جوائز «القاهرة للمسرح التجريبي» تنحاز للمرأة

لجنة التحكيم انتقدت «الاستسهال» في بعض العروض

مسرحية «هاشتاغ» الرومانية تفوز بجائزة أفضل عرض (إدارة المهرجان)
مسرحية «هاشتاغ» الرومانية تفوز بجائزة أفضل عرض (إدارة المهرجان)
TT

جوائز «القاهرة للمسرح التجريبي» تنحاز للمرأة

مسرحية «هاشتاغ» الرومانية تفوز بجائزة أفضل عرض (إدارة المهرجان)
مسرحية «هاشتاغ» الرومانية تفوز بجائزة أفضل عرض (إدارة المهرجان)

انحازت جوائز الدورة الـ32 من مهرجان «القاهرة الدولي للمسرح التجريبي»، التي اختتمت فعالياتها مساء الاثنين، إلى قضايا المرأة وهموم حواء، «لا سيما الاعتداء الجسدي والسيطرة الذكورية للمجتمع ومحاولة تنميطهن في قوالب جامدة، فضلاً عن تصدي السيدات بشجاعة لمظالم المجتمع»، وفق نقاد.

وفاز العرض الإيطالي «كوبليا» بجائزة «أفضل سينوغرافيا»، كما فاز العرض العراقي «سيرك» بجائزة «أفضل ممثلة»، التي ذهبت إلى الفنانة شذى سالم، فيما فاز العرض التونسي «روضة العشاق» بجائزة «أفضل مخرج» التي ذهبت إلى معتز العاشوي، أما العرض البحريني «قهوة ساخنة» ففاز بجائزة «أفضل ممثل» التي ذهبت إلى الفنان محمد عبد الله مناصفة، مع الفنان علاء قحطان المشارك في بطولة مسرحية «سيرك».

وزير الثقافة المصري ورئيس المهرجان في حفل الختام (إدارة المهرجان)

وتطل الهموم النسائية برأسها في تلك العروض باعتبارها قاسماً مشتركاً، سواء في خط درامي رئيسي أو خط فرعي في الحبكة العامة، كما في مسرحية «كوبليا»، إخراج فلوريان أوروش وبطولة سميرة أرداي، التي تجسد مأساة راقصة باليه ترى أن «الجميع ينظر إليها باعتبارها آلة تؤدي حركات ميكانيكية دون السعي لمعرفة حقيقة مشاعرها بأنها إنسانة من لحم ودم».

وبرعت الفنانة العراقية شذى سالم في تجسيد شخصية زوجة منهارة دمرتها مشاعر القهر والعجز إثر تعرضها للاغتصاب من ضابط مستبد، ضمن أحداث عرض «سيرك» الذي وظف فيه مخرج العمل جواد الأسدي عناصر الديكور والأزياء والإضاءة على نحو يبرز مشاعر الاختناق القاتلة التي تتملك تلك الزوجة.

أفضل سينوغرافيا عرض «كوباليا» الإيطالي (إدارة المهرجان)

وتقدم المسرحية التونسية «روضة العشاق»، إخراج معز العاشوري وبطولة نادرة التومي، وعبد الحميد بن فرح، وقصي بن السنوسي، نموذج مختلفاً للمرأة من خلال شخصية المحامية التي تتصدى بشجاعة للدفاع عن مجموعة من المريدين في حضرة صوفية الذين تم إلقاء القبض عليهم بشكل تعسفي حيث لا ينفصل ضميرها المهني عن مشاعرها الإنسانية.

شذى سالم أفضل ممثلة من عرض «سيرك» (إدارة المهرجان)

وكانت هموم حواء مكوناً أصيلاً في مسرحية «قهوة ساخنة» التي نقلت هموم ومعاناة الحياة العامة في المجتمع، لا سيما على صعيد البحث عن السعادة والرغبة العارمة في إيجاد مشاعر دافئة، حتى لو عن طريق الوهم والأكاذيب، والمسرحية تأليف عبد الله السعداوي، وإخراج إبراهيم خلفان، وبطولة سودابة خليفة ومحمد المرزوق.

أفضل مخرج معز العاشوري «تونس» (إدارة المهرجان)

وعَدّ الناقد المسرحي عبد الكريم الحجراوي «انحياز الأعمال الفائزة في ختام المهرجان إلى قضايا المرأة ملمحاً طبيعياً من انحيازها لقضايا الإنسان عموماً، ورفضها لكل أشكال الظلم أو القهر أو الصور الذهنية السلبية، سابقة التجهيز، تجاه الآخر»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «عرضي (سيرك) و(روضة العشاق) تميزا بقدر عال من الإبداع والطابع المختلف».

أفضل ممثل محمد عبد الله من البحرين (إدارة المهرجان)

من جانبها، انتقدت لجنة تحكيم المهرجان، برئاسة الإيطالي سالفاتوري بيتونتي «الاستسهال في بعض العروض المسرحية على النحو الذي قلّل من جودة الأعمال المشاركة في الدورة الماضية»، كما طالبت بـ«زيادة تمثيل النساء في لجان التحكيم عبر الدورات المقبلة من المهرجان»، وفق التقرير النهائي الصادر عن اللجنة.

جواد الأسدي يفوز بجائزة أفضل نص مسرحي بعرض «سيرك» (إدارة المهرجان)

واعتبر الناقد أحمد عبد الرازق العلا أن «الورش التدريبية التي تُعقد على هامش المهرجان شهدت واقعة مؤسفة، حيث تقدم كثيرون إليها من المسرحيين الهواة والشباب الموهوبين، لكن تم استبعادهم لصالح أسماء أخرى»، مؤكداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ورشة النقد المسرحي كانت المثال الصارخ في هذا السياق»، وفق قوله.


مقالات ذات صلة

«حبّ في شبه مدينة»... مسرحية عن الإنسان العالق في المكان المُنهَك

يوميات الشرق في هذا المشهد لا خلاص واضحاً... فقط هدنة قصيرة مع الواقع (الشرق الأوسط)

«حبّ في شبه مدينة»... مسرحية عن الإنسان العالق في المكان المُنهَك

الحوار مُحمَّل بالدلالة ومبنيّ على شذرات اعتراف تتقاطع فيها السخرية السوداء مع الإحباط العميق...

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق المجتمع الذكوري والتحدّيات بين المرأة والرجل (الشرق الأوسط)

«شي تيك توك شي تيعا»... طارق سويد يُحرز المختلف

اختار طارق سويد أبطال المسرحية من بين طلابه الموهوبين في أكاديمية «بيت الفنّ» التي تديرها زميلته الممثلة فيفيان أنطونيوس...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق مسرحية «كارمن» حصدت عدة جوائز (البيت الفني للمسرح)

المسرح المصري يراهن على إعادة «العروض الناجحة» لاجتذاب الجمهور

يراهن المسرح المصري على إعادة تقديم العروض الناجحة لاجتذاب الجمهور من كل الفئات، وفي هذا الصدد أعلن البيت الفني للمسرح عن أسبوع حافل بالعروض في مسارح الدولة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق النية واضحة لكنّ الخشبة تطلب أكثر من صدق الشعور (الشرق الأوسط)

«ويلة عيد»... نيّة صادقة ونتيجة خفيفة

«ويلة عيد» مسرحية خفيفة ومتقشّفة فنّياً، تحكمها نوايا إنسانية واضحة، لكنها تفتقر إلى العمق الذي يجعلها تُحسَب تجربةً مسرحيةً مُكتملة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
أوروبا بريجيت ماكرون زوجة الرئيس الفرنسي تصل إلى مراسم إحياء الذكرى العاشرة لهجمات إرهابية في باريس... 13 نوفمبر 2025 (أ.ب)

«قذرات غبيات»… بريجيت ماكرون تأسف إذا آذت نساءً ضحايا عنف جنسي

قالت بريجيت ماكرون، زوجة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إنها تشعر بـ«الأسف» إذا كانت تصريحاتها قد آذت نساءً تعرّضن للعنف الجنسي.

«الشرق الأوسط» (باريس)

زوجان بريطانيان يفوزان بجائزة يانصيب بمليون إسترليني للمرة الثانية

حقق ريتشارد ديفيز وفاي ستيفنسون-ديفيز فوزهما الكبير الثاني في سحب اليانصيب في نوفمبر (وكالة الأنباء البريطانية)
حقق ريتشارد ديفيز وفاي ستيفنسون-ديفيز فوزهما الكبير الثاني في سحب اليانصيب في نوفمبر (وكالة الأنباء البريطانية)
TT

زوجان بريطانيان يفوزان بجائزة يانصيب بمليون إسترليني للمرة الثانية

حقق ريتشارد ديفيز وفاي ستيفنسون-ديفيز فوزهما الكبير الثاني في سحب اليانصيب في نوفمبر (وكالة الأنباء البريطانية)
حقق ريتشارد ديفيز وفاي ستيفنسون-ديفيز فوزهما الكبير الثاني في سحب اليانصيب في نوفمبر (وكالة الأنباء البريطانية)

حقق زوجان محظوظان بشكل استثنائي فوزاً غير مسبوق بجائزة مليون جنيه إسترليني في اليانصيب في بريطانيا - للمرة الثانية.

وفاز ريتشارد ديفيز، 49 عاماً، وفاي ستيفنسون-ديفيز، 43 عاماً، بالجائزة الكبرى المكونة من سبعة أرقام في لعبة «يورومليونز مليونير ميكر» في يونيو (حزيران) 2018. وها هما الآن يكرران الإنجاز بمطابقة خمسة أرقام رئيسية والرقم الإضافي في سحب اليانصيب الذي أُجري في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) - وهي فرصة ضئيلة للغاية، وفقاً للخبراء.

وقالت فاي، من وسط ويلز: «كنا نعلم أن احتمالية تكرار هذا الفوز ضئيلة للغاية، لكننا دليل على أن الإيمان يجعل أي شيء ممكناً».

وأوضح ريتشارد، لم يكن فوزهم الثاني مجرد اختيار الأرقام الصحيحة. وقال: «لقد تحقق لنا ذلك من خلال سلسلة من أربع سحوبات متتالية لليانصيب»، وفق ما أفادت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

وقال: «عندما تُطابق رقمين في سحب اليانصيب، تربح تلقائياً جائزة «لاكي ديب» للعبة التالية، وهذا ما حدث لنا.

طابقنا رقمين وفزنا بجائزة «لاكي ديب» مجانية من سحب سابق، مما أهّلنا للسحب التالي، وهكذا دواليك، حتى السحب الفائز في 26 نوفمبر».

ووفقاً لخبراء شركة «ألوين»، المشغلة لليانصيب الوطني، فإن احتمالات فوز ريتشارد وفاي بجائزة «يورومليونز مليونير ميكر» ثم خمسة أرقام والكرة الإضافية في اللوتو تتجاوز 24 تريليون إلى واحد.

ومع ذلك، من غير المرجح أن تُغيّر هذه الجائزة الأخيرة من توجه الزوجين نحو خدمة المجتمع. إذ يستخدم ريتشارد، مصفف الشعر السابق، مهاراته في مأوى للمشردين في كارديف، وهو مشروع تلقى تمويلاً حيوياً من اليانصيب الوطني، كما يُساعد أصدقاءه بالعمل سائق توصيل.

وتعمل الممرضة السابقة فاي طاهيةً متطوعةً في مطبخ سيجين هيدين المجتمعي في كارمارثين، كما تقدم خدمات الاستشارة النفسية لمنظمات محلية مثل جمعية بريكون آند ديستريكت مايند الخيرية. وقالت فاي، التي ستعمل حتى في يوم عيد الميلاد: «في المرة الأولى التي فزنا فيها، قدمنا ​​سيارات كهدايا، وتبرعنا بحافلة صغيرة لفريق الرجبي المحلي، وبذلنا قصارى جهدنا لمساعدة الأصدقاء والعائلة». وأضافت: «كان الأمر جديداً تماماً، وكان من الرائع أن نتمكن من إحداث فرق». وأردفت: «هذه المرة، من يدري؟ سنأخذ وقتنا ونستمتع باللحظة».

وفي حديثه على إذاعة «بي بي سي»، قال ريتشارد: «إن إعلان فوزنا هذه المرة لم يكن قراراً سهلاً». وقال: «منذ الفوز الأول، شاركنا في العديد من الفعاليات المتعلقة باليانصيب والجمعيات الخيرية». وأضاف: «هناك الكثير من الخير في العالم، بينما تسود الأخبار الكئيبة والمحبطة هذه الأيام. إنها حقاً جرعة من البهجة».

وقال آندي كارتر، كبير مستشاري الفائزين في شركة ألوين: «ما زلت أتذكر اليوم الذي التقيت فيه بريتشارد وفاي لأول مرة، ومن دواعي سروري أن أكون معهما وهما يحتفلان بفوزهما الثاني بجائزة مليون جنيه إسترليني». وأضاف: «لقد لمستُ الأثر الإيجابي للفوز الأول، وأعلم أن هذا الفوز الثاني سيكون له نفس القدر من الأهمية».


خيرية نظمي لـ«الشرق الأوسط»: حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين

خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)
خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)
TT

خيرية نظمي لـ«الشرق الأوسط»: حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين

خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)
خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)

في مسيرة بعض الممثلين، تأتي الأدوار المهمّة في وقت متأخر، وهو ما حصل مع الممثلة السعودية خيرية نظمي، بطلة فيلم «هجرة»، التي تحدَّثت بشفافية لـ«الشرق الأوسط»، قائلةً: «حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين»، مُعبّرةً عن سعادتها الغامرة بهذه التجربة التي نقلتها إلى منطقة مختلفة، بوصفها ثمرة رحلة طويلة من التراكم الفنّي والتجربة الإنسانية.

بطولة «هجرة» جاءت في مرحلة شعرت فيها خيرية بأنّ علاقتها بالتمثيل أصبحت أوضح وأكثر هدوءاً. وتتحدَّث عن هذه التجربة بثقة، مؤكدةً أن مرحلة ما بعد الخمسين حوَّلت العمر من مجرّد رقم إلى رصيد من المشاعر والمواقف والقدرة على قراءة الشخصيات بعمق، ممّا غيّر زاوية نظرها للأمور، وجعل اختياراتها أكثر وعياً ومسؤولية.

وللمرة الأولى، سارت خيرية نظمي على السجادة الحمراء في مهرجانات عالمية بصفتها نجمة سينمائية عبر بطولتها فيلم المخرجة شهد أمين «هجرة»، الذي كان عرضه العالمي الأول في مهرجان البندقية، وهناك حصد جائزة «نيتباك» لأفضل فيلم آسيوي، ثم واصل حضوره في مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» بجدة، ليفوز بجائزتين هما «جائزة اليسر من لجنة التحكيم» وجائزة «فيلم العلا لأفضل فيلم سعودي».

خيرية، التي التقتها «الشرق الأوسط» في «البحر الأحمر»، تُشير إلى أن الفرق بين الأدوار الرئيسية وتحمُّل بطولة كاملة يكمُن في الإيقاع اليومي للتصوير، وفي الالتزام الجسدي والنفسي المستمرّ، قائلةً: «التصوير في (هجرة) امتد ساعات يومياً، وعلى مدى شهرين ونصف الشهر تقريباً، وهو ما تطلَّب جهداً مضاعفاً، وانغماساً كاملاً في الشخصية». هذا التعب، كما تصفه، أثمر لاحقاً مع خروج الفيلم إلى الجمهور، وظهور ردود الفعل في العروض الأولى، والإشادات التي ركّزت على الأداء والنظرة والتعبير الصامت.

خيرية نظمي على السجادة الحمراء (مهرجان البحر الأحمر)

سنوات من الكوميديا

قبل «هجرة»، رسَّخت خيرية حضورها في الأعمال الكوميدية، وتتوقَّف عند هذه المرحلة بكونها مدرسة أساسية في مسيرتها، تعلَّمت خلالها الإيقاع، والتوقيت، والقدرة على التقاط التفاصيل الصغيرة. وتستذكر تجربتها في مسلسل «سكة سفر» من خلال شخصية «بركة»، التي تقول إنها كانت قريبة من روحها، وتفاعلت معها بعفوية عالية. تبتسم وهي تتحدَّث عن «بركة»، مضيفةً: «هذه الشخصية خرجت مني بشكل تلقائي»، موضحةً أنها تعاملت مع النص بطاقة مفتوحة، وسمحت للارتجال بقيادة كثير من اللحظات. هذا التفاعل العفوي، كما ترى، وصل إلى الجمهور السعودي والعربي، وصنع حالة قبول واسعة، وأكد قدرتها على حمل الدور الكوميدي وصناعة شخصية تعيش خارج إطار الحلقة.

وتشير إلى أنّ «سكة سفر» شكّل إحدى أبرز تجاربها، ضمن مسار متنوّع سبقها، مؤكدةً أنّ انغماسها في الكوميديا أثبت نجاحه، وساعدها على بناء علاقة مباشرة مع الجمهور، وهي مرحلة منحتها ثقة إضافية، ووسَّعت أدواتها، إذ ترى أنّ الكوميديا فنّ يحتاج إلى حسّ داخلي عالٍ وصدق في الأداء.

خيرية نظمي وحفيدتها في الفيلم لمار فادن في مشهد من «هجرة» (الشرق الأوسط)

«هجرة»... اختبار العمق

في تلك المرحلة، كانت خيرية تتطلَّع إلى تنويع أدوارها، وتؤمن بأن التنقّل بين الأنواع يكشف عن جوانب مختلفة من الموهبة، ويمنح الممثل فرصة أوسع للتجريب. هذا التطلُّع قادها إلى أدوار تحمل ثقلاً مختلفاً، وتضعها أمام تحدّيات جديدة، خصوصاً في الدراما، وهو ما وجدته في فيلم «هجرة»، إذ انتقلت إلى منطقة أكثر كثافة، ودور يعتمد على الحضور الداخلي أكثر من الحوار المباشر.

في «هجرة»، قدَّمت شخصية «ستي»، الجدّة التي تعتزم الذهاب إلى الحج برفقة اثنتين من حفيداتها، وفي أثناء الرحلة تضيع إحداهن، فتتحمّل مسؤولية البحث عنها. وهي شخصية مركّبة، حازمة في ظاهرها، قوية في مواقفها، وتحمل في داخلها ضعفاً إنسانياً واضحاً. وتصف خيرية هذا التركيب بأنه «تحدٍّ حقيقي، لأنّ التوازن بين الصلابة والانكسار يحتاج إلى وعي نفسي دقيق، وقدرة على الإمساك بالتفاصيل الصغيرة».

وتضيف: «كثير من المَشاهد اعتمد على النظرة أكثر من الكلمة، وعلى الصمت أكثر من الحوار»، مؤكدةً أنّ ذلك جاء نتيجة مباشرة للتدريب والتحضير المُسبَق. وتولي خيرية أهمية كبيرة لمرحلة التحضير، مشيرةً إلى أنّ وجود المُخرجة شهد أمين، وحرصها على بناء الشخصية من الداخل إلى الخارج، صنعا فارقاً واضحاً في الفيلم الذي اختارته المملكة لتمثيلها في سباق «الأوسكار» لعام 2026.

ترى خيرية أنّ فيلم «هجرة» يشكّل مرحلة تحوّل في مسيرتها الفنّية (مهرجان البحر الأحمر)

رَمش العين... التحدّي الأكبر

تتوقف خيرية عند تفصيل صغير، وتبتسم وهي ترويه، موضحةً أنّ المخرجة طلبت منها تخفيف الرَّمش، لأن الكاميرا الكبيرة تلتقط كل حركة. في البداية، شعرت بالغرابة، ثم عادت إلى البيت وهي تفكر في وجهها، وفي عادات ملامحها، وفي تفاصيل تؤدّيها تلقائياً. وتضحك وهي تقول إنّ عضلات وجهها اعتادت الابتسامة حتى في لحظات السكون، كأنّ الوجه تعلَّم هذا التعبير مع الزمن.

وتؤكد أن شخصية «ستي» احتاجت إلى وجه جامد، ونظرة ثابتة، وحضور صامت يخلو من أي ليونة. التحكُّم في رمشة العين، كما تقول، تحوّل إلى تمرين يومي ومحاولة واعية للسيطرة على فعل طبيعي، مضيفةً: «هذه التجربة جعلتني أدرك أنّ التحكُّم في النظرة يكشف عن جوهر الممثل أكثر من التحكُّم في الكلام أو الحركة، لأنّ العين تفضح الإحساس قبل أن يُقال».

تحدَّثت خيرية نظمي عن أصعب اللحظات التي واجهتها خلال التصوير (إنستغرام)

طبقات الحزن والفرح

عند الحديث عن التوحُّد مع الشخصية، تتحدَّث خيرية عن علاقتها بالألم الشخصي، وتقول: «كلّ إنسان يحمل في داخله تجارب موجعة». وتستدعي هذه التجارب خلال الأداء، بما يمنح المشهد صدقاً داخلياً ويجعل التعبير أقرب إلى الواقع. كما توضح أنّ هذا الإحساس رافقها بعد انتهاء التصوير، مع استمرار جولات الفيلم في المهرجانات، وردود الفعل التي تلقتها من الجمهور.

وعن المرحلة المقبلة، تتحدَّث بنبرة هادئة وحاسمة، مؤكدةً أنّ خياراتها تتّجه نحو أدوار تحمل عمقاً حقيقياً، وتمنحها فرصة لاكتشاف مساحات جديدة في أدائها، قائلة: «كلّما كان الدور أقوى، ازدادت حماستي له، لأني أرى في التحدّي جوهر التجربة الفنية».

وتتوقّف عند تقييمات المخرجين والمنتجين، التي تعدّها مرآة مهمّة لتطورها، مشيرةً إلى أنّ أحدهم قال لها إنّ من أبرز نقاط قوتها قدرتها على خلق طبقات متعدّدة من الحزن والفرح، بما يمنح المخرج مرونة كبيرة في بناء المشهد، سواء احتاج إلى إحساس هادئ، أو دمعة واحدة، أو انفعال كامل.

وفي ختام حديثها، تعود خيرية إلى فكرة السلام الداخلي، مؤكدةً أنها تعيش حالة رضا وتصالح مع الذات، وترى أنّ هذا الشعور انعكس على أدائها، ومنحها حضوراً أكثر هدوءاً وثباتاً أمام الكاميرا. هذا السلام، في رأيها، يرتبط بمرحلة نضج إنساني يصل إليها الإنسان بعد رحلة طويلة من التجربة، وفي هذه المرحلة يصبح التعبير أكثر صدقاً، ويصبح الصمت أبلغ، وتصل الأدوار في توقيتها الصحيح.


مهندسة ألمانية تصبح أول مستخدم لكرسي متحرك يقوم برحلة إلى الفضاء

ميشيلا بنتهاوس تغادر كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» إلى كرسيها المتحرك (رويترز)
ميشيلا بنتهاوس تغادر كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» إلى كرسيها المتحرك (رويترز)
TT

مهندسة ألمانية تصبح أول مستخدم لكرسي متحرك يقوم برحلة إلى الفضاء

ميشيلا بنتهاوس تغادر كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» إلى كرسيها المتحرك (رويترز)
ميشيلا بنتهاوس تغادر كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» إلى كرسيها المتحرك (رويترز)

أصبحت مهندسة ألمانية، أول مستخدم لكرسي متحرك يخرج إلى الفضاء، بعد قيامها برحلة قصيرة على متن مركبة تابعة لشركة «بلو أوريجين».

وأطلقت الشركة المملوكة للملياردير الأميركي جيف بيزوس، صاروخها «نيو شيبرد» في مهمة جديدة شبه مدارية في تمام الساعة 8,15 صباحاً (14,15 بتوقيت غرينتش) من قاعدتها في تكساس.

بنتهاوس تتحدث إلى هانز كونيغسمان المدير التنفيذي المتقاعد من شركة «سبيس إكس» الذي ساعد في تنظيم رحلتها ورعايتها (ا.ب)

واجتازت ميشيلا بنتهاوس، مهندسة الطيران والفضاء والميكاترونيكس في وكالة الفضاء الأوروبية، مع خمسة سياح فضائيين آخرين خط كارمان الذي يشكل الحد الفاصل بين الغلاف الجوي والفضاء في الرحلة التي استغرقت نحو 10 دقائق.

المهندسة الألمانية ميشيلا بنتهاوس داخل نموذج أولي لكبسولة فضائية يوم الاثنين 15 ديسمبر (ا.ب)

وتستخدم ميشيلا بنتهاوس الكرسي المتحرك نتيجة تعرضها لإصابة في النخاع الشوكي إثر حادث دراجة هوائية جبلية.

وقالت في مقطع فيديو نشرته شركة «بلو أوريجين»: «بعد الحادث الذي تعرضت له، أدركت بحق كم أن عالمنا لا يزال مغلقاً أمام الأشخاص من ذوي الإعاقة».

وأضافت: «إذا أردنا أن نكون مجتمعاً شاملاً، علينا أن نكون شاملين في كل جانب، وليس فقط في الجوانب التي نرغب أن نكون فيها كذلك».

وأقلع الصاروخ الذي يعمل بشكل آلي بالكامل نحو الفضاء، ثم انفصلت عنه الكبسولة التي تحمل السياح الفضائيين قبل أن تهبط برفق في صحراء تكساس.

وهذه هي الرحلة المأهولة الـ16 لشركة «بلو أوريجين» التي تقدم منذ سنوات برنامج رحلات سياحية فضائية بواسطة صاروخها «نيو شيبرد»، دون الاعلان عن كلفتها.

وبعث رئيس وكالة «ناسا» الجديد، جاريد ايزاكمان، بتهنئة إلى ميشيلا في منشور على منصة إكس، قائلاً: رلقد ألهمت الملايين للنظر إلى السماء وتخيل ما هو ممكن».

وسافر عشرات الأشخاص إلى الفضاء مع «بلو أوريجين»، بمن فيهم المغنية كايتي بيري، والممثل ويليام شاتنر الذي جسد شخصية الكابتن كيرك في مسلسل «ستار تريك».

ميشيلا بنتهاوس بعد هبوط كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» (ا.ب)

وتسعى شركات الفضاء الخاصة التي تقدم رحلات فضائية إلى الترويج لخدماتها عبر الشخصيات المشهورة والبارزة، من أجل الحفاظ على تفوقها مع احتدام المنافسة.

وتقدم «فيرجن غالاكتيك» تجربة طيران فضائي مماثلة.

ولدى «بلو أوريجين» أيضاً طموحات لمنافسة شركة «سبايس إكس» التابعة لإيلون ماسك في سوق الرحلات الفضائية المدارية.

وهذا العام نجحت شركة بيزوس في تنفيذ رحلتين مداريتين بدون طاقم باستخدام صاروخها الضخم نيو غلين الأكثر تطوراً من «نيو شيبرد».