يجهل كثير من الناس فكرة أن الكوسا، نجمة الأطباق الجانبية والمخبوزات، قد تكون خطيرة على الصحة. ولكن اتضح أن نوع الخضار الشائع هذا قد يكون ساماً في حالات نادرة.
سلطت دراسة نُشرت عام 2024 في الأرشيف البولندي للطب الباطني الضوء على حالة مماثلة.
تتعلق الحالة بامرأة تبلغ من العمر 54 عاماً تتمتع بصحة جيدة نسبياً، انتهى بها المطاف في قسم الطوارئ في جمهورية التشيك وهي تعاني من ألم شديد في البطن مصحوباً بقيء وإسهال دموي. في اليوم التالي، اكتشف الأطباء إصابتها بتلف في الكبد.
في حيرة من أمر مريضة تُصاب بمثل هذه الأعراض الشديدة والمفاجئة، حاول الفريق الطبي تحديد السبب. وظهر دليل واحد: تذكرت المريضة تناول خبز الكوسة ذي المذاق المر غير المعتاد قبل ظهور الأعراض. شخّص الأطباء حالتها في النهاية بالتسمم بالكوكوربيتاسين، الناتج عن مركبات سامة قد تتكون في الكوسا ونباتات أخرى من عائلة القرعيات.
وقالت الدكتورة بابيتا تشابكوفا، المؤلفة المشاركة في دراسة الحالة وطبيبة في قسم الطب الباطني بمستشفى توماس باتا زلينين في جمهورية التشيك، لمجلة «هيلث»: «يحدث التسمم بالكوكوربيتاسين عندما تُعطل هذه المركبات العمليات الخلوية، مما يُسبب تهيجًا للأنسجة، وخاصةً في الجهاز الهضمي». وأضافت: «يُعد الطعم المر علامةً مميزةً على ارتفاع تركيزات القرعيات، وغالبًا ما يكون المؤشر الفوري الوحيد».
ما هو التسمم بالكوكوربيتاسين؟
الكوكوربيتاسينات مركبات عضوية تُعرف باسم التربينات رباعية الحلقات. ونظراً لمذاقها المر، يُعتقد أن النباتات تُنتجها كآلية دفاع وقائية، وفقاً لما ذكره الدكتور ريان مارينو، الأستاذ المشارك في طب الطوارئ والطب النفسي بكلية الطب بجامعة كيس ويسترن ريزيرف الأميركية، لمجلة «هيلث».
وأضاف مارينو: «في حين أن العديد من النباتات تنتج التربينات، يتم إنتاج الكوكوربيتاسين بشكل أساسي بواسطة القرعيات (المعروفة أيضاً باسم القرع والنباتات الشبيهة بالقرع)، مثل الخيار والكوسة والبطيخ، على الرغم من أنه يمكن العثور على المركبات المماثلة في العديد من أنواع النباتات وحتى بعض الحيوانات والفطريات».
وأوضحت تشابكوفا أن النباتات تُنتج هذه المواد أيضاً استجابة للإجهاد البيئي، مثل ظروف النمو غير المثالية، كالجفاف.
في حين ثبتت فعالية هذه المركبات دوائياً ضد الالتهابات والسرطان وتصلُّب الشرايين والسكري، إلا أنها قد تكون سامة عند تناولها عن طريق الطعام.
صرحت تشابكوفا: «أظهرت الدراسات أن مستويات السمية تتراوح بين 2 و12.5 ملليغرام لكل كيلوغرام» (أي ما يعادل نحو 0.9 - 5.6 ملليغرام لكل رطل).
وأشارت إلى أن ظهور أعراض على الشخص بعد تناول نباتات تحتوي على الكوكوربيتاسين يعتمد على الكمية المستهلكة ومدى تحمل الشخص وصحته.
ليست الكوسة وحدها هي التي يمكن أن تسبب تسمماً حاداً بالكوكوربيتاسين؛ فالحالات الأكثر شيوعاً الموثقة تتعلق بتناول أو شرب عصير القرع، وهي حالة تُعرف باسم «متلازمة القرع السام».
أعراض التسمم بالكوكوربيتاسين
على الرغم من أن التسمم هذا غير مفهوم تماماً، يعتقد الخبراء أن المركبات تُسبب خللًا في بطانة المعدة، مما يؤدي إلى القيء والإسهال والنزف. كما يمكن أن يكون لها آثار ضارة على الجهاز الوعائي.
عادة ما تظهر أعراض التسمم بالكوكوربيتاسين فجأة في غضون دقائق إلى ساعات بعد تناول الكوسة. حتى الكميات الضئيلة يمكن أن تُسبب أعراضاً. في دراسة حالة هولندية عُرضت في المؤتمر الدولي للجمعية الأوروبية لمراكز السموم وعلماء السموم السريرية لعام 2024، أُصيب زوجان بمرض خطير، بعد أن تناولت المرأة قضمة واحدة وتناول الرجل قضمتين من طبق يحتوي على كوسا مر المذاق مزروع في حديقتهما.
وأوضح مارينو أن التسمم في معظم الحالات يُسبب ألماً خفيفاً أو اضطراباً في الجهاز الهضمي ولا يتطلب رعاية طبية. وقالت تشابكوفا إن الأعراض الشديدة، كتلك التي تظهر في تقارير الحالات، نادرة، وقد تشمل الغثيان والقيء والتقلصات والإسهال. كما قد تُحدث حالات التسمم الشديدة وذمة في جدار الأمعاء والبطن وانخفاضاً في ضغط الدم.
أكد مارينو أنه لا يوجد ترياق للتسمم المرتبط بالقرعيات، ويركز العلاج على إدارة الأعراض. وأوضحت تشابكوفا أن معظم المرضى الذين يعانون من أعراض حادة يتعافون في غضون أيام قليلة، على الرغم من أن الانزعاج البطني قد يستمر لفترة أطول قليلاً.
في حالات نادرة جداً، قد يكون التسمم قاتلاً. بينما تعافى أحد المرضى في هولندا تماماً، توفي الآخر بعد أقل من 24 ساعة من تناول الكوسة السامة.

