احتجاجات الشباب المغربي تتواصل في عدة مدن لليوم التاسع على التوالي

بالتزامن مع مسيرة حاشدة بالرباط تضامناً مع غزة

شباب مغربي يحتج على «الفساد» ويطالب بإصلاحات في قطاعات الصحة والتعليم خلال مظاهرة بالدار البيضاء يوم الأحد (أ.ب)
شباب مغربي يحتج على «الفساد» ويطالب بإصلاحات في قطاعات الصحة والتعليم خلال مظاهرة بالدار البيضاء يوم الأحد (أ.ب)
TT

احتجاجات الشباب المغربي تتواصل في عدة مدن لليوم التاسع على التوالي

شباب مغربي يحتج على «الفساد» ويطالب بإصلاحات في قطاعات الصحة والتعليم خلال مظاهرة بالدار البيضاء يوم الأحد (أ.ب)
شباب مغربي يحتج على «الفساد» ويطالب بإصلاحات في قطاعات الصحة والتعليم خلال مظاهرة بالدار البيضاء يوم الأحد (أ.ب)

لليوم التاسع على التوالي، خرج مئات الشباب في عدة مدن مغربية، الأحد، في مظاهرات تدعو إليها حركة «جيل زد 212» للمطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية، والقضاء على «الفساد»، ورحيل رئيس الوزراء عزيز أخنوش.

وبالتزامن مع هذه الاحتجاجات، خرجت أعداد غفيرة في العاصمة الرباط في مسيرة تضامن مع قطاع غزة، تطالب إسرائيل بوقف الحرب فوراً، وإدخال المساعدات لأهالي القطاع.

وفيما يتعلق بمظاهرات حركة «جيل زد 212»، تواصلت الاحتجاجات في عدة مدن، حيث احتشد المتظاهرون في حي الفداء الشعبي بمدينة الدار البيضاء بغرب البلاد، مردّدين شعار «الشعب يريد إسقاط الفساد»، ومطالبين برحيل أخنوش. ورُفعت شعارات مماثلة في مدينة تطوان بشمال المغرب، حيث تجمع مئات المتظاهرين، وفق وسائل إعلام محلية.

شاب مغربي يرفع شعار «إسقاط الفساد» خلال احتجاج قرب مبنى البرلمان بالرباط يوم 3 أكتوبر 2025 (رويترز)

وكان الحراك أقل زخماً في العاصمة الرباط، حيث تجمع عشرات أمام البرلمان، وهم يهتفون «يحيا الشعب»، و«الحكومة فاسدة».

ومنذ 27 سبتمبر (أيلول)، تخرج مظاهرات تطالب بإصلاحات في الخدمات العامة مثل التعليم والصحة، بدعوة من حركة «جيل زد 212» التي انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي من دون الكشف عن هوية القيمين عليها.

وتؤكد الحركة، التي تضم أكثر من 185 ألف عضو على منصة «ديسكورد»، الطابع السلمي للمظاهرات، رافضة «أي شكل من أشكال العنف أو الشغب أو التدمير». وهي تقدم نفسها على أنها مجموعة من «الشباب الحر» الذي لا ينتمي لأي حزب سياسي.

وكانت من بين الشعارات التي رفعها المحتجون «الشعب يريد الصحة والتعليم»، و«حرية كرامة عدالة اجتماعية»، و«الشعب يريد إسقاط الفساد»، و«لا يمين لا يسار... يجمعنا حب الوطن».

مطالب اجتماعية

انطلقت شرارة الحراك باحتجاجات اندلعت منتصف سبتمبر في عدة مدن إثر وفاة 8 حوامل في المستشفى العمومي بأغادير، في غرب البلاد، خلال عمليات ولادة قيصرية.

وعلى الرغم من تمسّك الحركة بالطابع السلمي لمبادرتها، شهدت بعض المدن أعمال عنف، الأسبوع الماضي. وقُتل 3 أشخاص مساء الأربعاء في أثناء محاولتهم اقتحام مركز شرطة في قرية القليعة قرب أغادير، للاستيلاء على أسلحة وذخائر، بحسب السلطات المغربية. كما أصيب أكثر من 350 شخصاً، غالبيتهم من قوات الأمن، وفقاً لوزارة الداخلية.

شاب يتوشح علم المغرب خلال مظاهرة قرب مبنى البرلمان بالرباط يوم 3 أكتوبر 2025 (رويترز)

وأكّدت الحكومة، الخميس الماضي، استعدادها للحوار مع الحركة ونقل النقاش من العالم الافتراضي إلى حوار داخل المؤسسات.

وفي مساء ذلك اليوم، قالت حركة «جيل زد 212» في بيان موجه إلى الملك محمد السادس: «نطالب بإقالة الحكومة الحالية لفشلها في حماية الحقوق الدستورية للمغاربة، والاستجابة لمطالبهم الاجتماعية»، لكنها عادت لتوضح أنها ستنشر لاحقاً «صيغة رسمية» نهائية لمطالبها.

ويجمع اسم الحركة بين «جيل زد»، وهي الفئة العمرية التي تضم مواليد نهاية العقد الأخير من القرن الماضي وبداية العقد الأول من القرن الحالي، وبين الرقم 212، وهو رمز الاتصال الهاتفي الدولي في المغرب.

ومساء السبت، أعلن شباب الحركة تنظيم حملة واسعة لتنظيف الشوارع في عدد من المدن المغربية. وذكرت صحيفة «هسبريس» المغربية أن هذه الخطوة تأتي تعبيراً عن حسن النية والسلمية، ورسالة اعتذار صريحة لرجال النظافة الذين وجدوا أنفسهم خلال الأيام الماضية مضطرين إلى مواجهة آثار أعمال تخريب رافقت بعض الاحتجاجات.

الذكرى الثانية للحرب على غزة

وعلى سبيل التضامن مع قطاع غزة، وبالتزامن مع الذكرى الثانية لاندلاع الحرب، خرج آلاف إلى شوارع الرباط، الأحد، احتجاجاً على استمرار الحرب وعلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

مغاربة يرفعون لافتات ويلوحون بالأعلام الفلسطينية في مسيرة بالرباط دعماً لقطاع غزة يوم الأحد (إ.ب.أ)

وجابت المسيرة أحد الشوارع الرئيسية بالعاصمة، وردد المتظاهرون هتافات تطالب بفتح ممرات آمنة لسكان القطاع المُحاصر ووقف «المجازر». ورُفعت خلالها الأعلام الفلسطينية والمغربية، ولافتات تدعو إلى «إنقاذ الأطفال»، و«وقف تجويع غزة».

وخرجت هذه المظاهرة بدعوة من جهات عدة، من بينها تحالف يضم قوى إسلامية وأحزاباً يسارية.

وقال محمّد بركة (56 عاماً)، وهو أحد المشاركين في المظاهرة، لمراسل «وكالة الصحافة الفرنسية»: «لقد بلغت الحرب مستويات مرعبة لا مثيل لها». وأضاف: «نحن نشهد على إبادة جماعية للفلسطينيين».

متظاهرون يحملون لافتة تضامن ويرفعون الأعلام الفلسطينية في العاصمة المغربية الرباط يوم الأحد (إ.ب.أ)

وعبَّر المتظاهرون أيضاً عن رفضهم تطبيع بلدهم علاقاته مع إسرائيل منذ عام 2020. وقالت فاطمة الزهراء المولى (27 عاماً): «نريد أن نُسمِع أصواتنا المعارِضة للتطبيع».

ومنذ بدء الحرب في غزة، خرجت تظاهرات كبيرة عدة في المغرب دعماً للفلسطينيين ورفضاً للتطبيع. وكان المغرب من بين الدول التي دعت مراراً إلى «وقف الحرب فوراً».


مقالات ذات صلة

ليبيا: أزمة السيولة واحتياجات المواطنين تفجّران جدلاً حول «مشاريع التنمية»

شمال افريقيا الدبيبة خلال افتتاح «المتحف الوطني» في طرابلس الذي أثار انتقادات عدد كبير من الليبيين (رويترز)

ليبيا: أزمة السيولة واحتياجات المواطنين تفجّران جدلاً حول «مشاريع التنمية»

هيمنت أزمة نقص السيولة على المشهد الليبي؛ في ظل اصطفاف المواطنين أمام المصارف لساعات طويلة، إلى جانب نقاشات موسعة مع خبراء ومسؤولين حول سبل المعالجة.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا افتتاح «الحوار المهيكل» في ليبيا (أرشيفية - البعثة الأممية)

مصراتة تنتفض لـ«حل الأجسام المسيطرة» على المشهد الليبي

دافعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، مجدداً، عن «الحوار المهيكل» الذي ترعاه في العاصمة طرابلس، رغم الجدل المثار حول إمكانية نجاحه.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)

آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

خرج الآلاف من أهالي مدينة قابس، جنوبي تونس، الأربعاء، في مسيرة جديدة تطالب بتفكيك مجمع للصناعات الكيميائية، بسبب التلوث البيئي.

«الشرق الأوسط» (تونس)
أوروبا عنصر من الشرطة البريطانية (رويترز)

الشرطة البريطانية تتعهد باتخاذ تدابير حازمة بحق المتظاهرين الداعين إلى «الانتفاضة»

تنوي الشرطة في لندن ومانشستر اتخاذ تدابير حازمة بحق الأشخاص الذين يطلقون نداءات تحضّ على «الانتفاضة» خلال المظاهرات المؤيّدة للفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا أنصار الرئيس التونسي يتظاهرون لدعمه وسط العاصمة (إ.ب.أ)

أنصار الرئيس التونسي يتظاهرون لدعمه وسط انقسامات حادة

خرج أنصار الرئيس التونسي قيس سعيد في شوارع العاصمة، الأربعاء، في مظاهرة لدعمه ورفض «التدخلات الخارجية».

«الشرق الأوسط» (تونس)

مصرع سائحة إيطالية بحادث تصادم بين مركبين سياحيين في جنوب مصر

الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل
الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل
TT

مصرع سائحة إيطالية بحادث تصادم بين مركبين سياحيين في جنوب مصر

الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل
الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل

قضت سائحة إيطالية، الأحد، إثر حادث تصادم بين مركبين سياحيين في محافظة الأقصر بجنوب مصر، وفقاً لوزارة النقل المصرية ووسائل إعلام إيطالية.

وأكدت وزارة النقل المصرية في بيان تصادم فندقين عائمين بنهر النيل في محافظة الأقصر بجنوب مصر أثناء إبحارهما بين مدينتي الأقصر وأسوان السياحيتين و«وفاة إحدى النزيلات».

وأشار البيان إلى «تهشم 3 كبائن» في أحد الفندقين العائمين وتضرر الآخر، بينما تمت إحالة الواقعة إلى النيابة.

https://www.facebook.com/MinistryTransportation/posts/في المائةD8في المائةA8في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة86-في المائةD8في المائةA7في المائةD8في المائةB9في المائةD9في المائة84في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة85في المائةD9في المائة8A-في المائةD9في المائة85في المائةD9في المائة86-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة87في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA6في المائةD8في المائةA9-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD8في المائةB9في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة85في المائةD8في المائةA9-في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة82في المائةD9في المائة84-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة87في المائةD8في المائةB1في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA7في المائةD8في المائةB9في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD8في المائةAA-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة87في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA6في المائةD8في المائةA9-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD8في المائةB9في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة85في المائةD8في المائةA9-في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة82في المائةD9في المائة84-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة87في المائةD8في المائةB1في المائةD9في المائة8A-في المائةD9في المائة81في المائةD9في المائة8A-في المائةD8في المائةA8في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA7/1174605321503189/?locale=ar_AR

وأفادت وكالة «أنسا» الإيطالية للأنباء بمقتل سائحة إيطالية تبلغ 47 عاماً بعد نقلها للمستشفى عقب إصابتها في الحادث.

وتعتبر محافظتا الأقصر وأسوان (أكثر من 600 كيلومتر جنوب القاهرة) وجهتين سياحيتين بارزتين، بينما تحاول الحكومة المصرية تنشيط قطاع السياحة الذي عانى من الأزمات الاقتصادية والجائحة العالمية في السنوات الأخيرة.

وتساهم السياحة بـ10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المصري ويعمل في هذا القطاع نحو مليوني شخص، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأعلنت الحكومة المصرية الشهر الماضي نمو نشاط الفنادق بنسبة 13 في المائة مقارنة بالعام السابق، بالتزامن مع افتتاح المتحف المصري الكبير في بداية نوفمبر (تشرين الثاني).

وأعلن وزير السياحة المصري شريف فتحي الأسبوع الماضي ارتفاع أعداد السائحين إلى نحو 19 مليون، مقارنة بنحو 15 مليون عام 2024.


توتر بين «الدعم السريع» وقوات جنوب السودان

صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

توتر بين «الدعم السريع» وقوات جنوب السودان

صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

بينما أكدت تقارير في جوبا حدوث توتر بين «قوات الدعم السريع» وقوات دفاع جنوب السودان، في منطقة هجليج النفطية بولاية جنوب كردفان، نفت «الدعم السريع» وقوع أي اشتباكات مسلحة بين الجانبين.

وأفادت صحيفة «جوبا بوست» بأن توتراً حادّاً حدث ليل السبت - الأحد بين القوات الجنوبية الموكَلة إليها حماية حقول النفط في هجليج - باتفاق ثلاثي بين جوبا وبورتسودان ونيالا - و«قوات الدعم السريع» التي سيطرت على المنطقة، بعد انسحاب الجيش السوداني منها إلى الدولة الجارة.

لكن الباشا طبيق، مستشار قائد «الدعم السريع»، قال في تغريدة على «فيسبوك» إن ما تناولته صحفٌ ووسائل إعلام سودانية موالية للجيش بشأن وقوع «اشتباكات في هجليج لا أساس له من الصحة». من جهة أخرى، تواصلت عمليات إجلاء العاملين في المنظمات الإنسانية والأممية من كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» بالاشتراك مع حليفتها «قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان - تيار عبد العزيز الحلو».


تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
TT

تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)

جدد مجلس الأمن الدولي ولايةَ «بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)» حتى 20 ديسمبر (كانون الأول) 2026، وسط مسار سلام يراوح في مكانه رغم تعدد الاتفاقات، مع عودة العنف مجدداً إلى صدارة المشهد.

هذه الخطوة الدولية، التي تضمنت دعوات إلى انسحاب حركة «23 مارس (إم 23)» المتمردة من مناطق احتلتها، يراها خبير في الشؤون الأفريقية، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، دفعةً لجهود السلام في شرق الكونغو الذي يعاني صراعات على مدى عقود عدة، موضحاً أن «غيابها يعني مزيداً من الفوضى؛ لكن مع التمديد يمكن تقديم دعم إضافي لمسار السلام المتعثر حالياً، على الرغم من الاتفاقات؛ لأسباب مرتبطة بعدم وجود تفاهمات حقيقية على الأرض».

وتتصدر أزمة شرق الكونغو، الممتدة منذ 3 عقود، الاهتمامات الأفريقية. وبحث وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، ونظيره الرواندي، أوليفييه أندوهونجيريهي، في لقاء بالقاهرة، سبلَ إرساء الاستقرار والسلم والأمن في منطقة شرق الكونغو، مؤكداً دعمَ مصر الكامل الجهودَ كافة الرامية إلى تثبيت الأمن والاستقرار، وفق بيان من «الخارجية المصرية» الأحد.

وجاء اللقاء عقب قرار مجلس الأمن الدولي تمديد ولاية «بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)» حتى 20 ديسمبر 2026، مع الحفاظ على سقف القوات المصرح به عند 11 ألفاً و500 فرد عسكري، و600 مراقب عسكري وضابط أركان، و443 فرد شرطة، و1270 فرداً من وحدات الشرطة المشكّلة، ومطالبة رواندا بوقف دعمها حركة «إم 23» المتمردة.

ويرى المحلل السياسي التشادي الخبير في الشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، أن تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» يمكن أن يشكل دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو، «إذا اقترن بتغييرات عملية في أسلوب عملها، وتعاون حقيقي مع السلطات المحلية والمجتمعات المتضررة... فالوجود الأممي يوفر غطاء دولياً لحماية المدنيين، ودعماً لوجيستياً ومؤسساتياً للجيش والشرطة، كما يساهم في مراقبة حقوق الإنسان، وتهيئة بيئة أفضل أمناً للعمل الإنساني والحوار السياسي. لكن نجاح التجديد لا يعتمد على الاستمرار الشكلي، إنما على معالجة أسباب الصراع المزمنة، مثل ضعف الدولة، وتعدد الجماعات المسلحة، والتنافس على الموارد، وانعدام الثقة بين السكان والبعثة»، وفق عيسى.

وإذا ركزت «مونوسكو» على «دعم حلول سياسية محلية، وتعزيز المصالحة، وبناء قدرات مؤسسات الدولة، والاستجابة لمطالب السكان بشأن الحماية والشفافية، فقد ينعكس التجديد إيجاباً على الاستقرار»؛ يضيف عيسى، موضحاً: «أما إذا استمر الشعور بعدم الفاعلية أو غياب التنسيق، فقد يحد ذلك من أثرها... لذلك؛ يكون التجديد فرصة حقيقية للسلام عندما يُستثمر لإصلاح الأداء وتوجيه الجهود نحو جذور الأزمة».

ويسلط القرار الدولي الضوء على «الأزمة الأمنية والإنسانية المتدهورة بسرعة» في شرق الكونغو الديمقراطية بسبب هجوم حركة «23 مارس» في شمال وجنوب كيفو «بدعم وبمشاركة مباشرة من قوات الدفاع الرواندية»، وفق بيان «المجلس».

وقالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، جنيفر لوسيتا، مساء الجمعة، إن «المفاوضات التي تقودها تعطلت مرة أخرى بسبب تقدم حركة (23 مارس) المدعومة من قوات الدفاع الرواندية».

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو 3 عقود، وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتَين في الإقليم. وشنّت «23 مارس»، بدعم من رواندا، هجوماً جديداً في بداية ديسمبر الحالي بإقليم جنوب كيفو شرق البلاد على طول الحدود مع بوروندي، وأحكمت سيطرتها على بلدة أوفيرا الاستراتيجية في 11 ديسمبر الحالي.

وجاء التقدم الأخير للحركة في شرق الكونغو الغني بالمعادن بعد أسبوع من لقاء الرئيسَين؛ الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي والرواندي بول كاغامي الرئيسَ الأميركي دونالد ترمب في واشنطن خلال وقت سابق من هذا الشهر، وأكدا التزامهما اتفاق سلام توسطت فيه الولايات المتحدة.

ووسط أنباء عن انسحاب الحركة من المنطقة المحتلة حديثاً، قال مسؤولون في «الصليب الأحمر»، الخميس الماضي، إن «شهر ديسمبر هو الأعلى حدة في النزاع».

ويعدّ الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية بواشنطن في مطلع ديسمبر الحالي هو الأحدث ضمن سلسلة «تفاهماتٍ بإطار» أُبرمت خلال يونيو (حزيران) الماضي في واشنطن، إضافة إلى «إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة»، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في قطر، استكمالاً لاتفاقٍ يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن المطالب الدولية بانسحاب «23 مارس» من المناطق التي سيطرت عليها في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، تعبر عن ضغط سياسي ودبلوماسي متصاعد، «لكنها لا تعني بالضرورة أن الانسحاب يمكن تحقيقه قريباً». وأوضح أن «الحركة» ما زالت «تمتلك قوة عسكرية على الأرض، وتستفيد من تعقيدات المشهد الإقليمي، وضعف سلطة الدولة في بعض المناطق؛ مما يجعل استجابتها للضغوط وحدها أمراً غير مضمون».

وأضاف: «كما أن تجارب سابقة أظهرت أن بيانات الإدانة والمطالب الدولية لا تتحول سريعاً إلى واقع ميداني ما لم تُدعم بآليات تنفيذ واضحة، مثل عقوبات فعالة، أو ضغط إقليمي من الدول المؤثرة، أو تقدم حقيقي في المسارات التفاوضية».

في المقابل؛ قد يصبح الانسحاب ممكناً، وفق صالح إسحاق عيسى، «إذا ترافقت هذه المطالب مع تحرك منسق من (الاتحاد الأفريقي)، ومع ضمانات أمنية وسياسية تعالج دوافع الحركة، إضافة إلى تعزيز قدرات الدولة الكونغولية على بسط سيطرتها بعد أي انسحاب؛ لتفادي فراغ أمني». لذلك؛ «يبقى تحقيق الانسحاب القريب مرتبطاً بمدى جدية المجتمعَين الدولي والإقليمي في الانتقال من المطالبة إلى الفعل، وبإيجاد تسوية أوسع تعالج جذور الصراع»؛ وفق ما خلص إليه عيسى، وسط تفاقم الأزمة بشرق الكونغو.