها البرد وتستمر 40 يوماً، ومن هنا جاء الاسم.

أمسيات مميّزة تتضمّن عروض فنية تراثية تقام طوال الموسم في البلدة القديمة (واس)

وعلى الرغم من التوقف عن استخدام الطنطورة أداة لضبط أوقات الحياة في الزمن المعاصر، بقي هذا التقليد مستمراً للاحتفاء بقيمته الثقافية والتاريخية لأهالي العلا، حيث تتهيأ الفرصة لاستعادة طيف من الماضي القديم بذكرياته وتفاصيله التي بقيت في ذاكرة الأجيال عبر العقود.

ليالي البلدة القديمة... فن وتراث

تُقدِّم ليالي البلدة القديمة أمسيات فنية وتراثية مميزة طوال موسم «شتاء طنطورة»، تقام بين البلدة القديمة وقلعة العلا التاريخية، وبين التكوينات الصخرية المذهلة خلف مدرّج البلدة القديمة، مع إطلالات ساحرة على قلعة العلا التي يعود تاريخها إلى القرن العاشر الميلادي، حيث يستمتع الزوار بعروض فنية مستوحاة من ذكريات البلدة القديمة وتراث واحة العلا العريق.

وفي داخل قلعة العلا التاريخية، تُحاكى أجواء احتفالات الأعراس التقليدية، مع إطلالات بانورامية على البلدة القديمة ليلاً، لتعكس الهوية الثقافية للعلا وثراءها الحضاري، وتمنح الزائر تجربة حيَّة في قلب المشهد التراثي للمكان.

العُلا تحتفي بفعالية «الطنطورة» ضمن تقليد ثقافي سنوي (واس)

على مسرح «ليالي البلدة القديمة»، يُنظَّم برنامج ثقافي متنوع يُبرز الفنون الشعبية والموروثات المحلية، ويعكس عمق الذاكرة الثقافية للمجتمع المحلي.

ولا تكتمل زيارة البلدة القديمة دون الجولات التفاعلية داخل 3 منازل مُرمَّمة، ومزوّدة بتقنيات سمعية وبصرية، لتسليط الضوء على العادات والتقاليد المحلية. تستعرض هذه الجولات محطات مميزة من حياة المجتمع المحلي، مثل مراسم الزواج، وذكريات الطفولة، وحكايات كبار السن الغنية بالحكمة، لتمنح الزائر تجربة ثقافية وإنسانية متكاملة.