اتُهمت الإعلامية مها الصغير بسرقة لوحات لأربعة فنانين تشكيليين من دول مختلفة، من بينهم فنانة دنماركية، ونسبت هذه اللوحات لنفسها، ما أثار ضجة واسعة في مصر، وتصاعد الحديث عنها على منصتي «إكس» و«غوغل»، يوم الاثنين.
وكانت مها الصغير، طليقة الفنان أحمد السقا، قد عرضت اللوحات خلال استضافتها في حلقة من برنامج «معكم» للإعلامية منى الشاذلي، الشهر الماضي، وادَّعت أنها صاحبة هذه الأعمال.
بعد تداول تدوينات عدّة عبر حسابات مختلفة على مواقع التواصل، تبيَّن أن اللوحات التي عرضتها مها الصغير وادَّعت أنها من رسمها كانت في الواقع أعمالاً لفنانات أخريات، من بينهن الدنماركية ليزا لاتشنيلسن، التي لاقت لوحتها تفاعلاً واسعاً.
نشرت الفنانة الدنماركية عبر حسابها على «إنستغرام» رسالة استنكرت فيها ما حدث من واقعة سطو على لوحتها «صنعت لنفسي أجنحة» التي رسمتها عام 2019، معدّة ما حدث «جريمة» وفق جميع القوانين.
وأكدت أن ما حدث ليس فقط انتهاكاً للقانون، ولكن أيضاً إساءة استخدام للوحتها التي استُخدمت من أجل الترويج وجني الأموال، مشيرةً إلى أنها سبق أن منحت شاعرة حق استغلال الصورة لغلاف ديوانها الشعري بعد تواصلها معها.
وحرصت الإعلامية منى الشاذلي على التفاعل السريع مع ما حدث، ونشرت صورة اللوحة عبر حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي مع الإشارة إلى حساب الفنانة الدنماركية والتأكيد على احترامها لـ«المبدعين الحقيقيين وتقدير إبداعاتهم الأصلية في كل المجالات».
وجّهت ليزا لاتشنيلسن شكرها للإعلامية المصرية على تفاعلها وحذف الحلقة، كما دعت مقدّمة البرامج إلى اتخاذ الخطوة نفسها مع باقي الفنانات اللواتي تعرّضت أعمالهن للسطو من قِبَل مها الصغير خلال حديثها في البرنامج.
وأكّدت الفنانة الدنماركية أنها لم تتعرَّض لضرر مادي من الواقعة، لكنها حملت في طيّاتها رسالة مهمة مفادها أن الإنترنت الذي تستخدمه منصةً لعرض أعمالها الفنية، لا ينبغي أن يُستغل في أعمال السرقة أو التعدّي على الحقوق. كما وجّهت الشكر للمصريين الذين سارعوا إلى الاعتذار عمّا حدث من خلال تعليقاتهم على حسابها.
وبعد ساعات من الجدل، قدّمت مها الصغير اعتذاراً للفنانة الدنماركية، بالإضافة إلى فريق عمل البرنامج والقناة التي ظهرت من خلالها، مؤكدةً عبر صفحتها على «فيسبوك» إقرارها بالخطأ في حقهم وحق نفسها، رغم مرورها بأصعب ظروف حياتها، مشيرةً إلى أن هذا الأمر لا يُبرِّر ما حدث، وأعربت عن أسفها لما بدر منها.
أعادت الواقعة التذكير بأزمة «لوحات مترو الأنفاق» للمصممة المصرية غادة والي، التي وضعت تصميمات قالت إنها رسمتها وأصبحت جداريات في محطات المترو بالقاهرة، قبل أن يتبيّن أنها استنسختها من فنانين آخرين، من بينهم الروسي جورج كوراسوف، وذلك قبل نحو 3 أعوام.
وعدّ أستاذ الفن التشكيلي في أكاديمية الفنون مصطفى يحيي أن «ما حدث يشكل إساءة كبيرة للحركة التشكيلية في مصر الراسخة منذ سنوات، وتحظى بتقدير كبير في الخارج»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الواقعة ليست الأولى التي تحدث بهدف تحقيق الشهرة بأعمال يعتقد أصحابها أن مبدعيها الأصليين لن يشاهدوا المحتوى العربي».
وأضاف أن «ما حدث يستوجب وقفة محاسبة وتدقيقاً في الإعلام قبل عرض أي رسومات فنية، والتأكد من أن أصحابها الحقيقيين هم من يقدمونها»، مشيراً إلى أن «تكرار هذه الوقائع يحدث عادة من أشخاص لا يملكون موهبة، ويهتمون بالظهور الإعلامي، وهذا أمر يجب التدقيق فيه والتوقف عنده، لأن ما قُدم لا يسيء فقط إلى الشخص بل إلى الحركة التشكيلية المصرية برمتها».
واستدعى المجلس الأعلى للإعلام الممثل القانوني لقناة «ON E» بسبب برنامج «معكم منى الشاذلي»، وذكر المجلس في بيان، الاثنين، أنه بناءً على ما أسفرت عنه أعمال الإدارة العامة للرصد في المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام برئاسة المهندس خالد عبد العزيز، قررت لجنة الشكاوى برئاسة الإعلامي عصام الأمير استدعاء الممثل القانوني للقناة لجلسة استماع بشأن ما تضمنته إحدى حلقات برنامج «معكم منى الشاذلي» من عرض لبعض الأعمال الفنية من دون التأكد من حقوق الملكية الفكرية.

وأكد المتخصص في الإعلام الرقمي معتز نادي لـ«الشرق الأوسط» أن «مواقع التواصل أصبحت مؤثرة بشكل كبير في حياة المشاهير وأي ظهور لهم يحظى باهتمام، خصوصاً إذا احتوى على أمور غير دقيقة»، وقال: إن «مها الصغير بصفتها إعلامية تطل على الشاشة نالت الواقعة من مصداقيتها بشكل كبير، وهو أمر لا بدّ أن تعترف به، وتتعامل معه بشكل احترافي لتصحيحه».
وخلال الأسابيع الماضية تصدّر اسم مها الصغير «التريند» على مواقع التواصل الاجتماعي مرات عدّة على خلفية إعلان طلاقها من والد أبنائها الفنان أحمد السقا والسجالات غير المباشرة التي حدثت بينهما، ووصلت إلى اتهامها له بالتعدي عليها، وهو ما تُباشر النيابة العامة المصرية التحقيق فيه حالياً.






