تجدد الجدل في مصر حول معايير اختيار المرشحين في انتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، المزمع عقدها قبل نهاية العام الحالي، تزامناً مع اقتراب الأحزاب السياسية من إعداد قوائم نهائية لخوض الاستحقاق.
ولم يُفتح بعد باب الترشح لانتخابات «النواب» رسمياً، لكن وفق القانون، يجب إجراء الانتخابات قبل 60 يوماً من انتهاء مدة المجلس الحالي في يناير (كانون الثاني) 2026، أي قبل نهاية هذا العام.
وأثارت أمينة المرأة بحزب «حماة الوطن»، حنان شرشر، جدلاً واسعاً في أوساط سياسية أخيراً، بعدما تحدثت في فيديو بثّته على مواقع التواصل الاجتماعي عن «تعرضها لضغوط مالية داخل الحزب لدفع 25 مليون جنيه (الدولار يساوي 48 جنيهاً تقريباً) نظير ترشحها لانتخابات مجلس النواب المقبلة». ونفى رئيس الهيئة البرلمانية للحزب، أحمد بهاء شلبي، في لقاء متلفز، صحة الأمر، موضحاً أن «معايير اختيار مرشحي الحزب تقوم على الكفاءة والخبرة والشعبية في الدائرة، وليس المال فقط، وأن بعض المرشحين يتحملون نفقات الدعاية والتسويق السياسي، بينما يُمول آخرون بواسطة تبرعات داخلية، والأمر لا علاقة له بـ(بيع الكراسي)». ويبلغ عدد مقاعد حزب «حماة الوطن» في مجلس النواب الحالي 18 مقعداً.
ورغم أن حزب «مستقبل وطن»، صاحب الأغلبية بمجلس النواب، أعلن في توقيت مبكر الشهر الماضي، تشكيل لجنة لاختيار المرشحين، فإنه عقد اجتماعاً، مساء الأربعاء الماضي، ضم أعضاء الأمانة المركزية، وأمناء الحزب والتنظيم في جميع المحافظات، وتطرق إلى معايير اختيار المرشحين.
وأكّد الأمين العام لـ«مستقبل وطن»، أحمد عبد الجواد، أن «معايير اختيار مرشحي مجلس النواب تضمن التمثيل الحقيقي لكافة فئات الشارع المصري، خاصة في ظل التعددية الحزبية القائمة والتنافس السياسي الحالي».
وسبق أن تحدث نائب رئيس حزب «مستقبل وطن»، حسام الخولي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، عن «تشكيل (لجنة مركزية) من قيادات الحزب لدراسة ترشيحات أمانات المحافظات على المقاعد الفردية»، مضيفاً أن «معايير اختيار مرشحي الحزب تقوم على الثقل الشعبي، والسمعة الطيبة، والكفاءة في أداء الدورين التشريعي والرقابي داخل البرلمان».
واستحوذ «مستقبل وطن» على 316 مقعداً في انتخابات مجلس النواب عام 2020 من إجمالي 596 مقعداً، بما يعادل نسبة 54 في المائة.

وفي هذا الإطار، قال رئيس حزب «الجيل الديمقراطي»، ناجي الشهابي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «أزمة معايير اختيار المرشحين برزت نتيجة عدم وجود كوادر سياسية قادرة على كسب ثقة المواطنين، ويبحث الجميع عن الترشح على (القائمة الوطنية)، ويعتقدون أنها الأوفر حظاً لحصد مقاعد (القائمة المطلقة المغلقة)، مع عدم وجود قوائم أخرى ترشحت في انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) الماضية».
ويعتمد قانون الانتخابات الحالي نظاماً انتخابياً مختلطاً، بواقع انتخاب نصف المقاعد فردياً، في حين أن النصف الآخر يُنتَخب بنظام «القوائم المغلقة المطلقة»، ما يعني فوز أعضاء القائمة كلهم في حال نَيلها أعلى الأصوات.
وقرّر الشهابي تدشين تحالف «الائتلاف الوطني» لخوض انتخابات «النواب» على مقاعد «القائمة»، مشيراً إلى أن «المنافسة يمكن أن تحدّ من سيطرة رأس المال، والدفع بالمرشحين نحو التواصل المباشر مع الناخبين لضمان الحصول على أصواتهم».
وأضاف أن المرشحين على قائمة «الائتلاف الوطني» دفعوا 3000 جنيه فقط نظير «رسم التأمين» الذي يتم دفعه إلى «الهيئة الوطنية للانتخابات» ويتم استرداده عقب نهاية الانتخابات، على أن يتم التنسيق بين المرشحين في المحافظات المختلفة لتدشين حملات دعائية للقائمة بأكملها، على أن يتكفل النواب المرشحون على مقاعد الفردي بتحمل أوجه الدعاية الخاصة بهم.
وحرصت بعض الأحزاب السياسية أخيراً على الإفصاح عن معايير اختيار مرشحيها في «النواب» بعد ما أثارته أمينة المرأة بـ«حماة الوطن». وقال رئيس حزب المصريين، حسين أبو العطا، في تصريحات لصحف محلية، إن «معايير اختيار المرشحين لا تقبل المجاملة أو الاعتبارات الشخصية، وتركز على الكفاءة العلمية والعملية، والقدرة على التفاعل الحقيقي مع المواطنين».
فيما أكد رئيس حزب «الإصلاح والنهضة»، هشام عبد العزيز، في تصريحات متلفزة، أن «هناك مجموعة من المواصفات الرئيسية في مرشحي الحزب. أبرزها: الخبرة السابقة في العمل العام، والقدرة على التعامل مع الملفات البرلمانية، ومعرفة احتياجات الدائرة»، مضيفاً أن «الحزب قام بتصفية أكثر من 100 مرشح في المرحلة الأولى، ويملك الآن نحو 30 مرشحاً جاهزاً للانتخابات».

من جهته، أكّد عضو المكتب السياسي بحزب «المحافظين» (معارض)، مجدي حمدان، لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعارضة تتبنى معايير واضحة للترشح، بينها سنوات عمل المرشح للانتخابات داخل الحزب، وقدرته على أن يبني موقفاً من القوانين والتشريعات، إلى جانب القدرة على الوجود في الشارع وتقديم الخدمات، وكذلك القدرة على تمويل حملته الانتخابية».
لكن في المقابل، قال أمين شباب حزب «الإصلاح والتنمية» (معارض)، أسامة بديع، إن «أزمات اختيار المرشحين وعدم وضوح معايير الترشح موجودة في أحزاب المعارضة أيضاً، وبينها حزبنا»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الحزب أعلن عن إستمارات للترشح، دون أن تتضمن أسئلة محورية أو تحليل بيانات منضبطة يمكن من خلالها تقييم الراغبين في الترشح ومن لديهم القدرة على التشريع والرقابة والمحاسبة».
ويرى بديع أن «الإستمارة شكلية وجرى طرحها بعد أزمات معايير اختيار المرشحين، خصوصاً أنه لم تكن هناك إستمارات لإبداء رغبات الترشح في انتخابات (الشيوخ) الماضية»، مشيراً إلى أن «الحزب اعتمد مرشحين من خارجه في انتخابات مجلس النواب الماضية، والآن يتم تداول أسماء ضمن المرشحين أيضاً ليست لديهم علاقة بالحزب».
وأعلنت «الهيئة الوطنية للانتخابات» في مصر أخيراً الانتهاء من تحديث كشوف الناخبين استعداداً لانتخابات مجلس النواب. ودعت «الهيئة» حينها الناخبين إلى الاستعلام عن لجانهم الانتخابية.



