جدل بشأن معايير اختيار المرشحين في انتخابات «النواب» المصري

تزامناً مع إعداد الأحزاب السياسية قوائم نهائية لخوض الاستحقاق

مقر مجلس النواب المصري (مجلس النواب)
مقر مجلس النواب المصري (مجلس النواب)
TT

جدل بشأن معايير اختيار المرشحين في انتخابات «النواب» المصري

مقر مجلس النواب المصري (مجلس النواب)
مقر مجلس النواب المصري (مجلس النواب)

تجدد الجدل في مصر حول معايير اختيار المرشحين في انتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، المزمع عقدها قبل نهاية العام الحالي، تزامناً مع اقتراب الأحزاب السياسية من إعداد قوائم نهائية لخوض الاستحقاق.

ولم يُفتح بعد باب الترشح لانتخابات «النواب» رسمياً، لكن وفق القانون، يجب إجراء الانتخابات قبل 60 يوماً من انتهاء مدة المجلس الحالي في يناير (كانون الثاني) 2026، أي قبل نهاية هذا العام.

وأثارت أمينة المرأة بحزب «حماة الوطن»، حنان شرشر، جدلاً واسعاً في أوساط سياسية أخيراً، بعدما تحدثت في فيديو بثّته على مواقع التواصل الاجتماعي عن «تعرضها لضغوط مالية داخل الحزب لدفع 25 مليون جنيه (الدولار يساوي 48 جنيهاً تقريباً) نظير ترشحها لانتخابات مجلس النواب المقبلة». ونفى رئيس الهيئة البرلمانية للحزب، أحمد بهاء شلبي، في لقاء متلفز، صحة الأمر، موضحاً أن «معايير اختيار مرشحي الحزب تقوم على الكفاءة والخبرة والشعبية في الدائرة، وليس المال فقط، وأن بعض المرشحين يتحملون نفقات الدعاية والتسويق السياسي، بينما يُمول آخرون بواسطة تبرعات داخلية، والأمر لا علاقة له بـ(بيع الكراسي)». ويبلغ عدد مقاعد حزب «حماة الوطن» في مجلس النواب الحالي 18 مقعداً.

ورغم أن حزب «مستقبل وطن»، صاحب الأغلبية بمجلس النواب، أعلن في توقيت مبكر الشهر الماضي، تشكيل لجنة لاختيار المرشحين، فإنه عقد اجتماعاً، مساء الأربعاء الماضي، ضم أعضاء الأمانة المركزية، وأمناء الحزب والتنظيم في جميع المحافظات، وتطرق إلى معايير اختيار المرشحين.

وأكّد الأمين العام لـ«مستقبل وطن»، أحمد عبد الجواد، أن «معايير اختيار مرشحي مجلس النواب تضمن التمثيل الحقيقي لكافة فئات الشارع المصري، خاصة في ظل التعددية الحزبية القائمة والتنافس السياسي الحالي».

وسبق أن تحدث نائب رئيس حزب «مستقبل وطن»، حسام الخولي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، عن «تشكيل (لجنة مركزية) من قيادات الحزب لدراسة ترشيحات أمانات المحافظات على المقاعد الفردية»، مضيفاً أن «معايير اختيار مرشحي الحزب تقوم على الثقل الشعبي، والسمعة الطيبة، والكفاءة في أداء الدورين التشريعي والرقابي داخل البرلمان».

واستحوذ «مستقبل وطن» على 316 مقعداً في انتخابات مجلس النواب عام 2020 من إجمالي 596 مقعداً، بما يعادل نسبة 54 في المائة.

المصريون شاركوا الشهر الماضي في انتخابات مجلس الشيوخ وفي انتظار «النواب» (مجلس الوزراء المصري)

وفي هذا الإطار، قال رئيس حزب «الجيل الديمقراطي»، ناجي الشهابي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «أزمة معايير اختيار المرشحين برزت نتيجة عدم وجود كوادر سياسية قادرة على كسب ثقة المواطنين، ويبحث الجميع عن الترشح على (القائمة الوطنية)، ويعتقدون أنها الأوفر حظاً لحصد مقاعد (القائمة المطلقة المغلقة)، مع عدم وجود قوائم أخرى ترشحت في انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) الماضية».

ويعتمد قانون الانتخابات الحالي نظاماً انتخابياً مختلطاً، بواقع انتخاب نصف المقاعد فردياً، في حين أن النصف الآخر يُنتَخب بنظام «القوائم المغلقة المطلقة»، ما يعني فوز أعضاء القائمة كلهم في حال نَيلها أعلى الأصوات.

وقرّر الشهابي تدشين تحالف «الائتلاف الوطني» لخوض انتخابات «النواب» على مقاعد «القائمة»، مشيراً إلى أن «المنافسة يمكن أن تحدّ من سيطرة رأس المال، والدفع بالمرشحين نحو التواصل المباشر مع الناخبين لضمان الحصول على أصواتهم».

وأضاف أن المرشحين على قائمة «الائتلاف الوطني» دفعوا 3000 جنيه فقط نظير «رسم التأمين» الذي يتم دفعه إلى «الهيئة الوطنية للانتخابات» ويتم استرداده عقب نهاية الانتخابات، على أن يتم التنسيق بين المرشحين في المحافظات المختلفة لتدشين حملات دعائية للقائمة بأكملها، على أن يتكفل النواب المرشحون على مقاعد الفردي بتحمل أوجه الدعاية الخاصة بهم.

وحرصت بعض الأحزاب السياسية أخيراً على الإفصاح عن معايير اختيار مرشحيها في «النواب» بعد ما أثارته أمينة المرأة بـ«حماة الوطن». وقال رئيس حزب المصريين، حسين أبو العطا، في تصريحات لصحف محلية، إن «معايير اختيار المرشحين لا تقبل المجاملة أو الاعتبارات الشخصية، وتركز على الكفاءة العلمية والعملية، والقدرة على التفاعل الحقيقي مع المواطنين».

فيما أكد رئيس حزب «الإصلاح والنهضة»، هشام عبد العزيز، في تصريحات متلفزة، أن «هناك مجموعة من المواصفات الرئيسية في مرشحي الحزب. أبرزها: الخبرة السابقة في العمل العام، والقدرة على التعامل مع الملفات البرلمانية، ومعرفة احتياجات الدائرة»، مضيفاً أن «الحزب قام بتصفية أكثر من 100 مرشح في المرحلة الأولى، ويملك الآن نحو 30 مرشحاً جاهزاً للانتخابات».

جانب من اجتماع «الحركة المدنية» المعارضة بشأن انتخابات «النواب» (أرشيفية - حزب الدستور)

من جهته، أكّد عضو المكتب السياسي بحزب «المحافظين» (معارض)، مجدي حمدان، لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعارضة تتبنى معايير واضحة للترشح، بينها سنوات عمل المرشح للانتخابات داخل الحزب، وقدرته على أن يبني موقفاً من القوانين والتشريعات، إلى جانب القدرة على الوجود في الشارع وتقديم الخدمات، وكذلك القدرة على تمويل حملته الانتخابية».

لكن في المقابل، قال أمين شباب حزب «الإصلاح والتنمية» (معارض)، أسامة بديع، إن «أزمات اختيار المرشحين وعدم وضوح معايير الترشح موجودة في أحزاب المعارضة أيضاً، وبينها حزبنا»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الحزب أعلن عن إستمارات للترشح، دون أن تتضمن أسئلة محورية أو تحليل بيانات منضبطة يمكن من خلالها تقييم الراغبين في الترشح ومن لديهم القدرة على التشريع والرقابة والمحاسبة».

ويرى بديع أن «الإستمارة شكلية وجرى طرحها بعد أزمات معايير اختيار المرشحين، خصوصاً أنه لم تكن هناك إستمارات لإبداء رغبات الترشح في انتخابات (الشيوخ) الماضية»، مشيراً إلى أن «الحزب اعتمد مرشحين من خارجه في انتخابات مجلس النواب الماضية، والآن يتم تداول أسماء ضمن المرشحين أيضاً ليست لديهم علاقة بالحزب».

وأعلنت «الهيئة الوطنية للانتخابات» في مصر أخيراً الانتهاء من تحديث كشوف الناخبين استعداداً لانتخابات مجلس النواب. ودعت «الهيئة» حينها الناخبين إلى الاستعلام عن لجانهم الانتخابية.


مقالات ذات صلة

انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

شمال افريقيا أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)

انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

تواصلت انتخابات مجلس النواب المصري الأربعاء ببدء جولة الإعادة بالخارج في 19 دائرة بالمرحلة الأولى كانت الانتخابات قد أُلغيت فيها 

أحمد جمال (القاهرة )
الرياضة صورة من حفل افتتاح كأس الأمم الأفريقية بالمغرب 21 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

اختبار البداية يبتسم للعرب في العرس الأفريقي بالمغرب

سجلت المنتخبات العربية حضوراً لافتاً في المباريات الافتتاحية مؤكدة أنها تدخل المنافسة برؤية واضحة وثقة فنية تعكس تطور كرة القدم العربية على الساحة القارية.

كوثر وكيل (الرباط)
شمال افريقيا نهر النيل عند قناطر إسنا جنوب مصر (الشرق الأوسط)

«سد النهضة»: مصر تجدد رفضها التفريط في «أي قطرة» من مياه النيل

جددت مصر رفضها «التفريط في (أي قطرة) من مياه نهر النيل». وأكدت أنها «لن تتهاون في صون حقوقها المائية».

وليد عبد الرحمن (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

مصر تنسق مع اليونان لاستعادة جثامين ضحايا «مركب كريت»

أكدت مصر تطلعها لمواصلة تقديم الدعم اللازم من جانب السلطات اليونانية لعودة جثامين ضحايا «مركب كريت» الذي تعرض للغرق أمام سواحل اليونان الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم العربي مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية (شركة العاصمة الإدارية)

مصر تُشجع السفارات الأجنبية على الانتقال إلى العاصمة الجديدة

تشجع الحكومة المصرية السفارات والبعثات الدبلوماسية للانتقال من مقراتها في القاهرة إلى «الحي الدبلوماسي» بالعاصمة الجديدة (شرق القاهرة).

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الدعم السريع» تسيطر على مناطق حدودية مع تشاد

حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي (فيسبوك)
حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي (فيسبوك)
TT

«الدعم السريع» تسيطر على مناطق حدودية مع تشاد

حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي (فيسبوك)
حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي (فيسبوك)

أعلنت «قوات الدعم السريع» إكمال سيطرتها على مناطق حدودية مع تشاد، بينها أم قمرة وأم برو، ونشرت مقاطع مصورة تُظهر انتشار قواتها هناك، في وقت لم يصدر فيه تعليق رسمي من الجيش السوداني.

وقالت «الدعم السريع» إن العملية هدفت إلى إنهاء وجود ما وصفتها بالجيوب المسلحة، ووقف أعمال انتقام وفوضى تتهم الجيش السوداني و«القوة المشتركة» المتحالفة معه بتنفيذها ضد قيادات الإدارة الأهلية ومدنيين. وأكدت نشر قوات لتأمين المدنيين والطرقات والمرافق العامة في تلك المناطق لإعادة الاستقرار.

وفي تطور آخر، تأكد مقتل قائد «الفرقة 22 مشاة» التابعة للجيش السوداني في مدينة بابنوسة، اللواء معاوية حمد عبد الله، خلال هجوم شنته «الدعم السريع» على المدينة مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي. ورغم عدم صدور بيان من الجيش بشأن مقتل قائده، أفاد موقع رسمي تابع لحكومة الولاية الشمالية بأن حاكمها العسكري، عبد الرحمن إبراهيم، قدّم واجب العزاء في الفقيد بمنطقة أنقري التابعة لمحلية البرقيق.


مقديشو تشهد أول انتخابات محلية مباشرة منذ عقود

مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)
مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

مقديشو تشهد أول انتخابات محلية مباشرة منذ عقود

مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)
مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)

يشهد الصومال حالة من الزخم والترتيبات الواسعة استعداداً لأول انتخابات مباشرة منذ نحو ستة عقود، مع الاقتراع على أعضاء المجالس المحلية لإقليم بنادر الذي يضم العاصمة مقديشو، الخميس.

تلك الترتيبات والمساعي المكثفة حكومياً يُنظر لها، بحسب خبير في الشؤون الصومالية تحدث لـ«الشرق الأوسط»، على أنها توجُّه من الحكومة لدعم أكبر مشاركة تُحقق صحة موقفها من الانتخابات المباشرة، خاصة أن الاقتراع يُعد اختباراً جديداً لإمكانية عقد الانتخابات الرئاسية الصومالية عام 2026، في ظل تحفظات المعارضة.

وكان نظام التصويت المباشر قد أُلغي في الصومال بعد تولي الرئيس محمد سياد بري السلطة عام 1969. ومنذ سقوط حكومته في 1991، يقوم النظام السياسي في البلاد على هيكل قبلي.

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

وقد تأجلت الانتخابات التي ستُجرى، الخميس، بنظام «شخص واحد صوت واحد» ثلاث مرات هذا العام. ومن المتوقع تنظيم انتخابات رئاسية العام المقبل، مع انتهاء ولاية الرئيس حسن شيخ محمود.

ولفتت وكالة الأنباء الصومالية (صونا)، الأربعاء، إلى أن انتخابات الخميس ستُجرى في المديريات الست عشرة بمحافظة بنادر، حيث يتوجه المواطنون إلى مراكز الاقتراع لاختيار من يمثلهم في المجالس المحلية لأول مرة منذ 1969.

«محطة مفصلية»

وأعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود عن تسجيل مليون ناخب و20 من التنظيمات السياسية، لافتة إلى أن 1604 مرشحين يتنافسون في انتخابات المجالس المحلية.

وأوضح متحدث اللجنة عبد الفتاح فيصل حسين، الأربعاء، أن التصويت سيجري في 16 دائرة انتخابية موزعة على 213 مركز اقتراع و523 موقع تصويت.

وأعلنت هيئة الطيران المدني، الأربعاء، أن جميع الرحلات الجوية من مقديشو وإليها ستُعلّق الخميس خلال فترة الانتخابات، تزامناً مع تنفيذ خطة واسعة أعلنتها الأجهزة الأمنية الصومالية، تقضي بنشر نحو عشرة آلاف من عناصر الشرطة لتأمين الاقتراع، وفق ما أعلنه وزير الأمن الداخلي عبد الله شيخ إسماعيل، الأحد.

تجمع جماهيري يقوده رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري في مديرية كاران بمحافظة بنادر دعماً لإجراء الانتخابات المحلية المباشرة (وكالة الأنباء الصومالية)

وأعلن رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود عبد الكريم حسن، الثلاثاء، أن اللجنة ستنشر نحو خمسة آلاف موظف في مراكز التصويت بالعاصمة للإشراف على الانتخابات التي وصفها بأنها «محطة مفصلية في مسار التحول الديمقراطي في الصومال».

وقاد رئيس الوزراء حمزة عبدي بري تجمعاً جماهيرياً، الاثنين، في مديرية كاران بمحافظة بنادر، دعماً لإجراء الانتخابات المحلية المباشرة، مشدداً على أهمية المشاركة الشعبية في تقرير المصير السياسي.

وكان قد تقرر تأجيل الانتخابات المحلية في مقديشو عن الموعد المقرر سابقاً في 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، لتوفير «وقت إضافي لإعداد مرشحيها، واستكمال الترتيبات اللوجستية» قبل التصويت لضمان مشاركة أكبر، وفق ما أعلنه وقتها عبد الكريم حسن.

موقف المعارضة

ويرى الخبير في الشؤون الصومالية، عبد الولي جامع بري، أن ترتيبات الحكومة بشأن الانتخابات لها تأثيرات مهمة على الحشد الشعبي والمشاركة بعد عقود من الغياب الديمقراطي، خاصة أنها تأتي وسط تحفظات المعارضة التي قررت عدم المشاركة فيها.

وأعلن «مجلس مستقبل الصومال»، الذي يضم قوى سياسية معارضة، في ختام اجتماع عقده المجلس بمدينة كيسمايو الأسبوع الماضي رفضه الانتخابات المحلية، قائلاً إنها عملية «أحادية الاتجاه» تفتقر إلى التوافق الوطني. ومنح المجلس الرئيس حسن شيخ محمود مهلة لمدة شهر واحد لعقد حوار شامل لتجنب «فراغ دستوري محتمل وصراعات سياسية قد تهدد الاستقرار».

موظفون حكوميون بالصومال خلال توزيع بطاقات الاقتراع (وكالة الأنباء الصومالية)

وعقَّب الرئيس الصومالي، الثلاثاء، في فعالية انتخابية لحزب «العدالة والتضامن» الحاكم في مقديشو، قائلاً: «لقد استخلصنا نقطة واحدة من نتائج مؤتمر كيسمايو، وهي فتح باب الحوار والحوار مفتوح، وقد استجابت الحكومة رسمياً لهذا الطلب»، محذراً من مخاطر تحويل الخلافات السياسية إلى مواجهات مسلحة.

«اختبار حقيقي»

يتصاعد الجدل داخل الصومال بشأن الانتخابات المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع، والذي أُجري عام 1968، والتي تأتي بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي كانت تعتمد في الأساس على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، والتي جرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة أربع عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية بقوة، وكانت العودة لاستكمال دستور 2012 المؤقت هي الشرارة الأبرز التي فاقمت الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وجوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.

واشتدت الخلافات بين الرئيس الصومالي والمعارضة بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو (أيار) الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

ويرى خبير الشأن الصومالي جامع بري أن الانتخابات الحالية قد تفتح الطريق لتفاهمات حول الرئيس في المستقبل، لكن الواقع لا يزال معقداً، خاصة والمعارضة لديها تحفظات حقيقية.

وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «المعارضة ترى في المسار الحالي انتخابات غير متوازنة، وربما غير دستورية أو غير شاملة كلياً، مما قد يحدّ من مشاركة شرائح واسعة من المواطنين إذا شعرت بأن العملية ليست عادلة أو أنها تمثيلية».

وهو يعتقد أن النظام يراهن على تحول سياسي حقيقي نحو الديمقراطية عبر الانتخابات المباشرة التي تعد اختباراً حقيقياً لرئاسيات 2026، لكن المعارضة ستبقى لديها تحفظات عميقة على طريقة تنظيم الانتخابات ومسارها، وتبقى نتائج الحوار المنتظر هي الفيصل في تحديد المستقبل.


انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)
أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)
TT

انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)
أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)

تواصلت انتخابات مجلس النواب المصري، الأربعاء، ببدء جولة الإعادة بالخارج في 19 دائرة بالمرحلة الأولى، كانت الانتخابات قد أُلغيت فيها بقرارات من الهيئة الوطنية للانتخابات الشهر الماضي، في حين يترقب مرشحون نتائج الطعون الجديدة.

وتحسم «المحكمة الإدارية العليا» مصير 48 طعناً على نتائج 30 دائرة أُلغيت قضائياً ضمن المرحلة الأولى، الأربعاء، وسط توقعات بأن يتقدم بعض المرشحين بطعون أخرى في أعقاب الإعلان عن نتيجة جولة إعادة المرحلة الأولى، وكذلك بعد الإعلان عن نتائج إعادة المرحلة الثانية والمقررة الخميس، حسب «هيئة الانتخابات».

وخلال الأسابيع الماضية قبلت «الإدارية العليا» عدداً من الطعون التي أسفرت عن إلغاء نتائج 30 دائرة بالمرحلة الأولى، كما رفضت أخرى تنوعت أسبابها بين «التشكيك في سلامة إجراءات الفرز والتجميع، والاعتراض على الأرقام المعلنة، والادعاء بوجود أخطاء في المحاضر أو تجاوزات خلال عملية الاقتراع».

وتأثرت انتخابات البرلمان المصري سلباً بطول جدول الاقتراع مع إلغاء دوائر انتخابية وإعادتها، وانعكس ذلك على مؤشرات المشاركة المتراجعة عند جولة الإعادة.

ودعا مدير الجهاز التنفيذي بالهيئة الوطنية للانتخابات المستشار أحمد بنداري خلال مؤتمر صحافي عقده، مساء الثلاثاء، قبل بدء التصويت في الخارج الذي يستمر ليومين، المواطنين «لاستكمال طريق العمل الجماعي من أجل تعزيز الديمقراطية عبر المشاركة في هذه المحطة الانتخابية».

المستقلون والحزبيون

تجري الإعادة في 19 دائرة انتخابية بين 70 مرشحاً يتنافسون على 35 مقعداً موزعة على سبع من محافظات المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب، هي الجيزة وأسيوط وسوهاج وقنا والإسكندرية والبحيرة والفيوم، على أن تبدأ انتخابات الداخل السبت والأحد المقبلين، وفق «الهيئة الوطنية للانتخابات».

ويتفوق أعداد المستقلين المتنافسين في تلك الجولة على المرشحين الحزبيين، إذ يواجه 42 مستقلاً 28 مرشحاً حزبياً ينتمون إلى 9 أحزاب. ويعوّل المستقلون على تحقيق نتائج إيجابية أسوة بما أظهرته نتائج الحصر العددي للمرحلة الثانية بعد أن حصدوا 46 مقعداً من أصل 101 مقعد جرى التنافس عليها بنظام الفردي في 13 محافظة.

ناخبون يتوجهون للإدلاء بأصواتهم بجولة إعادة 19 دائرة ملغاة بالمرحلة الأولى من «النواب» بالسفارة المصرية في الرياض (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)

وقال المتحدث باسم حزب «حماة الوطن»، عمرو سليمان، إن حزبه نظم جولات دعم للمرشحين في المحافظات المختلفة قبل بدء جولة إعادة المرحلة الأولى، مشيراً إلى أن المنافسة مع المستقلين والأحزاب «صعبة».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الانتخابات شهدت تصويباً في مسارها... وهناك حرص على الالتزام بالمعايير الانتخابية».

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد حذَّر من الرشاوى الانتخابية، وما قد تؤدي إليه من تمكين «الجاهل أو الأحمق»، وذلك ضمن لقاء تفاعلي بأكاديمية الشرطة الشهر الماضي.

طول أمد الجدول الانتخابي

كان بنداري قد أعاد التأكيد خلال مؤتمر صحافي، الأسبوع الماضي، على «حرص هيئة الانتخابات على تلقي شكاوى وبلاغات جميع أطراف العملية الانتخابية إزاء أي مشكلة أو خروقات انتخابية قد تحدث، حتى يمكن التحقيق فيها والتعامل معها بصورة فورية وفق صحيح حكم القانون وإزالة أسبابها».

ونوَّه الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمرو هاشم ربيع، بأن الخريطة الزمنية التي عدلتها «الهيئة الوطنية للانتخابات» تقضي بالإعلان النهائي عن النتائج في العاشر من يناير (كانون الثاني) المقبل، ومن ثم فمن المتوقع أن تفصل محكمة القضاء الإداري في الطعون قبل هذا الموعد.

وأضاف أنه في حال إرجائها، فمن الممكن إحالة بعض الطعون إلى محكمة النقض التي تفصل فيها مع بدء انعقاد البرلمان خلال مدة 60 يوماً.

واستطرد قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن انتخابات مجلس النواب الحالية «قد تكون الأقل من حيث مشاركة الناخبين مع تأثرها ببطلان ما يقرب من 70 في المائة من دوائر المرحلة الأولى وطول أمد الجدول الانتخابي».

وعقب انتهاء إعادة الدوائر التسع عشرة، من المقرر أن تجري جولة الإعادة في الدوائر الثلاثين بالخارج يومي 31 ديسمبر (كانون الأول) و1 يناير، بينما تُعقد داخل مصر يومي 3 و4 يناير، على أن تُعلن النتائج النهائية في العاشر من الشهر.