ليبيا: تحشيد عسكري مثير في طرابلس... و«الردع» يستنفر قواته

بموازاة دعوات أوروبية لوقف التصعيد والانسحاب من مناطق المدنيين

صورة متداولة لتحرك «الكتيبة 166» باتجاه طرابلس
صورة متداولة لتحرك «الكتيبة 166» باتجاه طرابلس
TT

ليبيا: تحشيد عسكري مثير في طرابلس... و«الردع» يستنفر قواته

صورة متداولة لتحرك «الكتيبة 166» باتجاه طرابلس
صورة متداولة لتحرك «الكتيبة 166» باتجاه طرابلس

تشهد العاصمة الليبية، طرابلس، تصعيداً عسكرياً مثيراً للقلق، رغم الدعوات الأوروبية للحوار السلمي ورفض التصعيد، وتأكيد مجلس النواب رفضه أي وجود عسكري أجنبي.

ورصدت وسائل إعلام محلية استمرار توافد الآليات المسلحة والمدرعات من مدينة مصراتة (غرب) باتجاه طرابلس، ونشرت لقطات لمرور رتل مسلح جديد من الطريق الساحلي، قادماً من مصراتة في اتجاه العاصمة، مشيرة إلى تحريك «الكتيبة 166»، التابعة لوزارة الدفاع بحكومة «الوحدة» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، آلياتها المدعومة بالمدرعات والدبابات من مصراتة إلى طرابلس.

انتشار أمني بطرابلس (داخلية الوحدة)

ونفى «جهاز الردع» بقيادة عبد الرؤوف كارة، في بيان، وجود أي اتفاقية مع حكومة الدبيبة، وأكد وجود قواته في مواقعها بشكل طبيعي، لافتاً إلى أنه «ليس طرفاً في أي تصعيد، ومَن يحاول التصعيد معروف، وهو مَن يتحمل مسؤولية قراراته».

وجاء البيان عقب تسريبات من اجتماع جرى في قاعدة معيتيقة، بين قادة جهاز الردع وأعيان سوق الجمعة، برفض تسليم القاعدة لأي طرف كان، وإعلان الجهاز حالة الطوارئ، وإعداد تجهيزاته الكاملة مع حلفائه للدفاع عنها.

بدوره، نفى «حراك أبناء سوق الجمعة» ما يُشاع عن تسليم مطار معيتيقة لميليشيات تابعة لحكومة الدبيبة، مؤكداً أن القرار والسيادة في المنطقة بيد أهلها فقط. وأوضح في بيان أن الحديث عن مهلة الـ48 ساعة «مجرد أكاذيب، وما يُروّج عن أرتال عسكرية ليس إلا مسرحية».

وأكد الحراك أن مطار معيتيقة، الواقع في قلب منطقة سوق الجمعة شرق طرابلس، يمثل المطار المدني والعسكري الأهم في العاصمة، و«لن تُفرَض عليه أي وصاية خارجية». كما أعلن بعض أعيان ومخاتير محلات المنطقة الغربية رفضهم ما وصفوها بـ«التحركات العسكرية المشبوهة»، وتوافد الأرتال المسلحة باتجاه طرابلس.

وأكد المشاركون في بيان مساء الجمعة، خلال وقفة احتجاجية أمام مقر بعثة الأمم المتحدة في جنزور، أن هذه التحركات تتم «بتحريض من حكومة الدبيبة»، عادّين أنها تستهدف زعزعة الأمن، وعرقلة المسار السياسي.

من جهته، اتهم معمر الضاوي، آمر «الكتيبة 55 مشاة»، ما وصفها بـ«عصابات مرتزقة» من تشاد ونيجيريا، بالتورط في الاعتداءات الأخيرة التي شهدتها المنطقة، عبر استغلال الأوضاع لمحاولة العبث بأمن واستقرار الأهالي. وتعهّد بملاحقة هذه المجموعات وتقديمها للعدالة، داعياً الحكماء والأعيان وأجهزة الأمن للتعاون المباشر مع مكتب النائب العام لتسليم الفارين من العدالة، وأكد أن الاعترافات التي أدلى بها المعتقلون أظهرت تورط خليط من الخارجين عن القانون مع مرتزقة أجانب.

وبثت «الكتيبة 55 مشاة» تسجيلاً مصوراً لما وصفته باعتراف أحد عناصر «جهاز الأمن العام»، التابع لعبد الله الطرابلسي، شقيق وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي، بمحاولة اغتيال الضاوي في منطقة المعمورة في ورشفانة أخيراً، رفقة 15 عنصراً من الجهاز.

بدورها، أكدت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، مواصلة تنفيذ الخطة الأمنية المشتركة، الصادرة من مديرية أمن طرابلس، الهادفة إلى تأمين العاصمة وتعزيز الأمن في شوارعها وميادينها. وأوضحت أن هذه الخطوة تأتي في إطار حرصها على حفظ الأمن والاستقرار، وضمان سلامة المواطنين، والحفاظ على النظام العام.

قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر (الجيش الوطني)

في غضون ذلك، نفى مصدر مسؤول بإعلام الجيش الوطني، صحة خطاب مزور منسوب لقيادته، على خلفية ما يحدث في طرابلس، تضمَّن أوامر بتحركات عسكرية، ورفع حالة الطوارئ في بعض المناطق.

في سياق ذلك، وصف السفير المالطي تشارلز صليبا، الوضع في طرابلس بأنه لا يزال هشّاً، وعدّ في بيان مقتضب على منصة «إكس»، مساء الجمعة، أن الشعب الليبي «يستحق أفضل بكثير من هذا الدوران في حلقة الصراع»، مشيراً إلى شعوره بمسؤولية عميقة لإضافة صوته إلى الأصوات الداعية للسلام.

بدوره، أعرب سفير الاتحاد الأوروبي، نيكولا أورلاندو، عن قلقه البالغ إزاء ما وصفها بـ«التطورات الأمنية المثيرة للقلق» في طرابلس، داعياً في بيان جميع الأطراف إلى حل الخلافات عبر الحوار السلمي، وبإشراف بعثة الأمم المتحدة، مع التشديد على ضرورة تجنب أي أعمال تهدد الاستقرار.

وطالب أورلاندو جميع القوات الأمنية بالانسحاب الفوري من المناطق العمرانية حفاظاً على سلامة المدنيين، مشيراً إلى استعداد الاتحاد الأوروبي لدعم الجهود الأممية، الرامية إلى حماية المدنيين، ومنع انزلاق الأوضاع نحو مزيد من المعاناة والدمار.

مجلس النواب يعلن رفضه القاطع استمرار أي وجود عسكري أجنبي على الأراضي الليبية (النواب)

إلى ذلك، أعلن مجلس النواب رفضه القاطع لاستمرار أي وجود عسكري أجنبي على الأراضي الليبية، تحت أي مسمى أو مبرر، عادّاً أن هذا الوجود يمثّل مساساً مباشراً بالسيادة الوطنية، ويعوق مسار الحل الليبي - الليبي.

وقال النائب الثاني لرئيس المجلس، مصباح دومة، في بيان مساء الجمعة، إن التدخلات العسكرية السابقة «أسهمت في تأجيج الصراع الداخلي، وفتحت الباب أمام تناقضات إقليمية، زادت من تعقيد الأزمة وإطالة أمدها». وأكد أن أمن ليبيا لا يُبنى إلا عبر حكومة موحدة تشرف على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتعمل على توحيد مؤسسات الدولة على كامل التراب الليبي، مشدداً على أن السيادة الوطنية «ليست محل مساومة».

كما دعا المجتمع الدولي، خصوصاً مجلس الأمن، والأطراف السياسية المحلية، ولجنة 55، إلى اتخاذ خطوات عملية لإنهاء الوجود العسكري الأجنبي، وفتح الطريق أمام علاقات متوازنة ومسؤولة تحفظ استقلال ليبيا وتدعم استقرارها.

وصول خالد حفتر إلى موسكو (الجيش الوطني)

من جهة ثانية، بدأ رئيس أركان الجيش الوطني، الفريق خالد حفتر، زيارة رسمية إلى روسيا، حيث استقبله نائب وزير الدفاع الروسي، الفريق يونس بك يفكيروف. وأدرجت شعبة الإعلام الحربي بالجيش هذه الزيارة في إطار تعزيز علاقات التعاون بين البلدين، وبحث آفاق التنسيق المشترك في مجالات التدريب، وتبادل الخبرات، وتطوير القدرات الدفاعية.


مقالات ذات صلة

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق البلديات

شمال افريقيا صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق البلديات

تنتظر المفوضية العليا للانتخابات الليبية أحكام المحاكم المختصة في 7 طعون بالبلديات التي أجريت بها عملية الاقتراع السبت الماضي؛ لإعلان النتائج الأولية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)

حمّاد لا يرى حلاً للأزمة الليبية عبر «تدخلات الخارج»

دعا أسامة حمّاد رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب «أبناء الوطن كافة إلى الالتحاق بركب التنمية بعيداً عن أي تدخلات أو إملاءات خارجية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس يتفقون على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق» بشأن الأزمة الليبية (وزارة الخارجية المصرية)

مصر والجزائر وتونس تجدد دعمها لإجراء الانتخابات الليبية

اتفق وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق في إطار الآلية الثلاثية» بما يسهم في دعم الشعب الليبي لتحقيق تطلعاته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال افتتاح «المتحف الوطني» في طرابلس الذي أثار انتقادات عدد كبير من الليبيين (رويترز)

ليبيا: أزمة السيولة واحتياجات المواطنين تفجّران جدلاً حول «مشاريع التنمية»

هيمنت أزمة نقص السيولة على المشهد الليبي؛ في ظل اصطفاف المواطنين أمام المصارف لساعات طويلة، إلى جانب نقاشات موسعة مع خبراء ومسؤولين حول سبل المعالجة.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا افتتاح «الحوار المهيكل» في ليبيا (أرشيفية - البعثة الأممية)

مصراتة تنتفض لـ«حل الأجسام المسيطرة» على المشهد الليبي

دافعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، مجدداً، عن «الحوار المهيكل» الذي ترعاه في العاصمة طرابلس، رغم الجدل المثار حول إمكانية نجاحه.

خالد محمود (القاهرة )

«حارس قضائي» حوثي يصادر أملاك أمين عام «مؤتمر صنعاء»

مبنى اللجنة الدائمة التابع لحزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (الشرق الأوسط)
مبنى اللجنة الدائمة التابع لحزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

«حارس قضائي» حوثي يصادر أملاك أمين عام «مؤتمر صنعاء»

مبنى اللجنة الدائمة التابع لحزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (الشرق الأوسط)
مبنى اللجنة الدائمة التابع لحزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (الشرق الأوسط)

في تصعيد جديد ضمن سياسة التضييق والنهب المنظم، أقدمت الجماعة الحوثية، على تمكين من تُسميه «الحارس القضائي»، من الاستيلاء على ممتلكات وأصول تعود لأسرة أمين عام جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، غازي علي الأحول، الذي لا يزال رهن الاعتقال منذ أغسطس (آب) الماضي، في ظروف قمعية.

وجاءت هذه الخطوة، عقب ضغوط مارستها الجماعة الحوثية على قادة جناح الحزب الموالي لها في صنعاء، انتهت باتخاذ قرار بفصل الأحول من منصبه، في سابقة أثارت موجة غضب واسعة داخل الأوساط المؤتمرية، وعُدت «امتداداً لمسلسل إخضاع الحزب وتفريغه من قياداته غير المنسجمة مع توجهات الجماعة».

وحسب مصادر في الحزب، فإن الحارس القضائي الحوثي وضع يده، بموجب تعليمات الجماعة، على ممتلكات عقارية وتجارية تابعة لأسرة الأحول في العاصمة المختطفة صنعاء، شملت مباني وشركات وأصولاً أخرى، بعضها غير مسجل رسمياً باسم الأسرة، ما يكشف - وفق المصادر - الطابع الانتقامي والسياسي للإجراءات، بعيداً عن أي مسوغ قانوني.

الأمين العام لحزب «المؤتمر الشعبي» بصنعاء غازي الأحول (فيسبوك)

وتفيد المصادر ذاتها، بأن الحارس القضائي كان قد شرع مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في عملية حصر وتتبع دقيقة لجميع ممتلكات الأحول وعائلته، تمهيداً لمصادرتها، في إطار سياسة اعتمدتها الجماعة منذ سنوات لملاحقة الخصوم السياسيين ورجال الأعمال والتجار والبرلمانيين، عبر أدوات قسرية وذرائع قانونية مُفبركة.

وفي محاولة لتبرير هذه الخطوة، يروّج الحوثيون لوجود «شراكة» مزعومة بين أسرة الأحول ونجل الرئيس اليمني الأسبق أحمد علي عبد الله صالح. غير أن مصادر مطلعة، كشفت عن ضغوط متزامنة تمارسها قيادات حوثية بارزة، لإحالة الأمين العام المعتقل إلى قضاء خاضع للجماعة في صنعاء، تمهيداً لمحاكمته بتهمة «الخيانة».

رفض حزبي

وجاءت إجراءات المصادرة الحوثية، عقب إجبار قادة جناح «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الجماعة، على عقد اجتماع تنظيمي في صنعاء، اتُخذ فيه قرار فصل الأحول، وتعيين شخصية مقرّبة منها، نائباً لرئيس الجناح، وسط انتقادات حادة لتجاهل الاجتماع، قضية اعتقال الأمين العام، وعدم المطالبة بالإفراج عنه، فضلاً عن التغاضي عن الحصار المفروض على منزل رئيس الجناح وعدد من القيادات.

وفي ردود الأفعال، وصف أحمد عبادي المعكر، القيادي في الحزب، قرار فصل الأمين العام، بأنه «منعدم الشرعية وباطل مضموناً وشكلاً»، عادّاً أنه يندرج ضمن «تخلٍ سياسي موثق ومكتمل الأركان».

صادق أبو رأس رئيس جناح حزب «المؤتمر» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وأكد المعكر أن ما جرى «لا يمكن توصيفه بأنه خلاف تنظيمي داخلي، بل هو بيع سياسي واضح للمواقف من أجل المصالح»، مشدداً، على «أن التاريخ سيسجل هذه الخطوة بوصفها سابقة تسقط الهيبة وتفتح باب المساءلة». وأضاف أن «القيادة التي تعجز عن حماية أمينها العام وهو معتقل، لا تملك أخلاقياً ولا سياسياً، صلاحية محاسبته أو فصله».

وأشار إلى أن القرار صدر «من دون جلسة قانونية، ومن دون تمكين الأمين العام من حق الدفاع، في وقت كان غائباً قسراً خلف القضبان»، عادّاً «أن الصمت على اعتقاله يمثل إدانة، وأن القرار ذاته بات وثيقة لا تمحى».

من جهتها، استنكرت أسرة أمين عام جناح «مؤتمر صنعاء»، موقف قادة الجناح الموالين للحوثيين، وعدت ما جرى «تخلياً مخجلاً». وقال شقيقه، عتيق الأحول، في منشور على «فيسبوك»، إن الموقف كان «محبطاً ومهيناً»، لافتاً إلى أن أياً من قادة الجناح، لم يصدر بيان تنديد أو حتى مطالبة بالإفراج عنه، في وقت تتعرض فيه الأسرة للمصادرة والضغط والتهديد.


37 ألف مهاجر غير شرعي إلى اليمن خلال 4 أشهر

السواحل الشرقية لليمن تتحول إلى قبلة للمهاجرين غير الشرعيين (إعلام محلي)
السواحل الشرقية لليمن تتحول إلى قبلة للمهاجرين غير الشرعيين (إعلام محلي)
TT

37 ألف مهاجر غير شرعي إلى اليمن خلال 4 أشهر

السواحل الشرقية لليمن تتحول إلى قبلة للمهاجرين غير الشرعيين (إعلام محلي)
السواحل الشرقية لليمن تتحول إلى قبلة للمهاجرين غير الشرعيين (إعلام محلي)

على الرغم من تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، وسط تراجع التمويل الدولي للمساعدات، وتصاعد القيود التي فرضتها الجماعة الحوثية على عمل المنظمات الإنسانية، بما في ذلك مداهمة مكاتب الأمم المتحدة واعتقال العشرات من موظفيها، لا تزال البلاد تستقبل شهرياً آلاف المهاجرين غير الشرعيين القادمين من دول القرن الأفريقي، في مشهد يعكس تعقيدات إنسانية وأمنية متشابكة.

وأفادت تقارير محلية وحقوقية بأن السواحل الشرقية لليمن، خصوصاً في محافظة شبوة، تحولت خلال الفترة الأخيرة إلى وجهة رئيسية للمهاجرين غير النظاميين، بعد تشديد الرقابة الأمنية على السواحل الغربية.

وتتهم منظمات حقوقية، الجماعة الحوثية وشبكات تهريب منظمة، بالتورط في انتهاكات واسعة النطاق بحق هؤلاء المهاجرين؛ تشمل التعذيب، والاغتصاب، والاحتجاز التعسفي، والاستغلال، وصولاً إلى التجنيد القسري للقتال.

شبكات التهريب تجني ملايين الدولارات من نقل المهاجرين إلى اليمن (إعلام حكومي)

وفي هذا السياق، ذكرت شرطة محافظة شبوة أن قارب تهريب أنزل خلال الأيام الماضية، 180 مهاجراً غير شرعي من حملة الجنسية الإثيوبية على ساحل مديرية رضوم، في موجة جديدة من تدفق المهاجرين إلى البلاد.

وأوضحت أن 4 بحارة من الجنسية الصومالية كانوا يقودون القارب، مشيرة إلى «اتخاذ الإجراءات الأمنية والقانونية اللازمة للتعامل مع هذه الظاهرة، بما يحفظ الأمن والاستقرار، ويحدّ من المخاطر الناجمة عن تدفقات الهجرة غير النظامية».

تجارة مربحة

وبحسب مصادر أمنية ومحلية يمنية، أصبحت محافظة شبوة قبلة رئيسية للمهاجرين غير الشرعيين، مستفيدة من اتساع سواحلها وضعف الإمكانات الرقابية، الأمر الذي شجع شبكات التهريب على نقل نشاطها إليها.

وتشير تقارير حكومية إلى أن هذه الشبكات تجني ملايين الدولارات سنوياً من تهريب المهاجرين إلى اليمن، مستغلة أوضاعهم الاقتصادية الصعبة وهشاشتهم الاجتماعية.

وفي تقرير حديث أصدره «المركز الأميركي للعدالة» (منظمة حقوقية يمنية في الولايات المتحدة)، أكد أن اليمن تحول إلى «ساحة مفتوحة لانتهاكات جسيمة بحق المهاجرين غير النظاميين»، في ظل غياب الحماية القانونية، وضعف التنسيق الإقليمي والدولي، واستفحال نشاط شبكات الاتجار بالبشر، وتداخلها مع أطراف مسلحة.

اتهامات بتورط الحوثيين في تهريب المهاجرين وتجنيدهم في الأعمال العسكرية (إعلام حكومي)

وأوضح التقرير الذي حمل عنوان «الهروب إلى الموت»، أن الطريق الشرقي للهجرة بات مسرحاً منظماً لعمل شبكات تهريب معقدة تحقق أرباحاً ضخمة، مستفيدة من تقاعس دول العبور عن مكافحة هذه الظاهرة، ومن استمرار النزاع المسلح في اليمن.

ووفقاً للتقرير الحقوقي، شهد اليمن تدفقات بشرية متصاعدة خلال السنوات الأخيرة، حيث دخل البلاد 77 ألف مهاجر في عام 2022، و97 ألفاً في 2023، و81,342 مهاجراً في 2024، فيما تجاوز عدد الوافدين 37 ألف مهاجر خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي فقط. وتتوقع السلطات أن يتضاعف هذا الرقم مع نهاية العام، رغم ظروف الحرب والانهيار الإنساني.

ووثق المركز الحقوقي 661 انتهاكاً بحق المهاجرين غير الشرعيين خلال الفترة بين 2023 و2025؛ «شملت الاختطاف، والاحتجاز التعسفي، والتعذيب، والاغتصاب، والاستغلال، والتجنيد القسري، إضافة إلى القتل والوفاة جوعاً».

وحمل التقرير، شبكات التهريب، مسؤولية 45 في المائة من هذه الانتهاكات، فيما نسب 35 في المائة منها إلى جماعة الحوثي، وتوزعت النسبة المتبقية على أطراف أخرى مرتبطة بالصراع.

تداعيات خطرة

وحذر التقرير الحقوقي من «التداعيات الخطرة لانخفاض المساعدات الدولية، الذي دفع بعض النساء والفتيات إلى التعرض للاستغلال الجنسي القسري مقابل الغذاء والمأوى». وأشار إلى أن المهاجرين الإثيوبيين يشكلون نحو 89 في المائة من إجمالي المهاجرين، مقابل 11 في المائة من الصوماليين، لافتاً إلى تسجيل 585 حالة وفاة غرقاً خلال العام الماضي وحده.

ودعا المركز الحقوقي، المجتمع الدولي، إلى «اتخاذ إجراءات حازمة ضد شبكات الاتجار بالبشر، وتفعيل مسارات قانونية لحماية المهاجرين»، كما طالب جماعة الحوثي بوقف تجنيد المهاجرين واحتجازهم في مراكز غير مطابقة للمعايير الإنسانية. وحضّ دول القرن الأفريقي، خصوصاً إثيوبيا والصومال، على معالجة جذور الهجرة غير النظامية، والعمل على إعادة مواطنيها المحتجزين.

وأكد المركز أن «الصمت الدولي إزاء الانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون غير الشرعيين في اليمن، يعني استمرار نزيف الأرواح، في سياق لا يُنظر فيه إلى هؤلاء المهاجرين بوصفهم بشراً لهم حقوق»، متعهداً «مواصلة التوثيق والمناصرة القانونية لمساءلة المتورطين».


العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
TT

العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، يوم الأحد، الشركاء في المجلس الانتقالي الجنوبي إلى «تغليب الحكمة ولغة الحوار».

وأوضح مصدر في مكتب رئاسة الجمهورية أن العليمي دعا كذلك إلى «تجنيب الشعب اليمني والأمن الإقليمي والدولي، تهديدات غير مسبوقة، وعدم التفريط بالمكاسب المحققة خلال السنوات الماضية بدعم من تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، وفي المقدمة مكاسب القضية الجنوبية العادلة».

وقال المصدر إن رئيس مجلس القيادة الرئاسي وجّه «باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية بحق أي تجاوزات تمس وحدة القرار، أو تحاول فرض أي سياسات خارج الأطر الدستورية، ومرجعيات المرحلة الانتقالية».

وشدّد على أن «القيادة السياسية الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي هي الجهة الوحيدة المخولة بتحديد المواقف السياسية العليا للدولة، وبالتالي فإن استغلال السلطة، واستخدام الصفة الوظيفية، أو المنصب الرسمي لتحقيق مكاسب سياسية، يعد خرقاً جسيماً للدستور والقانون».

كما نقل المصدر عن العليمي دعوته «كافة المكونات السياسية، وأبناء الشعب اليمني، الالتفاف حول مشروع الدولة الوطنية، وحشد كافة الطاقات نحو معركة استعادة مؤسسات الدولة، وإسقاط انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وإنهاء المعاناة الإنسانية».