الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

الأوضاع السيئة تسببت في هجرة واسعة للعقول اليمنية

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT
20

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)
أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)
أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)
عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)
قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)
إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يحكمون قبضتهم على المساجد في رمضان

العالم العربي عناصر حوثيون يفترشون أرضية أحد المساجد في إحدى ليالي رمضان (إكس)

الحوثيون يحكمون قبضتهم على المساجد في رمضان

تسعى الجماعة الحوثية للسيطرة المطلقة على المساجد في مناطق سيطرتها، وتحويلها إلى مقار لتنظيم فعاليات خاصة بها بدلاً عن صلاة التراويح التي تمنع السكان من أدائها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)

الحكومة اليمنية تتعهد بتوفير الوقود لمناطق سيطرة الحوثيين

تطمينات يمنية للأمم المتحدة بتجنيب السكان آثار العقوبات الأميركية (سبأ)
تطمينات يمنية للأمم المتحدة بتجنيب السكان آثار العقوبات الأميركية (سبأ)
TT
20

الحكومة اليمنية تتعهد بتوفير الوقود لمناطق سيطرة الحوثيين

تطمينات يمنية للأمم المتحدة بتجنيب السكان آثار العقوبات الأميركية (سبأ)
تطمينات يمنية للأمم المتحدة بتجنيب السكان آثار العقوبات الأميركية (سبأ)

تعهَّدت الحكومة اليمنية للأمم المتحدة بتوفير المشتقات النفطية وغاز الطهي لمناطق سيطرة الحوثيين عند سريان العقوبات الأميركية على الجماعة، التي من ضمنها حظر استيراد الوقود عبر المواني الخاضعة لسيطرتها.

وخلال لقاء جمع وزير النفط والمعادن سعيد الشماسي، في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، مع رئيس قسم الشؤون السياسية بمكتب المبعوث الأممي الخاص باليمن روكسانا يلينا بازركان، والمستشار الاقتصادي للمكتب ديرك يان، أكد الشماسي اهتمام وحرص القيادة السياسية في بلاده على ضمان توفير المشتقات النفطية وغاز الطهي للمواطنين في جميع المحافظات «بما في ذلك المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية».

وكان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية قد أكد أن التصاريح التي كانت تُمنَح لتفريغ المنتجات النفطية المكررة في اليمن ستنتهي في 4 أبريل (نيسان) المقبل، كما ينصُّ القرار على حظر إعادة بيع المشتقات النفطية أو تصديرها من اليمن، ومنع تحويل الأموال لصالح الكيانات المدرجة في قوائم العقوبات، مع استثناء المدفوعات الخاصة بالضرائب والرسوم والخدمات العامة.

وأشاد وزير النفط اليمني بقرار الإدارة الأميركية حظر استيراد الحوثيين المشتقات النفطية والغازية. وقال إن وزارته، وبدعم من القيادة السياسية، مستعدة للقيام بواجبها في تأمين احتياجات جميع المحافظات، سواء المُحرَّرة أو الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.

اتهامات للحوثيين باستخدام ميناء الحديدة لأغراض عسكرية (إعلام محلي)
اتهامات للحوثيين باستخدام ميناء الحديدة لأغراض عسكرية (إعلام محلي)

واتهم الشماسي الحوثيين باستيراد مشتقات نفطية وغاز بجودة رديئة، والقيام ببيعها للمواطنين بأسعار مرتفعة لتمويل مجهودهم الحربي، دون اكتراث للأعباء التي يدفع ثمنها المواطنون، والوضع الاقتصادي الذي يعيشونه، كما اتهمهم باستخدام ميناء الحديدة لأغراض عسكرية، مما يُشكِّل تهديداً لأمن وسلامة وحرية الملاحة في المياه الإقليمية والدولية، ويقوِّض جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة والدول الشقيقة والصديقة.

ووفق المصادر الرسمية، طالب الوزير اليمني بدعم جهود استئناف تصدير النفط الخام، المتوقف منذ استهداف الحوثيين «المدعومين من النظام الإيراني» ميناءي التصدير بمحافظتَي حضرموت وشبوة، مشيراً إلى ما نجم عن ذلك من أضرار جمّة على الاقتصاد في البلاد.

واكتفى ممثلو مكتب المبعوث الأممي - بحسب الإعلام الرسمي- بتوجيه الشكر للحكومة اليمنية ووزارة النفط والمعادن على الجهود التي تبذلها رغم الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وأكدوا حرص الأمم المتحدة على دعم عملية السلام.

حرص إنساني

في سياق اللقاءات اليمنية مع المسؤولين الدوليين والأمميين، التقى نائب وزير الخارجية وشؤون المغتربين، مصطفى نعمان، في ديوان الوزارة بالعاصمة المؤقتة عدن، رئيسة قسم الشؤون السياسية في مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، روكسانا يلينا بازركان، حيث ناقشا مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية وتأثيراتها في التسوية السياسية، وتبعات القرار الأميركي تصنيف الحوثيين «منظمةً إرهابيةً أجنبيةً».

الحكومة اليمنية متمسكة بتثبيت سلطتها في كل أنحاء البلاد (سبأ)
الحكومة اليمنية متمسكة بتثبيت سلطتها في كل أنحاء البلاد (سبأ)

ونقلت المصادر الرسمية عن نائب الوزير تأكيده حرص مجلس القيادة الرئاسي والحكومة على تجنيب المواطنين في كل أنحاء اليمن الآثار السلبية التي ستنجم عن تطبيق القرار الأميركي، الذي استدعته تصرفات ميليشيات الحوثي داخلياً وخارجياً.

وأعاد نائب وزير الخارجية اليمني التذكير بموقف الحكومة المتمسك ببذل كل الجهود لاستعادة الدولة وتثبيت سلطتها في كل أنحاء البلاد. وأكد أن العقبة الحقيقية أمام السلام، «الحوثيون، الذين يواصلون إجبار المواطنين من كل الأعمار على خوض معارك عبثية تدمر كل ما بناه اليمنيون على مدى عقود طويلة».