أنسي أبو سيف لـ«الشرق الأوسط»: دراما «الكومبوندات» لا تستهويني

مصمم المناظر المصري قال إن بعض أعماله لم تنل التقدير الذي تستحقه

أنسي أبو سيف (حسابه على فيسبوك)
أنسي أبو سيف (حسابه على فيسبوك)
TT

أنسي أبو سيف لـ«الشرق الأوسط»: دراما «الكومبوندات» لا تستهويني

أنسي أبو سيف (حسابه على فيسبوك)
أنسي أبو سيف (حسابه على فيسبوك)

قال مهندس الديكور ومصمم المناظر المصري أنسي أبو سيف إن تصميم المناظر ليس مجرد وظيفة فنية، بل «هو الأساس الذي تنطلق منه صناعة الفيلم»، موضحاً أن البداية الحقيقية لأي عمل لا تأتي من المخرج وحده، وإنما من الطاقم الفني الذي يضع التفاصيل الدقيقة للشخصيات والأماكن.

وأضاف في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن السينما في جوهرها عمل درامي قائم على حياة أشخاص في بيئات محددة، وبالتالي، فإن «مهمة مصمم المناظر هي خلق المكان الذي يمنح المخرج والممثل القدرة على الإقناع»، مشيراً إلى أن «اختيار المواقع وبناء الديكور يخضعان دائماً لحسابات إنتاجية؛ إذ قد يكون التصوير في أماكن حقيقية صعباً بسبب القيود أو الضغط على السكان، لذلك يضطر المنتج إلى بناء أماكن بديلة، وهو ما يبرز أهمية مصمم المناظر».

فيلم «الكيت كات» حصد جوائز سينمائية عدّة (فيسبوك)

وأكّد أن العلاقة بينه وبين مدير التصوير أو مصمم الملابس علاقة تكامل، «فالألوان، أو الخلفيات، لا بدّ من انسجامهما مع ألوان الأزياء لتصنع تناغماً بصرياً يخدم الدراما، لا مجرد صورة جميلة»، مشيراً إلى أن تأثير المكان لا يقتصر على الكاميرا فقط، «بل يمتد إلى المونتاج والموسيقى، وحتى إلى أداء الممثل».

وضرب أبو سيف مثلاً بالممثل الذي يؤدي دور «السجين»، قائلاً: «إذا دخل زنزانة غير مقنعة فلن يتمكن من تجسيد شخصية السجين بصدق، والعكس بالعكس؛ فالمكان المناسب يساعد الممثل على التخلّي عن ذاته والانغماس في الشخصية».

جانب من ديكور الحارة في فيلم «إبراهيم الأبيض» (الشركة المنتجة)

وأضاف أن هذا الإيمان بدور المنظر جعله يتعامل مع المهنة بوصفها أسلوب حياة، فخبرته الممتدة لأكثر من 50 عاماً علّمته أن يختار التجارب التي تمنحه إضافة حقيقية، ويستمتع بتقديمها، ويجد تحدياً في تنفيذها على أرض الواقع، مؤكّداً أنه استفاد من جميع الأعمال التي قدّمها، سواء أنجحتْ جماهيرياً ونقدياً أم لا؛ «لأن الإخفاق أحياناً يكون مكسباً يمنح الخبرة في تطوير الأدوات المستقبلية».

وشارك أنسي أبو سيف في كثير من الأفلام السينمائية المهمّة بتاريخ السينما المصرية، من بينها: «المومياء»، و«زوجة رجل مهم»، و«الحرافيش»، و«الكيت كات»، و«الوداع يا بونابرت»، و«إبراهيم الأبيض».

وأشار أبو سيف إلى أن بعض تجاربه الكبيرة لم تنل التقدير الذي تستحقه، مثل فيلم المسافر، الذي يعد آخر أعمال الراحل عمر الشريف؛ إذ بنى أبو سيف سفينة ضخمة داخل الاستوديو، لكن الفيلم «لم يحقق النجاح المنشود رغم المجهود الكبير فيه».

وأضاف أن قيمة العمل الفني لا تُقاس بحجم الديكور فقط، «بل بقدرة الفيلم بأكمله على النجاح، فالفيلم الجيد يتجاوز أخطاء التفاصيل، بينما الفيلم الضعيف لا ينقذه أي إبداع شكلي».

مع عدد من الفنانين خلال الاحتفاء بمسيرته في «مهرجان الجونة» (مهرجان الجونة)

وأكد أنه لا يختار مشروعاته بدافع المثالية، بل بدافع الرغبة في خوض مغامرة جديدة، موضحاً أن قراءته السيناريو دائماً ما تجعله يتساءل: هل سيمنحه هذا المشروع فرصة لاكتشاف شيء لم يجرّبه من قبل أم لا؟ مشيراً إلى أنه في فيلم «إبراهيم الأبيض» أعاد التفكير في تصميم الحارة الشعبية بشكل مختلف؛ «لأنها لم تكن مجرد ديكور حي، بل فضاء يعكس صراع السلطة مع الناس البسطاء».

وأضاف أنه يرفض العمل في أعمال تدور حول طبقات لا يعرفها أو لا تمس اهتماماته، مثل قصص «الكومباوندات» وحياة الأثرياء؛ لأنه لا يجد فيها ما يحفّزه أو ما يعبّر عنه، مشيراً إلى أن العبء الحقيقي بالنسبة إليه ليس الأشخاص، بل طبيعة المشروع نفسه.

وأوضح أنه قد يعمل مع مخرج جديد يخوض تجربته الإخراجية الأولى دون تردد إذا كان الموضوع يثير فضوله، في حين قد يرفض مشروعاً مع أصدقائه المخرجين إذا لم يرَ فيه تحدياً.

وأشار إلى أن ثقافته البصرية تتشكل من تنقله بين الأماكن المختلفة ووجوده في الشارع، مثل زيارته حي «الكيت كات» الذي تغيّر كثيراً بمرور السنوات، موضحاً أن هذه الخبرات تترسخ في ذاكرته وتعود في أعماله بأشكال جديدة، حتى لو في سياقات غير متوقعة، مع استلهام تفاصيل البيوت القديمة أو الأبواب أو العمارة الشعبية ليحوّلها إلى ملامح مكان درامي يعكس طبيعة الشخصية.

وتحدث عن تاريخ تغيّر الديكور في صناعة السينما، مبيناً أن الأفلام قديماً كانت تُبنى داخل الاستوديوهات بديكورات كاملة ومخازن ضخمة للإكسسوارات والملابس، قبل أن يتراجع هذا النمط في السبعينات مع ظهور نظام المقاولات والأفلام التجارية السريعة، مؤكداً أن هذا التغيير أثّر على جودة الصناعة، وأدى إلى هجرة عدد كبير من الحرفيين والعمّال.

أنسي أبو سيف خلال حضوره ملتقى النقد في أبها (هيئة الأفلام السعودية)

وعبّر مصمم المناظر المصري عن سعادته بالجلسة الحوارية التي شارك فيها مؤخراً ضمن فعاليات جولات «ملتقى النقد» في مدينة أبها السعودية، وانخراط الجمهور والنقاد في مناقشته بمشاريعه السينمائية، مشيداً بما لمسه من اهتمام بصناعة السينما في المملكة خلال زيارته.


مقالات ذات صلة

وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي عن عمر 72 عاماً

يوميات الشرق سمية الألفي كما ظهرت في أحد البرامج التلفزيونية

وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي عن عمر 72 عاماً

توفيت الفنانة المصرية سمية الألفي صباح اليوم (السبت) عن عمر يناهز 72 عاماً، حسبما نقلت وسائل إعلام مصرية، نقلاً عن شقيقها ألفي الألفي.

يسرا سلامة (القاهرة)
تحليل إخباري لقطة من فيلم «الست» (حساب الكاتب أحمد مراد على موقع «فيسبوك»)

تحليل إخباري جدل «الست»... هل يثير شهية صناع الدراما لمعالجة السيّر الذاتية؟

أثار فيلم «الست» جدلاً وزخماً نقدياً مكثفاً خلال الأيام الماضية، منذ الإعلان عن صناعة الفيلم قبل أشهر عدة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق واجه التصوير صعوبات عدة (الشركة المنتجة)

«فلسطيني على الطريق»... رحلة شخصية تتحول إلى فيلم عن مأساة متجددة

لا يقدم فيلم «فلسطيني على الطريق» عملاً وثائقياً تقليدياً عن مكان أو مسار، بل ينطلق من تجربة إنسانية تمثلت في لحظة فقد قاسية.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من توقيع الاتفاق لتحويل رواية «القبيلة التي تضحك ليلاً» إلى فيلم (الشرق الأوسط)

السينما السعودية تمدّ جسورها إلى الأدب في معرض جدة للكتاب

لم يعد سؤال صنّاع السينما يدور حول عدد العناوين، بل حول أيّ الروايات تصلح لأن تُروى على الشاشة...

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق المخرج المصري أبو بكر شوقي (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

المخرج المصري أبو بكر شوقي: أبحث عن عوالم جديدة في أفلامي

قال المخرج المصري، أبو بكر شوقي، إنه يبحث دوماً عن الأفلام التي تدخله عوالم جديدة، كما في فيلميه السابقين «يوم الدين» و«هجان».

انتصار دردير (جدة )

«غوغل» تُحذِّر موظفيها حاملي التأشيرات الأميركية من السفر الدولي

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

«غوغل» تُحذِّر موظفيها حاملي التأشيرات الأميركية من السفر الدولي

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أفاد موقع «بيزنس إنسايدر» نقلاً عن رسالة بريد إلكتروني داخلية، ​بأن شركة «غوغل» التابعة لمجموعة «ألفابت» نصحت بعض الموظفين الذين يحملون تأشيرات أميركية بتجنب السفر الدولي، بسبب تأخير في السفارات.

وجاء في التقرير الذي نقلته «رويترز»، أن البريد الإلكتروني الذي أرسله مسؤول ‌في الشركة يوم ‌الخميس، حذَّر ​الموظفين ‌الذين سيحتاجون لختم التأشيرة لدخول الولايات المتحدة مجدداً من مغادرة الدولة؛ لأن أوقات التعامل مع التأشيرات صارت مطولة.

ووفقاً ⁠للتقرير، جاء في المذكرة أن بعض ‌السفارات والقنصليات الأميركية تشهد ‍تأخيرات في ‍مواعيد التأشيرات تصل إلى 12 ‍شهراً، محذرة من أن السفر الدولي «ينطوي على خطر البقاء لفترة طويلة خارج الولايات المتحدة».

وأعلنت إدارة الرئيس الأميركي ​دونالد ترمب هذا الشهر عن زيادة التدقيق مع المتقدمين للحصول ⁠على تأشيرات «إتش-1بي» للعمالة من ذوي المهارات العالية، بما في ذلك فحص حسابات وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي سبتمبر (أيلول)، نصحت شركة «ألفابت» المالكة لـ«غوغل» موظفيها بشدة بتجنب السفر الدولي، وحثت حاملي تأشيرة «إتش-1بي» على البقاء في الولايات المتحدة، ‌وفقاً لرسالة بريد إلكتروني اطلعت عليها «رويترز».


وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي عن عمر 72 عاماً

سمية الألفي كما ظهرت في أحد البرامج التلفزيونية
سمية الألفي كما ظهرت في أحد البرامج التلفزيونية
TT

وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي عن عمر 72 عاماً

سمية الألفي كما ظهرت في أحد البرامج التلفزيونية
سمية الألفي كما ظهرت في أحد البرامج التلفزيونية

توفيت الفنانة المصرية سمية الألفي صباح اليوم (السبت)، عن عمر يناهز 72 عاماً بعد صراع مع المرض، حسبما نقلت وسائل إعلام مصرية.

وكانت الألفي أعلنت في مايو (أيار) 2023، تعافيها من مرض السرطان.

وكان آخر ظهور للألفي في أكتوبر (تشرين الأول) في كواليس فيلم «سفاح التجمع» من بطولة نجلها أحمد الفيشاوي، حسبما نشر مؤلف ومخرج الفيلم محمد صلاح العزب.

سمية الألفي كما ظهرت في كواليس فيلم «سفاح التجمع» (صفحة المؤلف محمد صلاح العزب)

وكانت سمية الألفي قد أعلنت إصابتها بمرض السرطان في عام 2017، وسافرت للعلاج في ألمانيا وسويسرا والولايات المتحدة الأميركية.

الألفي كما ظهرت في فيديو من تصوير نجلها أحمد بعد الإعلان عن تعافيها من السرطان منذ عامين

ولدت سمية الألفي في 23 يوليو (تموز) 1953 بمحافظة الشرقية، وحصلت على ليسانس الآداب قسم اجتماع قبل أن تدخل عالم الفن من خلال مسلسل «أفواه وأرانب» (1978).

وتزوجت الألفي من الفنان فاروق الفيشاوي من عام 1979 وحتى 1992، وأنجبا ابنيهما أحمد وعمر. وتزوجت الألفي بعد ذلك من الملحن مودي الإمام، والمخرج جمال عبد الحميد، والمطرب مدحت صالح.

سمية الألفي مع فاروق الفيشاوي (الصفحة الرسمية للفنان أحمد الفيشاوي بـ«إنستغرام»)

وبدأت الألفي مشوارها الفني في أواخر السبعينات، لكن نجوميتها التي حظيت بها جاءت في الثمانينات والتسعينات، بعد أن قدمت أدواراً مهمة في «ليالي الحلمية» و«بوابة الحلواني» و«الراية البيضا».

سمية الألفي لها صورة واحدة على حسابها في «إنستغرام»

وقدمت أكثر من 100 عمل بين السينما والمسرح والتلفزيون، إذ شاركت الألفي في عدد من الأعمال الدرامية مثل «العطار والسبع بنات» أمام نور الشريف، و«كناريا وشركاه» أمام فاروق الفيشاوي، وآخر ظهور لها كان ضيفة شرف في فيلم «تلك الأيام» الذي قام ببطولته نجلها الفنان أحمد الفيشاوي في عام 2010.


«طعم السعودية»... مطبخ وسياحة وثقافة في برنامج واحد

من التسوّق مروراً بالطهو وصولاً إلى التذوّق يغطّي البرنامج مراحل إعداد الطبق (شركة الإنتاج)
من التسوّق مروراً بالطهو وصولاً إلى التذوّق يغطّي البرنامج مراحل إعداد الطبق (شركة الإنتاج)
TT

«طعم السعودية»... مطبخ وسياحة وثقافة في برنامج واحد

من التسوّق مروراً بالطهو وصولاً إلى التذوّق يغطّي البرنامج مراحل إعداد الطبق (شركة الإنتاج)
من التسوّق مروراً بالطهو وصولاً إلى التذوّق يغطّي البرنامج مراحل إعداد الطبق (شركة الإنتاج)

​دار برنامج «طعم السعودية» دورةً كاملة حول المملكة، وعاد بحكاياتِ أطباقٍ دخلت تاريخ البلاد وأضحت رمزاً للتراث المحلّي. بعفويّته وأسلوب تقديمه البسيط، استطاع الشيف هشام باعشن نقل الصورة والفكرة وحتى الرائحة الزكيّة عبر الشاشة، إلى كل منزلٍ سعودي وعربي من خلال منصة «شاهد»، التي تعرض البرنامج ذات الحلقات الـ15 والإيقاع السريع والسلس.

في كل حلقة، يزور المُشاهدون إحدى مناطق المملكة ويتعرّفون على طريقة إعداد أشهر أطباقها التقليدية؛ من الكبيبة، والرقش، والصياديّة، مروراً بالمليحية والمرقوق، وليس انتهاءً بالجريش والكليجة.

يخرج «طعم السعودية» عن النمط السائد في برامج الطهي، إذ ينضمّ إلى الشيف هشام زميلة أو زميلٌ له من المنطقة المقصودة ليُشرف على إعداد الطبق ويمنحَ تقييمه في ختام الحلقة. ولا تقتصر خصوصية البرنامج على هذه الثنائية في التقديم؛ بل تنسحب على هويته العامة التي تدمج ما بين المطبخ التقليدي، والسياحة المناطقية، والثقافة التراثية والمجتمعية.

لا يتحدّث الشيف هشام باعشن عن مجرّد برنامجٍ قدّمه؛ بل عن حلمٍ حققه، ففي حوار مع «الشرق الأوسط»، يقرّ الطاهي المعروف والمدوّن السعودي بأنّ «طعم السعودية» شكّل «نقلة نوعيّة ومحطة محوريّة» في مسيرته المهنية.

يتحدّث الشيف هشام باعشن عن نقلة نوعية في مسيرته (شركة الإنتاج)

هو الذي استقلّ السيارة وتنقّل بين شمال المملكة وجنوبها مروراً بوسطِها، استمتع بتلك الرحلة لأنه تعرّف من خلالها على مناطق في بلده لم يكن قد زارها سابقاً. «اكتشفت نكهاتٍ جديدة مع طهاةٍ هم الأفضل في مجالهم ومناطقهم»، يقول باعشن.

أما الطبيعة والتضاريس المتنوّعة ما بين صحراء، وبحر، وأشجار، وجبال، وصخور شاهقة، ومساحات خضراء، فلم تشكّل مفاجأةً ومتعة بصريّة للشيف فحسب؛ بل كذلك لمشاهديه.

لا يقتصر البرنامج على مطبخ السعودية بل يشكّل لمحة سياحية وثقافية (شركة الإنتاج)

أتاح «طعم السعودية» فرصة التعرّف على الخصائص الجغرافية لكل منطقة، بعيداً عن التنميط والأفكار السائدة. «لن أنسى تبوك وطبيعتها الجميلة، ولا الجوّ البارد والاخضرار في الباحة»، يعلّق باعشن. ولحائل حصة كذلك من انبهاره، «أما أبها فجمال لا يُضاهى، ومواسم الورد والمطر فيها لا مثيل لها في العالم».

يضيء الرئيس التنفيذي لشركة «Full Stop» المنتجة لـ«طعم السعودية» فهد الأحمد، على الأبعاد الإنسانية التي ركّز عليها البرنامج. «ليس الأمر مجرّد وصفة طبق أو جولة سياحية، فنحن بحثنا عن القصة والبشر والحس الإنساني المحيط بذاك الطبق»، يشرح الأحمد لـ«الشرق الأوسط». أما إنتاجياً، فكانت الأولوية للجودة العالية ولصورة تليق بـ«شاهد»، وفق ما يوضح الأحمد. «لكن في الوقت ذاته، أخذنا في الاعتبار بساطة التنفيذ وعدم البهرجة والتلميع»، وهذا خيارٌ يُحاكي المحتوى الواقعي للبرنامج، وما اعتادت أن تراه عين المُشاهد مؤخراً من خلال الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي.

العفويّة في التقديم أحد مفاتيح نجاح البرنامج (شركة الإنتاج)

لم يأتِ اختيار الشيف هشام باعشن صدفةً، فإضافةً إلى كونه عالماً في مجاله وصانع محتوى محترفاً، فهو يتقن لعبة الكاميرا ويعرف كيف يتعامل معها، وفق تعبير الأحمد. كما أنه يملك شبكة علاقات واسعة في مجال الطهي، ما أتاح له اختيار أفضل الطهاة على امتداد الخريطة السعودية.

نراه يقود سيارته ويتحدّث عبر كاميرا الهاتف إلى متابعيه، واصفاً ما يشاهد من مناظر خلّابة، ثم يصل إلى محطته، حيث يبحث عن الشيف الزميل ويتفقان على الوصفة التي سيعدّها باعشن. بعد ذلك، يتوجّه إلى السوق، حيث يبتاع مكوّنات الطبق، لينتقل لاحقاً إلى التحضير، يليه التذوّق والتقييم.

في كل منطقة سعودية يعدّ الشيف هشام الطبق التقليدي الخاص بها (شركة الإنتاج)

يحصل كل ذلك من دون تدريبٍ ولا نصوصٍ مُعدّة مسبقاً، ويؤكد الشيف هشام في هذا السياق، أن «الارتجال كان سيد الموقف، ما حصّنني بالراحة لإظهار شخصيتي العفوية كما هي». يضيف: «الأمر الوحيد المتفق عليه مسبقاً، كان أن ننسى أنّ أمامنا كاميرا، وأن نتصرف بطبيعية».

تلك البنية البسيطة حرص فريق عمل البرنامج على أن تتّسم بخصوصية عربية، فلا تكون مقتبسة عن برامج الطهي الغربية. ولا مانع بالتالي من إعادة تطبيق تلك الرؤية على مطابخ عربية أخرى في مواسم جديدة، وفق ما يشير الأحمد.

لكن قبل النُّسَخ العربية، من المحتمل كذلك أن يعود «طعم السعودية» بموسمٍ ثانٍ. بما أنّ أرض المملكة شاسعة، ومطبخها متنوّع كثيراً، فبالتأكيد لا تكفي 15 حلقة لتغطيته (المطبخ) كاملاً.

يخضع الطبق الذي يعدّه الشيف هشام لتقييم أبرز طهاة المنطقة (شركة الإنتاج)

انتقى البرنامج أبرز الأكلات التقليدية التي تمثّل المناطق، تماشياً مع إعلان «هيئة فنون الطهي السعودية» عن الأطباق التي ترمز إلى كل منطقة. وافتتاحية «طعم السعودية» كانت مع طبق المرقوق «إرث المطبخ النجدي» وأشهر أطباق الرياض. أما في القصيم، فكانت المحطة مع حلوى الكليجة التقليدية تحت إشراف الشيف «أم صالح»، وقد شكّل الأمر تحدياً بالنسبة للشيف بما أنه يحترف طبخ الأطباق المالحة، وليس الحلويات.

أما التحدّي الأكبر فكان في منطقة الباحة مع خبز المقنّاة الذي يُعدّ من بين أثمن خبز في العالم. يعلّق باعشن قائلاً إن «تحضير هذا الخبز كان أشبه بالعمل على لوحة فنية، وهي تجربة زادت فخري بالمطبخ السعودي».

طبق الجريش السعودي التقليدي رمز مطبخ الرياض (شركة الإنتاج)

لا يتردد الشيف بالقول إن «طعم السعودية» أضاف إلى خبرته ومعارفه المطبخية، ونقلَه إلى مستوى آخر. والأهم، وفق ما يقول، أنه أتاح له «ردّ بعض الجميل للأرض التي ربّتني وأطعمتني من خيراتها». وإذ يبدي استعداده لدورةٍ مطبخيّة جديدة حول السعودية، يختم الشيف هشام باعشن بالإفصاح: «وقعت في حب بلدنا من أول وجديد. ممنون جداً لهذه الرحلة».