مصر: آثاريون يطالبون بتحسين وضع «متحف التحرير»

عبر وضعه تحت إدارة «هيئة» على غرار «الحضارة» و«الكبير»

المتحف المصري بالتحرير تم افتتاحه عام 1902 (صفحة المتحف على فيسبوك)
المتحف المصري بالتحرير تم افتتاحه عام 1902 (صفحة المتحف على فيسبوك)
TT

مصر: آثاريون يطالبون بتحسين وضع «متحف التحرير»

المتحف المصري بالتحرير تم افتتاحه عام 1902 (صفحة المتحف على فيسبوك)
المتحف المصري بالتحرير تم افتتاحه عام 1902 (صفحة المتحف على فيسبوك)

طالب آثاريون مصريون بتحسين أوضاع المتحف المصري بالتحرير، من خلال تحويله إلى «هيئة»، على غرار المتحف القومي للحضارة المصرية والمتحف الكبير المزمع افتتاحه أول نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، معللين ذلك بأنه سيمنح المتحف القدرة على اتخاذ قرارات سريعة تخص شؤونه التنظيمية وتحسين أحوال العاملين فيه.

ودعا الخبير الآثاري، الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار في المجلس الأعلى للثقافة، ورئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، إلى «معاملة المتحف المصري بالتحرير بوصفه هيئة مستقلة»، مضيفاً على صفحته بـ«فيسبوك»: «على غرار المتحف الكبير ومتحف الحضارة، بصفته أول متحف أثري قومي في الشرق الأوسط»، وتوالت التعليقات الداعمة لوجهة النظر هذه، مع تعليقات أخرى تفضل عودة كل المتاحف للمجلس الأعلى للآثار.

وتضم مصر 84 متحفاً على مستوى الجمهورية، وفق بيانات للجهاز المركزي للتعبئة العامة للإحصاء عام 2020، ويمثل المتحف المصري أول المتاحف الأثرية القومية، إذ بدأت فكرة إنشائه عام 1885 وتم افتتاحه عام 1902.

بهو المتحف الكبير (صفحة المتحف على فيسبوك)

وتتضمن التشريعات المنظمة لإدارة المتحف المصري الكبير قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2795 لسنة 2016 بإنشاء وتنظيم المتحف المصري الكبير، والقانون رقم 9 لسنة 2020 في شأن إعادة تنظيم المتحف المصري الكبير الذي نص على أن المتحف هيئة عامة اقتصادية ذات شخصية اعتبارية مقرها محافظة الجيزة، وتتبع الوزير المختص بشؤون الآثار وقرار رئيس الجمهورية رقم 180 لسنة 2021 بتشكيل مجلس أمناء هيئة المتحف المصري الكبير برئاسة رئيس جمهورية، وفق تصريحات الدكتور عبد الرحيم ريحان، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «وبخصوص نظام هيئة المتحف القومي للحضارة المصرية فقد تأسس بموجب القانون رقم 10 لسنة 2020، ويختص بعرض المجموعات الأثرية، وتوثيقها، وصيانتها وترميمها، وتنظيم المعارض، وعقد الندوات والفعاليات الثقافية والعلمية، وتوعية المجتمع بالحضارة المصرية، وأنشئت هيئة المتحف القومي للحضارة المصرية بوصفها هيئة عامة اقتصادية ذات شخصية اعتبارية».

المتحف القومي للحضارة المصرية (صفحة المتحف على فيسبوك)

ويؤكد ريحان أن «المتحف المصري بالتحرير له الأهمية نفسها، بصفته أقدم متحف أثري في الشرق الأوسط، وأول مبنى ينشأ في العالم ليكون متحفاً. فقد بدأت فكرة إنشائه عام 1895، حين فاز المعماري الفرنسي مارسيل دورنيو بالمسابقة الدولية التي تم إقامتها لتصميم مبنى المتحف، وافتتحه الخديوي عباس حلمي الثاني عام 1902».

وأوضح ريحان أن «تحويل المتحف إلى هيئة يعطي ميزة خاصة لهذه المتاحف إدارية ومالية للعاملين بها، وهو ضروري بالطبع لصالح هذه المتاحف، ولعدم التسبب في شعور سلبي بين العاملين بقطاع الآثار بوزارة السياحة والآثار خصوصاً بمتاحف الآثار على مستوى الجمهورية، يجب أن يعامل الجميع كأنهم كادر خاص مع توحيد الأجور بين العاملين».

وهو رأي أيده الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد عبد المقصود، وعدّ المتحف المصري بالتحرير من أهم المتاحف المصرية، وهو مصدر لكل ما ينشر في العالم عن الآثار المصرية، ومنه خرجت كل المتاحف الموجودة في مصر، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «الدولة مهتمة بالمتاحف، وانعكس هذا الاهتمام على إنشاء هيئات لمتحفي الحضارة والمتحف المصري الكبير، بما يستتبع ذلك من مميزات، مثل سرعة اتخاذ القرارات التي تخدم العمل المتحفي، ومثل الأجور المميزة للعاملين بهذه الهيئات»، وأشار عبد المقصود إلى «وجود 4 متاحف كبرى؛ المتحف المصري بالتحرير، والمتحف القبطي، والمتحف الإسلامي، والمتحف اليوناني الروماني، وأنه يجب أن تديرها منظومة محددة، تؤدي إلى سرعة اتخاذ القرارات، وهذا لصالح الآثار وللصالح العام».

المتحف المصري بالتحرير يستقبل زواراً من كل أنحاء العالم (صفحة المتحف على فيسبوك)

وأكد الأمين العام الأسبق للآثار أن المتحف المصري بالتحرير «مرتبط بوجدان الشعب المصري، فعمره يزيد على 120 سنة، وتخرج منه كل المعارض الأثرية بالخارج، وبالتالي يحتاج إلى اهتمام خاص، فلا يصح مثلاً أن تكون به كاميرا لا تعمل أو وحدة إنارة أو وحدة تكييف متعطلة».

ويضم المتحف المصري بالتحرير كثيراً من المجموعات الأثرية المميزة، ولفت انتباه العالم خلال موكب المومياوات الملكية في 2021، حيث تم نقل 22 مومياء ملكية من المتحف إلى المتحف القومي للحضارة المصرية.

ويرى المتخصص في الآثار المصرية والتسويق السياحي، الدكتور محمد حسن، أن «متحف التحرير هو أول متحف في العالم كله أنشئ ليكون متحفاً، وهناك متاحف أقدم طبعاً ولكنها كانت قصوراً وتحوّلت لمتاحف، فهذا المبنى العريق أُنشئ ليكون مركزاً لدراسة الآثار المصرية»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «الآن بعد سحب بعض المقتنيات التي كانت تميزه مثل مجموعة توت عنخ آمون التي ستعرض في المتحف المصري الكبير، والمومياوات الملكية التي تم نقلها لمتحف الحضارة، نحتاج إلى استعادة هذا المتحف لدوره ليكون أكبر مركز عالمي لدراسة المصريات، خصوصاً أن مصر هي الدولة الوحيدة التي تمتلك علماً باسمها هو الإيجيبتولوجي».

قناع توت عنخ آمون من أهم وأشهر القطع الأثرية (المتحف المصري بالتحرير)

ولفت حسن إلى إمكانية استغلال المتحف بطريقة عصرية، وقال: «لكي يتم تطوير المكان فهو يحتاج إلى موارد، ثم وضع خطة له ليصبح في الصورة التي يستحقها، ولو وضعنا هذا المتحف على خطة التطوير عن طريق شركات مشغلة تتعاقد مع متاحف عالمية ومعاهد عالمية مهتمة بدراسة الآثار فإن ذلك سيؤدي إلى كسب أموال للمتحف تساعد على عملية تطوير شاملة له، فالمبنى تراثي، افتتح عام 1902، ويحتاج إلى خطة لفعاليات واستثمارات، هناك بالفعل أنشطة يتضمنها المتحف راهناً، لكن أعتقد أن المتحف يستحق أكثر من ذلك، يمكن تقديم عروض تشبه الصوت والضوء وجولات سياحية ليلية بحجوزات خاصة بعد انتهاء مواعيد العمل الرسمية، سيكون بمثابة مصدر دخل مناسب، ويسهم في تطوير المتحف».

من جانبه، أشار الخبير الدكتور أحمد عامر، المتخصص في علم المصريات، إلى القيمة التاريخية والثقافية والأثرية التي يمثلها المتحف المصري بالتحرير، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يجب استغلاله بالشكل الأمثل بتحديث العرض المتحفي، وعرض قطع أثرية جديدة من المخازن، مثل التمائم والحلي والتماثيل المتنوعة، على أساس أن مجموعة توت عنخ آمون ستترك فراغاً»، وعدّ عامر المتحف «أيقونة لنشر الوعي الثقافي والأثري على مستوى العالم، ويمكن استغلال المنطقة المحيطة به بعد تطويرها أيضاً، كما تم تطوير منطقة عين الصيرة حول متحف الحضارة، ولكي يتم تطوير العرض المتحفي ورفع كفاءة وصيانة المتحف المصري بالتحرير، أتصور أنه يحتاج إلى إجراءات مرنة وسريعة وتصور كامل لاستغلاله كأنه جزء من منظومة تطوير القاهرة الخديوية».


مقالات ذات صلة

توجيه اتهامات إلى شخص رابع يُشتبه في مشاركته بسرقة متحف اللوفر

أوروبا جنود فرنسيون يقومون بدورية أمام متحف اللوفر (أ.ب) play-circle

توجيه اتهامات إلى شخص رابع يُشتبه في مشاركته بسرقة متحف اللوفر

وُجهت اتهامات في قضية سرقة متحف اللوفر إلى شخص رابع يُشتبه في مشاركته بعملية السطو، ومثُل أمام قاضٍ في باريس، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق استضاف حفل الافتتاح نخبة من جامعي الأعمال الفنية وخبراء الفن من مختلف أنحاء العالم (متاحف قطر)

إطلاق متحف الفنان الهندي مقبول فدا حسين في الدوحة

افتتح في الدوحة، أمس، «لوح وقلم: متحف مقبول فدا حسين»، وهو معلم ثقافي فريد يُخلّد الإرث الإبداعي لأحد أبرز أعمدة الفن الحديث في العالم، مقبول فدا حسين. …

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
يوميات الشرق المتحف المصري بالتحرير (صفحة المتحف على «فيسبوك»)

مصر لتطوير «متحف التحرير» ليعكس «روح الحضارة»

تسعى مصر لتطوير متحفها الأقدم «المتحف المصري بميدان التحرير»، لتعزيز دوره باعتباره أحد أهم المتاحف العالمية، ورمزاً لتاريخ الفن المصري القديم.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا أفراد من الشرطة الفرنسية يقفون بجوار مصعد استخدمه اللصوص لدخول متحف اللوفر على رصيف فرنسوا ميتران في باريس... 19 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)

الادعاء الفرنسي يوقف 4 أشخاص على صلة بسرقة متحف اللوفر

أوقفت السلطات الفرنسية، الثلاثاء، 4 أشخاص آخرين، على خلفية التحقيق بشأن سرقة مجوهرات من التاج الملكي الفرنسي من متحف اللوفر الشهر الماضي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق تطوير العرض المتحفي لـ«قاعة الخبيئة» بمتحف الأقصر للفن المصري القديم (وزارة السياحة والآثار)

مصر لتطوير سيناريو العرض المتحفي لـ«خبيئة الأقصر»

تسعى مصر لإبراز «خبيئة الأقصر» في متحف الأقصر للفن المصري القديم؛ إذ أعلن المجلس الأعلى للآثار مواصلة أعمال تطوير سيناريو العرض المتحفي لها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.