علاج مركَّب يُخفّض الوزن ويحافظ على كتلة العضلات

لتقليل آثار الأدوية الجديدة للتخلص من السمنة

 حقنة من عقار «سيماغلوتيد» لخفض الوزن
حقنة من عقار «سيماغلوتيد» لخفض الوزن
TT

علاج مركَّب يُخفّض الوزن ويحافظ على كتلة العضلات

 حقنة من عقار «سيماغلوتيد» لخفض الوزن
حقنة من عقار «سيماغلوتيد» لخفض الوزن

ضمن فعاليات المؤتمر السنوي الخامس والثمانين للجمعية الأميركية للسكري، عُرضت في 23 يونيو (حزيران) الماضي نتائج دراسة «بليف» في المرحلة 2 بي Phase 2b BELIEVE Study. وأظهرت نتائج الدراسة أن الاستخدام المُشترك لعقار «سيماغلوتيد» Semaglutide (لخفض وزن الجسم ككل وخفض شحوم الجسم) مع عقار تجريبي يُدعى «بيماغوروماب» Bimagrumab (للحفاظ على الكتلة العضلية للجسم)، أدى إلى فقدان كبير في كتلة الشحوم مع الحفاظ على كتلة العضلات.

ووفق ما تشير إليه المصادر الطبية، فإن فقدان كتلة العضلات يُعدّ مصدر قلق طبي مُتزايد، مع ارتفاع معدلات استخدام عقاقير مُنشّطات GLP-1 لفقدان الوزن، إذ يقدِّر «بعض» الدراسات أن الكمية المفقودة من «الكتلة غير الدهنية للجسم» تصل إلى 40 في المائة من إجمالي كتلة الجسم المفقودة نتيجة تلقي أدوية مُنشّطات GLP-1 لفقدان الوزن.

وإزاء هذه المشكلة، فإن أحد الحلول المطروحة والمُحتملة الفائدة، هو دمج تلقي العقار الذي يخفض الوزن بالعموم مع تلقي عقار آخر يعمل على حفظ الكتلة العضلية للجسم. وهذا العقار المُقترح هو «بيماغوروماب».

آلية جديدة لعلاج السمنة

• عقار «سيماغلوتيد» (أوزمبيك) هو أحد أشهر العقاقير التي تُستخدم حالياً على نطاق واسع في خفض الوزن لمعالجة السمنة. وهو من فئة «مُنشطات مستقبلات الببتيد -1 الشبيه بالغلوكاجون GLP-1». ويعمل عقار «سيماغلوتيد» على زيادة إنتاج الأنسولين، وبالتالي خفّض مستوى السكر في الدم. كما أنه يُقلل من الرغبة في تناول الطعام عن طريق خفض الشهية وإبطاء عملية الهضم في المعدة، وبالتالي خفض وزن الجسم.

ولكن تظل الإشكالية في تسببه أيضاً بفقدان الكتلة العضلية في الجسم، التي يعد وجودها وتوفرها أمراً على درجة عالية من الأهمية للإنسان؛ وذلك لسببين: الأول أن توفر الكتلة العضلية يُعطي هيكل الجسم ثباتاً وقدرة على أداء الحركة والنشاط البدني. والآخر أن الكتلة العضلية هي مكان حرق الدهون في الجسم، وبفقدانها تضعف قدرة الجسم على التخلص من الشحوم.

• عقار «بيماغوروماب» يتكون من أجسام مضادة وحيدة النسيلة Monoclonal Antibody. وتعتمد آلية عمله على «إعاقة» و«تعطيل» مسارات الأكتيفين Activin Pathways. ومسارات الأكتيفين حال نشاطها تعمل على خفض نمو كتلة العضلات وزيادة تخزين الدهون في الأنسجة الدهنية Adipose Tissue. وبالتالي يُؤدي تلقي هذا العقار في نهاية الأمر إلى زيادة كتلة العضلات وخفض كتلة الشحوم في الجسم.

وأفاد الباحث الرئيس في الدراسة، ستيفن ب. هيمسفيلد، أستاذ ومدير مختبر تكوين الجسم-الأيض في «مركز بينينغتون للأبحاث الطبية الحيوية» التابع لجامعة ولاية لويزيانا، خلال الجلسات العلمية الخامسة والثمانين للجمعية الأميركية للسكري، بأن الدراسة قارنت بين تلقي عقار «بيماغوروماب» وعقار «سيماغلوتيد»، كلٌّ على حدة وبالاشتراك معاً، لعلاج السمنة. وقال: «نقدم آلية جديدة كلياً لإدارة معالجة السمنة. لقد سمعنا الكثير عن عقاقير مُنشّطات GLP-1 لفقدان الوزن. وستكون هذه آلية فريدة مع (بيماغوروماب)، وهو دواء ذو آلية عمل مختلفة تماماً».

وأوضح الباحث المشارك في الدراسة، الدكتور لويس جيه. أرون، أستاذ أبحاث التمثيل الغذائي ومدير مركز التحكم الشامل في الوزن في كلية طب وايل كورنيل بنيويورك، أن تأثيرات «بيماغوروماب» تُكمّل تأثيرات أدوية GLP-1 ومثبطات الشهية الأخرى.

وأضاف أن الاستخدامات المحتملة للدواء تشمل استخدامه علاجاً إضافياً لمُنشطات GLP-1 لعلاج السمنة، أو بديلاً لتلقي أنواع عقاقير الإنكريتين في الأشخاص الذين لا يتحملونها أو لا يستجيبون لها بشكل كافٍ.

نتائج متميزة

ويتوفر حالياً نوعان من عقاقير الإنكريتين: الأول مُنشّطات GLP-1 (مثل أوزمبيك)، والآخر مثبطات ديبيبتيديل ببتيداز 4 DPP4 (مثل مونجارو). وكلاهما يُستخدم لخفض نسبة سكر الدم، ولخفض الوزن.

ولذا أضاف الدكتور لويس جيه. أرون أن الاستخدامات المحتملة للدواء (بيماغوروماب) تشمل استخدامه علاجاً مساعداً لمنشطات GLP-1 لعلاج السمنة، وذلك بديلاً للإنكريتينات للأشخاص الذين لا يستطيعون تحملها أو لتنشيط التأثير لدى الذين لا يستجيبون لها بشكل كافٍ، وأيضاً بوصفه علاجاً مفضلاً محتملاً للحفاظ على استمرارية التأثر في خفض الوزن Maintenance Therapy.

وذكر الباحثون في نتائج دراستهم إلى الأسبوع الـ72 أنه:

- انخفض وزن الجسم بنسبة 22.1 في المائة عن خط الأساس في المجموعة التي تلقت العقارين معاً. مقارنةً بانخفاضات بنسبة 15.7 في المائة مع «سيماغلوتيد» وحده و10.8 في المائة مع «بيماغوروماب» وحده.

- بلغت نسبة فقدان كتلة الدهون 45.7 في المائة في المجموعة التي تلقت العقارين معاً. مقابل 27.8 في المائة مع «سيماغلوتيد» وحده، و28.5 في المائة مع «بيماغوروماب» وحده

- بلغت نسبة فقدان كتلة العضلات الخالية من الدهون 2.9 في المائة في المجموعة التي تلقت العقارين معاً، مقارنةً بفقدان 7.4 في المائة مع «سيماغلوتيد» وحده، و«زيادة» كتلة العضلات بنسبة 2.5 في المائة مع «بيماغوروماب» وحده.

- نسبة المشاركين الذين حققوا فقداناً في الوزن بنسبة 20 في المائة أو أكثر كانت 70 في المائة في المجموعة التي تلقت العقارين معاً، مقابل 25 في المائة مع «سيماغلوتيد» وحده، و11 في المائة مع «بيماغوروماب» وحده.

- نسبة الذين حققوا انخفاضاً في كتلة الدهون بنسبة 30 في المائة أو أكثر كانت 94 في المائة في المجموعة التي تلقت العقارين معاً. مقارنةً مع نسبة 36.4 في المائة مع «سيماغلوتيد» وحده، و50 في المائة مع «بيماغوروماب» وحده.

- انخفضت شحوم البطن Visceral Adipose Tissue، ومحيط الخصر Waist Circumference، بشكل أكبر في كل من المجموعة التي تلقت العقارين معاً، التي تلقت «بيماغوروماب» وحده، مقارنةً بانخفاض أقل في المجموعة التي تلقت «سيماغلوتيد» وحده.

إشكاليات وآثار جانبية

ولكن ظهرت إشكالية مع حصول «ارتفاع عابر» في مستويات الكوليسترول الكلِّي والكوليسترول الخفيف (الضار) LDL في الدم عند المجموعة التي تلقت العقارين معاً. أي ارتفع ثم عاد إلى مستواه الذي سبق تلقي العقارين معاً. بينما في المجموعة التي تلقت «بيماغوروماب» وحده، حصل الارتفاع، ثم انخفض، ولكن ليس إلى المعدل الذي كان قبل تلقي «بيماغوروماب» وحده. وهو ما علق عليه الدكتور لويس جيه. أرون بالقول: «أعتقد أننا بحاجة إلى مزيد من البحث لمعرفة ذلك».

وحول ملاحظة ارتفاع الكوليسترول الخفيف ضمن نتائج هذه الدراسة، علق البروفسور سيميون تايلور، أستاذ الطب بجامعة ميريلاند في بالتيمور، قائلاً بـ«العموم» إن بيانات الفاعلية كانت «مذهلة»، وإن هذا المزيج «حقق فاعلية غير مسبوقة، وتحديداً مزيج فقدان كتلة الدهون وزيادة كتلة الجسم الخالية من الدهون. وقد صاحبت هذه التغييرات تحسينات إكلينيكية ذات دلالة إحصائية في ضغط الدم ومؤشرات نسبة السكر في الدم. وسيكون من الضروري فهم تأثير ذلك على النتائج الإكلينيكية «الصعبة» مثل نتائج تلقي هذا العقار على إصابات أمراض القلب والأوعية الدموية.

ومع ذلك، أضاف البروفسور تايلور أن التجربة أثارت بعض المخاوف المتعلقة بالسلامة، لا سيما ارتفاع مستوى الكوليسترول الخفيف، الذي وصفه الباحثون بأنه عابر، لكنهم لم يقدموا بيانات حول التدابير التي ربما اتخذها الأطباء المشاركون في الدراسة للتخفيف من هذا الارتفاع. وقال: «من المهم للباحثين توضيح كيفية إدارة تلقي جرعات الستاتينات (أدوية خفض الكوليسترول). إذا كانت الآثار الجانبية لدواء (بيماغوروماب) عابرة (أي عاد وحده إلى مستواه الأساسي)، فقد يكون ذلك سيناريو إيجابياً. أما إذا عاد مستوى الكوليسترول الخفيف إلى مستواه الأساسي بسبب زيادة جرعات الستاتينات، فستكون لذلك آثار مختلفة».

والواقع أن ارتفاع الكوليسترول لم يكن هو الأثر الجانبي الوحيد لعقار «بيماغوروماب»، بل شملت الآثار الجانبية الشائعة لدى المجموعات التي تناولت «بيماغوروماب» تشنجات عضلية، والإسهال، وحب الشباب. وتوقف 9 في المائة من المرضى عن العلاج بسبب الآثار الجانبية على مدى 72 أسبوعاً. ولم تحدث أي وفيات.

وعلق البروفسور تايلور قائلاً: «إن بيولوجيا مستقبلات الأكتيفين معقَّدة للغاية. ومن الصعب التنبؤ بجميع مخاوف السلامة المحتملة. وستوفر دراسات المرحلة الثالثة واليقظة الدوائية فهماً أفضل». وأضاف أن بعض مشكلات السلامة المحتملة لا تظهر إلا عند تناول عدد كبير من الأشخاص للدواء لفترات طويلة، وأكد أن «أدوية السمنة، بطبيعة الحال، مُلزمة بأن يكون لديها ملف سلامة نظيف للغاية».


مقالات ذات صلة

أطعمة تحتوي على بروتين أكثر من البيض

صحتك البيضة الكبيرة تحتوي على 6.3 غرام من البروتين (رويترز)

أطعمة تحتوي على بروتين أكثر من البيض

يُعدّ البيض مصدراً ممتازاً للبروتين، إذ تحتوي كل بيضة كبيرة على نحو 6.3 غرام من البروتين، ولكنه ليس الخيار الوحيد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك مواطنون يمارسون الرياضة في صالة رياضية في الأردن (أرشيفية - رويترز)

هذه التمارين تساعدك في الحصول على دماغ أصغر سناً وأكثر صحة

وجد الباحثون أن الأشخاص الذين لديهم مستويات عالية من الدهون المتراكمة في منطقة البطن لديهم أدمغة أكبر سناً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك العمر يتقدّم لكنّ الحركة لا تفقد معناها (شاترستوك)

بعد الخامسة والثلاثين... الجسد يبدأ العدّ التنازلي

تصل القدرة البدنية للإنسان إلى ذروتها في سنّ الـ35 عاماً، وتبدأ في التدهور بعد ذلك بوقت قصير، وفق دراسة استمرَّت عقوداً...

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يُعد التهاب البروستاتا من أكثر مشكلات الجهاز البولي شيوعاً لدى الرجال (رويترز)

تأثير الجو البارد على التهاب البروستاتا

تُعد البروستاتا غدة حساسة جداً للتغيرات المفاجئة في درجات الحرارة. وحتى تغير بسيط بدرجة حرارة الجسم أو تكييف الهواء يمكن أن يحفز عملية التهابية فيها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك الاختبار يقيس مستويات بروتينات معينة في الدم تتنبأ بخطر الوفاة (رويترز)

اختبار دم بسيط قد يكشف عن احتمالية الوفاة خلال العقد القادم

توصلت مجموعة من الباحثين إلى اختبار دم بسيط يقيس مستويات بروتينات معينة يمكن أن يكشف لك عن احتمالية وفاتك خلال العقد القادم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أطعمة تحتوي على بروتين أكثر من البيض

البيضة الكبيرة تحتوي على 6.3 غرام من البروتين (رويترز)
البيضة الكبيرة تحتوي على 6.3 غرام من البروتين (رويترز)
TT

أطعمة تحتوي على بروتين أكثر من البيض

البيضة الكبيرة تحتوي على 6.3 غرام من البروتين (رويترز)
البيضة الكبيرة تحتوي على 6.3 غرام من البروتين (رويترز)

يُعدّ البيض مصدراً ممتازاً للبروتين، إذ تحتوي كل بيضة كبيرة على نحو 6.3 غرام من البروتين، ولكنه ليس الخيار الوحيد، بل إن هناك العديد من الأطعمة الأخرى التي تحتوي على كمية بروتين أكبر من البيض.

وحسب موقع «فيري ويل هيلث» فإن أبرز هذه الأطعمة هي:

الزبادي اليوناني

تحتوي عبوة 1.5 غرام من الزبادي اليوناني على كمية من البروتين تقدر بنحو 16.1 غرام.

ويُصنع الزبادي اليوناني، المعروف بقوامه الكريمي ونكهته المميزة، بطريقة مختلفة عن الزبادي التقليدي، حيث يُصفّى الزبادي اليوناني عدة مرات لإزالة السوائل الزائدة، مما ينتج عنه نسبة بروتين أعلى لكل غرام مقارنةً بالزبادي التقليدي.

صدور الدجاج

تحتوي 100 غرام من صدور الدجاج على 22.5 غرام من البروتين.

وإلى جانب البروتين، يتميز صدر الدجاج منزوع الجلد بانخفاض نسبة الدهون والصوديوم والكربوهيدرات والسعرات الحرارية فيه.

ويحتوي صدر الدجاج ومصادر البروتين الحيوانية الأخرى على جميع الأحماض الأمينية الأساسية التسعة (اللبنات الأساسية للبروتين التي لا يستطيع الجسم إنتاجها)، مما يجعله بروتيناً متكاملاً.

التونة

تحتوي حصة 85 غراماً من التونة على 21.7 غرام من البروتين.

وبالإضافة إلى غناها بالبروتين لبناء العضلات، تُعد التونة المعلبة غنية بأحماض أوميغا 3 الدهنية التي تُساعد على الحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية.

سمك السلمون

تحتوي حصة 100 غرام من سمك السلمون على 20.3 غرام من البروتين.

ومثل التونة، يُعد سمك السلمون غنياً بأحماض أوميغا 3 الدهنية، كما أنه غني بفيتامين د الذي يساعد على امتصاص الكالسيوم والفوسفور، وهما عنصران ضروريان لبناء عظام قوية وحماية المفاصل.

الفاصوليا السوداء

تحتوي حصة 100 غرام من الفاصوليا السوداء على 6.91 غرام من البروتين.

تُعدّ الفاصوليا السوداء المعلبة في الماء خياراً نباتياً ممتازاً للحصول على البروتين الذي تحتاج إليه. كما أنها غنية بالألياف القابلة للذوبان وغير القابلة للذوبان، وهي ضرورية لصحة الجهاز الهضمي والقلب والأوعية الدموية.

زبدة الفول السوداني

تحتوي ملعقتان كبيرتان من زبدة الفول السوداني على 7.1 غرام من البروتين.

وبالإضافة إلى استخدامها في تحضير شطيرة زبدة الفول السوداني والمربى الشهيرة، يمكنك إضافة زبدة الفول السوداني إلى الصلصات، أو رشها كصلصة على السلطة، أو إضافتها إلى الحساء، أو الاستمتاع بها كوجبة خفيفة.

اللوز

تحتوي حصة 57 غراماً من اللوز على 7.6 غرام من البروتين.

ويحتوي اللوز على دهون أحادية غير مشبعة صحية، التي ترفع مستوى الكوليسترول الجيد وتقلل من الدهون غير الصحية. كما أن اللوز غني بالكالسيوم والألياف والمغنيسيوم والفوسفور وفيتامين ه.

العدس

يحتوي كوب واحد من العدس على 17.9 غرام من البروتين.

وإلى جانب البروتين، يحتوي العدس على كمية وفيرة من الألياف وهو منخفض السعرات الحرارية.

لحم البقر

يحتوي 100 غرام من لحم البقر على 20.1 غرام من البروتين.

كما يُعد اللحم الأحمر غنياً بفيتامينات ب والحديد والزنك.


هذه التمارين تساعدك في الحصول على دماغ أصغر سناً وأكثر صحة

مواطنون يمارسون الرياضة في صالة رياضية في الأردن (أرشيفية - رويترز)
مواطنون يمارسون الرياضة في صالة رياضية في الأردن (أرشيفية - رويترز)
TT

هذه التمارين تساعدك في الحصول على دماغ أصغر سناً وأكثر صحة

مواطنون يمارسون الرياضة في صالة رياضية في الأردن (أرشيفية - رويترز)
مواطنون يمارسون الرياضة في صالة رياضية في الأردن (أرشيفية - رويترز)

إذا كنت بحاجة إلى سبب إضافي لممارسة الرياضة، فقد وجدت دراسة جديدة شملت ما يقرب من 1200 رجل وامرأة أصحاء في منتصف العمر أن الأشخاص الذين يتمتعون بكتلة عضلية أكبر يميلون إلى امتلاك أدمغة أصغر سناً من أولئك الذين لديهم كتلة عضلية أقل.

تُضيف هذه النتائج، التي عُرضت في شيكاغو هذا الشهر خلال الاجتماع السنوي لجمعية الأشعة في أميركا الشمالية، إلى الأدلة المتزايدة التي تُشير إلى أن بناء كتلة العضلات، والحفاظ عليها مع التقدم في السن قد يكون مفتاحاً لبناء صحة الدماغ، والحفاظ عليها أيضاً.

كما وجد الباحثون أن الأشخاص الذين لديهم مستويات عالية من الدهون المتراكمة في منطقة البطن لديهم أدمغة أكبر سناً، مما يثير تساؤلات حول الآثار السلبية المحتملة لبعض أنواع دهون الجسم على الدماغ، ومدى أهمية الجمع بين تمارين رفع الأثقال وفقدان الوزن، إذا أردنا الحفاظ على شباب أدمغتنا.

لماذا تُعدّ التمارين الرياضية مفيدة للدماغ؟

إن فكرة أن التمارين الرياضية مفيدة لأدمغتنا ليست جديدة. فقد أظهرت دراسات سابقة أُجريت على القوارض أن أدمغة الحيوانات، بعد ممارسة الرياضة، تمتلئ بمادة كيميائية عصبية تُسمى عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ، أو BDNF.

ويُشار أحياناً إلى عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ (BDNF) باسم «سماد الدماغ المعجزة»، فهو يُحفز تكوين خلايا عصبية جديدة. لذا، ليس من المستغرب أن تنمو في أدمغة الفئران والجرذان بعد التمرين عادةً ضعف أو ثلاثة أضعاف عدد الخلايا العصبية الجديدة التي تنمو في أدمغة الحيوانات الخاملة. كما تتفوق الحيوانات التي تمارس الرياضة في اختبارات ذكاء القوارض.

يُظهر الأشخاص الذين يمارسون الرياضة ارتفاعاً ملحوظاً في مستوى عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ (BDNF) في دمائهم بعد ذلك.

وأظهرت دراسات أخرى أن 25 دقيقة فقط أسبوعياً من المشي، أو ركوب الدراجات، أو السباحة، أو تمارين مماثلة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بزيادة حجم الدماغ لدى كبار السن، بينما يساعد المشي 3000 خطوة يومياً على إبطاء التدهور المعرفي لدى الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بمرض ألزهايمر.

لكن معظم هذه الأبحاث ركزت على التمارين الهوائية، وتأثيرات التحمل على الدماغ. وقد تناولت دراسات أقل دور كتلة العضلات. ولا تزال هناك تساؤلات كثيرة حول دور دهون الجسم في صحة الدماغ، وخاصة الدهون الحشوية العميقة المتراكمة حول البطن، والتي قد تزيد من الالتهابات في جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك الدماغ.

هل دماغك شاب أم متقدم في السن؟

في الدراسة الجديدة، قرر علماء من كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس ومؤسسات أخرى فحص أنسجة الجسم والدماغ بدقة باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي، وفق ما أفادت صحيفة (واشنطن بوست).

استعان الباحثون بصور مسح ضوئي لكامل الجسم لـ 1164 رجلاً وامرأة يتمتعون بصحة جيدة، تتراوح أعمارهم بين الأربعين والخمسين وأوائل الستينات. يقول سايروس راجي، الأستاذ المشارك في علم الأشعة وعلم الأعصاب بكلية الطب بجامعة واشنطن، والمؤلف الرئيس للدراسة: «لفهم مخاطر الإصابة بالخرف، علينا التركيز على منتصف العمر». ويضيف أن هذه المرحلة العمرية هي التي نبدأ فيها عادةً بتطوير -أو تجنب- معظم عوامل الخطر الشائعة للإصابة بالخرف في مراحل لاحقة من العمر، مما يجعلها فترة حاسمة للدراسة.

استخدم العلماء الذكاء الاصطناعي لتحليل صور المسح الضوئي، وتحديد إجمالي كتلة العضلات، ونسبة الدهون في الجسم. وصُنفت الدهون إلى نوعين: حشوية، وتحت الجلد، وهو نوع مختلف من الدهون يوجد أسفل الجلد مباشرة.

استخدم الباحثون خوارزميات تعتمد على مسح عشرات الآلاف من أدمغة الأشخاص لتحديد العمر الظاهري لأدمغتهم. وقد وفرت هذه الخوارزميات معايير لبنية الدماغ وحجمه النموذجيين لأي شخص في أي عمر. ويمكن أن تتطابق أدمغة الأشخاص مع هذه المعايير لأعمارهم الزمنية، أو تبدو أدمغة أشخاص أصغر أو أكبر سناً. وتواجه الأدمغة التي تبدو أكبر سناً مخاطر متزايدة للتدهور المعرفي المبكر.

زيادة الكتلة العضلية تعني أدمغة أصغر سناً

وجد الباحثون أن كمية الكتلة العضلية والدهون الحشوية لدى الأشخاص مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بعمر الدماغ الظاهري، وإن كان ذلك بطرق متعاكسة.

وقال راجي: «كلما زادت الكتلة العضلية، بدا الدماغ أصغر سناً. وكلما زادت الدهون الحشوية، بدا الدماغ أكبر سناً». وكان الأشخاص الذين لديهم نسبة عالية من الدهون الحشوية إلى الكتلة العضلية -أي إن لديهم مستوى عالياً نسبياً من الدهون الحشوية وكتلة عضلية منخفضة- يميلون إلى امتلاك أدمغة تبدو أكبر سناً. (لم يُرصد أي ارتباط بين الدهون تحت الجلد وعمر الدماغ). وأوضح راجي أن الدراسة لم تتناول تأثير العضلات والدهون على الدماغ، إلا أن كلا النسيجين يُفرز مجموعة متنوعة من المواد الكيميائية الحيوية التي يمكنها الوصول إلى الدماغ، وتحفيز عمليات حيوية مختلفة فيه. فالمواد المُفرزة من العضلات تُعزز تكوين خلايا الدماغ، وتكاملها، بالإضافة إلى الروابط العصبية، بينما تُحدث المواد المُفرزة من الدهون الحشوية عكس ذلك.

على الصعيد العملي، تؤكد النتائج أن تمارين المقاومة «بالغة الأهمية» لصحة الدماغ مع التقدم في العمر، كما أوضح راجي. يبدأ معظمنا بفقدان كتلة العضلات في منتصف العمر، لكن تمارين القوة يمكن أن تبطئ هذا التدهور، أو حتى تعكسه. وأضاف التقرير أن التخلص من الدهون الحشوية مفيدٌ أيضاً لصحة الدماغ. فكل من التمارين الهوائية وتمارين المقاومة تستهدف الدهون الحشوية. كما أن استخدام أدوية إنقاص الوزن مثل (ويغفوي) وغيره من أدوية (جي إل بي-1) يمكن أن يقلل الدهون الحشوية بشكل ملحوظ. لكن راجي أشار إلى أن العديد من الأشخاص الذين يتناولون هذه الأدوية يفقدون كتلة العضلات ما لم يمارسوا تمارين رفع الأثقال أيضاً.

للدراسة بعض القيود، فهي لم تُنشر ولم تخضع لمراجعة الأقران. ولأنها ليست تجربة، فهي لا تستطيع إثبات أن زيادة كتلة العضلات وانخفاض دهون البطن يؤديان إلى إبطاء شيخوخة الدماغ، بل تُشير فقط إلى أن هذه العوامل مرتبطة ببعضها.

لكن نتائجها معقولة، وتتوافق مع نتائج عدد متزايد من الدراسات الأخرى، كما صرّحت فانغ يو، مديرة مركز رويبال لكبار السن الذين يعيشون بمفردهم، ويعانون من تدهور معرفي في جامعة ولاية أريزونا في فينيكس. وهي متخصصة في دراسة العلاقة بين التمارين الرياضية والشيخوخة، لكنها لم تشارك في الدراسة الجديدة.

باختصار، رسالة الدراسة بسيطة وعملية، بل ومصوغة بأسلوب شعري: إذا أردت دماغاً أكثر شباباً وصحة، كما قال راجي، «مارس تمارين القوة».


بعد الخامسة والثلاثين... الجسد يبدأ العدّ التنازلي

العمر يتقدّم لكنّ الحركة لا تفقد معناها (شاترستوك)
العمر يتقدّم لكنّ الحركة لا تفقد معناها (شاترستوك)
TT

بعد الخامسة والثلاثين... الجسد يبدأ العدّ التنازلي

العمر يتقدّم لكنّ الحركة لا تفقد معناها (شاترستوك)
العمر يتقدّم لكنّ الحركة لا تفقد معناها (شاترستوك)

تصل القدرة البدنية للإنسان إلى ذروتها في سنّ الـ35 عاماً، وتبدأ في التدهور بعد ذلك بوقت قصير، وفق دراسة استمرَّت عقوداً، التي أشارت أيضاً إلى أنّ البدء بممارسة الرياضة، حتى في سنّ متأخرة، يمكن أن يكون مفيداً للصحة العامة.

ويؤكد الباحثون أنه رغم أنّ اللياقة البدنية والقوة والقدرة على تحمّل العضلات قد تتغيَّر بعد هذا العمر، فإنّ الوقت ليس متأخراً أبداً للبدء في ممارسة التمارين الرياضية.

وقد أظهرت الدراسات أنّ وظيفة الأنسجة العضلية يمكن أن تنخفض بشكل ملحوظ في العقد السادس من العمر، مما يؤثّر على قدرة الفرد على العيش باستقلالية.

وحتى الآن، كان الباحثون يعتمدون في معرفتهم حول هذا الأمر على دراسات أُجريت في نقاط زمنية محدّدة على مشاركين مختارين.

في المقابل، شرعت الدراسة الأخيرة التي أجراها معهد «كارولينسكا» في السويد بمتابعة أكثر من 400 رجل وامرأة جرى اختيارهم عشوائياً من مواليد عام 1958 لمدة 47 عاماً، وقاس الباحثون لياقتهم وقوتهم بانتظام من سنّ 16 إلى 63 عاماً.

وتُظهر النتائج أنّ اللياقة البدنية والقوة تبدآن في الانخفاض في وقت مبكر يصل إلى سنّ 35 عاماً، بغضّ النظر عن حجم التدريب.

ووفق الدراسة التي نقلتها «الإندبندنت» عن مجلة «كاشكسيا، ساركوبينيا، والعضلات»، فإنه بعد بلوغ سنّ الـ35، يحدث تدهور تدريجي في القدرة البدنية يتسارع مع تقدُّم العمر.

وكتب العلماء: «كان معدل الانخفاض صغيراً في البداية، لكنه ازداد مع تقدُّم العمر لدى الجنسين، مع عدم وجود فرق بينهما». وأضافوا: «تراوح الانخفاض الإجمالي في القدرة البدنية من مرحلة الذروة إلى سنّ الـ63 عاماً ما بين 30 في المائة و48 في المائة».

توفر هذه النتائج رؤى جديدة حول كيفية تغيُّر القدرة البدنية بمرور الوقت. ويقول العلماء إنها تتطابق أيضاً مع نتائج مماثلة ظهرت سابقاً لدى نخبة الرياضيين.

وكتب الباحثون: «هذا يؤكد المفهوم القائل بأن انخفاض القدرة البدنية يمكن ملاحظته قبل سن الأربعين، وهو ما قد يؤدي لاحقاً إلى خلل بدني ملموس سريرياً، خصوصاً لدى الأفراد الذين يتبعون نمط حياة خاملاً (كثير الجلوس)».

ومع ذلك، يقول الباحثون: «لم يفت الأوان أبداً للبدء في الحركة».

وأشار العلماء إلى أنّ حتى المشاركين في الدراسة الذين بدأوا في ممارسة النشاط البدني في مرحلة البلوغ، تحسَّنت قدرتهم البدنية بنسبة تتراوح بين 5 في المائة و10 في المائة.

وقالت ماريا ويسترستول، المؤلّفة الرئيسية للدراسة: «تُظهر دراستنا أن النشاط البدني يمكن أن يُبطئ من تراجع الأداء، حتى لو لم يتمكن من إيقافه تماماً».

ويأمل الباحثون في دراسات مستقبلية العثور على الآليات الكامنة وراء وصول البشر إلى ذروة أدائهم في سنّ الـ35 عاماً، و«لماذا يمكن للنشاط البدني أن يُبطئ فقدان الأداء، لكنه لا يستطيع إيقافه تماماً».

كما يأمل العلماء في مواصلة الدراسة العام المقبل مع المشاركين أنفسهم الذين سيبلغون حينها من العمر 68 عاماً، سعياً للعثور على روابط بين القدرة البدنية ونمط الحياة، والصحة، والآليات البيولوجية.