احتجاجات الشباب المغربي تتواصل في عدة مدن لليوم التاسع على التوالي

بالتزامن مع مسيرة حاشدة بالرباط تضامناً مع غزة

شباب مغربي يحتج على «الفساد» ويطالب بإصلاحات في قطاعات الصحة والتعليم خلال مظاهرة بالدار البيضاء يوم الأحد (أ.ب)
شباب مغربي يحتج على «الفساد» ويطالب بإصلاحات في قطاعات الصحة والتعليم خلال مظاهرة بالدار البيضاء يوم الأحد (أ.ب)
TT

احتجاجات الشباب المغربي تتواصل في عدة مدن لليوم التاسع على التوالي

شباب مغربي يحتج على «الفساد» ويطالب بإصلاحات في قطاعات الصحة والتعليم خلال مظاهرة بالدار البيضاء يوم الأحد (أ.ب)
شباب مغربي يحتج على «الفساد» ويطالب بإصلاحات في قطاعات الصحة والتعليم خلال مظاهرة بالدار البيضاء يوم الأحد (أ.ب)

لليوم التاسع على التوالي، خرج مئات الشباب في عدة مدن مغربية، الأحد، في مظاهرات تدعو إليها حركة «جيل زد 212» للمطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية، والقضاء على «الفساد»، ورحيل رئيس الوزراء عزيز أخنوش.

وبالتزامن مع هذه الاحتجاجات، خرجت أعداد غفيرة في العاصمة الرباط في مسيرة تضامن مع قطاع غزة، تطالب إسرائيل بوقف الحرب فوراً، وإدخال المساعدات لأهالي القطاع.

وفيما يتعلق بمظاهرات حركة «جيل زد 212»، تواصلت الاحتجاجات في عدة مدن، حيث احتشد المتظاهرون في حي الفداء الشعبي بمدينة الدار البيضاء بغرب البلاد، مردّدين شعار «الشعب يريد إسقاط الفساد»، ومطالبين برحيل أخنوش. ورُفعت شعارات مماثلة في مدينة تطوان بشمال المغرب، حيث تجمع مئات المتظاهرين، وفق وسائل إعلام محلية.

شاب مغربي يرفع شعار «إسقاط الفساد» خلال احتجاج قرب مبنى البرلمان بالرباط يوم 3 أكتوبر 2025 (رويترز)

وكان الحراك أقل زخماً في العاصمة الرباط، حيث تجمع عشرات أمام البرلمان، وهم يهتفون «يحيا الشعب»، و«الحكومة فاسدة».

ومنذ 27 سبتمبر (أيلول)، تخرج مظاهرات تطالب بإصلاحات في الخدمات العامة مثل التعليم والصحة، بدعوة من حركة «جيل زد 212» التي انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي من دون الكشف عن هوية القيمين عليها.

وتؤكد الحركة، التي تضم أكثر من 185 ألف عضو على منصة «ديسكورد»، الطابع السلمي للمظاهرات، رافضة «أي شكل من أشكال العنف أو الشغب أو التدمير». وهي تقدم نفسها على أنها مجموعة من «الشباب الحر» الذي لا ينتمي لأي حزب سياسي.

وكانت من بين الشعارات التي رفعها المحتجون «الشعب يريد الصحة والتعليم»، و«حرية كرامة عدالة اجتماعية»، و«الشعب يريد إسقاط الفساد»، و«لا يمين لا يسار... يجمعنا حب الوطن».

مطالب اجتماعية

انطلقت شرارة الحراك باحتجاجات اندلعت منتصف سبتمبر في عدة مدن إثر وفاة 8 حوامل في المستشفى العمومي بأغادير، في غرب البلاد، خلال عمليات ولادة قيصرية.

وعلى الرغم من تمسّك الحركة بالطابع السلمي لمبادرتها، شهدت بعض المدن أعمال عنف، الأسبوع الماضي. وقُتل 3 أشخاص مساء الأربعاء في أثناء محاولتهم اقتحام مركز شرطة في قرية القليعة قرب أغادير، للاستيلاء على أسلحة وذخائر، بحسب السلطات المغربية. كما أصيب أكثر من 350 شخصاً، غالبيتهم من قوات الأمن، وفقاً لوزارة الداخلية.

شاب يتوشح علم المغرب خلال مظاهرة قرب مبنى البرلمان بالرباط يوم 3 أكتوبر 2025 (رويترز)

وأكّدت الحكومة، الخميس الماضي، استعدادها للحوار مع الحركة ونقل النقاش من العالم الافتراضي إلى حوار داخل المؤسسات.

وفي مساء ذلك اليوم، قالت حركة «جيل زد 212» في بيان موجه إلى الملك محمد السادس: «نطالب بإقالة الحكومة الحالية لفشلها في حماية الحقوق الدستورية للمغاربة، والاستجابة لمطالبهم الاجتماعية»، لكنها عادت لتوضح أنها ستنشر لاحقاً «صيغة رسمية» نهائية لمطالبها.

ويجمع اسم الحركة بين «جيل زد»، وهي الفئة العمرية التي تضم مواليد نهاية العقد الأخير من القرن الماضي وبداية العقد الأول من القرن الحالي، وبين الرقم 212، وهو رمز الاتصال الهاتفي الدولي في المغرب.

ومساء السبت، أعلن شباب الحركة تنظيم حملة واسعة لتنظيف الشوارع في عدد من المدن المغربية. وذكرت صحيفة «هسبريس» المغربية أن هذه الخطوة تأتي تعبيراً عن حسن النية والسلمية، ورسالة اعتذار صريحة لرجال النظافة الذين وجدوا أنفسهم خلال الأيام الماضية مضطرين إلى مواجهة آثار أعمال تخريب رافقت بعض الاحتجاجات.

الذكرى الثانية للحرب على غزة

وعلى سبيل التضامن مع قطاع غزة، وبالتزامن مع الذكرى الثانية لاندلاع الحرب، خرج آلاف إلى شوارع الرباط، الأحد، احتجاجاً على استمرار الحرب وعلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

مغاربة يرفعون لافتات ويلوحون بالأعلام الفلسطينية في مسيرة بالرباط دعماً لقطاع غزة يوم الأحد (إ.ب.أ)

وجابت المسيرة أحد الشوارع الرئيسية بالعاصمة، وردد المتظاهرون هتافات تطالب بفتح ممرات آمنة لسكان القطاع المُحاصر ووقف «المجازر». ورُفعت خلالها الأعلام الفلسطينية والمغربية، ولافتات تدعو إلى «إنقاذ الأطفال»، و«وقف تجويع غزة».

وخرجت هذه المظاهرة بدعوة من جهات عدة، من بينها تحالف يضم قوى إسلامية وأحزاباً يسارية.

وقال محمّد بركة (56 عاماً)، وهو أحد المشاركين في المظاهرة، لمراسل «وكالة الصحافة الفرنسية»: «لقد بلغت الحرب مستويات مرعبة لا مثيل لها». وأضاف: «نحن نشهد على إبادة جماعية للفلسطينيين».

متظاهرون يحملون لافتة تضامن ويرفعون الأعلام الفلسطينية في العاصمة المغربية الرباط يوم الأحد (إ.ب.أ)

وعبَّر المتظاهرون أيضاً عن رفضهم تطبيع بلدهم علاقاته مع إسرائيل منذ عام 2020. وقالت فاطمة الزهراء المولى (27 عاماً): «نريد أن نُسمِع أصواتنا المعارِضة للتطبيع».

ومنذ بدء الحرب في غزة، خرجت تظاهرات كبيرة عدة في المغرب دعماً للفلسطينيين ورفضاً للتطبيع. وكان المغرب من بين الدول التي دعت مراراً إلى «وقف الحرب فوراً».


مقالات ذات صلة

ليبيا: أزمة السيولة واحتياجات المواطنين تفجّران جدلاً حول «مشاريع التنمية»

شمال افريقيا الدبيبة خلال افتتاح «المتحف الوطني» في طرابلس الذي أثار انتقادات عدد كبير من الليبيين (رويترز)

ليبيا: أزمة السيولة واحتياجات المواطنين تفجّران جدلاً حول «مشاريع التنمية»

هيمنت أزمة نقص السيولة على المشهد الليبي؛ في ظل اصطفاف المواطنين أمام المصارف لساعات طويلة، إلى جانب نقاشات موسعة مع خبراء ومسؤولين حول سبل المعالجة.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا افتتاح «الحوار المهيكل» في ليبيا (أرشيفية - البعثة الأممية)

مصراتة تنتفض لـ«حل الأجسام المسيطرة» على المشهد الليبي

دافعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، مجدداً، عن «الحوار المهيكل» الذي ترعاه في العاصمة طرابلس، رغم الجدل المثار حول إمكانية نجاحه.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)

آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

خرج الآلاف من أهالي مدينة قابس، جنوبي تونس، الأربعاء، في مسيرة جديدة تطالب بتفكيك مجمع للصناعات الكيميائية، بسبب التلوث البيئي.

«الشرق الأوسط» (تونس)
أوروبا عنصر من الشرطة البريطانية (رويترز)

الشرطة البريطانية تتعهد باتخاذ تدابير حازمة بحق المتظاهرين الداعين إلى «الانتفاضة»

تنوي الشرطة في لندن ومانشستر اتخاذ تدابير حازمة بحق الأشخاص الذين يطلقون نداءات تحضّ على «الانتفاضة» خلال المظاهرات المؤيّدة للفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا أنصار الرئيس التونسي يتظاهرون لدعمه وسط العاصمة (إ.ب.أ)

أنصار الرئيس التونسي يتظاهرون لدعمه وسط انقسامات حادة

خرج أنصار الرئيس التونسي قيس سعيد في شوارع العاصمة، الأربعاء، في مظاهرة لدعمه ورفض «التدخلات الخارجية».

«الشرق الأوسط» (تونس)

تباين مصري إزاء مقترح تشريعي جديد يُغلّظ عقوبة «سرقة الكهرباء»

تعديلات قانونية لمواجهة سرقة التيار الكهربائي في مصر (الشركة القابضة للكهرباء)
تعديلات قانونية لمواجهة سرقة التيار الكهربائي في مصر (الشركة القابضة للكهرباء)
TT

تباين مصري إزاء مقترح تشريعي جديد يُغلّظ عقوبة «سرقة الكهرباء»

تعديلات قانونية لمواجهة سرقة التيار الكهربائي في مصر (الشركة القابضة للكهرباء)
تعديلات قانونية لمواجهة سرقة التيار الكهربائي في مصر (الشركة القابضة للكهرباء)

تسبّب مقترح تشريعي لتغليظ عقوبة سرقة التيار الكهربائي في مصر، في حالة جدل واسعة، بين من يصف التعديل التشريعي الذي قدمته الحكومة وأقره مجلس الشيوخ بـ«الرادع»، وآخرين يرون العقوبات «غير مناسبة لكل الحالات».

وسرقة الكهرباء تعني الحصول على وصلات غير شرعية من المصدر الرئيسي للطاقة في الحي الذي يقطن فيه سارق التيار، أو باستهلاك الكهرباء دون عداد، أو أن يُركب المواطن عداداً ثم يتلاعب فيه بحيث لا يحسب قيمة استهلاكه الفعلي.

وكان مجلس الشيوخ (الغرفة البرلمانية الثانية) قد وافق، الأحد، على مشروع القانون الذي أحاله مجلس النواب إليه في وقت سابق. وينتظر المشروع مجلس النواب (البرلمان) الجديد، المفترض انعقاده في يناير (كانون الثاني) المقبل، للنظر فيه بعد مناقشته في مجلس الشيوخ، والأخير رأيه استشاري.

مجلس الشيوخ المصري يقر تعديلات لتغليظ عقوبة سرقة التيار الكهربائي في مصر (وزارة الشؤون النيابية)

وبموجب التعديلات المقترحة على القانون رقم 87 لسنة 2015، تُغلّظ عقوبة تسهيل سرقة التيار الكهربائي أو التستر عليها للعاملين في الكهرباء من «الحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر، وغرامة لا تزيد على 50 ألف جنيه (الدولار يساوي نحو 48 جنيهاً)، أو إحدى هاتَين العقوبتَين» إلى «الحبس مدة لا تقل عن عام، وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، أو إحدى هاتَين العقوبتَين».

وتغلّظ التعديلات عقوبة سرقة التيار إلى «الحبس مدة لا تقل عن عام وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه أو إحدى هاتَين العقوبتَين»، بديلاً عن «الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد على سنتَين، وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه أو إحدى هاتَين العقوبتَين».

وانتقد عضو مجلس الشيوخ، رئيس حزب الجيل الديمقراطي، ناجي الشهابي، التعديلات الأخيرة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «التعديل يساوي بين من يصل التيار الكهربائي إليه مضطراً في منزله، لعدم وصول الخطوط الشرعية مثلاً إلى منطقته، ومن يستولي عليه في مصنع أو نشاط تجاري، وهو أمر يفتقر إلى العدالة العقابية».

وأضاف الشهابي أنه طالب خلال الجلسة بالتميز في العقوبة بين المخالفة وما إذا كانت تقع في نطاق سكني أم تجاري أم صناعي، لكن الأغلبية وافقت على التعديلات.

وسجل عدد من النواب الاعتراض ذاته خلال الجلسة، الأحد. وقال رئيس الهيئة البرلمانية للحزب «المصري الديمقراطي» في مجلس الشيوخ، محمد طه عليوة، إن «المشروع قد يفتح الباب لفرض غرامات مالية مبالغ فيها، على مواطن بسيط في قرية أو عزبة لا يملك سوى مصباحين وثلاجة»، وفق بيان للحزب، الاثنين.

وأشار عليوة إلى أن «العدالة التشريعية تقتضي التفرقة بين سرقة التيار على نطاق واسع، وحالات الاستهلاك المحدود أو غير المقصود».

في المقابل، تدافع الحكومة عن التعديلات مع استحداث مادة خاصة بالتصالح مقابل دفع ضعفَي قيمة الاستهلاك إذا تم التصالح قبل رفع الدعوى القضائية، وثلاثة أضعافه بعد رفعها، و4 أضعاف بعد صدور الحكم.

واستناداً إلى هذه المادة أكد وزير الشؤون النيابية، محمود فوزي، أن هدف الحكومة ليس توقيع العقوبة على المخالفين، قائلاً خلال مداخلة مع برنامج «الصورة» مع الإعلامية لميس الحديدي، مساء الأحد: «لا نريد أن يذهب أحد إلى المحكمة ولا توقيع عقوبات، نريد التصالح فهو الأسرع والأفضل والأكثر تحقيقاً للعدالة».

وزير الشؤون النيابية خلال جلسة مناقشة تعديلات قانون الكهرباء في مجلس الشيوخ (وزارة الشؤون النيابية والتواصل السياسي)

الأمر نفسه كرره عضو مجلس الشيوخ عن حزب «مستقبل وطن»، عصام هلال عفيفي، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «التعديلات قُدمت بصورة ذهنية سلبية، في حين أنها تأتي في صالح المواطن الملتزم»، لافتاً إلى ما كان يحدث في السنوات الماضية من انقطاعات مستمرة في التيار، واستطاعت الحكومة التغلب عليه، فالقانون يهدف إلى «الحفاظ على هذا المرفق بدوامه واستدامته، خصوصاً أنه يرتبط بأي تنمية».

وكثيراً ما ربطت الحكومة بين أزمة انقطاعات التيار الكهربي وسرقة التيار. وسبق أن علّق رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، على السرقات المضبوطة، قائلاً، في سبتمبر (أيلول) 2024: «لو نصف هذه السرقات لم تكن موجودة، فلن تكون هناك مشكلة في أي شيء، ولن نحتاج إلى تدبير موارد إضافية للكهرباء».

وأضاف عفيفي: «نتحدث عن العقوبة وننسى أنها مرحلة تالية، لا نريد لأحد أن يُعاقب وإنما أن يكون الكل ملتزماً، ومن يأتي بهذا الجرم توجد فرصة له أن يتصالح»، مشدداً على أهمية هذا القانون في ظل الفقد الكبير في الكهرباء نتيجة السرقة.

وتبلغ نسبة الفقد في الكهرباء «20 في المائة من إجمالي الإنتاج، وينقسم إلى جزء فني طبيعي، وآخر ناتج عن السرقات يتخطى تأثيره المالي حاجز 22 مليار جنيه»، وفق نائبة وزير الكهرباء، صباح مشالي، قائلة خلال جلسة «الشيوخ» الأحد، إن «مشروع القانون الجديد لم يأتِ من فراغ، بل نتيجة متابعة دقيقة للممارسات الميدانية الضارة بالشبكة القومية»، لافتة إلى تحرير نحو 3.4 مليون محضر سرقة للتيار، وفق بيان لوزارة الشؤون النيابية.

ورغم ذلك، ينتقد عضو مجلس النواب (البرلمان) إيهاب منصور، توجه الحكومة إلى «تغليظ العقوبات دون العمل على التوعية»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «البعض لا يعلم أن ما يقوم به مخالف أو تقع بناء عليه هذه العقوبات، والحكومة لا يوجد في قاموسها فكرة التوعية وإنما تهدف إلى تحصيل الأموال».

وخلافه تؤيد عضوة مجلس النواب (البرلمان) فريدة الشوباشي، سياسة «الردع»، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إنه «من المُخجل أن نكون دولة تعمل على تنمية مواردها وما زلنا نتحدث عن سرقة الكهرباء... من يرتكب جُرم فعليه أن يُحاسب عليه».


حوادث التحرش في مصر... زيادة مقلقة أم وقائع فردية؟

وزير التعليم المصري وسط الطلاب في جولة ميدانية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التعليم المصري وسط الطلاب في جولة ميدانية (وزارة التربية والتعليم)
TT

حوادث التحرش في مصر... زيادة مقلقة أم وقائع فردية؟

وزير التعليم المصري وسط الطلاب في جولة ميدانية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التعليم المصري وسط الطلاب في جولة ميدانية (وزارة التربية والتعليم)

شغلت حوادث «تحرش مدرسي» الرأي العام في مصر خلال الفترة الماضية بعد ضبط «انتهاكات» في أكثر من مدرسة، وأحدثت صدمة لأولياء الأمور الذين تخوفوا على سلامة أبنائهم، في ظل فضاء تعليمي ضخم يضم 25 مليون طالب مسجلين بالمدارس على مختلف أنواعها، وفق إحصاءات رسمية.

وطرحت الحوادث التي جرى التركيز عليها بوسائل الإعلام تساؤلات حول ما إذا كانت تشكل «زيادة مقلقة» يمكن أن تصبح ظاهرة عامة، أم «وقائع فردية» مثلما ذكر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في تعليقه على الأمر، خلال مؤتمر صحافي قبل أيام، نافياً أن تكون قد تحولت إلى «ظاهرة عامة».

لكن مدبولي في الوقت نفسه أشار إلى أن توالي الوقائع يمثل «ناقوس خطر» يستوجب الاهتمام والأخذ في الحسبان، وأكد توجيه «الوزارات المعنية للعمل المشترك في هذا الملف، وتبني نظام استباقي يضمن عدم تكرار مثل هذه الحوادث».

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)

ومنذ بداية العام الدراسي الحالي، برزت إعلامياً نحو 15 واقعة تحرش بالمدارس أبرزها في أبريل (نيسان) الماضي، وكان ضحيتها طفل في محافظة البحيرة بدلتا مصر، إلى جانب واقعة مدرسة «سيدز» الدولية بالقاهرة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والمتهم فيها 7 عاملين، وواقعة أخرى بإحدى المدارس الدولية بالإسكندرية متهم فيها عامل بالتعدي على 5 أطفال بمرحلة رياض الأطفال، وأصدر فيها القضاء حكماً بإحالة أوراق المتهم إلى المفتي لتنفيذ حكم الإعدام.

ولا توجد إحصاءات رسمية بمتوسط حوادث التحرش التي تقع سنوياً داخل المدارس أو حوادث التحرش التي تقع بوجه عام، غير أن «المجلس القومي للأمومة والطفولة في مصر» أصدر تقريراً عام 2020 أشار فيه إلى أن حوادث العنف الجنسي تشكل نسبة 6 في المائة من إجمالي حوادث العنف المرتكبة ضد الأطفال.

وبالنظر إلى ما تم نشره بوسائل الإعلام المحلية فإن وقائع التحرش التي تم الإبلاغ عنها، هذا العام، وصلت إلى 15 حالة، مقابل 7 حالات عام 2024؛ ما يشير لمضاعفة عدد الحالات التي كان أغلبها بحق طلاب في مرحلة رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية ثم طالبات المرحلة الثانوية.

وبحسب متابعة ما تم نشره، فإن الجزء الأكبر من الوقائع كان الاتهام فيه لعمال ومعلمين من الذكور، كما أن غالبية الوقائع كانت في أماكن بعيدة عن أعين الرقابة داخل المدرسة سواء كان ذلك في دورات المياه أم غرف مغلقة أم بعيدة عن الفصول، وواقعة واحدة كانت من جانب معلم أحد الدروس الخصوصية؛ حيث اعتدى على طالبة داخل المنزل خارج جدران المدرسة، بينما تورطت معلمة واحدة في الاعتداء على طالب بالمرحلة الثانوية.

وزير التعليم المصري محمد عبد اللطيف في أثناء متابعته اليوم الدراسي في إحدى مدارس الإسكندرية (وزارة التربية والتعليم)

وقال مصدر مسؤول بوزارة التربية والتعليم لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد رصد رسمي بعدد حالات التحرش، هذا العام أو الأعوام السابقة، لكن المؤكد أن هذه الوقائع تبقى في طور الحالات الفردية، ولم تصل لأن تصبح ظاهرة جماعية مع وجود 25 مليون طالب في مراحل التعليم قبل الجامعي المختلفة، لكن يوجد تسليط إعلامي مكثف على الوقائع الأخيرة جعلها تتصدر اهتمامات الرأي العام».

وفي المقابل، تشير أستاذة علم الاجتماع بجامعة بنها، هالة منصور، إلى «أن قلة الدراسات الاجتماعية والأكاديمية التي تتناول التحرش كأسلوب عنف منفصل دون حصره مع باقي أنواع العنف تجعل هناك صعوبة في تحديد ما إذا كنا أمام وقائع فردية أم ظاهرة عامة، لكن المؤكد أن هناك زيادة عددية كبيرة في الوقائع المرتكبة داخل المدارس».

وأضافت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لا بد من الوضع في الحسبان أن المسكوت عنه يفوق كثيراً ما يتم الإبلاغ عنه، والأمر بحاجة لدراسات توضح حجم الحوادث حتى لا يقتصر الأمر على ما يحدث ضد الأطفال داخل المدرسة، ويطول أيضاً النوادي والتمارين ووسائل المواصلات، ويبقى الوضع الحالي في مصر بحاجة إلى ردع بشأن إعلان العقوبة وسرعتها».

وأشارت إلى أن «تعدد الوقائع المرتكبة من جانب معلمين أو أفراد أمن بحق الصغار في مراحل رياض الأطفال أو الابتدائية يجعلنا أمام ظاهرة عددية متكررة ما دامت قد وقعت بنفس الطريقة في توقيتات متقاربة وداخل أماكن واحدة وهي المدرسة، لكن إذا نظرنا إلى الحوادث بوجه عام فلا يمكن الجزم بأننا أمام ظاهرة ما دامت لا توجد دراسات توضح أعداد الحالات بشكل تفصيلي، وتحدد العوامل المحيطة بها».

ويتفق خبراء الإعلام على أن بعض الحوادث تعالَج إعلامياَ بدرجة من الكثافة يفوق حجمها الطبيعي بما يُعطي انطباعاً بانتشارها كونها ظاهرة عامة، ويرجع ذلك إلى أسلوب التناول والتفاعل معها من جانب فئات عديدة دائماً ما تبدي اهتماماً بهذا النوع من حوادث العنف وبينها التحرش.

خبير الإعلام الرقمي، خالد برماوي، يرى أن المنصات الرقمية تسببت في زيادة التركيز على وقائع التحرش، سواء كان ذلك من خلال طبيعة استخدامها وسيلةً يمكن من خلالها إثبات «التحرش الإلكتروني» والإبلاغ عن تلك الوقائع أم من خلال التفاعل الواسع من جانب المواطنين عليها، وإبداء الآراء المختلفة، أم نشر وقائع جديدة عليها.

وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «الإعلام التقليدي في المقابل لا يقوم بكل أدواره المطلوبة منه للمساعدة في توصيف الوقائع سواء كانت فردية أم ظاهرة؛ لأنه يتعامل مع ما يتم الإبلاغ عنه دون أن يلعب دوره في التحقيق مما يجري على أرض الواقع، أو إبراز ما هو مسكوت عنه».


اجتماع أمني وعسكري برئاسة المنفي حول الأوضاع في العاصمة الليبية

المنفي والدبيبة يتوسطان قيادات أمنية وعسكرية خلال اجتماع عُقد في طرابلس يوم 22 ديسمبر (المجلس الرئاسي الليبي)
المنفي والدبيبة يتوسطان قيادات أمنية وعسكرية خلال اجتماع عُقد في طرابلس يوم 22 ديسمبر (المجلس الرئاسي الليبي)
TT

اجتماع أمني وعسكري برئاسة المنفي حول الأوضاع في العاصمة الليبية

المنفي والدبيبة يتوسطان قيادات أمنية وعسكرية خلال اجتماع عُقد في طرابلس يوم 22 ديسمبر (المجلس الرئاسي الليبي)
المنفي والدبيبة يتوسطان قيادات أمنية وعسكرية خلال اجتماع عُقد في طرابلس يوم 22 ديسمبر (المجلس الرئاسي الليبي)

بينما تستعد ليبيا للاحتفال بحلول الذكرى 74 لـ«عيد الاستقلال»، عقد محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي بصفته «القائد الأعلى للجيش»، اجتماعاً عسكرياً وأمنياً موسعاً، تناول استعراض الأوضاع في العاصمة الليبية.

تمرين تعبوي لقوات تابعة لحكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة (منطقة الساحل الغربي العسكرية)

وقال المجلس الرئاسي، الاثنين، إن الاجتماع ضم عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة وزير الدفاع، ورئيس الأركان العامة محمد الحداد، ووزير الداخلية المكلف عماد الطرابلسي، بالإضافة إلى قيادات أمنية وعسكرية عديدة، ومدير إدارة الاستخبارات العسكرية.

وأوضح المجلس الرئاسي أن الاجتماع ناقش «الجاهزية القتالية للوحدات العسكرية، ومستوى الانضباط والتنظيم، إضافة إلى تقييم الخطط العملياتية المعتمدة، وآليات تعزيز التنسيق بين مختلف الأجهزة والمؤسسات العسكرية والأمنية».

وأُطلع المنفي على إحاطة «شاملة ومفصلة» حول الأوضاع الأمنية الراهنة، وسير تنفيذ المهام الموكلة للوحدات العسكرية، والتحديات الميدانية القائمة، إلى جانب المقترحات الكفيلة برفع كفاءة الأداء العملياتي، وتعزيز الاستقرار، وضمان حماية السيادة الوطنية والحفاظ على الأمن العام.

في غضون ذلك، أعلنت قوات تابعة لحكومة «الوحدة» تنفيذ تمرينات تعبوية وطبية؛ بغرض تعزيز الجاهزية القتالية.

وقالت منطقة الساحل الغربي العسكرية الاثنين إن آمرها، صلاح النمروش، حضر تنفيذ التمرين التعبوي لنهاية هذا العام على مستوى كتيبة مشاة، وانطلاق تنفيذ مشروع «البرق الخاطف»، الذي يهدف إلى رفع مستوى التنسيق والكفاءة العملياتية، وتعزيز الانضباط بمشاركة طلبة الدورات العسكرية، وتحت إشراف مباشر من آمر المنطقة.

وتضمنت فعاليات المشروع - وفق المنطقة العسكرية - تقديم شرح مفصّل للخرائط والخطط المعتمدة باستخدام الشاشات الذكية، إضافة إلى استعراض مراحل التنفيذ، وآليات العمل، والأهداف التكتيكية والعملياتية للمشروع، بما يضمن أعلى درجات التنظيم والانضباط العسكري.

النمروش يتابع تمريناً تعبوياً لوحدات الساحل الغربي (منطقة الساحل الغربي العسكرية)

وعقب الانتهاء من العرض التوضيحي، جرى أخذ الإذن الرسمي من آمر المنطقة العسكرية بالساحل الغربي للشروع في تنفيذ مشروع «البرق الخاطف» وفق الخطة الموضوعة والمعتمدة، بما يسهم في تنفيذ المهام الموكلة بكفاءة عالية وروح قتالية راسخة.

وفي سياق موازٍ، اعتبر مختار الجحاوي، آمر «شعبة الاحتياط بقوة مكافحة الإرهاب» التابعة لحكومة «الوحدة»، أن «وحدة البلاد وتخليصها من كافة العابثين بمستقبلها ـ لم يحددهم ـ أولوية وطنية تستوجب أن يجتمع كل الليبيين عليها».

وقال مساء الأحد خلال مراسم إحياء الذكرى التاسعة لانتصار عملية «البنيان المرصوص» على تنظيم «داعش»، إن «هذا الانتصار لم يكن مجرد معركة عسكرية، بل كان تجسيداً لإرادة الليبيين في استعادة أرضهم وبناء دولتهم بعيداً عن التطرف والظلام»، واصفاً «مستحقات جرحى العملية وجميع الجرحى» بأنها «استحقاق وطني لا يقبل التأخير».

وكانت حكومة «الوفاق» السابقة برئاسة فائز السراج قد أطلقت عملية «البنيان المرصوص» في مايو (أيار) عام 2016 لطرد تنظيم «داعش» من سرت، بمشاركة فصائل غربية رئيسية مدعومة جوياً من الولايات المتحدة، وانتهت بانتصار كامل نهاية العام نفسه رغم خسائر بشرية فادحة.

في غضون ذلك، أعلن الحداد مشاركته الأحد في حفل اختتام فعاليات المعسكر التدريبي الطبي الأول للإسعافات الحربية ورعاية ضحايا القتال التكتيكي بقاعدة الخمس البحرية، تحت إشراف جهاز الطب العسكري، وبحضور رئيس بعثة التدريب التركية، والسفير البريطاني، والملحقين العسكريين لكل من تونس والجزائر والسودان وروسيا وتركيا.

وتستعد ليبيا للاحتفال بـ«عيد الاستقلال»، وأصدر الدبيبة قراراً يقضي باعتبار الأربعاء 24 ديسمبر 2025 عطلة رسمية بهذه المناسبة، وذلك في جميع المؤسسات والهيئات العامة، مع مراعاة الجهات ذات الخدمات الإنسانية والأمنية، وحفظ حق العاملين بها في مقابل العمل وفقاً للتشريعات النافذة.

وبالمثل، أعلن أسامة حماد، رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أن الأربعاء سيكون عطلة رسمية في جميع الوزارات والهيئات العامة والمؤسسات الحكومية بمناسبة «عيد الاستقلال»، مع استثناء المرافق الصحية والأجهزة الأمنية التي تتطلب طبيعة عملها الاستمرار في أداء مهامها.